ج3.وج4.كتاب
:الأمالي في لغة العرب أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي
اولا ج3. كتاب
:الأمالي في لغة العرب أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي
( ولا يبتغي أمنا وصاحب
رحله ** بخوف إذا ما ضم صاحبه الجنب )
( سريع إلى الأضياف في
ليلة الطوى ** إذا اجتمع الشغان والبلد الجدب )
( وتأخذه عند المكارم
هزة ** كما اهتز تحت البارح الفنن الرطب )
وأنشدنا أبو بكر بن
دريد قال أنشدني أبو حاتم عن أبي عبيدة لأرطأة بن سهية يهجو شبيب ابن البرصاء
( من مبلغ فتيان مرة
أنه ** هجانا ابن برصاء العجان شبيب )
( فلو كنت مريا عميت
فأسهلت ** كداك ولكن المريب مريب )
فسألته عن معنى هذا
البيت فقال كان أبوه أعمى وجده أعمى وجد أبيه أعمى يقول فلو لم تكن مدخول النسب
كنت أعمى كآبائك
( أبي كان خيرا من أبيك
ولم يزل ** جنيبا لآبائي وأنت جنيب )
( وما زلت خيرا منك
مذعض كارها ** برأسك عادي النجاد ركوب )
يقول ما زلت خيرا منك
مذعض برأسك فعل أمك أي مذ ولدت
والعادي القديم
والنجاد جمع نجد وهو الطريق المرتفع
والركوب المركوب
الموطوء وهو فعول في معنى مفعول وإنما هذا تشبيه جعل ما عض برأسه من فرجها مثل
الطريق القديمة المركوبة في كثرة من يسلكها يريد أنه قد ذلل حتى صار كتلك فيقال أن
شبيبا عمى بعدما كبر فكان يقول علم أني مري وقرأت على أبي بكر بن دريد وقال سالم
بن قحفان العنبري وكان صهره أخوا امرأته أتاه فأعطاه بعيرا من إبله وقال لإمرأته
هاتي حبلا يقرن به ما أعطيناه إلى بعيره ثم أعطاه آخر وقال هاتي حبلا آخر ثم أعطاه
ثالثا وقال هاتي حبلا فقالت ما بقي عندي حبل فقال لها علي الجمال وعليك الحبال ثم
قال
( لاتعذليني في العطاء
ويسري ** لكل بعير جاء طالبه حبلا )
وقبله
( لقد بكرت أم الوليد
تلومني ** ولم أجترم جرما فقلت لها مهلا )
( فإني لا تبكي على
إفالها ** إذا شبعت من روض أوطانها بقلا )
( فلم أر مثل الإبل
مالا لمقتن ** ولا مثل أيام الحقوق لها سبلا )
وزادني بعض أصحابنا
عن أبي الحسن الأخفش
( إذا سمعت آذانها صوت
سائل ** أصاخت فلم تأخذ سلاحا نبلا )
( قال أبو علي ) السلاح
ههنا جمالها يقول سمنها يمنع صاحبها من أن يسخو بها ولكنه يعطيها على كل حال لا
يمنعه ذلك وحدثنا أبو المياس قال حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح قال قال الأصمعي قيل
لذي الرمة من أين عرفت الميم لولا صدق من نسبك إلى تعليم أولاد الأعزاب في أكتاف
الإبل فقال والله ما عرفت الميم إلا أني قدمت من البادية إلى الريف فرأيت الصبيان
وهم يجوزون بالفجرم في الأوق فوقفت حيالهم أنظر إليهم فقال غلام من الغلمة قد
أزفتم هذه الأوقة فجعلتموها كالميم فقام غلام من الغلمة فوضع منجمه في الأوقة فنجنجه
فأفهقها فعلمت أن الميم ضيق فشبهت عين ناقتي به وقد أسلهمت وأعيت
قال أبو المياس
الفجرم الجوز ( قال أبو علي ) ولم أجد هذه الكلمة في كتب اللغويين ولا سمعتها من
أحد من أشياخنا غيره
والأوقة الحفرة
وقوله قد أزفتم أي
ضيقتم ونجنجه حركه فأفهقها ملأها
والمنجم العقب ولك ما
نتأ وزاد على ما يليه فهو منجم والكعب منجم أيضا
واسلهمت تغيرت
والمسلهم الضامر المتغير ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لكثير
( أقول الماء العين
أمعن لعله ** بما لا يرى من غائب الوجد يشهد )
( فلم أدر أن العين قبل
فراقها ** غداة الشبا من لاعج الوجد تجمد )
( ولم أر مثل العين ضنت
بمائها ** علي ولا مثلي على الدمع يحسد )
وقرأت عليه أيضا
( سيهلك في الدنيا شفيق
عليكم ** إذا غاله من حادث الدهر غائله )
( ويخفى لكم حبا شديدا
ورهبة ** وللناس أشغال وحبك شاغله )
( وحبك ينسيني من الشيء
في يدي ** ويذهلني عن كل شيء أزاوله )
( كريم يميت السر حتى
كأنه ** إذا استبحثوه عن حديثك جاهله )
( يود بأن يمسي سقيما
لعلها ** إذا سمعت عنه بشكوى تراسله )
( ويرتاح للمعروف في
طلب العلى ** لتحمد يوما عند ليلى شمائله )
( فلو كنت في كبل وبحت
بلوعتي ** إليه لأنت رحمة لي سلاسله )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال دفعت يوما في تلمسي
بالبادية إلى واد خلاء لا أنيس به إلا بيت معتنز بفنائه أعنز وقد ظمئت فيممته
فسلمت فإذا عجوز قد برزت كأنها نعامة راخم فقلت هل من ماء فقالت أو لبن فقلت ما
كانت بغيتي إلا الماء فإذا يسر الله اللبن فإني إليه فقير فقامت إلي قعب فأفرغت
فيه ماء ونظفت غسله ثم جاءت إلى الأعنز فتغبرتهن حتى احتلبت قراب ملء القعب ثم
أفرغت عليه ماء حتى رغا وطفت ثمالته كأنها غمامة بيضاء ثم ناولتني إياه فشربت حتى
تحببت ريا واطمأننت فقلت إني أراك معتنزة في هذا الوادي الموحش والحلة منك قريب
فلو انضممت إلى جنابهم فأنست بهم فقالت يا ابن أخي إني لآنس بالوحشة وأستريح إلى
الوحدة ويطمئن قلبي إلى هذا الوادي الموحش فأتذكر من عهدت فكأني أخاطب أعيانهم
وأتراءى أشباحهم وتتخيل لي أندية رجالهم وملاعب ولدانهم ومندى أموالهم والله يا ابن
أخي لقد رأيت هذا الوادي بشع اللد يدين بأهل أدواح وقباب ونعم كالهضاب وخيل
كالذئاب وفتيان كالرماح يبارون الرياح ويحمون الصباح فأحال عليهم الجلاء قما بغرفة
فأصبحت الآثار دارسه والمحال طامسه وكذلك سيرة الدهر فيمن وثق به
ثم قالت ارم بعينك في
هذا الملا المتباطن فنظرت فإذا قبور نحو أربعين أو خمسين فقالت ألا ترى تلك
الأجداث قلت نعم قالت
ما انطوت إلا على أخ أو ابن أخ أو عم أو ابن عم فأصبحوا قد ألمأت عليهم الأرض وأنا
أترقب ما غالهم انصرف راشد رحمك الله ( قال أبو علي ) معتنز منفرد
والراخم التي تحضن
بيضها والقعب قدح إلى الصغر يشبه به الحافر قال امرؤ القيس
( لها حافر مثل قعب
الوليد ركب فيه وظيف عجر ** )
والغمر القدح الصغير
والعس القدح الكبير والتبن أكبر منه والصحن القصير الجدار العريض والرفد القدح
العظيم والجنبل القدح العظيم الجشب النحت الذي لم ينقح ولم يسور والعلبة قدح ضخم
يعمل من جلود الإبل
وقال أبو عمرو
الشيباني الكتن القدح وقال غيره الوأب القدح المقعر الكثير الأخذ من الشراب
وقال بندار الوأب
المعتدل الذي ليس بصغير ولا كبير
قال عمرو بن كلثوم في
الصحن
( ألا هبي بصحنك
فاصبحينا ** وأنشد يعقوب في الجنبل )
( إذا انبطحت جافى عن
الأرض بطتها ** وخوأها راب كهامة جنبل )
وقال الأعشى في الرفد
( رب رفد هرقته ذلك
اليوم ** وأسرى من معشر أقتال )
وتغبرتهن احتلبت
الغبر وهي بقية اللبن في الضرع وجمعه أغبار قال الحرث ابن حلزة
( لا تكسع الشول
بأغبارها ** إنك لا تدري من الناتج )
وقراب وقريب واحد مثل
كبار وكبير وجسام وجسيم
ورغا صارت له رغوة
وفي رغوة ثلاث لغات يقال رغوة ورغوة ورغوة والثمالة الرغوة
وتحببت امتلأت يقال
تحبب من المال إذا امتلأ
والحلال جماعات بيوت
الناس الواحدة حلة والجناب بفتح الجيم فناء الدار يقال أخصب جناب القوم وهو ما
حولهم والجناب بكسر الجيم موضع وفرس طوع الجناب إذا كان سهل القياد
والأشباح الأشخاص
يقال شبح وشبح
لغتان
والأندية جمع ندي
والندي والنادي المجلس ومنتدى القوم موضع متحدثهم والتندية أن يورد الرجل إبله ثم
يرعاها ثم يوردها ثم يرعاها والمندى المكان الذي يندى فيه المال وبشع ملان
واللديدان الجانبان والدوحة الشجرة العظيمة والهضاب الجبال الصغار وقما كنسا يقال
قممت البيت أي كنسته والقمامة الكناسة والمقمة المكنسة والغرفة الواحدة من الغرف
وهي ضرب من الشجر والملا الفضاء والمتباطن المتطامن وألمأت عليهم احتوت عليهم
قال أبو زيد ألمأ
عليهم يلمىء إلماءا إذا احتوى عليهم وتلمأت عليه الأرض استوت عليه ووارته وأنشد
( وللأرض كم من صالح قد
تلمأت ** عليه فوارته بلماعة قفر )
وغالهم أهلكهم
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال أخبرني صخر بن قريط قال كان الهيثم بن جراد
من أبين الناس وأنه أتى قوما ليزهدهم في منزلهم فقال يا بني فلان ما أنتم إلى ريف
فتأكلوه ولا إلى فلاة فتعصمكم ولا إلى وزر فيلجئكم فأنتم نهزة لمن رامكم ولعقة لمن
قصدكم وغرض لمن رما كم كالفقعة الشرباخ يشدخها الواطيء ويركبها السافي
( قال أبو علي ) الوزر الجبل
والملجأ والنهزة الفرصة التي تتناول بعجلة والفقعة الكمأة البيضاء الشرباخ التي لا
خير فيها ويشدخها يرضها والسافي الريح التي تسفي التراب وحدثنا أبو بكر بن
الأنباري قال حدثنا أحمد بن يحيى قال رأى رجل من العرب بنيه يثبون على الخيل وقد
تنادوا بالغارة فذهب يروم ذلك مرة وثانية فلم يقدر فقال ( من سره بنوه ساءته نفسه
) وأنشدنا أبو عبد الله للنابغة الجعدي
( المرء يرغب في الحياة
** وطول عيش قد يضره )
( تفنى بشاشته ويبقى
بعد حلو العيش مره )
( وسوءه الأيام حتى ما
يرى شيأ يسره ** )
( كم شامت بي إن هلكت
وقائل لله دره ** )
وسمعت غير واحد من
أشياخنا ينشد
( كأن مواقع الظلفات
منه ** مواقع مضر حيات بقار )
الظلفات الخشبات
اللواتي يقعن على جنب البعير فشبه بياض مواضع الدبر وهي مواقع الظلفات بمواقع
المضرحيات على القار
والمواقع جمع موقعة
وهي المكان الذي يقع عليه الطائر والمضرجيات النسور والقار جمع قارة وهي الجبيل
الصغير ولا يكون إلا أسود وذلك أن البعير إذا دبر ثم برأ ابيض موضع الدبر وكذلك
ذرق الطائر إذا يبس ابيض فشبهه به ومثله قول الآخر يصف ساقيا يستقى ماء ملحا
( كأن متنيه من النفي
** مواقع الطير على الصفي )
النفي ما تطاير عن
الرشاء وعن معظم القطر من الصغار فشبه ما قطر على ظهره من الماء الملح ويبس بذلك
ومثله
( فما برحت سجواء حتى
كأنما ** بأشراف مقراها مواقع طائر )
سجواء اسم ناقة
ومقراها محلبها وإنما قيل له مقرى لأنه يقرى فيه
( قال ) وأشرافه أعاليه
فشبه ما على جوانب الإناء من رغوة اللبن بالمواقع وهي المواضع التى تقع عليها
الطير فترى سلوحها عليه مبيضة
وحدثنا أبو عبد الله
قال أخبرنا أحمد بن يحيى عن الزبير أن عمر ابن أبي ربيعة نظر إلى فتى من قريش يكلم
جارية في الطواف فعاب ذلك عليه فذكر أنها ابنة
عمه فقال ذلك أشنع
لأمرك فقال إني أخطبها إلى عمي وأنه زعم أنه لا يزوجني حتى أصدقها أربعمائة دينار
وأنا غير قادر على ذلك وذكر من حاله وحبه لها وعشقه فأتى عمر عمه فكلمه في أمره
فقال أنه مملق وليس عندي ما أحتمل صلاح أمره فقال عمرو كم الذي تريد منه فقال
أربعمائة دينار قال فهي علي فزوجه منها ففعل ذلك وكان عمر حين أسن حلف أن لا يقول
شعر إلا أعتق رقبة فانصرف إلى منزله يحدث نفسه فجعلت جاريته تكلمه ولا يجيبها
فقالت أن لك لشأنا وأراك تريد أن تقول شعرا فقال
( تقول وليدتي لما
رأتني ** طربت وكنت قد أقصرت حينا )
( أراك اليوم قد أحدثت
أمرا ** وهاج لك الهوى داء دفينا )
( وكنت زعمت أنك ذو
عزاء ** إذا ماشئت فارقت القرينا )
( لعمرك هل رأيت لها
سميا ** فشاقك أم رأيت لها خدينا )
ويروى بربك هل أتاك
لها رسول فشاقك
( فقلت شكا إلي أخ محب
** كبعض زماننا إذ تعلمينا )
( فقص علي ما يلقى بهند
** فذكر بعض ما كنا نسينا )
( وذوا الشوق القديم
وأن تعزى ** مشوق حين يلقى العاشقينا )
( فكم من خلة أعرضت
عنها ** لغير قلى وكنت بها ضنينا )
( أردت بعادها فصددت
عنها ** وإن جن الفؤاد بها جنونا )
ثم دعا بتسعة من
رقيقه فأعتقهم
وأنشدنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله عن عبد الرحمن عن عمه لأم خالد الخثعمية في حجوش العقيلي
( فليت سما كيا يطير
ربابه ** يقاد إلى أهل الغضا بزمام )
( ليشرب منه جحوش
ويشيمه ** بعيني قطامي أغر شآم )
( بنفسي عينا جحوش
وقميصه ** وأنيابه اللاتي جلا ببشام )
( فأقسم إني قد وجدت بحجوش
** كما وجدت عفراء بابن حزام )
( وما أنا إلا مثلها
غير أنني ** مؤجلة نفسي لوقت حمام )
( فأن ولوج البيت حل
لحجوش ** إذا جاء والمستأذنون نيام )
( فإن كنت من أهل
الحجاز فلا تلج ** وإن كنت نجديا فلج بسلام )
( رأيت لهم سيماء قوم
كرهتهم ** وأهل الغضا قوم علي كرام )
وأنشدنا بهذا الإسناد
أيضا لها
( أيتها النفس التي
قادها الهوى ** أمالك إن رمت الصدود عزيم )
( فتنصرفي عنه فقد حيل
دونه ** وألهاه وصل من سواك قديم )
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال أخبرني رجل من بني كلاب قال سئل رجل من بني عقيل كيف
كان ججوش فإن أم خالد قد أكثرت فيه قال كان أحيمر أزيرق حنكلا كأنه أبنة عود أو
عقلة رشاء
( قال أبو علي ) الحنكل
القصير والأبنة العقدة في العود
وقال أبو زيد قال
العقيليون هو حذاءه وحذوه نصب أي مقابلته وهو حذوه رفع إذا كان مثله وقالوا ند
البعير يند ندادا ونديدا وندا
وقالوا ( الخنق يخرج
الورق ) يقول إذا اشتد عليك فخنقك أعطيته الخنق اسم الفعل هنا وقالوا ( منزلنا
منزل قلعة ) القاف واللام مضمومان وهو المنزل الذي لا تملكه وقالوا يقال قلدت
الماء في الحوض أقلده قلدا وقلدت في السقاء من الماء واللبن إذا جعلت تملأ القدح
من الماء ثم تصبه في السقاء فذلك القلد وقلدت الشراب أقلده قلدا وقلد في جوفه
شرابا
كثيرا ( وقالوا )
قنحت تقنح قنحا النون من المصدر ساكنة وهو التكاره في الشراب إذا تكارهت عليه بعد
الري وأكثر كلامهم تقنحت تقنحخا
وحدثني أبو بكر بن
الأنباري عن أبيه عن القزويني عن يعقوب في حديث أم زرع قولها فأتقنح أي فأقطع
الشرب ( وقالوا ) ويسمى البياض الذي يظهر في أظفار الإنسان الكدب بكسر الدال
والواحدة كدبة بإسكان الدال وقال بعضهم الكدب فأسكن الدال والواحدة كدبة وقال أبو
المضاء الكدب ففتح الدال والواحدة كدبة بإسكان الدال
وحدثنا أبو بكر بن
الأنباري عن أبيه عن ابن رستم عن ثابت بن أبي ثابت قال يقال للبياض الذي يظهر في
أظفار الأحداث الفوف والفوف والوبش ( قال أبو زيد ) ومن أمثال العرب ( لأنا أحذر
من ضب حرشته ) حرشت الصيد إذا صدته ويقال إنه لأسمع من قراد وأبصر من عقاب وأحذر
من غراب وإنه لأنوم من فهد وأخف رأسا من الذئب ومن الطائر وأفحش من فاسية وهي
الخنفساء إذا حركوها فست فأنتنت القوم بخبيث ريحها ويقال ( أنه لأصنع من سرفة ومن تنوط
) وهي طائر نحو القارية سوادا تركب عشها تركيبا على عودين أو عود ثم تطيل عشها فلا
يصل الرجل إلى بيضها حتى يدخل يده إلى المنكب وأما السرفة فهي دابة غبراء من الدود
تكون في الحمض فتتخذ بيتا من كسار عيدانه ثم تلزقه بمثل نسج العنكبوت إلا أنه أصلب
ثم تلزقه بعود من أعواد الشجر وقد غطت رأسها وجميعها فتكون فيه وإنه لأخرق من
حمامة وذلك أنها تبيض بيضا على الأعواد البالية فربما وقع بيضها فتكسر
وقال أبو بكر بن دريد
العرب تقول ( هو أظلم من أفعى ) وذلك أنها لا تحتفر حجرا إنما تهجم على الحيات في حجرتها
وتدخل في كل شق وثقب وأنشدني قال أنشدنا عبد الرحمن
( كأنما وجهك ظل من حجر
** ذو خضل في يوم ريح ومطر )
( فأنت كالأفعى التي لا
تحتفر ** ثم تجى سادرة فتنحجر )
وكذلك ( هو أظلم من
حية ) وذلك أنها تدخل في كل حجر وتهجم على كل دابة
ومن أمثالهم ( لا
تهرف بما لا تعرف ) والهرف الإطناب في الثناء والمدح ( وقال أبو عبيدة ) من أمثالهم ( سبني وأصدق ) يقول لا أبالي أن تقول في
مالا أعرفه من نفسي بعد أن تجانب الكذب ( وقال أبو زيد ) يقال ( أحمق يمطخ الماء )
أي يلعقه والمطخ اللعق يقول لا يشرب الماء ولكنه يلعقه وأحمق يسيل مرغمه وهو
اللعاب وأحمق لا يجأى مرغه أي لا يحبس لعابه
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال جرى بين أبي الأسود الدؤلي وبين امرأته
كلام في ابن كان لها منه وأراد أخذه منها فسار إلى زياد وهو والي البصرة فقالت
المرأة أصلح الله الأمير هذا ابني كان بطني وعاءه وحجري فناءه وثديى سقاءه أكلؤه
إذا نام وأحفظه إذا قام فلم أزل بذلك سبعة أعوام حتى إذا استوفي فصاله وكملت خصاله
واستوكعت أوصاله وأملت نفعه ورجوت دفعه أراد أن يأخذه مني كرها فآدنى أيها الأمير
فقد رام قهري وأراد قسري فقال أبو الأسود أصلحك الله هذا ابني حملته قبل أن تحمله
ووضعته قبل أن تضعه وأنا أقوم عليه في أدبه وأنظر في أوده وأمنحه علمى وألهمه حلمي
حتى يكمل عقله ويستحكم فتله فقالت المرأة صدق أصلحك الله حمله خفا وحملته ثقلا
ووضعه شهوة ووضعته كرها فقال له زياد أردد على المرأة ولدها فهي أحق به منك ودعني
من سجعك
( قال أبو علي )
استوكعت اشتدت وقوله فآدني اي قوني وأعني
وحدثنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله تعالى قال أخبرنا أبو حاتم سهل بن محمد عن العتبي قال أخبرني
أعرابي عن أخوة ثلاثة قال قلت لأحدهم أخبرني عن أخيك زيد فقال أزيد إنيه والله ما
رأيت أحد أسكن فورا ولا أبعد غورا ولا آخذ لذنب حجة قد تقدم رأسها من زيد فقلت
أخبرني عن أخيك زائد قال كان والله شديد العقدة لين العطفه ما يرضيه أقل مما يسخطه
فقلت فأخبرني عن نفسك فقال والله إن أفضل ما في لمعرفتي
بفضلهما وإني مع ذلك
لغير منتشر الرأي ولا مخذول العزم ( قال أبو علي ) قال أبو زيد الأنصاري قال
الكلابيون إذا قالوا رأيت زيدا قلنا زيدا إنيه بقطع الألف وتبيين النون وقال بعضهم
زيد نيه فألقى الهمزة وحركه بالفتح على نون التنوين وثقل النون وقال أبو المضاء أزيدا
إنيه فأتى بألف الإستفهام قبل زيد ولم يفسره أبو زيد ( قال أبو علي ) هذه
الزيادة تلحق في الإستفهام في آخر الكلمة إذا أنكرت أن يكون رأي المتكلم على ما
ذكر أو يكون على خلاف ما ذكر فإن كان ما قبله مفتوحا كانت الزيادة ألفا وإن كان
مكسورا كانت الزيادة ياء وإن كان مرفوعا كانت الزيادة واوا وإن كان ساكنا حرك لئلا
يلتقي ساكنان لأن هذه الزيادات مدات والمدات سواكن فتحركه بالكسر كما يحرك الساكن
إذا لقيه الألف واللام الساكن فإذا قال الرجل رأيت زيدا قلت أزيدنيه لأن النون هي
التنوين ساكنة فحركتها بالكسر لئلا يلتقي ساكنان ويقول قدم زيد فتقول أزيدنيه فإن
قال رأيت عثمان قلت أعثماناه فإن قال أتاني عمر قلت أعمروه كما قلت في الندبة
واغلامهوه لأن هذا علم لما ذكرت لك كما أن هذا علم للندبة وذكر سيبويه أنه سمع
رجلا من أهل البادية وقيل له أتخرج إن أخضبت البادية فقال أنا إنيه وإنما أنكر أن
يكون رأيه على خلاف الخروج وكل ما ذكرت أما أن تنكر على المخبر أن يثبت رأيه على
ما ذكر أو أن يكون على خلاف ما ذكر فإن قال رأيت زيدا وعمرا قلت أزيدا وعمرنيه
تكون الزيادة في منتهى الكلام ألا ترى أنه إذا قال ضربت قلت أضربتاه فإن قال ضربت
عمر قلت أضربت عمراه وكذلك إن قال ضربت زيدا الطويل قلت أزيدا
الطويلاه وتعرب الإسم
الذي ذكره على ما أعربه فإن كان رفعا رفعته وإن كان نصبا نصبته وإن كان جرا جررته
ألا ترى أنه لو قال مررت بحذام قلت أحذاميه وربما زادت العرب إن ايضاحا للعلم
ولذلك قالوا إنيه لأن الهاء والياء خفيان والهمزة والنون واضحان كما زادوا وإن في
قولهم ما إن فعلت كذا وكذا
( قال أبو علي ) سألت
أبا محمد فقلت له لم لم يقولوا إناه فقال لأن الألف علامة لحركة النون وتبين لها
وقد سبقت فلم يجز أن يقيموا علامة محدثة ويسقطوا علامة متقدمة وهما علامتان فأما
ما حكاه أبو زيد من قوله أزيدنيه بتثقيل النون فإنما هذا على لغة من يقف على الحرف
بالتشديد كما قالوا سبسب وكلكل فكذلك هذا وقف على زيدن فشدد فلما ألحق به علامة
حركه بالكسر لأنه توهم أن التنوين أصل فلذلك قال أزيدنيه وقرأنا على أبي بكر بن
دريد رحمه الله لجندل الطهوى
( قد خرب الأنضاد نشاد
الحلق ** من كل بال وجهه بالى الخلق )
النضد ما ينضد من أمتعتهم
وأزوادهم ناحية البيت فيعني أن قوما يجيئون بعلة أنهم ينشدون ابلا فنحتاج إلى أن
نقريهم فيخربون أنضادنا ويعني بالحلق ابلا سماتها الحلق
حدثنا أبو بكر عن عبد
الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا من بني كلاب يذكر رجلا فقال كان والله الفهم منه
ذا أذنين والجواب ذا لسانين لم ار أحدا كان أرتق لخلل رأى منه ولا أبعد مسافة روية
ومراد طرف إنما يرمى بهمته حيث أشار إليه الكرم وما زال والله يتحسى مرارة أخلاق الإخوان
ويسقيهم عذوبة أخلاقه
( قال أبو علي ) أرتق
أسد يقال رتقت الشيء إذا سددته أو شددته
حدثنا أبو بكر قال
أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال ذكر رجل عند أعرابي فوقع فيه قوم فقال أما والله
أنه لآكلكم للمأدوم وأعطا للمغروم وأكسبكم للمعدوم وأعطفكم على المحروم
وحدثنا أبو عبد الله
إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال
أخبرنا الزبير عن يوسف بن عبد العزيز الماجشون قال ذكر شعر الحرث بن خالد وعمر بن عبد
الله بن أبي ربيعة عند ابن أبي عتيق وفي المجلس رجل من ولد خالد بن العاص بن هشام
بن المغيرة وقال صاحبنا الحرث أشعرهما فقال ابن أبي عتيق بعض قولك يا ابن أخي
فلشعر ابن أبي ربيعة لوطة بالقلب وعلق بالنفس ودرك للحاجة ليس لشعر وما عصي الله
بشعرأ كثر مما عصي بشعر بن أبي ربيعة فخذعني ما أصف لك أشعر قريش من رق معناه ولطف
مدخله وسهل مخرجه ومتن حشوه وتعطفت حواشيه وأنارت معانيه وأعرب عن صاحبه فقال الذي
من ولد خالد بن العاص صاحبنا الذي يقول
( إني وما نحر واغداة
منى ** عند الجمار تؤدها العقل )
( لو بدلت أعلى مساكنها
** سفلا وأصبح سفلها يعلو )
( فيكاد يعرفها الخبير
بها ** فيرده الأقواء والمحل )
( لعرفت مغناها لما
احتملت ** مني الضلوع لأهلها قبل )
فقال ابن أبي عتيق يا
ابن أخي أستر على صاحبك ولا تشاهد المحاضر بمثل هذا أما تطير الحرث عليها حين قلب
ربعها فجعل عاليه سافله ما بقى إلا أن يسأل الله حجارة من سجيل ابن أبي ربيعة كان
أحسن صحبة للربع من صاحبك وأجمل مخاطبة حين يقول
( سائلا الربع بالبلي
وقولا ** هجت شوقا لي الغداة طويلا )
( اين حي حلوك إذ أنت
مسر ** وربهم أهل أراك جميلا )
( قال سار وأفأفقنوا
فاستقلوا ** وبكرهي لو استطعت سبيلا )
( سئمونا وما سئمنا
مقاما ** واستحثوا دماثة وسهولا )
( قال أبو زيد الأنصاري
) الشرخ والسنخ والنجار والنجر الأصل وأنشد يعقوب
( متئد الحشا بطيأ نقره
** كأن نجر الناجرات نجره )
والأروم والأرومة قال
زهير
( له في الذاهبين أروء
صدق ** وكان لكل ذي حسب أروم )
والسنخ الأصل وأنشد
ابن الأعرابي
( وسنخنا من خير أسناخ
العرب ** ونحن في النروة والعز الأشب )
والبنك والعنصر جميعا
قال الفرزدق
( ليست هدايا القافلين
أتيتم ** بها أهلكم يا شر جيشين عنصرا )
والضئضئ والبؤبؤ
مهموزان وقال جرير
( حتى أنحناها إلى باب
الحكم ** خليفة الحجاج غير المتهم )
( في ضئضئ المجد وبؤبؤ
الكرم )
يمدح الحكم بن أيوب
بن يحيى بن الحكم الثقفي والعرق والنحاس وأنشد يعقوب
( يا أيها السائل عن
نحاسي ** قصر مقياسك عن مقياسي )
والعيص والأس والأس
والأص وجمعه آصاص وقال القلاخ
( ومثل سوار رددناه إلى
** إدرونه ولؤم أصه على )
( ألرغم موطوء الحمى
مذللا ** )
وأنشدنا أبو بكر بن
دريد
( قلال مجد فرعت آصاصا
** وعزة قعساء لا تناصى )
والجذم قال أوس بن
حجر
( غني تآوي بأولادها **
لتهلك جذم تميم بن مر )
والإرث والسر والمركب
والمنبت والكرس والقنس وهذان الحرفان رواهما أبو عبيد عنه وكان الطوسى يزعم أن أبا
عبيد روى قبسا بالباء قال وهو تصحيف وكذا قال أحمد
ابن عبيد وروى قنسا
بالنون وهؤلاء كلهن الأصل قال العجاج
( بين ابن مروان قريع
الأنس ** وابنة عباس قريع عبس )
( في قنس مجد فوق كل
قنس ** )
( وقال الأصمعي ) الجنث
الأصل قال العجاج كالجبل الأسود في جنث العلم ( وقال أبو عبيدة ) الحنج والبنج والعكر الأصل يقال رجع إلى حنجه وبنجه
وعكره ( وقال أبو عمرو الشيباني المزر الأصل والجذر الأصل كذا قال بكسر الجيم وقال
الأصمعي الجذر ( وقال أبو عبيد ) قال غير واحد لجرثومة الأصل والنصاب والمنصب
والمحتد والمحكد قال زهير في المنصب
( من الأكرمين منصبا
وضريبة ** إذا ما تشا تأوي إليه الأرامل )
وقال آخر في المحتد
( حتى انتصى من هاشم في
محتد ** أكرم بذلك محتدا وصميما )
وقال حميد الأرقط في
المحكد يعرض بابن الزبير
( ليس الأمير بالشحيح
الملحد ** ولا بوبر بالحجاز مقرد )
( أن ير يوما بالفضاء
يصطد ** أو ينجحر فالحجر شر محكد )
( وقال أبو عمرو )
الطخس الأصل يقال هؤألأ مهم طخسا أي أصلا قال أبو الغريب النصري
( أن امرأ أخر من أصلنا
** ألأمنا طخسا إذا ينسب )
والإرس الأصل يقال
أنه لئيم الإرس أي الأصل قال أبو الغريب أيضا
( إن لئيم الإرس غير
نازع ** عن وذء جاريه الغريب والجنب )
الوذء الشتم والجنب
القريب وقال أحمد بن يحيى الوذء المكروه من الكلام شتما كان أو غيره وأنشد بيت لم
يحفظ صدره
( ولا أذأ الصديق بما
أقول ** ويقال أنه للئيم القرق )
أي الأصل قال دكين
السعدى في فرس له
( ليست من القرق البطاء
دوسر ** قد سبقت قيسا وأنت تنظر )
وقال الأموي عن أبي
المفضل بن سلامة الضنء الأصل والضنء الولد وقال الفراء النجار والنجار والنحاس
والنحاس بالضم والكسر وقال يعقوب عن أبي زيد السنح والسنج بالحاء والجيم ( وقال
ابن الأعرابي ) المحتدر والمحقد والمحكد والمحفد أربع لغات الأصل ( وقال الأصمعي )
أحسن النساء الفخمة الأسلة
وأقبحهن الجهمة
القفرة وهي القليلة اللحم وأغلظ المواطئ الحصباء على الصفا وأشد الرجال الأعجف
الضخم يقول ضخم الألواح كثير العصب وأنشد
( أعجف إلا من عظام
وعصب ** )
وأسرع الأرانب أرنب
الخلة وذلك أن الخلة تطويها ولا تفتقها والحمض يفتقها
وأسرع التيوس تيس
الحلب وقال بعض الأعراب أطيب مضغة أكلها الناس صيحانية مصلبة ( قال أبو علي )
المصلبة التي قد سال صليبها وهو ودكها وإن لم يكن هناك ودك ( قال ) ويقال آكل
الدواب برذونة رغوث وهي التي يرضعها ولدها وأقبح هزيلين بالمرأة والفرس وأطيب غث
أكل غث الإبل وأخبث الأفاعي أفعى الجدب وأخبث الحيات حيات الحماط وهو شجر ويقال أهون
مظلوم سقاء مروب وهو الذي يسقى منه قبل أن يمخض وينزع زبده وأنشد
( وصاحب صدق لم تنلني
شكاته ** ظلمت وفي ظلمي له عامدا أجر )
يعني وطب لبن وشر
المال مالا يزكى ولا يذكى يعني الحمير وأخبث الذئاب ذئاب
الغضا وأطيب الإبل
لحما ما أكل السعدان وأطيب الغنم لبنا ما أكل الحربث
( وقال أبو زيد ) من
أمثالهم ( لا تعدم الخرقاء علة ) يريد أن العلل كثيرة يسيرة فهي لا تعدم أن تعتل
بعلة عند خطابها وأنشد أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى
( جبت نساء العالمين
بالسبب ** فهن بعد كلهن كالمحب )
جبت غلبت والسبب
الحبل يعني أنها قدرت عجيزتها بحبل ثم دفعته إلى النساء ليقدرن كما قدرت فغلبتهن
بذلك
والمحب الساقط اللاصق
بالأرض يقال أحب البعير إذا سقط فلم يبرح ومثله قول الآخر أنشده ابن الأعرابي
( لقد أهدت حبابة بنت
جل ** لأهل جلاجل حبلا طويلا )
وقال الأصمعي وأبو
زيد من أمثالهم ( أعن صبوح ترقق ) وكان المفضل الضبي يخبر بأصل هذا المثل قال كان
رجل نزل بقوم فأضافوه وغبقوه فلما فرغ قال إذا صبحتموني غدا كيف آخذ في حاجتي فقيل
له عند ذلك أعن صبوح ترقق وإنما أراد الضيف أن يوجب عليهم الصبوح ( قال الأصمعي )
ومن أمثالهم ( كأنما أفرغ عليه ذنوبا ) إذا بكلمه بكملة عظيمة يسكته بها ( قال أبو
علي ) وقرأت على أبي عبد الله لعمر بن أبي ربيعة
( هل تعرف الدار
والأطلال والدمنا ** زدن الفؤاد على علاته حزنا )
( دار لأسماء قد كانت
تحل بها ** وأنت إذ ذاك قد كانت لكم وطنا )
( لم يحبب القلب شيا
مثل حبكم ** ولم تر العين شيأ بعدكم حسنا )
( ما إن أبالي أدام
الله قربكم ** من كان شط من الأحياء أوظعنا )
( فإن نأيتم أصاب القلب
نأيكم ** وإن دنت داركم كنتم لنا سكنبا )
( إن تبخلى لا يسلي
القلب بخلكم ** وإن تجودي فقد عنيتني زمنا )
( أمسى الفؤاد بكم يا
هند مرتهنا ** وأنت كنت الهوى والهم والوسنا )
( إذ تستبيك بمصقول
عوارضه ** ومقلتي جؤذر لم يعد أن شدنا )
وأنشدنا أبو بكر بن
الأنباري قال أنشدنا أبو علي الغنوي وأبو الحسن بن البراء وأبو العباس أحمد بن
يحيى لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود والألفاظ في الرواية مختلطة
( كتمت الهوى حتى أضربك
الكتم ** ولامك أقوام ولومهم ظلم )
( ونم عليك الكاشحون
وقبلهم ** عليك الهوى قد نم لو نفع النم )
( وزادك إغراء بها طول
بخلها ** عليك وأبلى لحم أعظمك الهم )
( فأصبحت كالنهدي إذا
مات حسرة ** على إثر هند أو كمن سقي السم )
( ألا من لنفس لا تموت
فينقضي ** شقاها ولا تحيا حياة لها طعم )
( تجنبت اتيان الحبيب
تأثما ** ألا إن هجران الحبيب هو الأثم )
( فذق هجرها قد كنت
تزعم أنه ** رشاد ألا يا ربما كذب الزعم )
وأنشدنا أبو بكر بن
دريد قال أنشدنا أبو حاتم لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
( فلو أكلت من نبت دمعي
بهيمة ** لهيج منها رحمة حين تأكله )
( ولو كنت في غل فبحت
بلوعتي ** إليه للأنت لي ورقت سلاسله )
( ولما عصاني القلب
أظهرت عولة ** وقلت ألا قلب بقلبي أبادله )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر رحمه الله تعالى قال أخبرنا أبو عثمان عن التوزي قال أخبرني رجل من أهل
البصرة عن رجل من بني تميم قال حضرت مجلس الأحنف بن قيس وعنده قوم مجتمعون في أمر
لهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أن الكرم منع الحرم ما أقرب النقمة من أهل البغى
لا خير في لذة تعقب ندما لن يهلك من قصد ولن يفتقر من زهد رب هزل قد عاد جدا من
أمن الزمان خانه ومن تعظم عليه أهانه دعوا المزاح فإنه يؤرث الضغائن وخير القول ما
صدقه الفعل احتملوا لمن أدل عليكم وأقبلوا عذر من
اعتذر إليكم أطع أخاك
وأن عصاك وصله وإن جفاك أنصف من نفسك قبل أن ينتصف منك وإياكم ومشاورة النساء واعلم
أن كفر النعمة لؤم وصحبة الجاهل شؤم ومن الكرم الوفاء بالذمم ما أقبح القطيعة بعد
الصلة والجفاء بعد اللطف والعداوة بعد الود لا تكونن على الإساءة أقوى منك على
الإحسان ولا إلى البخل أسرع منك إلى البذل واعلم أن لك من دنياك ما أصلحت به مثواك
فأنفق في حق ولا تكونن خازنا لغيرك وإذا كان الغدر في الناس موجودا فالثقة بكل أحد
عجز أعرف الحق لمن عرفه لك واعلم أن قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل ( قال ) فما
رأيت كلا ما أبلغ منه فقمت وقد حفظته
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال ذكر أعرابي قوما فقال أدبتهم الحكمة وأحكمتهم التجارب
ولم تغررهم السلامة المنطوية على الهلكة وجانبوا التسويف الذي به قطع الناس مسافة
آجالهم فذلت ألسنتهم بالوعد وانبسطت أيديهم بالإنجاز فأحسنوا المقال وشفعوه
بالفعال
وحدثنا أبو ب كر قال
أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال رأيت أعرابيا يصلي وهو يقول أسألك الغفيرة والناقة
الغزيره والشرف في العشيره فإنها عليك يسيرة
وحدثنا أبو بكر
الأنباري رحمه الله قال حدثنا محمد بن علي المديني قال حدثنا أبو الفضل الربعي قال
حدثنا أبو السمراء قال دخلت منزل نخاس في شراء جارية فسمعت في بيت بإزاء البيت
الذي كنت فيه صوت جارية وهي تقول
( وكنا كزوج من قطافي
مفازة ** لدى خفض عيش معجب مونق رغد )
( أصابهما ريب الزمان
فافردا ** ولم نر شيأ قط أوحش من فرد )
فقلت للنخاس أعرض علي
هذه الجارية المنشدة فقال أنها شعثة مرهاء خزبنمة فقلت ولم ذلك قال اشتريتها من
ميراث فهي باكية على مولاها ثم لم ألبث أن أنشدت
( وكنا كغصني بانة وسط
روضة ** نشم جنى الروضات في عيشة رغد )
( فأفرد هذا الغصن مع
ذاك قاطع ** فيافردة باتت تحن إلى فرد )
قال أبو السمراء
فكتبت إلى عبد الله بن طاهر أخبره بخبرها فكتب إلي أن ألق عليها هذا البيت فإن
أجابت فاشترها ولو بخراج خراسان والبيت
( بعيد وصل قريب صد **
جعلته منه لي ملاذا )
قال فألقيته عليها
فقالت في سرعة
( وعاتبوه فذاب عشقا **
ومات وجدا فكان ماذا )
قال أبو السمراء
فاشتريتها بألف دينار وحملتها إليه فماتت في الطريق قبل أن تصل إليه فكانت إحدى
الحسرات إليه ( قال أبو علي ) وقرأنا على أبي بكر لإبن ميادة وهو الرماح بن الأبرد
( تبادر العضاة قبل
الإشراق ** بمقنعات كقعاب الأوراق )
المقنع الفم الذي
يكون عطف أسنانه إلى داخل الفم وذلك القوي الذي يقطع به كل شيء فإذا كان انصبابها
إلى خارج فهو أدفق وذلك ضعيف لا خير فيه
والقعاب جمع قعب
والأوراق جمع ورق وهو
الفضة يريد أنها أفتاء فأسنانها بيض لم تقلح أي لم تصفر ( قال أبو علي ) وقد رد ما
ذكرناه وهو قول الأصمعي ابن الأعرابي فقال يقول بادرت العضاه برؤس ضخام كأنها قعاب
الورق كبرا ( وقال ) قد تكون قعاب الورق سودا ( قال أبو علي ) ويفسد ما ذهب إليه
قوله كأنها قعاب الورق كبرا لأن القعب قدح صغير فكيف يشبه رؤسها بالقعاب في الكبر
فأما قوله قد تكون
قعاب الورق سودا فليس بمبطل لما قال الأصمعي لأن الورق لا يكون أسود إلا بتغير
لونه بالإحراق وما كانت العرب تعرف المحرق من الفضة ومع هذا فلا يستعمل أحد قدحا
من فضة سوداء وحدها وإنما يجري السواد في البياض ( قال أبو علي ) قال يعقوب ابن
السكيت يقال عاد إلى ضئضئه وصئصئه أي إلى أصله والهمز الأصل وأنشد
( أنا من ضئضىء صدق **
بخ ومن أكرم حذل )
( من عزاني قال به به
** سنخ ذا أكرم أصل )
الحذل الحجز وقال
اللحياني بخ بخ وبه به يقال للإنسان إذا عظم
وقال أبو عمرو ما
ينوض بحاجة وما يقدر على أن ينوض أي يتحرك ومنه قوله عز وجل { ولات حين مناص }
ومناص ومناض واحد
ويقال أنقاض وأنقاص
بمعنى واحد وقال الأصمعي المنقاض المنقعر من أصله والمنقاص المنشق طولا يقال انقاضت
الركية وأنقاصت السن انقياصا إذا انشقت طولا والقيص الشق طولا وأنشد لأبي ذؤيب
( فراق كقيص السن
فالصبر إنه ** لكل أناس عثرة وجبور )
وقال الأصمعي مضمض
لسانه ومصمصه إذا حركه وقال حدثنا عيسى بن عمر قال سألت ذا الرمة عن النضناض فأخرج
لسانه وحركه قال الراعي
( يبيت الحية النضناض
منه ** مكان الحب يستمع السرارا )
وقال اللحياني يقال
تصافوا على الماء وتضافوا ويقال صلاصل الماء وضلاضله لبقاياه وقبضت قبضة وقبصت
قبصة ويقال أن القبصة أقل من القبضة
( قال أبو علي ) وغيره
يقول القبص بأطراف الأصابع والقبض بالكف كلها
وقال اللحياني سمعت
أبا زيد يقول تضوك بخرئه وسمعت الأصمعي يقول تصوك بالصاد غير معجمة
وقال أبو عبيدة يقال
صاف السهم يصيف وضاف يضيف إذا عدل عن الهدف وتضيفت الشمس للغروب وتصيفت إذا مالت
ودنت من الغروب ومنه اشتق الضيف يقال ضافني الرجل إذا دنا منك ونزل بك قال أبو
زبيد
( كل يوم ترميه منها
برشق ** فمصيب أو ضاف غير بعيد )
وقال الأصمعي جاص
وجاض أي عدل
وقال اللحياني يقال
أنه لصل أصلال وضل أضلال ( قال ) ويقال ضل أضلال ( وقال أبو علي ) قال أبو بكر بن دريد يقال للرجل إذا كان داهية إنه لصل
أصلال ( وقال أبو علي ) والصل الحية التي تقتل إذا نهشت من ساعتها
( وقال الأصمعي ) يقال
مصمص إناءه ومضمضه إذا غسله ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن
محمد بن عرفة نفطويه لعمر ابن أبي ربيعة
( قالت سكينة والدموع
ذوارف ** تجري على الخدين والجلباب )
( ليت المغيري الذي لم
أجزه ** فيما أراد تصيدي وطلابي )
( كانت ترد لنا المنى
أيامنا ** إذ لا نلام على هوى وتصابى )
( خبرت ما قالت فبت
كأنما ** يرمى الحشا بنوافذ النشاب )
( أسكين ماماء الفرات
وبرده ** مني على ظمإ وفقد شراب )
( بألذ منك وإن نأيت
وقلما ** يرعى النساء أمانة الغياب )
( أن تبذلي لي نائلا
أشفي به ** سقم الفؤاد فقد أطلت عذابي )
( وعصيت فيك أقاربي
فتقطعت ** بيني وبينهم عرى الأسباب )
( فتركتني لا بالوصال
ممسكا ** منهم ولا أسعفتني بثواب )
( فقعدت كالمهريق فضله
مائه ** في حرها هاجرة للمع سراب )
( قال أبو علي ( وحدثني
أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي وعبد الله بن خلف قالا حدثنا ابن أبي سعيد قال
حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الشافعي قال سمع سعيد ابن المسيب منشدا ينشد
( تضوع مسكا بطن نعمان
أن مشت ** به زينب في نسوة خفرات )
( ولما رأت ركب النميري
أعرضت ** وكن من أن يلقينه حذرات )
قال فقال سعيد هذا
والله مما يلذ استماعه ثم قال
( وليست كأخرى وسعت جيب
درعها ** وأبدت بنان الكف للجمرات )
( وعالت فتات المنسك
وحفا مرجلا ** على مثل بدر لاح في الظلمات )
( وقامت تراءى يوم جمع
فأفتنت ** برؤيتها من راح من عرفات )
قال فكانوا يرون أن
الشعر الثاني لسعيد بن المسيب
( قال ) وأنشدنا أبو
الحسن ابن البراء قال أنشدنا محمد بن غالب لأبي فنجويه الرفاء وكان أميا لا يقرأ
ولا يكتب
( كيف لي بالسلو عنك
وقلبي ** حشوه الهم يا بعيدا قريب )
( يا سقامى ويادوائي
جميعا ** وشفائي من الضنى والطبيب )
( حيثما كنت في البلاد
وكنا ** فعلينا لكل عين رقيب )
( ما يريد الوشاة منك
ومني ** دون هذاله تشق الجيوب )
( قال أبو علي ) وقرأت
على أبي بكر بن دريد رحمه الله لأمرأة من العرب تسمى شقراء
( خليلي أن أصعدتما أو
هبطتما ** بلادا هوى نفسي بها فإذ كرانيا )
( ولا تدعا إن لامني ثم
لائم ** على سخط الواشين أن تعذرانيا )
( فقد شف جسمي بعد طول
تجلدي ** أحاديث من عيسى تشيب النواصيا )
( سأرعى لعيسى الود ما
هبت الصبا ** وأن قطعوا في ذاك عمدا لسانيا )
وقرأت عليه لامرأة من
بني نصر بن دهمان
( ألا ليتني صاحبت ركب
ابن مصعب ** إذا ما مطاياه اتلأبت صدورها )
( إذا خدرت رجلي دعوت
ابن مصعب ** فإن قيل عبد الله أجلى فتورها )
وقرأت عليه لامرأة من
بني أسد
( بنفسي من أهوى وأرعى
وصاله ** وتنقض مني بالمغيب وثائقه )
( حبيب أبى إلا اطراحى
وبغضتي ** وفضله عندي على الناس خالقه )
وأنشدنا أبو بكر بن
الأنباري قال أنشدني أبي لإبن الدمينة
( ألا يا حمى وادي
المياه قتلتني ** أباحك لي قبل الممات مبيح )
( ولي كبد مقروحة من
يبيعني ** بها كبد اليست بذات قروح )
( أبى الناس ويب الناس
لا يشترونها ** ومن ذا الذي يشري دوى بصحيح )
قال أبو بكر الدوى
المرض الشديد والدوى الرجل الشديد المرض والدوى الرجل الأحمق ( قال أبو علي )
وأنشدني أبو بكر بن دريد
( وقد أقود بالدوى
المزمل ** أخرس في السفر بقاق المنزل )
وقال أبو بكر بن
الأنباري الدوا جمع دواة ** والدواء بالمدما يتداوى به والدواء اللين أيضا بالمد
وحدثنا قال حدثنا أبو
العباس قال العرب تقول انك ستساق إلى ما أنت لاق وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول
الشاعر
( ستبكى المخاض الحرب
إن مات هيثم ** وكل البواكي غيرهن جمود )
ويقول كان يحسن إليها
ولا بنحرها وهذا هجاء وضده مدح وهو قوله
( قتيلان لا تبكي
المخاض عليهما ** إذا شبعت من قرمل وأفان )
يعني أنه يعقرها
ويهبها فلا تحزن عليه والقرمل واحدها قرملة وهي شجرة ضعيفة كثيرة الماء تنفضخ إذا
وطئت ومن أمثالهم ( ذليل عاذ بقرملة ) وإلأ فأني نبت
واحدتها أفانيه ينبت
في السهل وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي لمحرز العكلى
( يظل فؤادي شاخصا من
مكانه ** لذكر الغواني مستهاما متيما )
( إذا قلت مات الشوق
مني تنسمت ** به أريحيات الهوى فتنسما )
وأنشدنا قال أنشدني
أبي لرجل من بني رياح
( كفى حزنا أن لا يزال
يعودني ** على النأي طيف من خيالك يا نعم )
( وأنت مكان النجم منا
وهل لنا ** من النجم إلا أن يقابلنا النجم )
( وقال أبو زيد ) يقال
رتمت أرتم رتما وحطمت أحطم حطما وكسرت أكسر كسرا ودققت أدق دقا هؤلاء الأربع جماع
الكسر في كل وجه من الكسر وأنشد غيره
( لأصبح رتما دقاق
الحصى ** مكان النبي من الكائب )
ويقال رضضت أرض رضا
وفضضت أفض فضا ورفضت أرفض رفضا هؤلاء الثلاث في الكسر سواء وهرست أهرس هرسا إذا
دققت الشيء في المهراس والهرس والوهس دقك الشيء لاشيء وبينه وبين الأرض وقاية
ومثله نحزت أنحز نحزا
( قال أبو علي ) ومنه
المنحاز وهو الهاون وقال أبو زيد نحزت النسيج إذا جذبت إليك الصيصية غير مهموزة
لتحكم اللحمة
وسحق يسحق سحقا وهو
أشد الدق تدقيقا وسحقت الأرض الريح إذا عفت الآثار وأسفت التراب وانسحق الثوب
انسحاقا إذا سقط زئبره وهو جديد وسهكت تسهك سهكا والريح تسهك التراب كما تسحق
ورهك يرهك رهكا وجش
يجش جشا فالرهك والفرهك ما جش بين حجرين والجش ما طحن بالرحيين والشيء جشيش ومجشوش
وطحنت أطحن طحنا والطحن بالكسر الدقيق ورضخت أرضخ رضخا بإعجام الخاء
وشدخت أشدخ شدخا
وفدغت أفدغ فدغا وثلغت
أثلغ ثلغا وثمغت أثمغ
ثمغا وهؤلاء الخمس في الرطب
( وقال غير أبي زيد )
يقال رضخت النوى بالخاء رضخا رضضته ويقال للحجر الذي يرض به المرضاخ والرضخة
النواة التي تطير من تحت الحجر قال الشاعر
( جلذية كأتان الضحل
صلبها ** جرم السوادي رضوه بمرضاخ )
يصف ناقة
( وقال أبو زيد ) وغضف
يغضف غضفا وخضد يخضد خضدا وغرض يغرض غرضا وهؤلاء الثلاث الكسر في الرطب واليابس
وهو الكسر الذي لم يبن
وقصمت أقصم قصما
بالقاف وفصمت أفصم فصما بالفاء وعفت أعفت عفتا وهو الكسر الذي ليس فيه ارفضاض في
رطب أو يابس
ويقال هشمت أهشم هشما
وهو كسر اليابس مثل العظم أو الرأس من بين الجسد أو في بيض
وقالوا تممت الكسر
تتميما إذا عنت فأبنته ووقرت العظم أقره وقرا إذا صدعته والوقر الصدع في العظم
وروى أبو عبيدة عن
أبي زيد هضضته أهضه هضا ودهسته والشيء دهيس
( وقال الأصمعي )
قرضمته قرضمة كسرته ( وقال ) وهسته أهوسه هوسا كسرته وأنشد
( إن لنا هواسة عريضا ** )
( وقال ) المعثلب
المكسور والدوك الدق والمدوك الحجر الذي يدق به
( وقال الكسائي ) وقصت
عنقه أقصها وقصا ولا يقال وقصت العنق نفسها
( وقال الأموي ) أصرته
آصره أصرا كسرته ( قال أبو علي ) الأصر العطف والصور مصدر صرته أصوره إذا أملته
ومن هذا قيل للمائل العنق أصور وقد قرئ ( فصرهن إليك ) أي أملهن ومن قرأ ( فصرهن إليك ) أي قطعهن من قولهم صاره
يصيره إذا قطعه ومن هذا قيل صار فلان إلى موضع كذا وكذا لأنه ميل وذهاب إلى ذلك
الوجه
( وقال غيره ) وهصت
ووطست ووقصت أي كسرت وقد روى بيت عنترة تطس الإكام بذات خف ميثم وروى تقص وتهص
والوهص الكسر
( وقال الأصمعي ) وهصه
يهصه وهصا وهزعه إذا كسره
( قال أبو علي ) وفي
كتاب الغريب المصنف هصت
وهكذا قرأته وأنا أشك
فيه وأظنه وهصت فسقطت الواو عن الناقل إلينا
وقصدته أقصد قصدا
كسرته ومنه قيل ( القناقصد ) والقصم والفصم الكسر وبعضهم يفرق بينهما فيقول القصم
الكسر الذي فيه بينونة والفصم الكسر الذي لم يبن ( وقال أبو عمرو ) الوهط الكسر يقال وهطه وحكى أنغرف عظمه أي انكسر
( قال أبو زيد ) ومن
أمثال العرب ( لا يعدم عائس وصلات ) يقال ذلك للرجل الذي قد أرمل من الزاد والمال
فيلقى الرجل فينال منه ثم الآخر حتى يصل إلى أهله
( قال ) ومن أمثالهم (
ما أنت إلا كابنة الجبل مهما يقل تقل ) وذلك إذا تكلمت فرد عليك إنسان مثل كلامك
يريد الصدى الذي يجيبك بما تتكلم به
ومن أمثال العرب عود
يعود العنج والعنج الرياضة قال ومن أمثال العرب ( نعيم كلب في بؤس أهله ) ويقال بئيس أهله ويقال بئس أهله لغتان يضرب
مثلا للرجل يأكل مال غيره فيسمن وينعم وأصله أن كلبا سمن وأهزل الناس لأكل الجيف فاهله
بائسون
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال بلغني أنه ولد للحسن البصري
غلام فهنأه بعض أصحابه فقال الحسن نحمد الله على هبته ونستزيده من نعمته ولا مر
حبا بمن أن كنت غنيا أذهلني وإن كنت فقيرا أتعبني لا أرضى له بسعي سعيا ولا بكدي
له في الحياة كدا أشفق عليه من الفاقة بعد وفاتي وأنا في حال لا يصل إلي من همه حزن
ولا من فرحه سرور وبهذا الإسناد قال بلغني أن محمد بن كعب القرظي قال لعمر بن عبد
العزيز رضي الله عنه لا تتخذن وزيرا إلا عالما ولا أمينا إلا بالجميل معروفا
وبالمعروف موصوفا فإنهم شركاؤك في أمانتك وأعوانك على أمورك فإن صلحوا أصلحوا وأن
فسدوا أفسدوا
وبهذا الإسناد قال
قال عبد الملك بن مروان رحمه الله يا بني أمية أبذلوا نداكم وكفوا أذاكم واعفوا إذا
قدرتم ولا تبخلوا إذا سئلتم فإن خير المال ما أفاد حمدا أو نفى ذما ولا يقولن
أحدكم أبدأ بمن تعول فإنما الناس عيال الله قد تكفل الله بأرزاقهم فمن وسع أخلف
الله عليه ومن ضيق ضيق الله عليه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت
أعرابيا يقول لا يوجد العجول محمودا ولا الغضوب مسرورا ولا الملول ذا إخوان ولا الحر
حريصا ولا الشره غنيا
وحدثنا قال أخبرنا
عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول صن عقلك بالحلم ومروأتك بالعفاف ونجدتك
بمجانبة الخيلاء وخلتك بالإجمال في الطلب وحدثنا قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال
سمعت أعرابيا يقول أقبح أعمال المقتدرين الإنتقام وما استنبط الصواب بمثل المشاورة
ولا حصنت النعم بمثل المواساة ولا اكتسبت البغضاء مثل الكبر
وقرأت على أبي بكر بن
دريد للشماخ
( كلا يومي طوالة وصل
أروى ** ظنون أن مطرح الظنون )
طوالة اسم بئز كان
لقيها عليها مرتين فلم ير ما يحب والمعنى في كلا يومى طواله وصل أروى ظنون والظنون
الذي لا يوثق به كالبئر الظنون وهي القليلة الماء التي لا تثق بمائها ثم أقبل على
نفسه فقال قد حان أن أترك الوصل الظنوهن وأطرحه ثم قال
( وما أروى وإن كرمت
علينا ** بأدنى من موقفة حرون )
الموقفة الأروية التي
في قوائمها خطوط كأنها الخلاخل والوقف الخلخال من الذبل والتوقيف البياض مع السواد
فأراد أن في قوائمها خطوطا تخالف لونها والحرون التي تحرن في أعلى الجبل فلا تبرح
يقول فهذه المرأة ليست بأقرب من هذه الأروية التي لا يقدر عليها ثم قال
( تطيف بها الرماة
وتتقيهم ** بأوعال معطفة القرون )
يقول تطيف بهذه
الأروية الرماة فلا تبرح لأنها في أعلى الجبل ودونها أوعال فلا تصل إليها نبل
الرماة لأنهم يرمون تلك لأنها أقرب إليهم فكأنها تقي نفسها بها وإنما يؤكد بهذا
بعدها وأنها لا يقدر عليها
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال كان بشر بن مروان شديدا على العصاة فكان إذا ظفر
بالعاصي أقامه على كرسي وسمر كفيه في الحائط بمسمار ونزع الكرسي من تحته فيضطرب
معلقا حتى يموت وكان فتى من بني عجل مع المهلب وهو يحارب الأزارقة وكان عاشقا
لإبنة عم له فكتبت إليه تستزيره فكتب إليها
( لولا مخافة بشر أو
عقوبته ** أو أن يشد على كفي مسمار )
( إذا لعطلت ثغري ثم
زرتكم ** إن المحب إذا ما اشتاق زوار )
فكتبت إليه
( ليس المحب الذي يخشى
العقاب ولو ** كانت عقوبته في إلفه النار )
( بل المحب الذي لا شيء
يمنعه ** أو تستقر ومن يهوى به الدار )
قال فلما قرأ كتابها
عطل ثغره وانصرف إليها وهو يقول
( أستغفر الله إذ خفت
الأمير ولم ** أخش الذي أنا منه غير منتصر )
( فشأن بشر بلحمي
فليعذبه ** أو يعف عفو أمير خير مقتدر )
( فما أبالي إذا أمسيت
راضية ** يا هند ما نيل من شعرى ومن بشرى )
ثم قدم البصرة فما
أقام إلا يومين حتى وشى به واش إلى بشر فقال علي به فأتي به فقال يا فاسق عطلت
ثغرك هلموا الكرسي فقال أعز الله الأمير إن لي عذرا فقال وما عذرك فأنشده الأبيات
فرق له وكتب إلى المهلب فأثبته في أصحابه
( قال أبو علي )
وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لتماضر بنت مسعود بن
عقبة أخي ذي الرمة وكان خرج بها زوجها إلى القفين
( نظرت ودوني القف ذو
النخل هل أرى ** أجارع في آل الضحى من ذرى الأمل )
( فيالك من شوق وجيع
ونظرة ** ثناها على القف خبلا من الخبل )
( ألا حبذا ما بين حزوى
وشارع ** وأنقاء سلمى من حزون ومن سهل )
( لعمري لأصوات المكاكي
بالضحى ** وصوت صبا في حائط الرمث بالدحل )
( وصوت شمال زعزعت بعد
هدأة ** ألاء وأسباطا وأرطى من الحبل )
( أحب إلينا من صياح
دجاجة ** وديك وصوت الريح في سعف النخل )
( فيا ليت شعري هل
أبيتن ليلة ** مجمهور حزوى حيث رببني أهلي )
( قال أبو علي ) قال
الأصمعي الأجارع جمع أجرع وجرعاء وهي الرابية السهلة
والأمل جمع أميل
والأميل الرمل المستطيل يكون ميلا وأكثر من ذلك والخبل الفساد في البدن والأنقاء
جمع نقا وهي الرملة المستطيلة ليست بعظيمة والمكاكي جمع مكاء وهو طائر قال الشاعر
( إذا غرد المكاء في
غير روضة ** فويل لأهل الشاء والحمرات )
( قال أبو علي ) قال
الأصمعي يقال للرمث أول ما يبدو ورقه قبل أن يخرج قد أقل فإذا زاد على ذلك قيل قد
أدبى فإذا ظهرت خضرته قيل قد بقل فإذا ابيض وأدرك قيل قد أحنط فإذا جاوز ذلك قيل
قد أورس فهو وارس ولا يقال مورس والألاء شجر حسن المنظر مر المطعم قال بشر
( فإنكم ومدحكم بجيرا
** أبا لجإ كما امتدح الألاء )
( يراه الناس أخضر من
بعيد ** وتمنعه المرارة والإباء )
والأسباط جمع سبط وهو
ضرب من الشجر أيضا والحبل المستطيل من الرمل ( قال أبو علي ) وقرأت عليه لإبنة
الحباب
( محاحب يحيى حب يعلى
فأصبحت ** ليحيى توالي حبنا وأوائله )
( ألا بابي يحيى ومثنى
ردائه ** وحيث التقت من متن يحيى حمائله )
وقالت فيه أيضا
( أأضرب في يحيى وبيني
وبينه ** تنائف لو تسري بها الريح كلت )
( ألا ليت يحيى يوم
عيهم زارنا ** وأن نهلت مني السياط وعلت )
( قال أبو علي )
وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة المعروف بنفطويه قال أنشدنا أبو
العباس أحمد بن يحيى
( أمن أجل دار بين
لوذان فالنقى ** غداة اللوى عيناك تبتدران )
( فقلت ألا لابل قذيت
وإنما ** قذى العين لي ما هيج الطللان )
( فيا طلحتي لو ذان لا
زال فيكما ** لمن يبتغي ظليكما فننان )
( وإن كنتما هيجتما
لاعج الهوى ** ودانيتما ما ليس بالمتداني )
وأنشدنا أيضا
( ألا يا سيالات
الدحائل باللوى ** عليكن من بين السيال سلام )
( وإني لمجلوب لي الشوق
كلما ** تغرد في أفنانكن حمام )
( قال أبو علي ) وقرأت
على أبي بكر بن دريد رحمه الله لإبن الدمينة
( قفي يا أميم القلب
نشكو الذي بنا ** وفرط الهوى ثم افعلي ما بدا لك )
( سلي البانة الغناء
بالأجرع الذي ** به البان هل حييت أطلال دارك )
( وهل قت في أطلالهن
عشية ** مقام أخي البأساء واخترت ذلك )
( ليهنئك إمساكي بكفي
على الحشى ** ورقراق عيني رهبة من زيالك )
( لو قلت طأفي النار
أعلم أنه ** هوى لك أو مدن لنا من نوالك )
( لقدمت رجلي نحوها
فوطئتها ** هدى منك لي أو ضلة من ضلالك )
( قال أبو علي )
وأنشدنا أبو عمر المطرز غلام ثعلب قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي
( فلو كنت أدري أن
ماكان كائن ** حذرتك أيام الفؤاد سليم )
( ولكن حسبت الصرم شيأ
أطيقه ** إذا رمت أو حاولت فيك عزيم )
( أخا الجن بلغها
السلام فإنني ** من الإنس مزور الجناب كتوم )
( قال أبو علي ) هكذا
أنشدنا جناب وهو عندي جناب من قولهم لج فلان في جناب قبيح إذا لج في مجانبة أهله
( أخا الجن ما ندري إذا
لم يدم لنا ** خليل صفاء الود كيف نديم )
( ولا كيف بالهجران
والقلب آلف ** ولا كيف يرضى بالهوان كريم )
( قال الأصمعي )
الدفينة والدثينة منزل لبني سليم ويقال اغتفت الخيل واغتثت إذا أصابت شيأ من
الربيع وهي الغفة والغثة قال طفيل الغنوي
( وكنا إذا ما اغتفت
الخيل غفة ** تجرد طلاب التراب مطلب )
ويقال فلغ رأسه وثلغ
رأسه إذا شدخه ويقال جدف وجدت للقبر والدفئي والدثئي مثاله الدفعي من المطر ووقته
إذا فاءت الأرض الكمأة فلم يبق فيها شيء والحثالة والحفالة الرديء من كل شيء
قال أبو عبيدة
الحفالة والحثالة واحد وهي من التمر والشعير وما أشبههما القشارة منه ( وقال أبو
عمرو ) الفناء والثناء في فناء الدار وحكي غلام ثوهد وفوهد وهو الناعم وحكي
الأرفة والأرثة للحدبين الأرضين
وقال اللحياني
الأثافي والأثاثي ولغة بني تميم الأثاثي وتوفر وتحمد وتوثر وتحمد ( وقال الفراء )
المغافير والمغاثير شيء ينضجه الثمام والرمث والعشر كالعسل ( قال ) وسمعت العرب
تقول خرجنا نتمغفر ونتمغثر أي نأخذ المغفور ( قال ) وسمعت الكسائي يحكي عن العرب
مغفر لواحد المغافير
والفوم والثوم الحنطة
وفي قراءة ابن مسعود ( وثومها وعدسها ) وثوب فرقبي وثرقبي ووقعوا في عافور شر
وعاثور شر
قال العجاج وبلدة
مرهوبة العاثور قال يعقوب
ابن السكيت نرى أنه
من قولهم عثر يعثر إذا وقع في الشر والنفي والنثي ما نفاه الرشاء من الماء قال
الراجز
( كأن متنيه من النفي
** مواقع الطير على الصفي )
ويروى الصفي بالكسر
والضم وثم وفم في النسق
والنكاف والنكاث داء
يأخذ الإبل وفروغ الدلو وثر وغها مصب مائها
ويقال للشيخ مر يدلف
ويدلث إذا مشى مشيا ضعيفا وعفنت في الجبل أعفن وعثنت أعثن إذا صعدت في الجبل ويقال
هو الضلال ابن فهلل وثهلل وفهلل أيضا عن اللحياني واللفام واللثام قال الفراء
اللثام على الفم واللفام على الأرنبة وفلان ذو فروة وثروة أي ذو كثرة من المال
وقال ابن الأعرابي
يقال انفجر الجرح وانثجر وطلف على الثمانين وطلث إذا زاد عليها وقرأت على أبي بكر
بن دريد رحمه الله لطفيل
( كأن على أعطافه ثوب
مامح ** وإن يلق كلب بين لحييه يذهب )
أعطافه جوانبه
وإنماله عطفان والمائح الذي ينزل في البئر فيملأ الدلو فكلما جذبت دلو انصب عليه
من مائها فابتل فشبه الفرس وقد ابتل من العرق بثوب المائح ومثله
( أبيت كأني كل آخر
ليلة ** من الرحضاء آخر الليل مائح )
وقوله وإن يلق كلب
بين لحييه أراد أنه واسع الشدقين ثم قال
( كأن على أعرافه
ولجامه ** سناضرم من عرفج متلهب )
السنى الضوء فيقول
كأن على أعرافه ولجامه ضوء ضرم وإذا كان له ضوء كان له حفيف فيقول يحف من شادة
العدو حتى كأن عرفجا يتضرم على أعرافه وعنانه ومثله قول العجاج كأنما يستضرمان
العرفجا يستضرمان يوقدان يعني حمارين كأنما حفيفهما حفيف العرفج وكان ابن الأعرابي
يقول سألت غنيا
كلها أو سمعت غنيا
تقول إنما وصفه بالشقرة شبه شقرته على عنانه في حر الشمس بتوقد النار في يبيس
العرفج وكان عمارة بن عقيل يقول أيضا وصفه بالشقرة
( قال أبو علي ) وبيت
طفيل هذا أحد الأبيات التي غلب فيها أبو نصر على ابن الأعرابي وذلك أن أبا نصر ذهب
فيه إلى قول الأصمعي وهو التفسير الأول ومثله في الحفيف
( جموحا مروحا وإحضارها
** كمعمعة السعف المحرق )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لأعرابي من لم يتزوج امرأتين لم يذق
حلاوة العيش فتزوج امرأتين ثم ندم فأنشأ يقول
( تزوجت اثنتين لفرط
جهلي ** بما يشقى به زوج اثنتين )
( فقلت أصير بينهما
خروفا ** أنعم بين أكرم نعجتين )
( فصرت كنعجة تضحى
وتمسى ** تداول بين أخبث ذئبتين )
( رضا هذي يهيج سخط هذي
** فما أعرى من احدى السخطتين )
( وألقى في المعيشة كل
ضر ** كذاك الضر بين الضرتين )
( لهذي ليلة ولتلك أخرى
** عتاب دائم في الليلتين )
( فإن أحببت أن تبقى
كريما ** من الخيرات مملوء اليدين )
( وتدرك ملك ذي يزن
وعمرو ** وذي جدن وملك الحارثين )
( وملك المنذرين وذي
نواس ** وتبع القديم وذي رعين )
( فعش عزبا فإن لم
تستطعه ** فضربا في عراض الحجفلين )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كنت مؤاخيا لرجل من أهل حمى
ضرية وكان جوادا رث الحال فمررت به يوما في بعض ترددي على الأحياء فإذا هو كئيب
فسألته عن شأنه فقال
( ثمانين حولا لا أرى
منك راحة ** لهنك في الدنيا لباقية العمر )
( فإن أنقلب من عمر
صعبة سالما ** تكن من نساء الناس لي بيضة العقر )
والبيتان لعروة
الرحال فاقبلت عليه أعظه وأصبره فأنشأ يقول
( فلو أن نفسي في يدي
مطيعتي ** لأرسلتها بمما ألاقي من الهم )
( ولو كان قتليها حلالا
قتلتها ** وكان ورود الموت خيرا من الغم )
( تعرضت للأفعي أحاول
وطأها ** لعلي أنجو من صعيبة بالسم )
( فيارب إكفنها والا
فنجني ** وإن كان يومي قبلها فاقضين حتمي )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر رحمه الله أن أبا عثمان أنشدهم عن التوزي عن أبي عبيدة لأعرابي طلق امرأته
ثم ندم فقال
( ندمت وما تغني
الندامة بعدما ** خرجن ثلاث ما لهن رجوع )
( ثلاث يحرمن الحلال
على الفتى ** ويصدعن شعب الدار وهو جميع )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال بلغني أن وافدا وفد على عمر
بن عبد العزيز رحمه الله فقال له كيف تركت الناس قال تركت غنيهم موفورا وفقيرهم
محبورا وظالمهم مقهورا ومظلومهم منصورا فقال الحمد لله لو لم تتم واحدة من هذه
الخصال إلا بعضو من أعضائي لكان يسيرا وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن
الأصمعي قال قال بعض الحكماء من كانت فيه سبع خصال لم يعدم سبعا من كان جوادا لم
يعدم الشرف ومن كان ذا وفاء لم يعدم المقة ومن كان صدوقا لم يعدم القبول ومن كان
شكورا لم يعدم الزيادة ومن كان ذا رعاية للحقوق لم يعدم السؤدد ومن كان منصفا لم يعدم
العافية ومن كان متواضعا لم يعدم الكرامة وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد
عن العباس بن هشام عن أبيه قال كان قس بن ساعدة يفد على قيصر ويزوره فقال له قيصر
يوما ما أفضل العقل قال معرفة المرء بنفسه قال فما أفضل العلم قال وقوف المرء عند
علمه قال فما أفضل المرؤءة
قال استبقاء الرجل
ماء وجهه قال فما أفضل المال قال ما قضي به الحقوق
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو حاتم رحمه الله عن العتبي قال حدثني أبي قال حدثني رجل من أهل الشام عن
الأبرش الكلبي أنه سمع الوليد بن عقبة وعمرو بن سعيد بن العاص يتلاحيان في مجلس
معاوية رحمه الله فتكلم الوليد فقال له عمرو كذبت أو كذبت فقال له الوليد اسكت يا
طليق اللسان منزوع الحياء ويا ألأم أهل بيته فلعمري لقد بلغ بك البخل الغاية
الشائنة المذلة لأهلها فساءت خلائقك لبخلك فمنعت الحقوق ولزمت العقوق فأنت غير
مشيد البنيان ولا رفيع المكان فقال له عمرو والله إن قريشا لتعلم أني غير حلو
المذاقه ولا لذيذ الملاكه وإني لكا الشجا في الحلق ولقد علمت أني ساكن الليل داهية
النهار لا أتبع الأفياء ولا أنتمي إلى غير أبي ولا يجهل حسبى حام لحقائق الذمار
غير هيوب عند الوعيد ولا خائف رعديد فلم تعير بالبخل وقد جبلت عليه فلعمري لقد أورثتك
الضرورة لؤما والبخل فحشا فقطعت رحمك وجرت في قضيتك وأضعت حق من وليت أمره فلست
ترجى للعظائم ولا تعرف بالمكارم ولا تستعف عن المحارم لم تقدر على التوقير ولم
يحكم منك التدبير فأفحم الوليد فقال معاوية وساءه ذلك كفالا أبالكما لا يرتفع بكما
القول إلى مالا نريد ثم أنشأ عمرو يقول
( وليد إذا ما كنت في
القوم جالسا ** فكن ساكنا منك الوقار على بال )
( ولا يبدرن الدهر من
فيك منطق ** بلا نظر قد كان منك وإغفال )
وقرأت على أبي بكر
لطفيل الغنوي
( ظعائن أبرقن الخريف
وشمنه ** وخفن الهمام أن تقاد قنابله )
( على إثر حي لا يرى
النجم طالعا ** من الليل إلا وهو قفر منازله )
أبرقن الخريف رأين
برق الخريف وقال بعضهم دخلن في برق الخريف وشمنه
أبصرنه والشيم النظر
إلى البرق خاصة
وقوله وخفن الهمام
يعني دخلت شهور الحل فخفن أن يغير عليهن فتنكبن ناحيته وتباعدن عنه
والقنابل جمع قنبلة
وهي الجماعة من الخيل
وقوله لا يرى النجم
طالعا من الليل يقول هذا الحي لا يرى النجم طالعا بسدفة إلا رحل إلى مكان آخر
يبتغي النجعة وذلك في وقت من الأوقات فكأنه أبدا قفر
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه سمعت أعرابيا يقول العاقل حقيق أن يسخى
بنفسه عن الدنيا لعلمه أن لا ينال أحد فيها شيأ إلا قل إمتاعه به أو كثر عناؤه فيه
واشتدت مرزئته عليه عند فراقه وعظمت التبعة فيه بعده
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا عبد الرحمن عن عمه وأبو حاتم عن العتبي قالا قال أعرابي خير الأخوان من ينيل
عرفا أو يدفع ضرا
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال شبيب بن شبة أخوان الصدق خير مكاسب الدنيا هم
زينة في الرخاء وعدة في البلاء ومعونة على حسن المعاش والمعاد وقرأت على أبي عبد
الله إبراهيم بن محمد بن عرفة لعمر بن أبي ربيعة من خط ابن سعدان
( أعبدة ما ينسى مودتك
القلب ** ولا هو يسليه رخاء ولا كرب )
( ولا قول واش كاشح ذي
عداوة ** ولا بعد داران نأيت ولا قرب )
( وما ذاك من نعمى لديك
أصابها ** ولكن حبا ما يقار به حب )
( فإن تقبلي يا عبد
توبة تائب ** يتب ثم لا يوجد له أبدا ذنب )
( أذل لكم يا عبد فيما
هو يتم ** وإني إذا ما رامني غيركم صعب )
( وأعذل نفسي في الهوى
فتعوقني ** ويأصرني قلب بكم كلف صب )
( وفي الصبر عمن لا
يؤاتيك راحة ** ولكنه لا صبر عندي ولا لب )
( وعبدة بيضاء المحاجر
طفلة ** منعمة تصبي الحليم وما تصبو )
( قطوف من الحور
الأوانس بالضحى ** متى تمش قيس الباع من بهرها تربو )
( فلست بناس يوم قالت
لأربع ** نواعم غر كلهن لها ترب )
( ألا ليت شعرى فيم كان
صدوده ** أعلق أخرى أم علي به عتب )
وقرأت عليه له أيضا
( ألا يا من أحب بكل
نفسي ** ومن هو من جميع الناس حسبي )
( ومن يظلم فأغفره
جميعا ** ومن هو لا يهم بغفر ذنبي )
وقرأت عليه أيضا
( بنفسي من أشتكى حبه
** ومن ان شكا الحب لم يكذب )
( ومن إن تسخط أعتبته
** وإن يرني ساخطا يعتب )
( ومن لا أبالي رضا
غيره ** إذا هو سر ولم يغضب )
( ومن لا يطيع بنا أهله
** ومن قد عصيت له أقربي )
( ومن لو نهاني من حبه
** عن الماء عطشان لم أشرب )
( ومن لا سلاح له يتقى
** وإن هو نوزل لم يغلب )
( قال أبو علي ) وقرئ
على أبي عمر المطرز وأنا أسمع قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي
( هل الريح أو برق
الغمامة مخبر ** ضمائر حاج لا أطيق لها ذكرا )
( سليمى سقاها الله حيث
تصرفت ** بها غربات الدار عن دارنا القطرا )
( إذا درجت ريح الصبا
وتنسمت تعرفت من تجدو ساكنه نشرا )
( فقرف قرح القلب بعد
اندماله ** وهيج دمعا لا جمودا ولا نزرا )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر رحمه الله أن أبا عثمان أنشدهم عن التوزي عن أبي عبيدة لرجل من بني عبس
( إذا راح ركب مصعدين
فقلبه ** مع الرائحين المصعدين جنيب )
( وان هب علوي الرياح
رأيتني ** كأني لعلو ياتهن نسيب )
( وان الكثيب الفرد من
جانب الحمى ** إلي وإن لم آته لحبيب )
( فلا خير في الدنيا
إذا أنت لم تزر ** حبيبا ولم يطرب إليك حبيب )
وأنشدنا قال أنشدنا
عبد الرحمن عن عمه للأقرع بن معاذ القشيري
( يقر بعيني أن أرى ضوء
مزنة ** يمانية أو أن تهب جنوب )
( لقد شغفتني أم بكر
وبغضت ** إلي نساء ما لهن ذنوب )
( أراك من الضرب الذي
يجمع الهوى ** ودونك نسوان لهن ضروب )
( وقد كنت قبل اليوم
أحسب أنني ** ذلول بأيام الفراق أديب )
ويروى أريب وأنشدنا
قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لمرار بن هباش الطائي
( سقى الله أطلالا
باحبلة الحمى ** وإن كن قد أبدين للناس ما بيا )
( منازل لو مرت بهن
جنازتي ** لقال صداي حاملي انزلانيا )
( قال أبو علي )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( من كان يزعم أن سيكتم
حبه ** حتى يشكك فيه فهو كذوب )
( الحب أغلب للفؤاد
بقهره ** من أن يرى للستر فيه نصيب )
( وإذا بدا سر اللبيب
فإنه ** لم يبد إلا والفتى مغلوب )
( إني لأبغض عاشقا
متسترا ** لم تتهمه أعين وقلوب )
وحدثنا أبو يعقوب
وراق أبي بكر بن دريد قال أخبرنا أحمد بن عمرو قال حدثني أبي عمرو ابن محمد عن أبي
عبيدة قال دخل الأحنف بن قيس على معاوية ويزيد بين يديه وهو ينظر إليه إعجابا به
فقال يا أبا بحر ما تقول في الولد فعلم ما أراد فقال يا أمير المؤمنين هم عماد
ظهورنا وثمر قلوبنا وقرة أعيننا بهم نصول على أعدائنا وهم الخلف منا لمن بعدنا فكن
لهم أرضا ذليله وسماء ظليله أن سألوك فأعطهم وان استعتبوك فأعتبهم لا تمنعهم رفدك
فيملوا قربك ويكرهوا
حياتك ويستبطؤوا وفاتك فقال لله درك يا أبا بحر هم كما وصفت وقرأت على أبي بكر بن
دريد لطفيل الغنوي
( فلو كنت سيفا كان
أثرك جعرة ** وكنت ددانا لا يغيرك الصقل )
الجعرة أثر الجعار
والجعار حبل يوثق به في حقو الساقي إلى عمود القامة فإن انقطع الرشاء لم يهو
المائح في البئر فيقول كنت سيفا كليلا لا يؤثر إلا كأثر الجعار والددان والكهام
والكهيم الكليل ( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال رأيت في أرض بني فلان نعاعة حسنة
ويقال لعاعة وهو نبت ناعم في أول ما يبدو رقيق لم يغلظ ويقال إنما الدنيا لعاعة
قال ابن مقبل
( كاد اللعاع من
الحوذان يسحطها ** ورجرج بين لحييها خناطيل )
يسحطها يذبحها
والرجرج اللعاب يترجرج وخناطيل قطع متفرقة ويقال بعير رفل ورفن إذا كان سابغ الذنب
قال ابن صيادة يصف فحلا
( يتبعن سد وسبط جعد
رفل ** كأن حيث تلتقي منه المحل )
( من قطريه وعلان ووعل )
وقال النابغة
( بكل مجرب كالليث يسمو
إلى أوصال ذيال رفن )
ويقال هتنت السماء
وهتلت تهتن تهتانا وتهتل تهتالا وهي سحائب هتن وهتل وهو فوق الهطل قال
( فسحت دموعي في الرداء
كأنها ** كلا من شعيب ذات سح وتهتان )
وقال العجاج
( عزز منه وهو معطى
الأسهال ** ضرب السواري متنه بالتهتال )
( قال أبو علي ) هكذا
يرويه البصريون عزز يريدون صلب والسدول والسدون ما جلل به الهودج قال الزفيان
( كأنما علقن بالأسدان
** يانع حماض وأقحوان )
وقال حميد بن ثور
( فرحن وقد زايلن كل
صنيعة ** لهن وباشرن السديل المرقما )
يصف نساء والكتن
والكتل التلزج ولزوق الوسخ بالشيء وأنشد لإبن ميادة
( تشرب منه نهلات وتعل
** وفي مراغ جلدها منه كتل )
وقال ابن مقبل
( ذعرت به العير
مستوزيا ** شكير جحافله قد كتن )
مستوز يا منتصبا
مرتفعا والشكير الشعر الضعيف ههنا وكتن أي لزق به أثر خضرة العشب ويقال طبرزن
وطبرزل للسكر والرهدنة والرهدلة وهي الرهادن والرهادل وهو طوير يشبه القبرة إلا
أنه ليست له قنزعة وقال الطوسي الرهدن والرهدل الضعيف والرهدن والرهدل طوير أيضا
ويقال لقيته أصيلانا وأصيلالا أي عشيا ( قال الفراء ) جمعوا أصيلا أصلانا كما يقال
بعير وبعران ثم صغر والجمع وأبدلوا النون لا ما ( وقال أبو عمرو الشيباني ) الغرين
والغريل ما يبقى من الماء في الحوض والغدير الذي تبقى فيه الدعاميص لا يقدر على
شربه وقال الأصمعي الغرين إذا جاء السيل فثبت في الأرض فجف فترى الطين قد جف ورق فهو
الغرين ( وقال أبو عمرو ) الدمال السرجين ويقال الدمان بالنون
( وقال الفراء ) يقال
هو شثن الأصابع وشتلها
وهو كبن الدلو وكبل
الدلو
( وقال الأصمعي ) الكبن
ماثني من الجلد عند شفة الدلو ( قال ) وكل كف كبن يقال قد كبنت عنك بعض لساني أي
كففت وقد كبنت ثوبي في معنى غبنته ولم يعرفها باللام ( قال أبو علي ) غبنت ثوبي
وكففته واحد ( قال ) ويقال رجل كبنة إذا كان منقبضا عن الناس ( وقال الفراء ) يقال
أتن يأتن وأتل يأتل وهو الأتلان والأتلال وهو أن يقارب خطوه في غضب قال وأنشدني
أبو ثروان
( أأن حن أجمال وفارق
جيرة ** عنيت بنا ما كان نولك تفعل )
( ومن يسأل الأيام نأي
صديقه ** وصرف الليالي يعط ما كان يسأل )
( أراني لا آتيك إلا
كأنما ** أسأت وإلا أنت غضبان تأتل )
( أردت لكيما لا ترى لي
عثرة ** ومن ذا الذي يعطى الكمال فيكمل )
وقال الفراء العرب
تجمع ذألان الذئب ذآ ليل ( قال أبو علي ) الذألان من المشي الخفيف ومنه سمى الذئب
ذؤالة والدألان بالدال مشي الذي كأنه يبغي في مشيته
وقال اللحياني عن
الكسائي يقال أتاني هذا الأمر وما مأنت مأنه وما مألت أي ما تهيأت له وهو حنك
الغراب وحلكه لسواده ( قال ) وقلت لأعرابي أتقول مثل حنك الغراب أو حلكه فقال لا
أقول مثل حلكه قال أبو زيد الحلك اللون والحنك المنسر ( قال أبو علي ) المنسر
المنقار وإنما سمي منسرا لأنه ينسر به أي ينتف به ( وقال الكسائي ) هو العبد زلمة
وزلمة وزلمة وزنمة وزنمة وزنمة أي قده قد العبد ( وقال الفراء ) عنوان الكتاب
وعلوانه وعنيانه وقد عنونته عنونة وعنوانا وعلونته علونة وعلوانا ( وقال اللحياني ) ( أبنته وأبلته إذا أثنيتى عليه بعد موته
ويقال هو على آسان من
أبيه وعلى آسال من أبيه وقد تأسن أباه وتأسله إذا نزع إليه في الشبه
وعتلته إلى السجن
وعتنته أعتله وأعتله وأعتنه وأعتنه ويقال ارمعل الدمع وارمعن إذا تتابع ويقال لابل
ولابن وإسماعيل وإسماعين وميكائيل وميكائين وإسرافيل وإسرافين وإسرائين وإسرائيل
وأنشد
( قد جرت الطير
أيامنينا ** قالت وكنت رجلا فطينا )
( هذا ورب البيت
إسرائينا ** )
قال أبو بكر في كتاب
المتناهي في اللغة هذا أعرابي أدخل قردا إلى سوق الحيرة ليبيعه
فنظرت إليه امرأة
فقالت مسخ فقال هذه الأبيات وشراحيل وشراحين وجبرئيل وجبرئين ويقال ألصت الشيء
أليصه إلاصة وأنصته أنيصة إناصة إذا أدرته ( قال أبو علي ) يعني مثل إدارتك الوتد
لتخرجه والدحل والدحن الخب الخبيث والدحن أيضا الكثير اللحم وبعير دحنة إذا كان
عريضا كثير اللحم وأنشد
( ألا أرحلوا دعكنة
دحنه ** بما ارتعى مزهية مغنه )
وقنة الجبل وقلته
وشلت العين الدمع وشنت وذلاذل القميص وذناذنه لأسافله واحدها ذلذل وذنذن ( قال أبو
علي ) وأبو زيد يقول واحدها ذلذل وقال اللحياني يقال هو خامل الذكر وخامن الذكر
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي قال حدثنا عبد الله بن محمد عن المدائني
قال كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليهما كن كالمداوي جرحه صبر على
شدة الدواء مخافة طول البلاء
وحدثنا قال أخبرنا عبد
الله بن محمد عن المدائني عن علي بن حماد قال كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى
رجل اتق الدنيا فإن مسهالين وارفض نعيمها لقلة ما يتبعك منه واترك ما يعجبك منها
السرعة مفارقتها وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثني أحمد بن عبيد
قال قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله قبل خلافته
( إنه الفؤاد عن الصبا
** وعن انقياد للهوى )
( فلعمر ربك إن في **
شيب المفارق والجلى )
( لك واعظا لو كنت تتعظ
اتعاظ ذوي النهى ** )
حتى متى لا ترعوي **
وإلى متى وإلى متى )
( ما بعد أن سميت كهلا
واستلبت اسم الفتى ** )
( بلي الشباب وأنت إن
** عمرت رهن للبلى )
( وكفى بذلك زاجرا **
للمرء عن غي كفى )
( قال أبو علي ) الأنزع
الذي قد انحسر الشعر عن جانبي جبهته فاذا زاد قليلا فهو أجلح فإذا بلغ النصف فهو
أجلى ثم هو أجله قال رؤبة
( لما رأتني خلق المموه
** برأق أصلاد الجبين الأجله )
( بعد غداني الشباب الأبله ** )
قال وحدثنا أبو بكر
بن الأنباري رحمه الله قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الله قال حدثني صالح بن صالح
قال حدثنا محمد بن سماعة بن عبد الله بن هلال بن وكيع بن بشر بن عمرو قال حدثنا
زيد بن أسلم مولى بني عدي وكان إمامهم قال اجتمع اسحق بن سويد العدوي وذو الرمة في
مجلس فأتوا بالطعام فطعموا وأتوا بالنبيذ فشرب ذو الرمة وأبي إسحق بن سويد العدوي
فقال ذو الرمة
( أما النبيذ فلا يذعرك
شاربه ** واحفظ ثيابك ممن يشرب الماء )
( قوم يوارون عما في
صدورهم ** حتى إذا استمكنوا كانوا هم الداءا )
( مشمرين إلى أنصاف
سوقهم ** هم اللصوص وهم يدعون قراءا )
فقال إسحق بن سويد
( أما النبيذ فقد يزرى
بشاربه ** ولن ترى شاربا أزرى به الماء )
( الماء فيه حياة الناس
كلهم ** وفي النبيذ إذا عاقرته الداء )
( يقال هذا نبيذي
يعاقره ** فيه عن البر والخيرات إبطاء )
( وفيه أن قيل مهلا عن
مصممه ** وفيه عندر كوب الإثم إغضاء )
وحدثنا أبو بكر بن
دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال وشى واش بعبد الله بن همام السلولي إلى
زياد فقال له أنه هجاك فقال أأجمع بينك وبينه قال نعم فبعث زياد إلى ابن همام فأتي
به وأدخل الرجل بيتا فقال زياد يا ابن همام بلغني أنك هجوتني فقال كلا أصلحك الله
ما فعلت ولا أنت لذلك بأهل فقال ان هذا الرجل أخبرني وأخرج الرجل فأطرق ابن همام
هنيهة ثم أقبل على الرجل فقال
( أنت امرؤ إما ائتمنتك
خاليا ** فخنت وإما قلت قولا بلا علم )
( فأبت من الأمر الذي
كان بيننا ** بمنزلة بين الخيانة والإثم )
فأعجب زياد بجوابه
وأقصى الواشي ولم يقبل منه وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال دخل
أعرابي على خالد بن عبد الله القسري فقال أصلح الله الأمير شيخ كبير حدته إليك
بارية العظام ومؤرثة الأسقام ومطولة الأعوام فذهبت أمواله وذعذعت آباله وتغيرت
أحواله فإن رأى الأمير أن يجبره بفضله وينعشه بسجله ويرده إلى أهله فقال كل ذلك
وأمر له بعشرة آلاف درهم ( قال أبو علي ) بارية العظام التي تبري العظام وذعذعت فرقت السجل الدلو
الذي فيه ماء وهو ههنا مثل
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو حاتم عن أبي زيد عن المفضل قال دخل العجاج على عبد الملك بن مروان فقال
يا عجاج بلغني أنك لا تقدر على الهجاء فقال يا أمير المؤمنين من قدر على تشييد
الأبنية أمكنه إخراب الأخبية قال فما يمنعك من ذلك قال أن لنا عزا يمنعنا من أن
نظلم وأن لنا حلما يمنعنا من أن نظلم فعلام الهجاء فقال لكلماتك أشعر من شعرك فأنى
لك عز يمنعك من أن تظلم قال الأدب البارع والفهم الناصع قال فما الحلم الذي يمنعك
من أن تظلم قال الأدب المستطرف والطبع التالد قال يا عجاج لقد أصبحت حكيما قال وما
يمنعني وأنا نجي أمير المؤمنين وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس
( إذا غاب عنكم أسود
العين كنتم ** كراما وأنتم ما أقام ألاثم )
( تحدث ركبان الحجيج
بلؤمكم ** وتقري به الضيف اللقاح العواتم )
أسود العين جبل يقول
لا تكونون كراما حتى يغيب هذا الجبل وهو لا يغيب أبدا
وقوله وتقرى به الضيف
اللقاح العواتم يعني أن أهل الأندية يتشاغلون بذكر لؤمكم عن حلب لقاحهم حتى يمسوا
فإذا طرقهم الضيف صادف الألبان بحالها لم تحلب فنال حاجته فكأن لؤمكم قرى الأضياف
والإشتغال بوصفه
وحدثنا أبو بكر قال
أخبرنا عبد الرحمن عن
عمه قال أعطى رجل أعرابيا فأكثر له فقال له الأعرابي إن كنت جاوزت قدري عند نفسي
فقد بلغت أملي فيك
وحدثنا قال أخبرنا
عبد الرحمن عن عمه قال سأل رجل رجلا حاجة فقضاها فقال وضعتني من كرمك بحيث وضعت
نفسي من رجائك
وحدثنا أبو بكر قال
حدثني الرياشي قال حدثنا الأصمعي قال سمعت أعرابيا يمدح رجلا فقال كان والله ساعيا
في طلب المكارم غير ضال في معارج طرقها ولا متشاغل بغيرها عنها
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال سمعت أعرابيا يقول شيعنا الحي وفيهم أدوية السقام
فقرأن بالحدق السلام وخرست الألسن عن الكلام ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي عبد
الله نفطويه قال عثمان بن إبراهيم الحاطبي فقال لي بعد أن قرأت قطعة من الخبر
فتبينه حدثنا بهذا الخبر أحمد بن يحيى عن الزبير بن بكار قال حدثني مصعب بن عبد
الله عن عثمان بن إبراهيم الحاطبي قال أتيت عمر بن أبي ربيعة بعد أن نسك بسنتين فانتظرته
فإذا هو في مجلس قومه بني مخزوم حتى إذا تفرق الناس عنه دنوت منه ومعي صاحب لي
فقال لي هل لك أن تنظر هل بقى من الغزل شيء في نفسه فقلت دونك فقال يا أبا الخطاب
أحسن والله رسيان العذري قال وفيما ذا قال حين يقول
( لو جذ بالسيف رأسي في
مودتها ** لمال لا شك يهوي نحوها راسي )
فقال عمر أحسن والله
فقال يا أبا الخطاب وأحسن والله نجبة بن جنادة العذري قال فيما ذا قال حين يقول
( سرت لعينك سلمى عند
مغناها ** فبت مستلهيا من بعد مسراها )
( فقلت أهلا وسهلا من
هداك لنا ** إن كنت تماثلها أو كنت إياها )
( تأتي الرياح التي من
نحو بلدتكم ** حتى أقول دنت منابرياها )
وقد تراخت بناعنها
نوى قذف ** هيهات مصبحها من بعد ممساها )
( من حبها أتمنى أن
يلاقيني ** من نحو بلدتها ناع فينعاها )
( كيما أقول فراق
لالقاء له ** وتضمر النفس يأستم تسلاها )
( ولو تموت لراعتني
وقلت لها ** يا بؤس للموت ليت الدهر أبقاها )
فضحك عمرو وقال أحسن
ويحه والله لقد هيجتم على ما كان مني ساكنا لاحدثنكم حديثا حلوا بينا أنا منذ
أعوام جالس إذ أتاني خالد الخريت فقال يا أبا الخطاب مر قبيلا اربع يردن كذا وكذا
من مكة ولم أر مثلهن قط فهل لك أن تأتي متنكر افتسمع من حديثهن ولا يعلمن قلت ويحك
وكيف لي بأن يخفى ذلك قال تلبس لبسة أعرابي ثم تجلس على قعود حتى تهجم عليهن قال
فجلست على قعود ثم اتيتهن وسلمت عليهن فسألنني أن أحدثهن وأنشدتهن فانشدتهن لكثير
وجميل وغيرهما فقلن يا أعرابي ما أملحك لو نزلت فتحدثت معنا يومنا هذا فإذا أمسيت انصرفت
قال فأنخت قعودي فجلست معهن فتحدثت وأنشدتهن فدنت هند وهي التي كنت أشبب بها فمدت
يدها فألقت عمامتي عن رأسي ثم قالت بالله أتراك خدعتنا منذ اليوم نحن والله خذ
عناك ثم أرسلنا إليك خالدا ليأتين بك على أقبح هيآتك ونحن على ما ترى ثم أخذنا في
الحديث فقالت يا سيدي لو رأيتني منذ أيام وأصبحت عند أهلي فادخلت رأسي في جيبي
فلما نظرت إلى كعثبي فرأيته ملء العين وأمنيته المتمنى ناديت يا عمراه فصاح عمر
بالبكاء يالبيكاه يالبيكاه ثم أنشأ يقول
( ألم تسأل الأطلال
والمتربعا ** ببطن خليات دوارس بلقعا )
قال أبو علي وأملي
علينا أبو عبدالله عرفت مصيف الحي والمتربعا وهو غلظ لأن عرفت مصيف الحي أول قصيدة
جميل
( فيبخلن أو يخبرن
بالعلم بعدما ** نكأن فؤادا كان قدما مفجعا )
( بهند وأتراب لهند إذ
الهوى ** جميع وإذا لم نخش أن يتصدعا )
( وإذ نحن مثل الماء
كان مزاجه ** كما صفق الساقي الرحيق المشعشعا )
( وإذ لا نطيع العاذلين
ولا نرى ** لواش لدينا يطلب الصرم مطمعا )
( تنوعتن حتى عاود
القلب سقمه ** وحتى تذكرت الحديث المودعا )
( فقلت لمطريهن بالحسن
إنما ** ضررت فهل تسطيع نفعا فتنفعا )
( وأشريت فاستشرى وقد
كان قد صحا ** فؤاد بأمثال المها كان موزعا )
وروى أبو عبد الله
بامثال الدمى كان مولعا ومعنى مولع وموزع واحد
( وهيجت قلبا كان قد
ودع الصبا ** وأشياعه فاشفع عسى أن تشفعا )
( لئن كان ما قد قلت
حقا لما أرى ** كمثل الألى أطريت في الناس أربعا )
( فقال تعال انظر فقلت
وكيف لي ** أخاف مقاما أن يشيع فيشنعا )
( قال أبو علي ) هذا
البيت لم يمله على أبو عبد الله وقرأته عليه من خط ابن سعدان
( فقال اكتفل التثم وأت
باغيا ** فسلم ولا تكثر بأن تتورعا )
( فإني سأخفي العين عنك
فلا ترى ** مخافة أن يفشو الحديث فيسمعا )
( فاقبلت أهوى مثل ما
قال صاحبي ** لموعده أزجي قعودا موقعا )
( فلما تواقفنا وسلمت
أشرقت ** وجوه زهاها الحسن أن تتقنعا )
وروى أبو عبد الله
فلما تلاقينا
( تبالهن بالعرفان لما
عرفنني ** وقلن امرؤ باغ أكل وأوضعا )
وروى أبو عبد الله
لما رأينني وروى أيضا أضل فأوضعا ( قال أبو علي ) وهو أحب إلي
( وقربن أسباب الهوى
لمتيم ** يقيس ذراعا كلما قسن اصبعا )
( فلما تنازعن الأحاديث
قلن لي ** أخفت علينا أن نغر ونخدعا )
وروى أبو عبد الله
( لكنت خليقا أن تغر
وتخدعا ** )
( فبالأمس أرسلنا بذلك
خالدا ** إليك وبينا له الشأن أجمعا )
وروى أبو عبد الله
لبالأمس أرسلنا
( فما جئتنا إلا على
وفق موعد ** على ملأ منا خرجنا له معا )
( رأينا خلاء من عيون
ومجلسا ** دميث الربى سهل المحلة ممرعا )
( وقلنا كريم نال وصل
كرائم ** فحق له في اليوم أن يتمتعا )
وبخط ابن سعدان
( فحق لنا في اليوم أن
نتمتعا ** )
( قال أبو علي ) وأنشدنا
أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لمرار بن هباش الطائي
( فما ماء مزن في ذرى
متمنع ** حمى ورده وعر به ولصوب )
( بأطيب من فيها وما
ذقت طعمه ** سوى أن أرى بيضا لهن غروب )
( أأهجر من قد خالط
القلب حبه ** ومن هو موموق إلي حبيب )
( قال الأصمعي ) من
أمثال العرب ( زاحم بعود أودع ) يقول لا تستعن على أمرك الأباهل السن والمعرفة (
قال ) ومن أمثالهم ( الفحل يحمي شولة معقولا ) يعني أن الحر قد يحتمل الأمر الجليل ويحمى حريمه وإن كنت به علة
( قال ) ومن أمثالهم (
مخرنبق لينباع ) والمخرنبق المطرق الساكت
وقوله لينباع أي ليثب
وروى أبو عبيدة وأبو زيد لينباق أيضا ولم يفسراه ( قال أبو علي ) وأنا أقول لينباق ليندفع وقال الأصمعي من أمثالهم ( كان
حمارا فاستأتن ) يضرب مثلا للرجل يهون بعد العز ( قال ) ومن أمثالهم ( الحقى
أضرعتني إليك ) أي ذل للحاجة
( قال أبو علي ) إنما
قيل هذا لأن صاحب الحاجة تأخذه رعشة عند التماس
حاجته حرصا عليها
يقول فهذا الذي بي من القل هو الذي أضرعني والقل الرعدة
( قال ) ومن أمثالهم (
عود يفلح ) يعني أن تحسن أسنانه وتنقى والقلح صفرة في الأسنان
وقال أبو عبيدة وفي
هذا المعنى من أمثالهم ( ومن العناء رياضة الهرم ) وقرأنا على أبي بكر بن دريد
لأفنون التغلبي
( أنى جزوا عامرا سوأ
بحسنهم ** أم كيف يجزونني السوأى من الحسن )
( أم كيف ينفع ما تعطى
العلوق به ** رئمان أنف إذا ما ضن باللبن )
العلوق التي ترأم
بأنفها وتمنع درها ويقول فأنتم تحسنون القول ولا تعطون شيأ فكيف ينفعني ذلك ( وقال
أبو عبيدة ) السلسم والسلسب شجر
وقال اللحياني أتانا
وما عليه طحربة ولا طحرمة أي خرقة وكذلك يقال ما في السماء طحربة ولا طحرمة أي لطخ
من غيم
ويقال ما في نحي بني
فلان عمقه ولا عبقه أي لطخ ولا وضر ( وقال أبو عمرو الشيباني ) ما زلت راتما على
هذا الأمر وراتبا أي مقيما
( وقال الأصمعي ) بنات
مخرو بنات بخر سحائب ياتين قبل الصيف بيض منتصبات قال طرفة
( كبنات المخر يمادن
كما ** أنبت الصيف عساليج الخضر )
( وقال أبو علي ) ويروى
الخضر ( قال ) وكان أبو سرار الغنوي يقول با اسمك يريد ما اسمك ( وقال ) ظليم أربد
وأرمد وهو لون إلى الغبرة ( وقال يعقوب بن السكيت ) قال بعضهم ليس هذا من الإبدال
ومعنى أرمد يشبه لون الرماد
وسمعت ظأب تيس بني
فلان وظأم تيسهم بالهمز فيهما وهو صياحه عند هياجه وأنشد
( يصوع عنوقها أحوى
زنيم ** له ظأب كما صخب الغريم )
قال أبو العباس أحمد
بن يحيى ظاب التيس وظامه لا يهمزان ( قال أبو علي ) ورويناه في الغريب المصنف غير مهموز وظأم الرجل وظأبه بالهمز سلفه
ويقال قد تظاءما وتظاءبا إذا تزوجا أختين
ويقال للرجل إذا يبس
من الهزال ما هو إلا عشبة وعشمة
( قال أبو علي ) وكذلك
يقال للكبير الذي قد ذهب لحمه ويقال للعجوز قحمة وقحبة وكذلك لكل مسنة ويقال ساب
فلانا فأرمى عليه وأربى أي زاد ( وقال الفراء ) يقال رميت وأرميت ( قال ) وكذلك
يقال أرميت وأربيت على السبعين ورميت أي زدت ( قال ) وأنشدني أعرابي
( وأسمر خطيا كأن كعوبه
** نوى القسب قد أرمى ذراعا على العشر )
ويروى قد أربى ( وقال
أبو عبيدة ) الرجمة والرجبة إذا طالت النخلة فخافوا أن تقع أو أن تميل رجبوها وهو
أن يبنى لها بناء من حجارة يرفدها ويكون أيضا أن يجعل حول النخلة شوك وذلك إذا
كانت غريبة طريفة لئلا يصعدها أحد ( قال الأصمعي ) ومنه قول الأنصاري ( أنا عديقها
المرجب وجذيلها المحكك ) والعذيق تصغير عذق وهي النخلة نفسها بلغة أهل الحجاز
والعذق الكباسة والكباسة تسمى القنو وجمعه قنوان والترجيب أن يبنى للنخلة دكان
يرفدها من شق الميل وذلك إذا كرمت على أهلها وخافوا أن تقع فيقول إن لي عشيرة
ترفدني وتمنعني وتعضدمي
وقال أبو عبيدة يقال
سمد رأسه وسبد رأسه والتسبيد أن يحلق رأسه حتى يلصقه بالجلد ويكون التسبيد أيضا أن
يحلق الرأس ثم ينبت الشيء اليسير من الشعر ( وقال الأصمعي ) ويقال للرجل إذا نبت
شعره واسود واستوى قد سبد رأسه وفي الحديث أن التسبيد في الحرورية فاش ويقال للفرخ
إذا نبت ريشة فغطى جلده ولم يطل قد سبد وسمد قال الراعي
( لظل قطامي وتحت لبانه
** نواهض ربد ذات ريش مسبد )
( وقال اللحياني ) هو
يرمي من كثب ومن كثم أي من قرب وتمكن وضربة لازم ولازب وثوب شمارق وشبارق ومشمرق
ومشبرق إذا كان ممزقا ويقال وقسع في بنات طمار وطبار أي داهية والعمري السدر الذي
ينبت على الأنهار والمياه وما ينبت منه في الفلاة والبر فهو الضال
والعجم والعجب أصل
الذنب ويقال أدهقت الكأس إلى أصبارها وأصمارها إذا ملأتها إلى رأسها والواحد صمر
وصبر ويقال رجل دنبة
ودنمة للقصير
( وقال الأصمعي ) أخذت
الأمر بإصباره أي بكله ويقال أخذتها بأصبارها أي تامة بجميعها وأنشد
( تربى على ما قد يفريه
الفار ** مسك شبوبين لها بأصبار )
ويقال أسود غيهم
وغيهب ويقال أصابتنا أزمة وأزبة وآزبة وهو الضيق والشدة ويقال صئب من الماء وصئم
إذا امتلأ وروى منه ( وقال أبو عبيدة ) عقمة وعقبة لضرب من الوشى ويقال اضبأكت
الأرض واضمأكت إذا اخضرت ويقال كبحته وكمحته وأكبحته وأكمحته ( وقال الأصمعي )
أكمحته إذا جذبت عنانه حتى ينتصب رأسه ومنه قوله والرأس مكمح وأكفحتها إذا تلقيت
فاها باللجام تضر بهابه ومنه قيل لقيته كفاحا أي كفة كفة وكبحتها بغير ألف وهو أن
تجذبها إليك وتضرب فاها باللجام لكي لا تجرى ( وقال يعقوب ) يقال ذأبته وذأمته إذا
طردته وحقرته ويقال رأمت القدح ورأبته إذا شعبته ويقال زكب بنطفته وزكم بها إذا
حذف بها ويقال هو ألأم زكبة وزكمة ويقال عبد عليه وأبدو أمد أي غضب ويقال المال يربى
على كذا وكذا ويرمى ويردى أي يزيد ويقال وقعنا في بعكوكاء ومعكوكاء أي في غبار
وجلبة وشر وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في بعكوكاء أي في اختلاط ( قال أبو
علي ) المعنى واحد وقال الفراء يقال جردبت في الطعام وجردمت وهو أن يستر بيده على
ما بين يديه من الطعام كيلا يتناوله أحد وأنشد
( إذا ما كنت في قوم
شهاوى ** فلا تجعل شمالك جردبانا )
قال أبو العباس ويروى
جردبانا بضم الجيم وقال غيره يقال مهلا وبهلا في معنى واحد
( وقال أبو عمرو
الشيباني ) مهلا وبهلا اتباع قال والقرهم والقرهب السيد ( قال أبو علي ) والقرهب أيضا الثور المسن ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو
بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال بلغني أن علي بن أبي طالب رضي الله
عنه كان يقول إنما المرء في الدنيا غرض تنتضل فيه المنايا ونهب للمصائب ومع كل
جرعة شرق وفي كل أكلة غصص ولا ينال العبد فيها نعمة إلا بفراق أخرى ولا يستقبل
يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله فنحن أعوان الحتوف وأنفسنا تسوقنا إلى الفناء
فمن أين نرجو البقاء وهذا الليل والنهار لم يرفعا من شيء شرفا إلا أسرعا الكرة في
هدم ما بنيا وتفريق ما جمعا فاطلبوا الخير وأهله واعلموا أن خيرا من الخير معطية
وشرا من الشر فاعله
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال حدثنا رجل من أهل الكوفة قال كتب عمر رضي
الله عنه إلى ابنه عبد الله في غيبة غابها أما بعد فإنه من اتقى الله وقاه ومن
توكل عليه كفاه ومن شكره زاده ومن أقرضه جزاه فاجعل التقوى جلاء بصرك وعماد ظهرك
فإنه لا عمل لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسنة له ولا جديد لمن لا خلق له
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال بلغني أن بعض الحكماء كان يقول إني لأعظكم وإني
لكثير الذنوب مسرف على نفسي غير حامد لها ولا حاملها على المكروه في طاعة الله عز
وجل قد بلوتها فلم أجد لها شكرا في الرخاء ولا صبرا على البلاء ولو أن المرء لا
يعظ أخاه حتى يحكم أمر نفسه لترك الأمر بالخير والنهى عن المنكر ولكن محادثة
الأخوان حياة للقلوب وجلاء للنفوس وتذكير من النسيان واعلموا أن الدنيا سرورها
أحزان وإقبالها إدبار وآخر حياتها الموت فكم من مستقبل يوما لا يستكمله ومنتظر غدا
لا يبلغه ولو تنظرون إلى الأجل ومسيرة لأبغضتم الأمل وغروره
وحدثنا أبو عبد الله
قال أخبرنا محمد ابن موسى السامي قال حدثنا الأصمعي قال رأيت أعرابيا متعلقا
بأستار الكعبة وهو
يقول يا حسن الصحبة
أتيتك من بعد فأسألك سترك الذي لا ترفعه الرياح ولا تخرقه الرماح وأنشدني أبو بكر
بن دريد للحطيئة
( مستحقبات رواياها
حجافلها ** يسمو بها أشعري طرفه سامي )
الروايا الإبل التي
تحمل الماء والزاد فالخيل تجنب إليها فإذا طال عليها القياد وضعت حجافلها على
أعجازها فصارت كأنها قد استحقبت حجافلها أي جعلتها حقائب لها وواحد الحقائب حقيبة
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال
أنشدنا محمد بن سلام لعمارة بن صفوان الضبي
( أجارتنا من يجتمع
يتفرق ** ومن يك رهنا للحوادث يغلق )
( ومن لا يزل يوفي على
الموت نفسه ** صباح مساء يا ابنة الخير يعلق )
( أجارتنا كل امرئ
ستصيبه ** حوادث إلا تكسر العظم تعرق )
( وتفرق بين الناس بعد
إجتماعهم ** وكل جميع صالح للتفرق )
( فلا السالم الباقي
على الدهر خالد ** ولا الدهر يستبقي جنينا لمشفق )
( قال ) وأنشدنيه أبي
حبيبا بحاء غير معجمة ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله قال
كثير وهجرته عزة وحلفت أن لا تكلمه فلما نفر الناس من منى ولقيته فحيت الجمل ولم
تحيه فأنشأ يقول
( حيتك عزة بعد النفر
وانصرفت ** فحي ويحك من حياك يا جمل )
( لو كنت حييتها ما زلت
ذامقة ** عندي ولا مسك الإدلاج والعمل )
( ليت التحية كانت لي
فأشكرها ** مكان يا جملا حييت يا رجل )
( قال ) وأنشدنا أبو
بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو الحسن بن البراء قال أنشدني منصور لأبي تمام
الطائي
( سقيم لا يموت ولا يفيق
** قد اقرح جفنه الدمع الطليق
( شديد الحزن يحزن من
رآه ** أسير الصبر ناظره أريق )
( ضجيع صبابة وحليف شوق
** تحمل قلبه ما لايطيق )
( يظل كأنه مما احتواه
** يسعر في جوانبه الحريق )
( قال أبو علي ) وأملى
علينا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي من كلام العرب خفة الظهر أحد
اليسارين والعزبة أحد السبابين واللبن أحد اللحمين وتعجيل اليأس أحد اليسرين
والشعر أحد الوجهين والراوية أحد الهاجيين والحمية إحدى الميتتين وأنشد أبو بكر بن
الأنباري قال أنشدنا عبد الله بن خلف لبشار بن برد الأعمى
( يزهدني في وصل عزة
معشر ** قلوبهم فيها مخالفة قلبي )
( فقلت دعوا قلبي وما
اختار وارتضى ** فبالقلب لا بالعين يبصر ذو اللب )
( وما تبصر العينان في
موضع الهوى ** ولا تسمع الأذنان إلا من القلب )
( وما الحسن إلا كل حسن
دعا الصبا ** وألف بين العشق والعاشق الصب )
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي عن يونس قال لما حضرت عبد الملك الوفاة وهو
يعني الدنيا إن طويلك لقصير وإن كثيرك لقليل وإن كنا منك لفي غرور
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثني عمي عن أبيه قال قيل لبعض الحكماء كيف ترى الدهر قال يخلق الأبدان
ويجدد الآمال ويقرب الآجال قيل له فما حال أهله قال من ظفر به نصب ومن فاته حزن
قيل فأي الأصحاب أبر قال العمل الصالح قيل فأيهم أضر قال النفس والهوى قيل ففيم المخرج
قال في قطع الراحة وبذل المجهود
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول لإبنه لا يغرنك
ما ترى من خفض العيش
ولين الرياشي ولكن فانظر إلى سرعة الظعن وسوء المنقلب
وحدثن أبو بكر بن
الأنباري رحمه الله قال حدثنا اسمعيل بن إسحق القاضي قال حدثنا مسلم قال حدثنا
حماد بن سلمة قال أخبرنا أبو جعفر الخطمي أن جده عمير بن حبيب وكان بايع النبي صلى
الله عليه وسلم أوصى بنيه فقال يا بني إياكم ومخالطة السفهاء فإن مجالستهم داء
وأنه من يحلم عن السفيه يسر بحلمه ومن يجبه يندم ومن لا يقر بقليل ما يأتي به
السفيه يقر بالكثير وإذا أراد أحدكم أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر فليوطن
قبل ذلك على الأذى وليوقن بالثواب من الله عز وجل أنه من يوقن بالثواب من الله عز
وجل لا يجد مس الأذى
وحدثنا أبو عبد الله
رحمه الله قال حدثنا اسمعيل بن اسحق القاضي الأزدي قال حدثنا علي بن عبد الله قال
حدثنا سفيان قال حدثنا الربيع بن لوط ابن البراء قال ذكروا عند عمر بن الخطاب رضي
الله عنه أيهما أطيب العنب أم الرطب فقال عمر أرسلوا إلى أبي حثمة فقال يا أبا
حثمة أيهما أطيب الرطب أم العنب فقال ليس كالصقر في رؤس الرقل الراسخات في الوحل
المطعمات في المحل تحفة الصائم وتعلة الصبي ونزل مريم ابنة عمران وينضج ولا يعنى
صابخه ويحترش به الضب من الصلعاء ليس كالزبيب الذي أن أكلته ضرست وأن تركته غرثت ( قال أبو
علي ) الصقر الدبس بلغة أهل الحجاز
والرقل الطوال من
النخل واحدتها رقلة ويحترش يصاد والصلعاء الأرض التي لا نباب بها والنزل ما ينساع من
الطعام ويقال هذا طعام قليل النزل والنزل إذا كان لا ينساغ ولا يقال النزول
والنزول والنزل أيضا الريع وهو الزيادة ذكره اللحياني فأما قولهم أخذ القوم نزلهم
فمعناه ما تجرى عادتهم بأخذه مما ينزلون عليه ويصلح عيشهم به وهو مأخوذ من النزول
يدل عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أحاديث الإستسقاء اللهم أنزلأ
علينا في أرضنا سكنها أي أنزل علينا من المطر ما يكون سببا للنبات الذي تسكن الأرض
به فالسكن من سكن بمنزلة النزل من
نزل وفيه لغتان نزل
ونزل
وحدثنا أبو عبد الله
قال حدثنا محمد بن موسى السامي عن الأصمعي قال قال رجل من أهل الحاضرة لرجل من أهل
البادية أتعرفون الزنا عندكم بالبادية قال نعم أو أحد لا يعرف الزنا وقد نهى الله
عنه فما الأمر عندكم قال الضمة والشمة والقبلة قال ليس الأمر عندنا هكذا هو أن
يباضع الرجل المرأة فقال الأعرابي هذا طالب ولد ونسل
وحدثنا أبو عبد الله
قال حدثنا محمد بن يزيد الأزدي قال أردف ذو الرمة أخاه فعرضت لهما ظبية فقال ذو
الرمة
( أيا ظبية الوعساء بين
جلاجل ** وبين النقا آأنت أم أم سالم )
فقال أخوه
( فلو تحسن التشبيه
والوصف لم تقل ** لشاة النقا آأنت أم أم سالم )
( جعلت لها قرنين فوق
جبينها ** وظلفين مشقوقين تحت القوائم )
فقال ذو الرمة
( هي الشبه إلا مدرييها
وأذنها ** سواء وإلا مشقة بالقوائم )
وأنشدنا غير واحد من
أصحابنا قول الشماخ
وتشكوا بعين ما أكل
ركابها ** وقيل المنادى أصبح القوم أدلجى )
يريد وتشكو هذه
المرأة السرى الذي قد أكل ركابها وذلك أنه استبان ذلك في عينها لغؤرها وإنكسار
طرفها ونعاسها وتشكو أيضا قول المنادى أي تستعين ذلك عليها ويروى ما أكلت ركابها
ثم قال
( فظلت كأني أتقي رأس
حية ** بحاجتها أن تخطئ النفس تعرج )
يقول أتقي أن أبوح
بما أجد كما أتقى رأس حية أن لم تقتل أعرجت أي لا أقدر أن أكلمها من الرقباء ومعنى
بحاجتها أي بحاجتي إليها
وحدثني أبو بكر بن
دريد قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة أن أعرابيا دخل على بعض الأمراء
وهو يشرب فجعل يحدثه وينشده ثم سقاه فلما شربها قال هي والله أيها الأمير أي هي
الخمر فقال كلا إنها زبيب وعسل فلما طرب قال له قل فيها فقال
( أتانا بها صفراء يزعم
أنها ** زبيب فصدقناه وهو كذوب )
( وما هي إلا ليلة غاب
نجمها ** أواقع فيها الذنب ثم أتوب )
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو عثمان قال حدثني عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير قال كانت مولاة لبني الحجاج
تحفظ شعرا وترويه وتنشده فتيات بني الحجاج فأنشدتهن ذات ليلة كلمتي في حمادة وفيهن
واحدة وهي عقيلتهن فلما انتهى قولي
( فإن تصبح الأيام شيبن
مفرقى ** وأذهبن أشجاني وفللن من غربى )
( فيا رب يوم قد شربت
بمشرب ** شفيت به غيم الصدى بارد عذب )
( ومن ليلة قد بتها
غيرا ثم ** بساجية الحجلين ريانة القلب )
ضحكت ثم أعرضت وضربت
بكمها على وجهها وقالت فهلا أثم حرمه الله
وأنشدنا أبو بكر بن
أبي الأزهر مستملي أبي العباس المبرد قال أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب للضحاك
( يقولون مجنون بسمراء
مولع ** ألا حبذا جن بنا وولوع )
( وإني لأخفي حب سمراء
منهم ** ويعلم قلبي أنه سيشيع )
( ولا خير في حب يكن
كأنه ** شغاف أجنته حشا وضلوع )
وقرأت على أبي بكر بن
دريد رحمه الله من خط إسحق بن إبراهيم الموصلي
( بنفسي من هواه على
التنائي ** وطول الدهر مؤتنف جديد )
( ومن هو في الصلاة
حديث نفسي ** وعدل النفس عندي بل يزيد )
وقرأت عليه من خطه
أيضا
( ألا بأبي من ليس
والله نافعي ** بنيل ومن قلبي على النأى ذا كره )
( ومن كبدي تهفوا ذاذ
كراسمه ** كهفو جناح ينفض الطل طائره )
( له خفقان يرفع الجيب
كالشجا ** يقطع أزرار الجربان ثائره )
( قال أبو علي ) هكذا
وجدته بخط اسحق بكسر الجيم ولم ينكره أبو بكر وقال الفراء جربان القميص بالضم
وكذلك جربان السيف حدة وأما الذي في خبر أبي زبيد فجر بان بتسكين الراء والتخفيف
وهو الغمد وقرأت على أبي بكر في شعر الراعي
( وعلى الشمائل أن يهاج
بنا ** جربان كل مهند عضب )
ومن حسن ما رويناه في
خفقان الفؤاد ما أنشدني أبو عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال أنشدنا أبو
العباس محمد بن يزيد الثمالي لبشار بن برد
( كأن فؤاده كرة تنزى
** حذار البين أن نفع الحذار )
( نبت عيني عن التغميض
حتى ** كأن جفونها عنها قصار )
( أقول وليلتي تزداد
طولا ** أما لليل بعدهم نهار )
وقد أحسن عدي بن
الرقاع حين يقول
( ألا من لقلب لا يزال
كأنه ** يدا لامع أو طائر يتصرف )
وأنشدنا غير واحد في
هذا المعنى لقيس المجنون
( كأن القلب ليلة قيل
يغدى ** بليلى العامرية أو يراح )
( قطاة عزها شرك فباتت
** تجاذبه وقد علق الجناح )
والمجنون أحد
المحسنين في هذا المعنى وله
( داع دعا إذا نحن
بالخيف من منى ** فهيج أحزان الفؤاد وما يدري )
( دعا باسم ليلى غيرها
فكأنما ** أثار بليلى طائرا كان في صدري )
ويروى أطار وقرئ على
أبي عمر المطرز غلام ثعلب في هذا المعنى وأنا أسمع قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن
يحيى الشيباني للوقاف وهو ورد بن وردا الجعدى
( إذا تركت وردية النجد
لم يكن ** لعينيك مما يشكوان طبيب )
( وإني لأخشى أن يعود
عليهما ** قذى كان في جفنيهما وغروب )
( وكانت رياح الشام
تبغض مرة ** فقد جعلت تلك الرياح تطيب )
( وقد كان علوي الرياح
أحبها ** إلينا فقد دارت هناك جنوب )
( كأن فؤادي كلما خفت
روعة ** من البين بازما يزال ضروب )
( سما بالخوافي واستمر
بساقه ** على الصيد سير بالأكف نشوب )
( ولم أنس منها منظرا
يوم شبها ** لعيني في الصرم الحلول شبوب )
( تأود بين المطرفين
كأنما ** تأود بين المطرفين عسيب )
( أثيبي صدى لو تعلمين
سقيته ** سقاك غمامات لهن دبيب )
( هوامل ماء تمتريهن
ربدة ** لما فرغت من مائهن سكوب )
( هنيأ لعود من بشام
تزفه ** على برد شهد بهن مشوب )
( بما قد تروى من رضاب
ومسه ** بنان كهداب الدمقس خضيب )
( فلا وأبيها إنها
لبخيلة ** وفي قول واش إنها لغضوب )
( رمتني عن قوس العدو
وإنها ** إذا ما رأتني عازفا لخلوب )
وقرأت على أبي بكر بن
دريد للشماخ
( رعى بارض الوسمي حتى
كأنما ** يرى يسفا البهمى أخلة ملهج )
يقول رعى هذا الحمار
بأرض الوسمى والبارض أول ما يخرج من النبات فلعادته
وأكله ذلك كأنما يرى
بسفا البهمى أخلة ملهج
والسفا شوك البهمي
وأخلة جمع خلال والملهج الذي قد لهجت فصائله بالرضاع فإذا لهجت خل أنفها بخلال
محدد الرأس ولا سفله حجنة لئلا يخرج فيقول رعى بارض البهمى حتى ظهر شوكه وجف فإذا
تناوله الحمار أوجعه فكأنما يرى برؤيته السفا أخلة ملهج وقرأت على أبي بكر بن دريد
لكثير
( ألا حييا ليلى أجد
رحيلي ** وآذن أصحابي غدا بقفول )
( تبدت له ليلى لتذهب
عقله ** وشاقتك أم الصلت بعد ذهول )
وروى ابو عمرو
الشيباني تبدت له ليلى لتغلب صبره
( أريد لأنسى ذكرها
فكأنما ** تمثل لي ليلى بكل سبيل )
( إذا ذكرت ليلى تغشتك
عبرة ** تعل بها العينان بعد نهول )
( وكم من خليل قال لي
هل سألتها ** فقلت له ليلى أضن خليل )
( وأبعده نيلا وأوشكه
قلى ** وإن سئلت عرفا فشر مسول )
( حلفت برب الراقصات
إلى منى ** خلال الملا يمددن كل جديل )
( تراها رفاقا بينهن
تفاوت ** ويمددن بالأهلال كل أصيل )
( تواهقن بالحجاج من
بطن نخلة ** ومن عزور الخبت خبت طفيل )
( بكل حرام خاشع متوجه
** إلى الله يدعوه بكل نقيل )
( على كل مذعان الرواح
معيدة ** ومخشية أن لا تعيد هزيل )
( شوامذ قد أرتجن دون
أجنة ** وهوج تبارى في الأزمة حول )
( يمين امرئ مستغلظ من
ألية ** ليكذب قيلا قد ألح بقيل )
( لقد كذب الواشون ما
بحت عندهم ** بليلى ولا أرسلتهم برسيل )
ويروى برسول والرسول
والرسيل الرسالة ههنا
( فإن جاءك الواشون عني
بكذبة ** فروها ولم يأتوا لها بحويل )
( فلا تعجلي يا ليل أن
تتفهمي ** بنصح أتى الواشون أم بحبول )
( فإن طبب نفسا بالعطاء
فأجزلي ** وخير العطايا ليل كل جزيل ) ( وإلا فإجمال إلي فإنني ** أحب من الأخلاق
كل جميل )
( وإن تبذلي لي منك
يوما مودة ** فقدما تخذت القرض عند بذول )
( وإن تبخلي يا ليل عني
فإنني ** توكلني نفسي بكل بخيل )
( ولست براض من خليل
بنائل ** قليل ولا راض له بقليل )
( وليس خليلي بالملول
ولا الذي ** إذا غبت عنه باعني بخليل )
( ولكن خليلي من يديم
وصاله ** ويحفظ سري عند كل دخيل )
( ولم أر من ليلى نوالا
أعده ** ألا ربما طالبت غير منيل )
( يلومك في ليلى وعقلك
عندها ** رجال ولم تذهب لهم بعقول )
( يقولون ودع عنك ليلى
ولا تهم ** بقاطعة الأقران ذات حليل )
( فما نقعت نفسي بما
أمروا به ** ولا عجت من أقوالهم بفتيل )
( تذكرت أترابا لعزة
كالمها ** حبين بليط ناعم وقبول )
( وكنت إذا لاقيتهن
كأنني ** مخالطة عقلي سلاف شمول )
( تأطرن حتى قلت لسن
بوارحا ** رجاء الأماني أن يقلن مقيلي )
( فأبدين لي من بينهن
تحبهما ** وأخلفن ظني إذ ظننت وقيلي )
( فلأ يا بلأي ما قضين
لبانة ** من الدار واستقللن بعد طويل )
( فلما رأى واستيقن
البين صاحبي ** دعا دعوة يا حبتر بن سلول )
( فقلت وأسررت الندامة
ليتني ** وكنت امرأ أغتش كل عذول )
( سلكت سبيل الرائحات
عشية ** مخارم نصع أو سلكن سبيلي )
( فأسعدت نفسا بالهوى
قبل أن أرى ** عوادي نأي بيننا وشغول )
( ندمت على ما فاتني
يوم بنتم ** فيا حسرتا أن لا يرين عويلي )
وروى أبو بكر يوم
بينة وقال هو موضع
( كأن دموع العين واهية
الكلى ** وعت ماء غرب يوم ذاك شجيل )
( تكنفها خرق تواكلن
خرزها ** فأبجلته والسير غير بجيل )
( أقيمي فإن الغور يا
عز نعدكم ** إلي إذا ما بنت غير جميل )
( كفى حزنا للعين أن رد
طرفها ** لعزة عير آذنت برحيل )
ويروى أن راء طرفها
العزة عيرا ( قال أبو بكر ) رأى وراء مثل رعى وراع
( وقالوا نأت فاختر من
الصبر والبكا ** فقلت البكا أشفى إذا لغليلي )
( توليت محزونا وقلت
لصاحبي ** أقاتلتي ليلى بغير قتيل )
( قال أبو علي ) وروى
أبو بكر فوليت محزونا
( لعزة إذا يحتل بالخيف
أهلها ** فأوحش منها الخيف بعد حلول )
( وبدل منها بعد طول
إقامة ** تبعث نكباء العشي جفول )
( لقد أكثر الواشون
فينا وفيكم ** ومال بنا الواشون كل مميل )
( وما زلت من ليلى لدن
طر شاربي ** إلى اليوم كالمقصى بكل سبيل )
( قال أبو علي ) بقفول برجوع
والقافلة الراجعة من سفر ولا يقال للذين خرجوا من بيوتهم إلى مكة قافلة وأوشكه
أسرعه والقلى البغض والراقصات الإبل والملا الفضاء والجديل زمام مجدول أي مضفور
والأصيل العشي وتواهقن تبارين في سيرهن والمواهقة المباراة في السير قال طفيل
( قبائل من فرعى غني تواهقت
** بها الخيل لا عزل ولا متأشب )
والمواضخة المباراة
في كل شيء قال الشاعر
( إذا وضخوه المج أربى
عليهم ** بمستفرغ ماء الذناب سجيل )
وقال العجاج تواضخ
التقريب قلوا مغلجا
قال وكذلك المساجلة
والمواغدة والمماتاة والمماءرة والمواءمة يقال واضخت الرجل وواغدته وساجلته
ومانيته وماءرته وواءمته إذا ساويته في فعله قال أوس بن حجر
( تواغد رجلاها يديه
ورأسه ** له نشز فوق الحقيبة رادف )
وقال الآخر
( من يساجلني يساجل
ماجدا ** يملأ الدلوالي عقد الكرب )
وقال لبيد
( أماني بها الأكفاء في
كل موطن ** وأجرى فروض الصالحين وأقتري )
وقال خداش بن زهير
( تماءرتم في الفخر حتى
هلكتم ** كما أهلك الغار النساء الضرائرا )
وبطن نخلة بستان بني
عامر وهو المجمعة وعزور ثنية الحجفة والخبت جمعه خبوت وهي المطمئنات من الأرض
وطفيل موضع والنقيل الطريق والمذعان المذلة يقال أذعن له إذا ذل وخضع ومعيدة التي
قد عاودت السفر والشوامذ الشائلات الأذناب
والناقة إذ استبان
لقحها شمذت بذنبها وأرتجن أغلقن أرحامهن على أولادهن فهن مرتجات ومنه قيل أرتج على
القارئ إذا وقف فلم يدر ما يتلو كأنه أغلق عليه والحول جمع حائل وهي التي لا تلقح
والألية اليمين وفيها أربع لغات يقال ألية وتجمع أليات وألايا وألوة وتجمع ألوات
وألوة وتجمع ألى وإلوة وتجمع إلى وفروها من الفرية يقال فرى يفرى والحويل المحاولة
والحبول الدواهي واحدتها حبل بكسر الحاء والخبول جمع خبل وهو الفساد والدخيل
العالم بداخل أمرك يقال هو عالم بدخلك ودخلك ودخللك ودخيلائك ودخيلتك ودخلك ودخيلك
( وقال اللحياني ) قال بعضهم قد عرفت دخلل أمره ودخلل أمره ودخلة أمره ودخلة أمره
ودخلة أمره ودخيل أمره وداخلة أمره وقال بعضهم دخلل الحب صفاؤه وداخله وأنشدني عبد
الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس المبرد
( فوددت إذا سكنوا
هنالك دارهم ** وعدتهم عنا أمور تشغل )
( أنا نطاع إذا فتنقل
أرضنا ** أو أن أرضهم إلينا تنقل )
( لترد من كثب إليك
رسالتي ** بجوابها ويعود ذاك الدخلل )
ويقال الدخيل والدخلل
الخاصة وما نقعت أي ما رويت يقال شرب حتى نقع وبضع أي روى ومن أمثال العرب حتام
تكرع ولا تنقع وعجت انتفعت والأتراب الأقران وكذلك اللدات والليط اللون وهو الجلد
أيضا وتأطرن ههنا تلبثن وأصل التأطر التعطف واللأى البطء واللبانة الحاجة والمخارم
جمع مخرم وهو منقطع أنف الجبل ونصع جبل أسود بين الصفراء وينبع والعوادى الصوارف
والكلى جمع كلية وهي الرقعة تكون في أصل عروة المرادة والغرب الدلو العظيمة
والسجيل الغرب الضخم والخرق جمع خرقاء والخرقاء التي لا تحسن العمل فإذا أحسنت
العمل فيه صناع والرجل صنع وأبجلنه أوسعته والبجبيل الغليظ يريد أنهن أغلظن الإشفى
وأدققن السير ( وقال أبو علي ) وقال لي أبو بكر البجبيل الكبير في غير هذا الموضع
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف على بقيع الغرقد ( لقد أصبتم خيرا
بجبيلا وسبقتم شرا طويلا ) ( قال أبو علي ) وهما عندي في المعنى واحد لأن الغليظ
لا يكون إلا عن كثرة أجزا والنكباء الريح التي تهب بين مهبي ريحين وإنما قيل لها
نكباء لأنها تنكبت مهب هذه ومهب هذه والجفول التي تذهب التراب وطرور الشارب نباته
قال الشاعر
( منا الذي هو ما إن طر
شاربه ** والعانسوهن ومنا المرد والشيب )
( قال أبو علي ) قال
الأصمعي من أمثال العرب ( حبل فلان يفتل ) إذا كان مقبلا ( قال ) ويقال ( لو كان
ذا حيلة تحول ) يراد أنه إنما أتي من قبل ضعفه
( قال ) ويقال لأعصبنكم
عصب السلمة والسلمة يأتيها الرجل فيشدها بنسعة إذا أراد أن يخبطها لئلا يشذ شوكها
فيصيبه ويقال ( احس وذق ) مثل للرجل يتعرض لما يكره فيقع فيه ( وقال أبو عبيدة )
يقال ضبعت الخيل وضبحت سواء ( قال ) وقال بعضهم ضبحت بمنزلة نحمت كذا حكى عنه
يعقوب
( وقال الأصمعي ) إنه
لعفضاج وحفضاج إذا تفتق وكثر لحمه ويقال رجل عفاضج ( قال ) وسمعت أبا مهدي يقول ( ان فلانا لمعصوب ما حفضج ) ويقال بحثر وامتاعهم
وبعثروه أي فرقوه ويقال للمرأ ة إذا كانت تبذو وتجيء بالكلام القبيح والفحش هي
تعنطى وتحنظي وتحنذي وقد عنظى الرجل وحنظى وحنذى وأنشد الجندل
( قامت تعنظي بك سمع
الحاضر ** ) ويروى تحنظى بك وتحنذي ويقال
الغرب الضخم والخرق
جمع خرقاء والخرقاء التي لا تحسن العمل فإذا أحسنت العمل فهي صناع والرجل صنع وأبجلنه
أوسعنه والبجبيل الغليظ يريد أنهن أغلظن الإشفى وأدققن السير ( وقال أبو علي )
وقال لي أبو بكر البجبيل الكبير في غير هذا الموضع قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين وقف على بقيع الغرقد ( لقد أصبتم خيرا بجيلا وسبقتم شرا طويلا ) ( قال أبو علي ) وهما عندي
في المعنى واحد لأن الغليظ لا يكون إلا عن كثرة أجزاء والنكباء الريح التي تهب بين
مهبي ريحين وإنما قيل لها نكباء لأنها تنكبت مهب هذه ومهب هذه والجفول التي تذهب
التراب وطرور الشارب نباته قال الشاعر
( منا الذي هو ما إن طر
شاربه ** والعانسون ومنا المرد والشيب )
( قال أبو علي ) قال
الأصمعي من أمثال العرب ( حبل فلان يفتل ) إذا كان مقبلا ( قال ) ويقال ( لو كان
ذا حيلة تحول ) يراد أنه إنما أتي من قبل ضعفه
( قال ) ويقال لأعصبنكم
عصب السلمة والسلمة يأتيها الرجل فيشدها بنسعة إذا أراد أن يخبطها لئلا يشذ شوكها
فيصيبه ويقال ( احس وذق ) مثل للرجل يتعرض لما يكره فيقع فيه ( وقال أبو عبيدة )
يقال ضبعت الخيل وضبحت سواء ( قال ) وقال بعضهم ضبحت بمنزلة نحمت كذا حكى عنه
يعقوب
( وقال الأصمعي ) إنه
لعفضاج وحفضاج إذا تفتق وكثر لحمه ويقال رجل عفاضج ( قال ) وسمعت أبا مهدي يقول ( ان فلانا لمعصوب ما حفضج ) ويقال بحثر وامتاعهم
وبعثروه أي فرقوه ويقال للمرأة إذا كانت تبذو وتجيء بالكلام القبيح والفحش هي
تعنطى وتحنظي وتحنذي وقد عنظى الرجل وحنظى وحنذى وأنشد الجندل
( قامت تعنظي بك سمع
الحاضر ** ) ويروى تحنظى بك وتحنذي ويقال
نزل حراة وعراه أي
قريبا منه / والوعا والوحا الصوت يقال سمعت وعاهم ووحاهم ( قال الأصمعي ) يقال
للصبا أير وهير على مثال فيعل ويقال للقشور التي في أصول الشعر إبرية وهبرية ويقال
أيا فلان وهيا فلان وأنشد
( فانصرفت وهي حصان
مغضبه ** ورفعت من صوتها هيا أبه )
( كل فتاة بأبيها معجبه ** )
ويقال أرقت الماء
وهرقته ويقال إياك أن تفعل وهياك ويقال أتمأل السنام واتمهل إذا انتصب ويقال للرجل
إذا كان حسن القامة أنه لمتمئل ومتمهل ويقال أرحت دابتي وهرحتها ويقال أنرت له
وهنرت له
( وقال الأصمعي ) يقال الكرم
من سوسه ومن توسه أي من خليقته ويقال رجل حفيسأ وحفيتأ إذا كان ضخم البطن إلى
القصر ما هو وأنشد الفراء
( يا قبح الله بني
السعلات ** عمرو بن يربوع شرار النات )
( ليسوا أعفاء ولا
أكيات ** )
أراد شرار الناس
وأكياس وقرأنا على أبي بكر بن دريد للبيد
( نشين صحاح البيد كل
عشية ** بعود السراء عند باب محجب )
أراد أنهم يخططون
بقسيهم ويفخرون فيقولون فعلنا وفعلنا والسراء خشب يتخذ منه القسي ومثله قول
الحطيئة
( أم من لخصم مضجعين
قسيهم ** ميل خدودهم عظام المفخر )
وذلك أن القوم إذا
جلسوا يتفاخرون خطوا بأطراف قسيهم في الأرض لنا يوم كذا وكذا ولنا يوم كذا وكذا
يعددون أيامهم ومآثرهم
وحدثنا أبو عبد الله
إبراهيم بن محمد ابن عرفة النحوي رحمه الله حدثنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا
يزيد بن هرون قال أخبرنا شريك عن عبد الملك بن عمير عن نافع بن جبير بن مطعم عن
أبيه ( هكذا قال يزيد بن هرون )
عن علي رضي الله
تعالى عنه قال نعت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم ضخم الهامة كثير شعر الرأس رجلا أبيض مشربا حمرة طويل المسربة شثن
الكفين والقدمين طويل أصابعها ( هكذا الحديث ) ضخم الكراديس يتكفا في مشيته كأنما يمشي في صبب لا طويلا ولا قصيرا لم
أر مثله قبله ولا بعده صلى الله عليه وسلم ( قال أبو علي ) الرجل استرسال الشعر
كأنه مسرح وهو ضد الجعودة يقال رجل رجل الشعر والمسربة الشعر المستدق من الصدر إلى
السرة وأنشدني أبو بكر بن دريد للحرث بن وعلة
( ألآن لما ابيض مسربتي
** وعضضت من نابى على جذم )
( قال أبو عبيدة )
والشثن الخشن الغليظ وهذا من صفة النبي صلى الله عليه وسلم التمام وأنه ليس هناك
استرخاء وضخم الكراديس يريد غليظ العظام والكردوس كل عظم عليه لحمه ( قال أبو علي
) ويتكفأ يتمايل في مشيته وهذا مدح في المشي لأنه لا يكون إلا عن تؤدة وحسن مشى وقوله
في صبب الصبب الحدور والماشي يترفق في الحدور وأملى علينا أبو عبدالله قال من كلام
العرب ووصاياها جالس أهل العلم فإن جهلت علموك وان زللت قوموك وان أخطأت لم يفندوك
وان صبحت زانوك وان غبت تفقدوك ولا تجالس أهل الجهل فإنك إن جهلت عنفوك وإن زللت
لم يقوموك وإن أخطأت لم يثبتوك
وحدثنا أبو عبد الله قال
حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال أتى أعرابي باب بعض الملوك فأقام به حولا
ثم كتب إليه ( الأمل والعدم أقدماني عليك ) وفي السطر الثاني ( الإقلال
لا صبر معه ) وفي الثالث ( الإنصراف بلا فائدة شماتة الأعداء ) وفي السطر
الرابع إما نعم سريح وإما يأس مريح
وحدثنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يدعو لرجل فقال جنبك
الله الأمرين وكفاك شر الأجوفين وأذاقك البردين ( قال أبو علي ) الأمران
الفقر والعرى والأجوفان البطن والفرج
والبردان برد العين
وبرد العافية
وحدثنا قال أخبرنا
عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول خصلتان من الكرم إنصاف الناس من نفسك
ومواساة الأخوان
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال رفع طريح بن إسمعيل الثقفي حاجة إلى كاتب داود بن
علي ليرفعها إلى داود وجاءه مجازيا له فقال له هذه حاجتك مع حاجة فلان لرجل من
الأشراف فقال طريح
( تخل بحاجتي واشدد
قواها ** فقد أمست بمنزلة الضباع )
( إذا راضعتها بلبان
أخرى ** أضر بها مشاركة الرضاع )
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثني أبو حاتم عن العتبي قال لما عقد البيعة معاوية رحمه الله لإبنه
يزيد قام الناس يخطبون فقال معاوية لعمرو بن سعيد قم يا أبا أمية فقام فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن يزيد بن معاوية أمل تأملونه وأجل تأمنونه إن
استضفتم إلى حلمه وسعكم وإن احتجتم إلى رأيه أرشدكم وإن افتقرتم إلى ذات يده
أغناكم جذع قارح سوبق فسبق وموجد فمجد وقورع ففاز سهمه فهو خلف أمير المؤمنين ولا
خلف منه فقال معاوية أوسعت يا أبا امية فاجلس
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال دخل أعرابي على بعض الملوك فقال رأيتني
فيما أتعاطى من مدحك كالمخبر عن ضوء النهار الباهر والقمر الزاهر الذي لا يخفى عن
الناظر وأيقنت أني حيث انتهى بي القول منسوب إلى العجز مقصر عن الغاية فانصرفت عن
الثناء عليك إلى الدعاء لك ووكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك وقرأنا على أبي بكر
بن دريد قول الشاعر
( لعلك والموعود حق
وفاؤه ** بدا لك في تلك الفلوص بداء )
( فإن الذي ألقى إذا
قال قائل ** من الناس هل أحسستها لعناء )
( أقول التي تنبي
الشمات وإنها ** علي وإشمات العدو سواء )
قال هذا رجل وعد رجلا
قلوصا فأخلفه فقال له الموعود إذا سئلت أقول التي تنبي الشمات عني أي أقول نعم قد
أخذتها أي أكذب ثم قال وكذبي وإشمات العدو سواء
( قال أبو علي )
وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم للطرماح
( ولو أن غير الموت
لاقى عدبسا ** وجدك لم يسطع له أبدا هضما )
( فتى لو يصاغ الموت
صيغ كمثله ** إذا الخيل جالت في تساجلها قدما )
( ولو أن موتا كان سالم
رهبة ** من الناس إنسانا لكان له سلما )
( قال أبو علي ) هذا
مثل قول عنترة
( إن المنية لو تمثل
مثلت ** مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل )
( قال أبو علي ) وأملى
علينا رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم أن أبا عبيدة أنشدهم لربيعة الأسدي يرثى ابنه
ذؤابا
( أبلغ قبائل جعفر
مخصوصة ** ما أن أحاول جعفر بن كلاب )
( أن المودة والهوادة
بيننا ** خلق كسحق الريطة المنجاب )
قال ويروى
( أن البقية والهوادة
بيننا ** سمل كسحق الريطة المنجاب )
( إلا بجيش لا يكت
عديده ** سود الجلود من الحديد غضاب )
( قال أبو علي ) قوله
لا يكت عديده لا يحصى ( قال أبو علي ) وقال لي أبو بكر من كلام العرب لا تكنه أو
تكت النجوم أي لا تعده
( ولقد علمت على التجلد
والأسى ** أن الرزية كان يوم ذؤاب )
( أن ما أعاني لم أهبك
ولم أقم ** للبيع عند تحضر الأجلاب )
( إن يقتلوك فقد هتكت
بيوتهم ** بعتيبة بن الحارث بن شهاب )
( بأحبهم فقدا إلى
أعدائهم ** وأشدهم فقدا على الأصحاب )
ويروى
( باشدهم أوقا على
أعدائهم ** وأجلهم رزأ على الأصحاب )
( وعمادهم في كل يوم
كريهة ** وثمال كل معصب قرضاب )
( قال أبو علي )
القرضاب والقرضوب الفقير والقرضاب في غير هذا الموضع اللص
( أهوى له تحت العجاج
بطعنة ** والخيل تردى في الغبار الكابى )
الكابى المنتفخ يقال
فلان كابى الرماد إذا كان سخيا ومن هذا قيل كبا الفرس يكبوا اذا ربا وانتفخ
( أذؤاب صاب على صداك
فجاده ** صوب الربيع بوابل سكاب )
( ما أنس لا أنساه آخر
عيشنا ** ما لاح بالمعزاء ريع سراب )
( قال أبو علي ) الريع
الرجوع وريعان الشباب أوله والربع أيضا الزيادة ومنه حديث عمر رضي الله عنه املكوا
العجين فإنه أحد الربعين
وحدثنا أبو بكر بن
الأنباري رحمه الله أن أباه أنشده عن أحمد بن عبيد عن أبن الكلبي لسلمة بن يزيد
يرثى أخاه لأمه قيس بن سلمة
( أقول لنفسي في الخلاء
ألومها ** لك الويل ما هذا التجلد والصبر )
( ألا تفهمين الخبر أن
لست لاقيا ** أخى إذ أتى من دون أكفانه القبر )
( وكنت إذا ينأى به بين
ليلة ** يظل على الأحشاء من بينه الجمر )
( فهذا لبين قد علمنا
إيابه ** فكيف لبين كان موعده الحشر )
( وهون وجدى أنني سوف
أغتدي ** على إثره حقا وإن نفس العمر )
( فلا يبعدنك الله إما
تركتنا ** حميدا وأودى بعدك المجد والفخر )
( فتى كان يعطى السيف
في الروع حقه ** إذا ثوب الداعي وتشقى به الجزر )
( فتى كان يدنيه الغنى
من صديقه ** إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر )
( فتى لا يعد المال ربا
ولا يرى ** له جفوة ان نال مالا ولا كبر )
( فنعم مناخ الضيف كان
إذا سرت ** شمال وأمست لا يعرجها ستر )
( ومأوى اليتامى
الممحلين إذا انتهوا ** إلى بابه سغبا وقد قحط القطر )
يقال قحط الناس بكسر
الحاء وأقحطوا وقحط القطر بفتح الحاء
وحدثنا حرمي قال
حدثنا الزبير قال كان عمر بن أبي ربيعة وجميل بن معمر يتنازعان الشعر فيقال أن عمر
في الرائية والعينية أشعر وأن جميلا في اللامية أشعر وكلاهما قد قال فأحسن قال
جميل
( لقد فرح الواشون أن
صرمت حبلي ** بثينة أو أبدت لنا جانب البخل )
( يقولون مهلا يا جميل
وإنني ** لأقسم ما بي عن بثينة من مهل )
( أحلما فقبل اليوم كان
أوانه ** أم اخشى فقبل اليوم أوعدت بالقتل )
وفيها يقول
( إذا ما تناثينا الذي
كان بيننا ** جرى الدمع من عيني بثينة بالكحل )
( كلانا بكى أو كاد
يبكي صبابة ** إلى إلفه واستعجلت عبرة قبلى )
( فيا ويح نفسى حسب
نفسي الذي بها ** ويا ويح أهلي ما أصيب به أهلي )
( خليلي فيما عشتما هل
رأيتما ** قتيلا بكى من حب قاتله قبلى
وقال عمر
( جرى ناصح بالود بيني
وبينها ** فقربني يوم الحصاب إلى قتلى )
( وطارت بخد من فؤادي
ونازعت ** قرينتها حبل الصفاء إلى حبلى )
( فما أنس ملا أشياء لا
أنس موقفي ** وموقفها يوما بقارعة النخل )
( قلما تواقفنا عرفت
الذي بها ** كمثل الذي بي حذوك النعل بالنعل )
وفيها يقول
( فسلضمت واستأنست خيفة
أن يرى ** عدو بكائي أو يرى كاشح فعلى )
( فقالت وأرخت جانب
السجف إنما ** معي فتكلم غير ذي رقبة أهلي )
( فقلت لها ما بي لهم
من ترقب ** ولكن سري ليس يحمله مثلي )
وقال الزبير ليس من
شعراء الحجاز يتقدم جميلا وعمر في النسيب والناس لهما تبع
وقرأت على أبي بكر بن
دريد لكثير
( لا تغدرن بوصل عزة
بعدما ** أخذت عليك مواثقا وعهودا )
( إن المحب إذا أحب
حبيبه ** صدق الصفاء وأنجز الموعودا )
( ألله يعلم لو أردت
زيادة ** في حب عزة ما وجدت مزيدا )
ويروى
( ألله يعلم لو أردت
زيادة ** في الحب عندي ما وجدت مزيدا )
( رهبان مدين والذين
رأيتهم ** يبكون من حذر العذاب قعودا )
( لو يسمعون كما سمعت
كلامها ** خروا لعزة خاشعين سجودا )
( والميت ينشر أن تمس
عظامه ** مسا ويخلد أن يراك خلودا )
( حدثنا ) أبو بكر بن
الأنباري قال حدثني عبد الله بن خلف الدلال قال قال محمد بن زياد الأعرابي لما ألح
ذريح على ابنه قيس في طلاق لبنى فأبى ذلك قيس طرح ذريح نفسه في الرمضاء وقال لا
والله لا أريم هذا الموضع حتى أموت أو يخليها فجاءه قومه من كل ناحية فعظموا عليه
الأمر وذكروه بالله وقالوا أتفعل هذا بأبيك وأمك إن مات شيخك على هذه الحال كنت
معينا عليه وشريكا في قتله ففارق لبنى على رغم أنفه وقلة صبره وبكاء منه حتى بكى
لهما من حضرهما وأنشأ يقول
( اقول لخلتي في غير
جرم ** ألا بيني بنفسي أنت بيني )
( فوالله العظيم لنزع
نفسي ** وقطع الرجل مني واليمين )
( أحب إلي يا لبنى
فراقا ** فبكى للفراق وأسعديني )
( ظلمتك بالطلاق بغير
جرم ** فقد أذهبت آخرتي وديني )
قال فلما سمعت بذلك
لبنى بكت بكاء شديدا وأنشأت تقول
( رحلت إليه من بلدي
وأهلي ** فجازاني جزاء الخائنينا )
( فمن راني فلا تغتر
بعدي ** بحلو القول أو يبلو الدفينا )
فلما انقضت عدتها
وأرادت الشخوص إلى أهلها أتيت براحلة لتحمل عليها فلما رأى ذلك قيس داخله منه أمر
عظيم وأشتد لهفه وأنشأ يقول
( بانت لبينى فأنت
اليوم متبول ** وأنك اليوم بعد الحزم مخبول )
( فأصبحت عنك لبنى
اليوم نازحة ** ودل لبنى لها الخيرات معسول )
( هل ترجعن نوى لبنى
بعاقبة ** كما عهدت ليالي العشق مقبول )
( وقد أراني بلبنى حق
مقتنع ** والشمل مجتمع والحبل موصول )
( فصرت من حب لبنى حين
أذكرها ** ألقلب مرتهن والعقل مدخول )
( أصبحت من حب لبنى بل
تذكرها ** في كربة ففؤادي اليوم مشغول )
( والجسم مني منهوك
لفرقتها ** يبريه طول سقام فهو منحول )
( كانني يوم ولت ما
تكلمني ** أخو هيام مصاب القلب مسلول )
( أستودع الله لبنى إذ
تفارقني ** عن غير طوع وأمر الشيخ مفعول )
ثم ارتحلت لبنى فجعل
قيس يقبل موضع رجليها من الأرض وحول خبائها فلما رأى ذلك قومه أقبلوا على أبيه
بالعذل واللوم فقال ذريح لما رأى حاله قد جنيت عليك يا بني فقال له قيس قد كنت
أخبرك أني مجنون بها فلم ترض إلا بقتلي فالله حسبك وحسب أمي وأقبل قومه يعذلونه في
تقبيله التراب فأنشأ يقول
( فما حبي لطيب تراب
أرض ** ولكن حب من وطئ الترابا )
( فهذا فعل شيخينا
جميعا ** أراد لي البلية والعذابا )
وقرأت على أبي بكر بن
دريد
( كسوناها من ا لريط
اليماني ** مسوحا في بنائقها فضول )
( وهدمنا صوامع شيدتها
** لها حبب مخالطها نجيل )
يقول كانت هذه الإبل
بيضا كأن عليها الريط ثم اسودت من العرق من شدة ما أتعبناها فكأننا كسوناها المسوح
يعني أنها صارت سودا بعد أن كانت بيضا
وقوله وهدمنا صوامع
شيدتها يعني أسنمتها رفعتها الها حبب وهي جمع حبة وهي بزور البقل والنبات محالطها
نجيل والنجيل من الحمض ومنه قول الشماخ
( ولا عيب في مكروهها
غير أنها ** تبدل جونا لونها غير أزهرا )
( قال أبو علي ) قال
أبو عبيدة من أمثال العرب ( العقوق ثكل من لم يثكل ) يقول إذا عقه ولده فقد ثكلهم وإن كانوا أحياء ( قال ) ومن أمثالهم (
تجنب روضة وأحال يعدو ) يقول ترك الخصب واختار الضيق يضرب مثلا للرجل تعرض عليه الكرامة
فيختار الهوان ( قال الأصمعي ) ومن أمثالهم ( إذا نزا بك الشر فاقعد ) أي فاحلم
ولا تسارع إليه
( وقال الأصمعي ) حدثني
خلف الأحمر قال أنشدني رجل من أهل البادية
( عمي عويف وأبو علج **
المطعمان الشحم بالعشج )
( وبالغداة كسر البرنج
** ينزع بالود وبالصيصج )
أراد بالعشي والصيصج
أراد الصيصية وهي قرن البقرة ( قال ) وقال أبو عمرو بن العلاء قلت لرجل من بني
حنظلة ممن أنت قال فقيميج فقلت من أيهم قال مرج أراد فقيمي ومري وأنشد لهميان بن
قحافة السعدي
( يطير عنها الوبر
الصهابجا ** )
( قال ) أراد الصهابي
من الصهبة وقال يعقوب بن السكيت بعض العرب إذا شدد الياء جعلها جيما وأنشد عن ابن
الأعرابي
( كأن في أذنابهن الشول
** من عبس الصيف قرون الإجل )
أراد الإيل وأنشد
الفراء
( لا هم إن كنت قبلت
حجتج ** فلا يزال شاحج يأتيك بج )
( أقمر نهات ينزي وفرت
ج ** )
أراد وفرتي
( قال الأصمعي ) يقال
تركت فلانا يجوس بني فلان ويحوسهم إذا كان يدوسهم ويطلب فيهم
وحدثني أبو بكر بن
دريد رحمه الله قال حدثني أبو عبد الله محمد بن الحسين قال حدثنا المازني قال سمعت
أبا سرار الغنوي يقرأ فحاسوا خلال الديار فقلت إنما هو جاسوا فقال حاسوا وجاسوا
واحد قال وسمعته يقرأ وإذ قتلتم نسمة فادار أتم فيها فقلت له إنما هو نفس قال
النسمة والنفس واحد
( وقال الكسائي ) يقال
أحم الأمر وأجم إذا حان وقته ويقال رجل محارف ومجارف ( قال ) وهم
يحلبون عليك ويجلبون أي يعينون ( قال الأصمعي ) إذا حان وقوع الأمر قيل أجم بقال
أجم ذلك الأمر أي حان وقته وأنشد
( حييا ذلك الغزال
الأحما ** إن يكن ذا كم الفراق أجما )
( قال ) وإذا قلت حم
الأمر فهو قدر ولم يعرف أحم بالألف ( قال الأصمعي ) يقال آديته على كذا و أعديته
أي قويته وأعنته
ويقال أستأديت الأمير
على فلان في معنى استعديت وأنشد ليزيد بن خذاق العبدي
( ولقد أضاء لك الطريق
وأنهجت ** سبل المكارم والهدى يعدي )
يقول إبصارك الهدى
يقويك على الطريق ومعنى يعدى يقوى ومنه أعداني السلطان ( قال ) ولقد أضاء لك
الطريق أي أبصرت أمرك وتبينته
وأنهجت صارت نهجا
واضحة بينة ( قال ) وسمعت أبا تغلب ينشد بيت طفيل الغنوي
( فنحن منعنا يوم حرس
نساءكم ** غداة دعانا عامر غير معتلى )
يريد مؤتلى ويقال كثأ
اللبن وكثع وهي الكثأة والكثعة إذا علا دسمه وخثورته رأسه وأنشد
( وأنت امرؤ وقد كثأت
لك لحية ** كأنك منها قاعد في جوالق )
ويقال موت زؤاف وذعاف
وزعاف وذؤاف إذا كان يعجل القتل ويقال أردت أن تفعل كذا وكذا وبعض العرب يقول أردت
عن تفعل وقال يعقوب ابن السكيت أنشد أبو الصقر
( أريني جوادا مات هزلا
لأنني ** أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا )
يريد لعلني
( وقال الأصمعي ) يقال
ألتمئ لونه والتمع لونه وهو السأف والسعف ( وقال يعقوب ) سمعت أبا عمرو يقول الأسن
قديم الشحم وبعضهم يقول العسن
وحدثنا أبو بكر ابن
الأنباري قال حدثني أبي قال حدثني عبد الله بن محمد بن رستم قال حدثني محمد بن قال
النحوي قعال قال أبان بن تغلب وكان عابدا من عباد أهل البصرة شهدت أعرابية وهي
توصي ولدا لها يريد سفرا وهي تقول له أي بني اجلس أمنحك وصيتي وبالله توفيقك فإن
الوصية أجدى عليك من كثير عقلك قال أبان فوقفت مستمعا لكلامها مستحسنا لوصيتها
فإذاهي تقول أي بني إياك والنميمة فإنها تزرع الضغينة وتفرق بين المحبين
وإياك والتعرض للعيوب
فتتخذ غرضا وخليق أن لا يثبت الغرض على كثرة السهام وقلما اعتورت السهام غرضا إلا
كلمته حتى يهي ما اشتد من قوته
وإياك والجود بدينك
والبخل بمالك وإذا هززت فاهزز كريما يلن لهزتك ولا تهزز اللئيم فإنه صخرة لا ينفجر
ماؤها ومثل لنفسك مثال ما استحسنت من غيرك فاعمل به وما استقبحت من غيرك فاجتنبه
فإن المرء لا يرى عيب نفسه ومن كانت مودته بشره وخالف ذلك منه فعله كان صديقه منه
على مثل الريح في تصرفها ثم أمسكت فدنوت منها فقلت بالله يا أعرابية إلا زدته في
الوصية فقالت أو قد أعجبك كلام العرب يا عراقي قلت نعم
قالت والغدر أقبح ما
تعامل به الناس بينهم ومن جمع الحلم والسخاء فقد أجاد الحلة ريطتها وسربالها
وحدثنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم قال وجد بخط
العتبي بعد موته في
كتبه أن رجلا سأل بعض الزهاد فقال أخبرني عن الدنيا فقال جمة المصائب رنقة المشارب
لا تمتع صاحبا بصاحب
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي زيد قال سأل الوليد بن عبد الملك أباه عن السياسة
فقال هيبة الخاصة مع صدق مودتها واقتباد قلوب العامة بالإنصاف لها واحتمال هفوات
الضغائن فإن شكرها أقرب الأيادي إليها
وحدثنا أبو بكر قال
أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لبعض الحكماء ما الداء العياء فقال حسد ما لا
تناله بقول ولا تدركه بفعل
وحدثنا أبو بكر قال
أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول من لم يضن بالحق عن أهله فهو
الجواد
وسمعت آخر يقول الصبر
عند الجود أخو الصبر عند اليأس وسمعت آخر يقول سخاء النفس عما في أيدي الناس أكثر
من سخاء البذل
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال شاور أعرابي ابن عم له فأشار عليه برأي
فقال قد قلت بما يقول به الناصح الشفيق الذي يخلط حلو كلامه بمره وحزنه بسهله
ويحرك الإشفاق منه ما هو ساكن من غيره وقد وعيت النصح منه وقبلته إذ كان مصدره من
عند من لا شك في مودته وصافى غيبه وما زلت بحمد الله إلى الخير منهجا واضحا وطريقا
مهيعا
( قال أبو علي ) المهيع
الواضح
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة عن يونس قال كان زياد إذا ولى رجل عملا قال له خذ
عهدك وسر إلى عملك واعلم أنك مصروف رأس سنتك وأنك تصير إلى أربع خلال فاختر لنفسك
إنا أن وجدناك أمينا ضعيفا استبدلنا بك لضعفك وسلمتك من معرتنا أمانتك
وإن وجدناك قويا
خائنا استهنا بقوتك وأحسنا على خيانتك أدبك وأوجعنا ظهرك وثقلنا غرمك وإن جمعت
علينا الجرمين جمعنا عليك المضرتين
وإن وجدناك أمينا
قويا زدنا في عملك ورفعنا ذكرك وكثرنا مالك وأوطأنا عقبك
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو حاتم عن عبد الله بن مصعب الزبيري قال كنا بباب الفضل بن الربيع
والآذن يأذن لذوي
الهيآت والشارات وأعرابي يدنو فكلما دنا صرخ به فقام ناحية وأنشأ يقول
( رأيت آذننا يعتام
بزتنا ** وليس للحسب الزاكي بمعتام )
( ولو دعينا على
الأحساب قدمني ** مجد تليد وجد راحج نامى )
( متى رأيت الصقور
الجدل يقدمها ** خلطان من رخم قزع ومن هام )
وقرأت على أبي بكر بن
دريد رحمه الله لطفيل الغنوي
( وأصفر مشهوم الفؤاد
كأنه ** غداة الندى بالزعفران مطيب )
( تفلت عليه تفلة
ومسحته ** بثوبى حتى جلده متقوب )
( يراقب إيحاء الرقيب
كأنه ** لما وتروني أول اليوم مغضب )
أصفر يعني قدحا مشهوم
الفؤاد أي كأن فؤاده مذعور من سرعة خروجه والشهم الحديد الفؤاد الذكي وقوله
بالزعفران أراد قد أصابه الندى فاصفر كأنه مطيب بالزعفران وروى الأصمعي وأصفر
مسموم الفؤاد يعني قدحا محزوز الصدر وكل ثقب فهو سم وسم فجعل الحز ثقبا وجعل صدر
القدح فؤاده
وقوله تفلت عليه يقول
كان ضرب به فتترب فتفلت عليه ومسحته بثوبي ليتملس فيكون أسرع لخروجه
( ومتقوب متقشر وقوابته
قشره ** )
وقوله يراقب إيحاء
الرقيب يقول كأن هذا القدح بصير بما يراد منه فهو يلامح الرقيب فإذا قيل للمفيض
أفض فكانه يوحي إليه إيحاء
وقوله لما وتروني
يقول كأنه مغضب لقهرهم إياي في أول النهار فهو يثأرني ( قال أبو علي ) أخبرنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال
أخبرنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال قال رجل لأخيه لأهجونك قال وكيف تهجوني وأبونا
واحد وأمنا واحدة فقال
( غلام أتاه اللؤم من
شطر نفسه ** ولم يأته من نحو أم ولا أب )
( قال ) وقال آخر يهجو
أخاه
( أبوك أبي وأنت أخي
ولكن ** تفاضلت الطبائع والظروف )
( وأمك حين تنسب أم صدق
** ولكن ابنها طبع سخيف )
( وقومك يعلمون إذا
التقينا ** من المرجو منا والمخوف )
( قال أبو علي ) وقرأت
على أبي بكر بن دريد لجميل
( وقلت لها اعتللت بغير
ذنب ** وشر الناس ذو العلل البخيل )
( ففاتيني إلى حكم من
أهلي ** وأهلك لا يحيف ولا يميل )
( فقالت أبتغي حكما من
أهلي ** ولا يدري بنا الواشي المحول )
( فولينا الحكومة ذا
سجوف ** أخا دنيا له طرف كليل )
( فقلنا ما قضيت به
رضينا ** وأنت بما قضيت به كفيل )
( قضاؤك نافذ فاحكم
علينا ** بما تهوى ورأيك لا يفيل )
( فقلت له قتلت بغير
جرم ** وغب الظلم مرتعه وبيل )
( فسل هذي متى تقضي
ديوني ** وهل يقضيك ذو العلل المطول )
( فقالت إن ذا كذب وبطل
** وشر من خصومته طويل )
( أأقتله ومالي من سلاح
** وما بي لو أقاتله حويل )
( ولم آخذله ما لا
فيلفى ** له دين علي كما يقول )
( وعند أميرنا حكم وعدل
** ورأي بعد ذلكم أصيل )
( فقال أميرنا هاتوا
شهودا ** فقلت شهيدنا الملك الجليل )
( فقال يمينها وبذاك
أقضي ** وكل قضائه حسن جميل )
( فبتت حلفة ما لي
لديها ** نقير أدعيه ولا فتيل )
( فقلت لها وقد غلب
التعزي ** أما يقضى لنا يا بثن سول )
( فقالت ثم زجت حاجبيها
** أطلت ولست في شيء تطيل )
( فلا يجدنك الأعداء
عندي ** فتثكلنى وإياك الثكول )
وحدثنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كانت خليبة الخضرية تهوى ابن عم
لها فعلم بذلك قومها فحجبوها فقالت
( هجرتك لما أن هجرتك
أصبحت ** بنا شمتا تلك العيون الكواشح )
( فلا يفرح الواشون
بالهجر ربما ** أطال المحب الهجر والجيب ناصح )
( وتغدو النوى بين
المحبين والهوى ** مع القلب مطوي عليه الجوانح )
قال عبد الرحمن قال
عمي فحدثت بهذا الحديث رجلا من ولد جعفر بن أبي طالب فقال كانت خيرة بنت أبي ضيغم
البلوية تهوى ابن عم لها وذكر مثل الحديث فقالت ( قال أبو علي وأملى علينا هذه
الأبيات أبو عبد الله وقال أنشدناها أحمد بن يحيى لأم ضيغم البلوية )
وبتنا خلاف الحي لا
نحن منهم ** ولا نحن بالأعداء مختلطان )
( وبتنا يقينا ساقط
الطل والندى ** من الليل بردا يمنة عطران )
( نذود بذكر الله عنا
من الشذى ** إذا كان قلبانا بنا يجفان )
( قال أبو علي ) الشذى
الأذى وروى أبو عبد الله
( نذود بذكر الله عنا
من الصبا ** إذا كان قلبانا بنا يردان )
( ونصدر عن أمر العفاف
وربما ** نقعنا غليل النفس بالرشفان )
وروى أبو عبد الله
ونصدر عن ري العفاف وربما نقعنا وقرأت على أبي بكر بن دريد لطفيل الغنوي يصف إبلا
( عوازب لم تسمع نبوح
مقامة ** ولم تر نارا ثم حول مجرم )
( سوى نار بيض أو غزال
صريمة ** أغن من الخنس المناخر توأم )
( إذا راعياها أنضجاه
تراميا ** به خلسة أو شهوة المتقرم )
عوازب بعيدات من
البيوت والنبوح أصوات الناس والمقامة حيث يقيم الناس وثم
تمام والمجرم المكمل
يقول هذه الإبل عوازب لعز أربابها ترعى حيث شاءت لا تمنع ولا تخاف فلم تسمع أصوات
أهل مقامة ولم تر نارا سنة تامة سوى نار بيض نعام يصيبه راعيها فيشويه أو غزال
يصيده والصريمة القطعة من الرمل وأغن فيه غنة والأخنس القصير الأنف وكل ظبى أخنس
والتوأم الذي ولد مع غيره وذلك أشد لضؤلته وصغر جسمه وقيل للشعبي مالك ضئيلا قال
لأني زوحمت في الرحم وقيل لبعضهم مالك ضئيلا قال صاف بي أبي أي ولدت وهو كبير السن
وإذا صغر ما يشوى صغرت النار
وقوله تراميا به أي
بالغزال رمى هذا إلى هذا وهذا إلى هذا خلسة أي اختلاسا شبه العاشين أو يفعلان ذلك
قرما إلى اللحم وذلك لإستغنائهما عنه باللبن
وحدثنا أبو بكر بن
الأنباري قال حدثنا أبو الحسن بن البراء قال حدثنا عبد الرحمن بن أحمد الجعفي قال
كان شاعر يفد إلى يزيد بن مزيد في كل سنة فقال له يزيد كم يكفيك في كل سنة فقال
كذا وكذا فقال أقم في بيتك يأتك ذلك ولا تتعبن إلينا فلما مات رثاه بهذه الأبيات والشاعر
مسلم بن الوليد ( قال ) وقال أبو الحسن بن البراء قال لي ابن أبي طاهر الشاعر هو
التيمي
( أحق أنه أودى يزيد **
تأمل أيها الناعي المشيد )
( أتدري من نعيت فكيف
فاهت ** به شفتاك كان به الصعيد )
( أحامى المجد والإسلام
أودى ** فما للأرض ويحك لا تميد )
( تأمل هل ترى الإسلام
مالت ** دعائمه وهل شاب الوليد )
( وهل شميت سيوف بني
نزار ** وهل وضعت على الخيل اللبود )
( وهل تسقى البلاد عشار
مزن ** بدرتها وهل يخضر عود )
( أما هدت لمصرعه نزار
** بلى وتقوض المجد المشيد )
( وحل ضريحه إذ حل فيه
** طريف المجد والحسب التليد )
( أما والله ما تنفك
عيني ** عليك بدمعها أبدا تجود )
( فإن تجمد دموع لئيم
قوم ** فليس لدمع ذي حسب جمود )
( أبعد يزيد تختزن
البواكي ** دموعا أو تصان لها خدود )
( لتبكك قبة الإسلام
لما ** وهت أطنابها ووهي العمود )
( ويبكك شاعر لم يبق
دهر ** له نشبا وقد كسد القصيد )
( فمن يدعو الأنام لكل
خطب ** ينوب وكل معضلة تؤد )
( ومن يحمي الخميس إذا
تعايا ** بحيلة نفسه البطل النجيد )
( فإن تهلك يزيد فكل حي
** فريس للمنية أو طريد )
( الم تعجب له أن
المنايا ** فتكن به وهن له جنود )
( لقد عزى ربيعة أن
يوما ** عليها مثل يومك لا يعود )
( قال أبو علي ) وقرأت
على أبي بكر بن دريد أبيات زينب بنت الطثرية ترثى أخاها يزيد وأملاها علينا أيضا
أبو بكر بن الأنباري رحمه الله عن أحمد بن يحيى وفي الروايتين زيادة ونقصان وأنا
آتي على جميعها وفيها أبيات تروى للعجير السلولي ولها وقد أمللنا أبيات العجير
( أرى الأثل من وادي
العقيق مجاوري ** مقيما وقد غالت يزيد غوائله )
( فتى قد قد السيف لا
متضائل ** ولا رهل لبانه وبآدله )
( فتى لا ترى قد القميص
بخصره ** ولكنما توهي القميص كواهله )
( فتى ليس لإبن العم كالذئب
أن رأى ** بصاحبه يوما دما فهو آكله )
( يسرك مظلوما ويرضيك
ظالما ** وكل الذي حملته فهو حامله )
( إذا نزل الأضياف كان
عذورا ** على الحي حتى تستقل مراجله )
( إذا ماطها للقوم كان
كأنه ** حمي وكانت شيمة لا تزايله )
( إذا القوم أموا بيته
فهو عامد ** لا حسن ما ظنوا به فهو فاعله )
( إذا جد عند الجد
أرضاك جده ** وذوا باطل إن شئت أرضاك باطله )
( مضى وورثناه دريس
مفاضة ** وأبيض هنديا طويلا حمائله )
( فتى كان يروى المشرفي
بكفه ** ويبلغ أقصى حجرة الحي نائله )
( كريم إذا لا قيته
متبسما ** وإما تولى أشعث الراس جافله )
( ترى جازريه يرعدان
وناره ** عليها عداميل الهشيم وصامله )
( يجران ثنيا خيرها عظم
جاره ** بصيرا بها لم تعد عنها مشاغله )
( ولو كنت في غل فبحت
بلوعتي ** إليه للأنت ليث ورقت سلاسله )
( ولما عصاني القلب
أظهرت عولة ** وقلت ألا قلب بقلبي أبادله )
( قال أبو علي ) الرهل
المسترخي والبآدل واحدها بأدلة وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق والعذور السيء
الخلق والدريس والدرس الثون الخلق وجمعه درسان والهدم والطمر والسمل والنهج الخلق
أيضا والمفاضة الواسعة والحجرة الناحية يقال جلس فلان على حجرة أي ناحية والعداميل
القديمة والصامل اليابس والثني والولد الذي بعد الولد الأول فالأول بكر والثاني
ثني ( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال كانت أم الضحكاك
المحاربية تحت رجل من بني الضباب وكانت تحبه حبا شديدا فطلقها فقالت
( هل القلب أن لا قى
الضبابي خاليا ** لدى الركن أو عند الصفا متحرج )
( وأعجلنا قرب المحل
وبيننا ** حديث كتنشيج المريضين مزعج )
وروى أبو عبيد الله
كتنشاج
( حديث لو أن اللحمم
يصلى بحره ** طريا أتى أصحابه وهو منضج )
( قال أبو علي ) وقرأت
أيضا لها عليه
( سألت المحبين الذي
تحملوا ** تباريح هذا الحب من سالف الدهر )
( فقلت لهم يا يذهب
الحب بعدما ** تبوأ ما بين الجوانح والصدر )
( فقالوا شفاء الحب حب
يزيله ** من آخر أو نأي طويل على هجر )
( أو اليأس حتى تذهل
النفس بعدما ** رجت طمعا واليأس عون على الصبر )
( قال ) وقالت فيه أيضا
حين سلت عنه
( تعزيت عن حب الضبابي
حقبة ** وكل عمايا جاهل ستثوب )
( يقول خليل النفس أنت
مريبة ** كلانا لعمرى قد صدقت مريب )
( وأريبنا من لا يؤدي
أمانة ** ولا يحفظ الأسرار حين يغيب )
( ألهفا بما ضيعت ودي
وما هفا ** فؤادي بمن لم يدر كيف يثيب )
( قال ) وقرأت عليه
لزينب بنت فروة المرية في ابن عم لها يقال له المغيرة
( يا أيها الراكب
الغادي لطيته ** عرج أنبيك عن بعض الذي أجد )
( ما عالج الناس من وجد
تضمنهم ** إلا ووجدي به فوق الذي وجدوا )
( حسبي رضاه وأني في
مسرته ** ووده آخر الأيام أجتهد )
وقالت أيضا
( وذي حاجة ما باح قلنا
وقد بدت ** شواكل منها ما إليك سبيل )
( لنا صاحب لا نشتهي أن
نخونه ** وأنت لأخرى فارع ذاك خليل )
( تخالك تهوى غيرها
فكأنما ** لها في تظنيها عليك دليل )
( قال أبو علي )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري البيتين الأولين في خبر طويل قد تقدم لليلى الأخيلية وروايته
( وأنت لأخرى فارغ
وخليل ** )
وقالت أيضا
( ألم تر أهلي يا مغير
كأنما ** يفيئون باللوماء فيك الغنائما )
( ولو أن أهلي يعلمون
تميمة ** من الحب تشفي قلدوني التمائما )
وأنشدنا أبو بكر بن
الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بني يحيى لرؤبة بن العجاج وقد أرى واسع جيب
الكم أسفر عن عمامة المعتم عن قصب أسحم مدلهم
( قال أبو العباس )
قوله أرى واسع جيب الكم معناه أرى شابا رخي البال يقال فلان واسع الجيب إذا كان
رخي البال قليل الإكتراث وأسفرأ كشف أي أبدي شعرى لسواده وحسنه والقصب ههنا الشعر
عن الأصمعي والأسحم الأسود ( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لعكرشة أبي شغب يرثى
ابنه شغبا
( قد كان شغب لو أن
الله عمره ** عزا تزاد به في عزها مضر )
( فارقت شغبا وقد قوست
من كبر ** لبئست الخلتان الثكل والكبر )
( قال ) وأنشدنا أبو
عبد الله عن أحمد بن يحيى عن الزبير عن أيوب بن عباية لنصيب
( كسيت ولم أملك سوادا
وتحته ** قميص من القوهي بيض بنائقه )
( وما ضر أثوابي سوادي
وإنني ** لكالمسك لا يسلو عن المسك ذائقه )
( ولا خير في ود امرئ
متكاره ** عليك ولا في صاحب لا توافقه )
( إذا المرء لم يبذل من
الود مثله ** بعاقبة فاعلم بأني مفارقه )
وأنشدنا لعبد بني
الحسحاس
( أشعار عبد بني
الحسحاس قن له ** عند الفخار مقام الأصل والورق )
( إن كنت عبدا فنفسي
حرة كرما ** أو أسود اللون إني أبيض الخلق )
( قال أبو علي ) الورق
عند العرب المال من الأبل والغنم والورق الفضة
وحدثني أبو بكر بن
دريد أن أبا حاتم أنشدهم عن أبي زيد
( وزهراء أن كفنتها فهو
عيشها ** وإن لم أكفنها فموت معجل )
يعني النار هي زهراء
أي بيضاء تزهر يقول أن قدحتها فخرجت فلم أدركها بخرقة أو غير ذلك ماتت
( قال أبو علي ) قال
الأصمعي من أمثال العرب ( كل نجار إبل نجارها ) يضرب مثلا للمخلط يريد أن فيه
ألوانا من الخلق وليس يثبت على رأي ( قال ) ومن أمثالهم ( اسق رقاش إنها سقاية )
يضرب مثلا للمحسن يقول أحسنوا إليه لإحسانه ( قال ) ومن أمثالهم
( خرقاء عيابة ) يضرب
مثلا للأحمق أي أنه أحمق من وهو مع ذلك يعيب غيره ( قال ) ومن أمثالهم ( كل مجر
بالخلاء يسر ) وأصله أن الرجل يجرى فرسه بالمكان الخالي لا مسابق له فيه فهو مسرور
بما يرى من فرسه ولا يرى ما عند غيره يضرب مثلا للرجل تكون فيه الخلة يحمدها من
نفسه ولا يشعر بما في الناس من الفضائل ( قال أبو عمرو الشيباني ) يقال
أسود قاثم وقاتن ( وقال الأحمر ) يقال طانه الله على الخير وطامه إذا جبله وهو
يطينه يجبله ( وقال الأصمعي ) يقال للحية أيم وأين والأصل أيم فخفف كما يقال لين
ولين وهين وهين وأنشدنا لأبي كبير الهذلي
( ولقد وردت الماء لم
يشرب به ** بين الربيع إلى شهور الصيف )
( إلا عواسر كالمراط
معيدة ** بالليل مورد أيم متغضف )
الصيف مطر الصيف
وقوله إلا عواسر يعني ذئابا عاقدة أذنابها والمراط السهام التي قد تمرط ريشها
ومعيدة معاودة للورد مرة بعد مرة يقول هذا المكان لخلائه من موارد الحيات ومتغضف
متثن ( قال ) ويقال الغيم والغين وأنشد لرجل من بني تغلب
( فداء خالتي وفدى
صديقي ** وأهلي كلهم لأبي قعين )
( فأنت حبوتني بعنان
طرف ** شديد الشدذى بذل وصون )
( كأني بين خافيتي عقاب
** أصاب حمامة في يوم غين )
( قال يعقوب ) وقال
بعضهم الغين إلباس الغيم ومنه ( إنه ليغان عليه ) أي يغطى ويلبس يقال قد رغين على
قلبه ورين على قلبه أي غطى قال رؤبة
( أمطر في أكناف غين
مغين )
أي ملبس وأنشد
الأصمعي لعوف بن الخرع )
( وتشرب أسآر الحياض
تسوفها ** ولو وردت ماء المريرة آجما )
( قال ) أظنه أراد آجنا
( قال ) ويقال للشمال نسع ومسع وأنشد للهذلي
( قد حال دون دريسيه
مؤوبة ** نسع لها بعضاة الأرض تهزيز )
دريسيه خلقيه ومؤوبة
تأتي مع الليل والعضاه كل شجر له شوك الواحدة عضة والحلان والحلام فويق الجدي
وأنشد لإبن أحمر
( تهدى إليه ذراع الجدى
تكرمة ** إما ذبيحا وأما كان حلانا )
فالذبيح الذي يصلح
للنسك والحلان الصغير الذي لا يصلح للنسك ويقال في الضب حلان وفي اليربوع جفرة
والجفرة التي قد انتفخ جنباها وأكلت وشربت حتى سمنت ويقال غلام جفر إذا سمن وتحرك
وأنشدنا أبو عبيدة قول مهلهل
( كل قتيل في كليب حلام
** حتى ينال القتل آل همام )
( قال أبو علي ) يقول
كل قتيل صغير ليس هو بوفاء من كليب بمنزلة الحلام الذي ليس بوفاء أن يذبح للنسك
حتى ينال القتل آل همام فانهم وفاء به ( وقال الأصمعي ) يقال انتقع لونه وامتقع
لونه وهو ممتقع اللون ويقال نجر من الماء ينجر نجرا ومجر يمجر مجرا إذا أكثر من
شرب الماء فلم يكد يروى وأنشد
( حتى إذا ما اشتد لو
بان النجر ** )
( وقال غيره ) يقال
محنجت بالدلو ونخجت بها إذا جذبت بها لتمتلئ وأنشد الفراء
( فصبحت قليذما هموما
** يزيدها مخج الدلاجموما )
القليذم البئر
الغزيرة والدلا جمع دلاة والمدى والندى الغاية ( وقال الأصمعي ) الندى بعد ذهاب
الصوت يقال مر فلانا أن ينادى فإنه أندى منك صوتا وأنشد للفرزدق
( فقلت ادعى وأدع فأن
أندى ** لصوت أن ينادى داعيان )
أي أشد لذهابه وأنشد
( ومن لم يزل يستسمع
العام حوله ** ندى صوت مقروع عن العذف عاذب )
المقروع الذي اختير
للفحلة والعذف إلا كل يقال ما ذقت عذوفا والعاذب القائم
الذي لا يأكل شيأ
يقال ما زال عاذبا عن المرعى وقال يعقوب ابن السكيت سمعت أبا عمرو يقول ما ذقت
عدونا ولا عدوفا ( قال ) وأنشدت يزيد بن مزيد عدوفا فقال لي صحفت يا أبا عمرو فقلت
لم أصحف لغتكم عذوف ولغة غيركم عدوف ( وقال غيره ) رطب محلقن ومحلقم ( وقال
الأصمعي ) إذا بلغ الترطيب ثلثي البسرة فهي حلقانة والجمع حلقان وهي محلقنة
ومحلقمة والحزم والحزن ما غلظمن الأرض وهي الحزوم والحزون ( قال ) ويقال للبعير
إذا قارب الخطو وأسرع دهامج ودهانج وقد دهمج يدهمج دهمجة ودهنج يدهنج دهنجة وأنشد
( وعير لها من بنات
الكداد ** يدهمج بالقعب والمزود )
يدهمج يسرع في تقارب
خطوة وقال العجاج
( كأن رعن الآل منه في
الآل ** بين الضحى وبين قيل القيال )
( إذا بدا دهائج ذو
أعدال ** )
شبه الرعن حين يقمص
في ذلك الوقت وهو توهج السراب ببعير عليه أعدال يسرع بها
وقرأت عليى أبي عبد
الله ابراهيم بن محمد الأزدي لذي الرمة
( ودو ككف المشتري غير
أنه ** بساط لأخماس المراسيل واسع )
الدو المستوى من
الأرض وقوله ككف المشتري يعني إذا بسط كفه فصفق براحته على راحة بائعة إذا اشترى
منه علقا والبساط الأرض الواسعة لأخماس لسير الأخماس وهو جمع خمس والخمس ورود
الماء في اليوم الخامس
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا
العكلى عن أبي خالد
عن الهيثم بن عدي قال دخل الخيار بن أوفى النهدى على معاوية فقال له يا خيار كيف
تجدك وما صنع بك الدهر فقال يا أمير المؤمنين صدع الدهر قناتي وأثكلني لداتي وأوهى
عمادي وشيب سوادي وأسرع في تلادي ولقد عشت زمنا أصبى الكعاب وأسر الأصحاب وأجيد
الضراب فبان ذلك عني ودنا الموت مني وأنشأ يقول
( غيرت زمانا يرهب
القرن جانبي ** كأني شتيم باسل القلب خادر )
( يخاف عدوي صولتي
ويهابني ** ويكرمني قرني وجارى المجاور )
( وتصبى الكعاب لمتى
وشمائلي ** كأني غصن ناعم النبت ناضر )
( فبان شبابي واعترتني
رثية ** كأني قناة أطرنها المآطر )
( أدب إذا رمت القيام
كأنني ** لدى المشى قرم قيده متقاصر )
( وقصر الفتى شيب وموت
كلاهما ** له سائق يسعى بذاك وناظر )
( وكيف يلذ العيش من ليس
زائلا ** رهين أمور ليس فيها مصادر )
فقال معاوية أحسنت
القول واعلم أن لها مصادر فنسأل الله أن يجعلنا من الصادرين بخير فقد أوردنا
أنفسنا موارد نرغب إلى الله أن يصدرنا عنها وهو راض
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قدم علينا البصرة رجل من أهل البادية شيخ
كبير فقصدته فوجدته يخضب لحيته فقال ما حاجتك فقلت بلغني ما خصك الله به فجئتك
أقتبس من علمك فقال أتيتني وأنا أخضب وإن الخضاب لمن علامات الكبر وطال والله ما
غدوت على صيد الوحوش ومشيت أمام الجيوش واختلت بالرداء وهؤت بالنساء وقريت الضيف وأرويت
السيف وشربت الراح ونادمت الجحجاح فاليوم قد حناتي الكبر وضعف مني البصر وجاء بعد
الصفو الكدر ثم قبض على لحيته وأنشأ يقول
( شيب تغيبه كيما تغر
به ** كبيعك الثوب مطويا على حرق )
( قد كنت كالغصن ترتاح
الرياح له ** فصرت عودا بلا ماء ولا ورق )
( صبرا على الدهر إن
الدهر ذو غير ** وأهله منه بين الصفو والرنق )
( قال أبو علي ) قال
أبو زيد يقال هؤت بالرجل خيرا أهوءبه هوأ إذا أزننته به وإنه لذو هوأة إذا كان ذا
رأي ماضيا قال العجاج
( لا عاجز الهوء ولا
جعد القدم ** )
وقال أبو عمرو الهوء
الهمة وقد هاء يهوء وفلان بعيد الهوء أي بعيد الهمة ( قال أبو علي ) وأنشدني أبو يعقوب إسحق بن الجنيد وراق أبي بكر بن دريد
قال أنشدنا أحمد بن عبيد قال أنشدني أبو العيناء
( ما في يدي من الصبا
** إلا الصبابة والأسف )
( جاء الشباب فما أقام
** ولا ألم ولا وقف )
( كان الشباب كزائر **
مل الزيارة فانصرف )
وأنشدنا أبو بكر بن
الأنباري قال أنشدني أبي
( لا يرعك المشيب يا
ابنة عبد الله فالشيب حلة ووقار )
( إنما تحسن الرياض إذا
ما ** ضحكت في خلالها الأنوار )
وأنشدنا عبد الله بن
جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد قال أنشدني مسعود بن بشر المازني
( رأيت أبا الوليد غداة
جمع ** به شيب وما فقد الشبابا )
( ولكن تحت ذاك الشيب
حزم ** إذا ما قال أمرض أو أصابا )
قال أبو العباس معنى
قوله أمرض أي قارب الصواب ومنه أنه ليمرض في القول إذا لم يصرح
وحدثنا أبو محمد
النحوي قال سمعت أبا العباس محمد بن يزيد يقول بلغني عن علي رضوان الله عليه قرنت
الهيبة بالخيبة والحياء بالحرمان والفرصة تمر مر السحاب
والحكمة ضالة المؤمن
فخذ ضالتك حيثما وجدتها
وحدثنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله قال حدثنا العكلى عن أبيه قال بلغني عن ابن عباس أنه قال كتب إلي
علي بن أبي طالب رضي الله عنه بموعظة ما سررت بموعظة سروري بها أما بعد فإن المرء
يسره درك ما لم يكن ليفوته ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه فما نالك من دنياك فلا
تكثر به فرحا وما فاتك منها فلا تتبعه أسفا فليكن سرورك بما قدمت وأسفك على ما
خلفت وهمك فيما بعد الموت
وأنشدنا أبو عبد الله
إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي قال أنشدنا أحمد بن يحيى الشيباني
( إذا ما خلوت الدهر
يوما فلا تقل ** خلوت ولكن قل علي رقيب )
( ولا تحسبن الله يغفل
ساعة ** ولا أن ما يخفى عليه يغيب )
وأنشدنا قال أنشدنا
أحمد بن يحيى
( في كل بلوى تصيب
المرء عافية ** إلا البلاء الذي يدنى من النار )
( ذاك البلاء الذي ما
فيه عافية ** من العذاب ولا ستر من العار )
وأنشدنا أبو محمد
النحوي قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد قال أنشدني عمرو بن بحر الجاحظ قال أبو
محمد والشعر لصالح بن عبد القدوس
( وإن عناء أن تفهم جاهلا
** فيحسب جهلا أنه منك أفهم )
( متى يبلغ البنيان
يوما تمامه ** إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم )
( متى ينتهي عن سيى من
أتى به ** إذا لم يكن منه عليه تندم )
وأنشدنا أبو عبد الله
قال أنشدنا محمد بن يزيد قال أنشدني عبد الله بن القاسم قال أنشدني العتبي
( تأنقت في الإحسان حين
أتيته ** إلى ابن أبي ليلى فأنزله ذما )
( فوالله ما آسى على
فوت شكره ** ولكن خطاء الراي يحدث لي غما )
وحدثنا أبو بكر بن
دريد قال حدثنا أبو حاتم قال كان بالمدينة غلام يحمق فقال لامه يوشك أن تريني عظيم
الشأن فقالت فكيف والله ما بين لابتيها أحمق منك فقال والله ما رجوت هذا الأمر إلا
من حيث يئست منه أما علمت أن هذا زمان الحمقى وأنا أحدهم
( قال أبو علي ) اللابة
الحرة وجمعها لاب ويقال اللوبة أيضا وجمعها لوب وإنما قيل للأسود لوبي لأن حجارة
الحرة سود كأنها محترقة ومنه قيل للحرة فتين لان معنى فتنوا أحرقوا وأنشد أبو عبد الله
نفطويه
( لا تنظرن إلى عقل ولا
أدب ** أن الجدود قرينات الحماقات )
( واسترزق الله مما في
خزائنه ** فكل ما هو آت مرة آت )
وأنشدنا أبو بكر بن
الأنباري رحمه الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي
( يعزي المعزي ثم يمضي
لشانه ** ويترك في القلب الدخيل المجمجما )
( حريقا ثوى في القلب
لو أن بعضه ** أناخ على سلمى إذا لتضرما )
( قال ) وأنشدنا قال
أنشدنا أبو عيسى الربضى قال أنشدنا الطوسى أبو الحسن علي بن عبد الله
( أتت على عهده الليالي
** وحدثت بعده أمور )
( وأعتضت باليأس منه
صبرا ** واعتدل الحزن والسرور )
( فلست أرجو ولست أخشى
** ما أحدثت بعده الدهور )
( فليجهد الدهر في
مساتي ** فما عسى جهده يضير )
وأنشدنا أبو بكر قال
أنشدنا عبد الرحمن عن عمه قال أنشدني المذحجي لأم معدان الأنصارية
( لايبعد الله فتيانا
رزئتهم ** بانوا الوقت مناياهم فقد بعدوا )
( أضحت قبورهم شتى
ويجمعهم ** زو المنون ولم يجمعهم بلد )
( ميت بمصر وميت
بالعراق وميت بالحجاز منا يا بينهم بدد )
( رعوا من المجد أكنافا
إلى أجل ** حتى إذا بلغت أظماؤهم وردوا )
( كانت لهم همم فرقن
بينهم ** إذا القعاديد عن أمثالها قعدوا )
( فعل الجميل وتفريج
الجليل وإعطاء الجزيل إذا لم يعطه أحد ** )
وحدثنا أبو بكر بن
دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال من أمل رجلا هابه ومن قصر عن شيء عابه
وإنما يعيب الشيء الذي يقصر عنه حسدا وقال أبو زيد يقال لقيت فلانا غزالة الضحى
ورأد الضحى وكهر الضحى كل ذلك عندما تنبسط الشمس وتضحى قال الراجز
( دعت سليمى دعوة هل من
فتى ** يسوق بالقوم غزالات الضحى )
( فقام لاوان ولا رث
القوى ** )
وأنشدنا أبو عبد الله
إبراهيم بن محمد بن عرفة
( إذا غبت يا أسماء
فارعى مودتي ** بحفظ كما أرعاك حين أغيب )
( بنفسي من يجني الذنوب
تجرما ** علي وما حلت علي ذنوب )
( تصد إذا ماجئت حتى
كأنني ** عدو مريض الصدر وهو حبيب )
وأنشدنا أبو عبد الله
( حلفت برب مكة والمصلى
** ورب الواقفين غداة جمع )
( لأنت على التنائي
فاعلميه ** أحب إلي من بصري وسمعي )
وقرأت على أبي عبد
الله لذي الرمة
( أطاع الهوى حتى رمته
بحبله ** على ظهره بعد العتاب عواذله )
أطاع الهوى يعني هذا
المشتاق أي اتبع هواه حتى خلته العواذل وقلن له حبلك على غار بك وإنما هذا مثل أي
قلن له اذهب حيث شئت ومثله قول الأخنس ابن شهاب التغلبي
( قرينة من أعيار وقلد
حبله ** وحاذر جراه الصديق الأقارب )
( قال أبو علي ) قال
الأصمعي مدح ومده وما أحسن مدحه ومدهه ومدحته ومدهته
( قال ) وقال الحرث بن
مصرف ساب حجل بن نضلة معاوية بن شكل عن المنذر أو النعمان ( شك فيه الأصمعي ) فقال
حجل أنه قتال ظباء تباع اماء مشاء بأقراء قعو الأليتين أفحج الفخذين مفج الساقين
فقال أردت أن تذمه فمدهته
ورواية أبي بكر بن
دريد كيما تذيمه ( قال أبو علي ) الأقراء واحدها قرئ وهو مسيل الماء إلى الرياض
وقعوا الأليتين
ممتليء ءالاليتين ناتئهما ليس بمنبسطهما والفحج التباعد ومفج الساقين متباعدة هذه
عن هذه
ويقال قوس فجواء إذا
بان وترها عن كبدها وأنشد لرؤبة
( لله در الغانيات
المدة ) أي المدح
ويقال كدحه وكدهه
ووقع من السطح فتكدح وتكده وأنشد لرؤبة
( يخاف صقع القارعات
الكدة ** ) الصقع كل ضرب على يابس كده كسر والقارعة كل هنة شديدة القرع ويقال هبش
له وحبش أي جمع له وهو يهتبش ويحتبش والأحبوش الجماعات قال رؤبة
( لولا حباشات من
التحبيش ** لصبية كأفرخ العشوش )
( وقال العجاج كأن
صيران المها الأخلاط ** برملها من عاطف وعاط )
( بالرمل أحبوش من
الأنباط ** )
أي جماعة من الأنباط
ويقال قهل جلدهخ وقحل والمتقهل اليابس الجلد ويقال للرجل إذا كان يتيبس في القراءة
متقهل ومتقحل ويقال جله وجلح وهو الجله والجلح وهو إنحسار الشعر من مقدم الرأس فوق
الصدغين قال رؤبة
( براق أصلاد الجبين
الأجله ** الأصلاد جمع صلد وكل حجر صلب فهو صلد )
ويقال نحم ينحم
ونهم ينهم ونأم ينئم
وأنح يأنح وأنه يأنه وهو صوت مثل الزحير
قال رؤبة
( رعابة يخشى نفوس
الأنه ** يصف فحلا يقول يرعب نفوس الذين يأنهون )
وقال غير الأصمعي في
صوته صحل وصهل أي بحوحة ( وقال ) هو يتفيهق في كلامه ويتفحيق إذا توسع في الكلام
وتنطع وأصله الفهق وهو الإمتلاء ( وقال الأصمعي ) يقال الحقحقة والهقهقة السير المتعب ( قال ) وقال رؤبة
( يصبحن بعد القرب
المقهقه ** ) إنما أصله من التحقحقة قلبوا الحاء هاء لأنها أختها وقلبوا الهقهقة
إلى القهقهة
ومن أمثالهم ( شر
السير الحقحقة ) ( قال ) وقال مطرف بن الشخير لإبنه يا عبد الله عليك بالقصد وإياك
وسير الحقحقة يريد الأتعاب ( قال أبو علي ) الحقحقة مشتق من الحق أي يعطى الناقة الحق في سيرها فتجهد نفسها قال
أبو علي وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة وحدثنا قال حدثني
أيضا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي ولفظاهما متفقان غير أن أبا
عبيدة قال لبعض ملوك اليمن وقال ابن الكلبي لذى رعين قال مات أخ لذى رعين فعزاه
بعض أهل اليمن فقال أن الخلق للخالق والشكر للمنعم والتسليم للقادر ولابد مما هو
كائن وقد حل ما لا يدفع ولا سبيل إلى رجوع ما قد فات وقد أقام معك ما سيذهب عنك
وستتركه فما الجزع مما لا بد منه وما الطمع فيما لا يرجى وما الحيلة فيما سينقل
عنك أو تنقل عنه وقد مضت لنا أصول نحن فروعها فما بقاء الفرع بعد الأصل فأفضل
الأشياء عند المصائب الصبر وإنما أهل الدنيا سفر لا يحلون عن الركاب إلا في غيرها
فما أحسن الشكر عند النعم والتسليم عند الغير فاعتبر بمن قد رأيت من أهل الجزع هل
ردا أحدا منهم إلى ثقة من درك واعلم أن أعظم من المصيبة سوء الخلف فأفق والمرجع
قريب واعلم أنما ابتلاك المنعم وأخذ منك المعطى وما ترك أكثر فإن نسيت الصبر فلا
تغفل عن الشكر
وحدثنا أبو بكرقال
حدثنا سعيد بن هرون الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة قال عزى رجل من العرب رجلا
على أخيه فقال محبوب
فائت وغنم عارض أن
ضيعته فات أيضا وبقيت حسيرا أما أخوك فلا أخوك فلا يذهب بك جزعك فتحط سوددك وتقل
ثقة عشيرتك باضطلاعك بالأمور وفي كثرة الأسا عزاء عن المصائب
وحدثنا أبو بكر قال
أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت عمي يقول التهنئة على آجل الثواب أولى من
التعزية على عاجل المصيبة
وحدثنا أبو بكر بن
الأنباري قال حدثنا عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال نشأ لسلامة ذي فائش ابن
كأكمل أبناء المقاول وكان به مسرورا يرشحه لموضعه فركب ذات يوم فرسا صعبا فكبابه
فوقصه فجزع عليه أبوه جزعا شديدا وامتنع من الطعام واحتجب عن الناس واجتمعت وفود
العرب ببابه ليعزوه فلامه نصحاؤه في إفراط جزعه فخرج إلى الناس فقام خطباؤهم
يؤسونه وكان في القوم الملبب بن عوف بن سلمة بن عمرو بن سلمة الجعفي وجعادة بن
أفلح بن الحرث وهو جد الجراح بن عبد الله الحكمى صاحب خراسان فقام الملبب فقال
أيها الملك إن الدنيا تجود لتسلب وتعطى لتأخذ وتجمع لتشتت وتحلى لتمر وتزرع
الأحزان في القلوب بما تفجأ به من استرداد الموهوب وكل مصيبة تخطأتك جلل ما لم تدن
الأجل وتقطع الأمل وإن حادثا ألم بك فاستبد بأقلك وصفح عن أكثرك لمن أجل النعم
عليك وقد تناهت إليك أبناء من رزئ فصبر وأصيب فاغتفر إذا كان شوى فيما يرتقب ويحذر
فاستشعر اليأس مما فات إذ كان ارتجاعه ممتنعا ومرامه مستصعبا فلشئ ما ضربت الأسى
وفزع أولو الألباب إلى حسن العزاء
وقام جعادة فقال أيها
الملك لا تشعر قلبك الجزع على ما فات فيغفل ذهنك عن الإستعداد لما يأتي وناضل
عوارض الحزن بالأنفة عن مضاهاة أفعال أهل وهي العقول فإن العزاء لحزماء الرجال
والجزع لربات الحجال ولو كان الجزع يرد فائتا أو يحيى تالفا لكان فعلا دنيئا فكيف
به وهو مجانب لأخلاق ذوي الألباب فارغب بنفسك أيها الملك عما يتهافت فيه الأرذلون
وصن قدرك عما يركبه المخسوسون وكن على ثقة أن طمعك
فيما استبدت به
الأيام ضلة كأحلام النيام ( قال أبو علي ) المقاول والأقيال دون الملوك العظماء
ووقصه كسره ويؤسونه يعزونه وأصله أن يقال لك أسوة بفلان وفلان والجلل الصغير
والجلل الكبير وهو من الأضداد والبدة النصيب واستبد به أي جعله نصيبه والشوى الهين
اليسير والشوى أيضا رذال المال والمناضلة المراماة والمضاهاة المشاكلة والتهافت
التتابع وقرأنا على أبي بكر بن دريد
( حبسن بين رمله وقف **
وبين نخل هجر الملتف )
( ثمت أصدرن بغير كف **
هذه إبل خرجت للميرة فرجعت بغير كف من طعام )
وحدثنا أبو بكر بن
الأنباري قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا الزنادي قال يقال أن عمر
بن عبد العزيز رحمه الله تكلم بهذا الكلام في خطبته ما الجزع مما لا بد منه وما
الطمع فيما لا يرجى وما الحيلة فيما سيزول وإنما الشيء من أصله فقد مضت قبلنا أصول
نحن فروعها فإبقاء فرع بعد أصله إنما الناس في الدنيا أغراض تنتضل فيهم المنايا
وهم فيها نهب للمصائب مع كل جرعة شرق وفي كل أكلة غصص لا ينالون نعمة إلا بفراق
أخرى ولا يعمر معمر يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله وأنتم أعوان الحتوف على
أنفسكم فأين المهرب مما هو كائن وإنما نتقلب في قدرة الطالب فما أصغر المصيبة اليوم
مع عظيم الفائدة غدا وأكبر خيبة الخائب فيه والسلام
وحدثنا أبو بكر بن
الأنباري قال حدثنا محمد بن علي المديني قال حدثنا أبو الفضل الربعي الهاشمي قال
حدثني نهشل بن دارم عن أبيه عن جده عن الحرث الأعور قال سئل علي بن أبي طالب رضوان
الله عليه عن مسالة فدخل مبادرا ثم خرج في حذاء ورداء وهو متبسم فقيل له يا أمير
المؤمنين إنك كنت إذا سئلت عن المسئلة تكون فيها كالسكة المحماة قال إني كنت حاقنا
ولا رأي لحاقن ثم أنشأ يقول
( إذا المشكلات تصدين
لي ** كشفت حقائقها بالنظر )
( وإن برقت في مخيل
الصواب ** عمياء لا يجتليها البصر )
( مقنعة بغيوب الأمور
** وضعت عليها صحيح الفكر )
( لسانا كشقشقة الأرحبي
أو كالحسام اليماني الذكر ** )
( وقلبا إذا استنطقته
الفنون ** أبر عليها بواه درر )
( ولست بإمعة في الرجال
** يسائل هذا وذا ما الخبر )
( ولكنني مذرب الأصغرين
** أبي أبين مما مضى ما غبر )
( قال أبو علي ) المخيل
السحاب الذي يخال فيه المطر
والشقشقة ما يخرجه
الفحل من فيه عند هياجه ومنه قيل لخطباء الرجال شقاشق أنشدني أبو المياس لتميم بن
مقبل
( عاد الأذلة في دار
وكان بها ** هرت الشقاشق ظلامون للجزر )
وأبر زاد على ما
تستنطقه والإمعة الأحمق الذي لا يثبت على رأي والمذرب الحاد وأصغراه قلبه ولسانه
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال كان عبد الملك بن مروان ذات ليلة في سمرة مع ولده
وأهل بيته وخاصته فقال لهم ليقل كل واحد منكم أحسن ما قيل من الشعر وليفضل من رأى
تفضيله فأنشدوا وفضلوا فقال بعضهم امرؤ القيس وقال بعضهم النابغة وقال بعضهم
الأعشى فلما فرغوا قال أشعروا الله من هؤلاء جميعا عندي الذي يقول ( قال أبو علي )
أنشد عبد الملك بعض هذه الأبيات التي أناذا كرها وضممت إليها ما اخترت من القصيدة
وقت قراءتي شعر معن بن أوس على أبي بكر بن دريد وما رواه ابن الأعرابي في نوادره
( وذي رحم قلمت أظفار
ضغنه ** بحلمى عنه وهو ليس له حلم )
( يحاول رغمي لا يحاول
غيره ** وكالموت عندي أن يحل به الرغم )
( فإن أعف عنه أغض عينا
على قذى ** وليس له بالصفح عن ذنبه علم )
( وإن أنتصر منه أكن
مثل رائش ** سهام عدو يستهاض بها العظم )
( صبرت ما كان بيني
وبينه ** وما تستوي حرب الأقارب والسلم )
( وبادرت منه النأي
والمرء قادر ** على سهمه ما دام في كفه السهم )
( ويشتم عرضى في المغيب
جاهدا ** وليس له عندي هوان ولا شتم )
( إذا سمته وصل القرابة
سامني قطيعتها تلك السفاهة والاثم وإن أدعه للنصف يأب ويعصني ** ويدعو لحكم جائر
غيره الحكم )
( فلولا اتقاء الله
والرحم التي ** رعايتها حق وتعطيلها ظلم )
( إذا لعلاه بارقي
وخطمته ** بوسم شنار لا يشاكهه وسم )
( ويسعى إذا أبنى ليهدم
صالحي ** وليس الذي يبني كمن شأنه الهدم )
( يود لو أني معدم ذو
خصاصة ** وأكره جهدي أن يخالطه العدم )
( ويعتد غنما في
الحوادث نكبتي ** وما إن له فيها سناء ولا غنم )
( فما زلت في ليني له
وتعطفي ** عليه كما تحنو على الولد الأم )
وروى فما زلت في رفق
به وتعطف عليه وزاد ابن الأعرابي
( وخفض له مني الجناح
تألفا ** لتدنيه مني القرابة والرحم )
( وقولي إذا أخشى عليه
مصيبة ** ألا أسلم فداك الخال ذو العقد والعم )
وروى
( وقولي إذا أخشى عليه
ملمة ) ألا أسلم
( وصبري على أشياء منه
تريبني ** وكظمي على غيظي وقد ينفع الكظم )
( لأستل منه الضعن حتى
استللته ** وقد كان ذا ضغن يضيق به الجرم )
( رأيت انثلاما بيننا
فرقعته ** برفقي واحيائي وقد يرقع الثلم )
( وأبرأت غل الصدر منه
توسعا ** بحلمي كما يشفى بالأدوية الكلم )
وزاد ابن الاعرابي
( فداويته حتى ارفأن
نفاره ** فعدنا كأنا لم يكن بيننا ضرم )
( وأطفأ نار الحرب بيني
وبينه ** فأصبح بعد الحرب وهو لنا سلم )
وروى فاطفأت نار
الحرب فقيل له يا أمير المؤمنين من قائل هذه الأبيات قال معن ابن أوس المزني وقرأت
على أبي بكر بن دريد رحمه الله
( لنعم الفتى أضحى
باكناف حائل ** غداة الوغى أكل الردينية السمر )
( لعمري لقد أرديت غير
مزلج ** ولا مغلق باب السماحة بالعذر )
( سأبكيك لا مستبقيا
فيض عبرة ** ولا طالبا بالصبر عاقبة الصبر )
وقرأت عليه لرجل مات
له أخ بعد أخ
( كأني وصيفيا خليلي لم
نقل ** لموقد نار آخر الليل أوقد )
( فلو أنها إحدى يدي
رزئتها ** ولكن يدي بانت علي إثرها يدي )
( فأقسمت لا آسى علي
إثر هالك ** قدي الآن من وجد على هالك قدى )
وأنشدني محمد بن
السري السراج لأبي عبد الرحمن العطوي
( حنطته يا نصر
بالكافور ** وزففته للمنزل المهجور )
( هلا ببعض خلاله حنطته
** فيضوع أفق منازل وقبور )
( تالله لو بنسيم أخلاق
له ** تعزى إلى النقديس والتطهير )
( طيبت من سكن الثرى
وعلا الربى ** لتزودوه عدة لنشور )
( فاذهب كما ذهب الوفاء
فإنه ** عصفت به ريحا صبا ودبور )
( واذهب كما ذهب الشباب
فإنه ** قد كان خير مجاور وعشير )
( والله ما أبنته
لأزيده ** شرفا ولكن نفثه المصدور )
وقرأت على أبي بكر بن
دريد رحمه الله قول الشاعر
( وقد كتب الشيخان لي
في صحيفتي ** شهادة عدل أدحضت كل باطل )
يعني والديه يقول
بينا شبهى في صحيفة وجهي ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا سعيد بن هرون
قال حدثني شيخ من أهل الكوفة عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق أخي بني عامر بن لؤي
قال قالت هند لأبيها عتبة بن ربيعة إني امرأة قد ملكت أمرى فلا تزوجني رجلا حتى
تعرضه علي قال لك ذاك فقال لها ذات يوم أنه قد خطبك رجلان من قومك ولست مسميا لك
واحدا منهما حتى أصفه لك
أما الأول ففي الشرف
الصميم والحسب الكريم تخالين به هوجا من غفلته وذلك إسجاح من شيمته حسن الصحابة
سريع الإجابة أن تابعته تبعك وإن ملت كان معك تقضين عليه في ماله وتكتفين برأيك عن
مشورته
وأما الآخر ففي الحسب
الحسيب والرأي الأريب بدر أرومته وعز عشيرته يؤدب أهله ولا يؤدبونه ان اتبعوه أسهل
بهم وإن جانبوه توعر عليهم شديد الغيره سريع الطيره صعب حجاب القبة ان حاج فغير
منزور وإن نوزع فغير مقهور وقد بينت لك كليهما فقالت أما الأول فسيد مضياع لكريمته
موات لها فيما عسى إن تعتص أن تلين بعد إبائها وتضيع تحت خبائها إن جاءته بولد
أحمقت وإن أنجبت فعن خطإ ما أنجبت اطو ذكر هذا عني ولا تسمه لي وأما الآخر فبعل
الحرة الكريمة إني لأخلاق هذا لوامقه وإني له لموافقه وإني لآخذه بأدب البعل مع
لزومي قبتي وقلة تلفتي وإن السليل بيني وبينه لحرى أن يكون المدافع عن حريم عشيرته
الذائد عن كتيبتها المحامي عن حقيقتها المثبت لأرومتها غير مواكل ولا زميل عند
صعصعة الحروب قال ذاك أبو سفيان بن حرب قالت فزوجه ولا تلق إلقاء السلس ولا تسمه
سوم الضرس ثم استخر الله في السماء يخر لك في القضاء ( قال أبو علي ) الإسجاح السهولة
والزمل والزمال والزميل والزميلة الجبان الضعيف والصعصعة الإضطراب يقال
قد تصعصع القوم في
الحرب إذا اضطربوا كذا قال أبو بكر وغيره يقول تصعصعوا تفرقوا والضرس السيئ الخلق
وحدثنا أبو بكر بن
الأنباري قال حدثني أبي عن بعض أصحابه عن المدائني قال كان رجل من العرب له ثلاث
بنات قد عضلهن ومنعهن الأكفاء فقالت إحداهن ان أقام أبونا على هذا الرأي فارقنا
وقد ذهب حظ الرجال منا فينبغي لنا أن نعرض له ما في نفوسنا وكان يدخل على كل واحدة
منهن يوما فلما دخل على الكبرى تحادثا ساعة فحين أراد الإنصراف أنشدت
( أيزجر لاهينا ونلحى
على الصبا ** وما نحن والفتيان إلا شقائق )
( يؤبن حبيبات مرارا
كثيرة ** وتنباق أحيانا بهن البوائق )
فلما سمع الشعر ساءه
ثم دخل على الوسطى فتحادثا فلما أراد الإنصراف أنشدت
( ألا أيها الفتيان ان
فتاتكم ** دهاها سماع العاشقين فحنت )
( فدونكم ابغوها فتى
غير زمل ** وإلا صبت تلك الفتاة وجنت )
فلما سمع شعرها ساءه
ثم دخل على الصغرى في يومها فتحادثا فلما أراد الإنصراف أنشدت
( أما كان في ثنتين ما
يزع الفتى ** ويعقل هذا الشيخ إن كان يعقل )
( فما هو إلا الحل أو
طلب الصبا ** ولا بد منه فأتمر كيف تفعل )
فلما رأى تواطؤهن على
ذلك زوجهن وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال كان لهمام
بن مرة ثلاث بنات فعنسهن فقالت الكبرى أنا أكفيكموه اليوم فقالت
( أهمام بن مرة إن همي
** إلى قنفاء مشرفة القذال )
فقال همام قنفاء
مشرفة القذال تصف فرسا فقالت الوسطى ما صنعت شيأ فقالت
( أهمام بن مرة إن همي
** إلى اللائي يكن مع الرجال )
فقال همام يكون مع
الرجال الذهب والفضة فقالت الصغرى ما صنعتما شيأ وقالت
( أهمام بن مرة إني همي
** إلى عرد أسد به مبالي )
فقال همام قاتلكن
الله والله لا أمسيت أو أزوجكن فزوجهن
وحدثنا أبو بكر ابن
الأنباري قال حدثنا ابو العباس النحوي قال قال العباس بن الحسن العلوي ما الحمام
على الإصرار وحلول الدين مع الإقتار وطول السقم في الأسفار بآلم من لقائه
وأنشدنا أبو بكر قال
أنشدنا أبو العباس وأبي واللفظ مختلط
( ثقيل يطالعنا من أمم
** إذا سره رغم أنفي ألم )
( أقول له إذا أتى لا
أتى ** ولا حملته إلينا قدم )
( عدمت خيالك لا من عمى
** وسمع كلامك لا من صمم )
( تغط بما شئت عن ناظري
** ولو بالرداء به فالتثم )
( لنظرته وخزة في
القلوب ** كوخز المحاجم في الملتزم )
( قال ) وأنشدنا عبد
الله بن خلف
( وثقيل أشد من ثقل
الموت ** ومن شدة العذاب الأليم )
( لو عصت ربها الجحيم
لما كان ** سواه عقوبة للجحيم )
( قال ) وأنشدنا عبد
الله بن خلف وغيره لمحمد بن نصر بن بسام
( يا ثقيلا على القلوب
إذا عن ** لها أيقنت بطول الجهاد )
( يا قذى في العيون يا
غلة بين ** التراقي حزازة في الفؤاد )
( يا طلوع العذول يا
بين إلف ** يا غريما أتى على ميعاد )
( يا ركودا في يوم غيم
وصيف ** يا وجوه التجار يوم الكساد )
( خل عنا فإنما أنت
فينا ** واو عمرو كالحديث المعاد )
( وامض في غير صحبة
الله ما عشت ملقى من كل فج وواد ** )
( يتخطى بك المهامة
والبيد دليل أعمى كثير الرقاد ** )
( خلفك الثائر المصمم
بالسيف ورجلاك فوق شوك القتاد ** )
قال وأنشدنا أبي
( ربما يثقل الجليس وإن
كان ** خفيفا في كفه الميزان )
( ولقد قلت حين وتد في
البيت ثقيل أربى على ثهلان ** )
( كيف لم تحمل الأمانة
أرض ** حملت فوقها أبا سفيان )
وحدثنا أبو بكر بن
الأنباري قال حدثني أبي عن عكرمة الضبى قال قال العتبي دخلت عزة على عبد الملك بن
مروان فقال لها يا عزة أنت عزة كثير فقالت أنا أم بكر الضمرية فقال لها أتروين قول
كثير
( وقد زعمت أني تغيرت
بعدها ** ومن ذا الذي يا عز لا يتغير )
( تغير جسمي والخليقة
كالتي ** عهدت ولم يخبر بسرك مخبر )
فقالت لا أروي هذا
ولكني أروي قوله
( كأني أنادي صخرة حين
أعرضت ** من الصم لو تمشي بها العصم زلت )
( صفوحا فما تلقاك إلا
بخيلة ** فمن مل منها ذلك الوصل ملت )
( قال أبو علي ) وقرأت
هذه القصيدة على أبي بكر بن دريد رحمه الله في شعر كثير وهي من منتخبات شعر كثير
وأولها
( خليلي هذا ربع عزة
فاعقلا ** قلوصيكما ثم ابكيا حيث حلت )
ويروي
( خليلي هذا رسم عزة
فاعقلا ** قلوصيكما ثم انظرا حيث حلت )
( وما كنت أدري قبل عزة
ما الهوى ** ولا موجعات الحزن حتى تولت )
( فقد حلفت جهدا بما
نحرت له ** قريش غداة المأزمين وصلت )
( أناديك ما حج الحجيج
وكبرت ** بفيفا غزال رفقة وأهلت )
( وكانت لقطع الحبل بيني
وبينها ** كناذرة نذرا فأوفت وحلت )
ويروى وفت فأحلت
( فقلت لها يا عز كل
مصيبة ** إذا وطنت يوما لها النفس ذلت )
( ولم يلق إنسان من
الحب ميعة ** تعم ولا غماء إلا تجلت )
( كأني أنادي صخرة حين
أعرضت ** من الصم لو تمشي بها العصم زلت )
( صفوحا فما تلقاك إلا
بخيلة ** فمن مل منها ذلك الوصل ملت )
ويروى صفوح والصفوح
المعرض ويروى ذلك البخل
( أباحت حمى لم يرعه
الناس قبلها ** وحلت تلاعا لم تكن قبل حلت )
( فليت قلوصي عند عزة
قيدت ** بحبل ضعيف غر منها فضلت )
( وغودر في الحي
المقيمين رحلها ** وكان لها باغ سواي فبلت )
( وكنت كذى رجلين رجل
صحيحة ** ورجل رمى فيها الزمان فشلت )
( وكنت كذات الظلع لما
تحاملت ** على ظلعها بعد العثار استقلت )
( أريد الثواء عندها
وأظنها ** إذا ما أطلنا عندها المكث ملت )
( فما أنصفت أما النساء
فبغضت ** إلي وأما بالنوال فضنت )
( يكلفها الغيران شتمي
وما بها ** هواني ولكن للمليك استذلت )
( هنيأ مريئا غير داء
مخامر ** لعزة من أعراضنا ما استحلت )
( قال أبو علي ) قيل
لكثير أنت أشعر أم جميل فقال بل أنا فقيل له أتقول هذا وأنت راويته فقال جميل الذي
يقول
( رمى الله في عيني
بثينة بالقذى ** وفي الغر من أنيابها بالقوادح )
وأنا أقول
( هنيأ مريئا غير داء
مخامر ** لعزة من أعراضنا ما استحلت )
( فوالله ما قاربت إلا
تباعدت ** بصرم ولا أكثرت إلا أقلت )
ويروى ولا استكثرت
( فإن تكن العتبى فأهلا
ومرحبا ** وحقت لها العتبى لدينا وقلت )
( وإن تكن الأخرى فإن
وراءنا ** منادح لو سارت بها العيس كلت )
( خليلي أن الحاجبية
طلحت ** قلوصيكما وناقتي قد أكلت )
( فلا يبعدن وصل لعزة
أصبحت ** بعاقبة أسبابه قد تولت )
( أسيئي بنا أو أحسني
لا ملومة ** لدينا ولا مقلية ان تقلت )
( ولكن أنيلى واذكري من
مودة ** لنا خلة كانت لديكم فطلت )
( فإني وإن صدت لمثن
وصادق ** عليها بما كانت إلينا أزلت )
( فما أنا بالداعي لعزة
بالجوى ** ولا شامت إن نعل عزة زلت )
( فلا يحسب الواشون أن
صبابتي ** بعزة كانت غمرة فتجلت )
( فاصبحت قد أبللت من
دنف بها ** كما أدنفت هيماء ثم استبلت )
( فوالله ثم الله ما حل
قبلها ** ولا بعدها من خلة حيث حلت )
( وما مر من يوم علي
كيومها ** وإن عظمت ايام أخرى وجلت )
( وأضحت بأعلى شاهق من
فؤاده ** فلا القلب يسلاها ولا العين ملت )
( فيا عجبا للقلب كيف
اعترافه ** وللنفس لما وطنت كيف ذلت )
( وإني وتهيامي بعزة
بعدما ** تخليت مما بيننا وتخلت )
( لكالمرتجي ظل الغمامة
كلما ** تبوأ منها للمقيل اضمحلت )
( كأني وإياها سحابة
ممحل ** رجاها فلما جاوزته استهلت )
( فإن سأل الواشون فيهم
هجرتها ** فقل نفس حر سليت فتسلت )
( قال أبو علي )
المأزمان بين عرفة والمزدلفة وأناديك أجالسك وهو مأخوذ من الندي والنادي جميعا
وهما المجلس وميعة كل شي أوله والصفوح المعرضة بلت ذهبت ( قال أبو علي ) وما أعرف
بلت ذهبت إلا في تفسير هذا البيت والعتبى الإعتاب يقال عاتبني فلان فأعتبته إذا
نزعت عما عاتبك عليه والعتبى الإسم والإعتاب المصدر وقوله طلحت الطليح المعيي الذي
قد سقط من الإعياء وطلت هدرت وأزلت اصطنعت ويقال بل من مرضه وأبل واستبل إذا برأ
واعترافه اصطباره يقال نزلت به مصيبة فوجد عروفا أي صبورا والعارف الصابر وأنشدنا
أبو عبد الله رحمه الله لنفسه
( وقائل لا تبح باسمي
فقلت له ** هبني أكاتم جهدي ما أعانيه )
( قال أبو علي )
أنشدنيه جهدي وأنا أختار جهدي
( فكيف لي بارتياعي حين
تبصرني ** حتى أقول بداما كنت أخفيه )
( أم كيف يسعدني صبر
ولي كبد ** حرى تذوب وقلب فيه ما فيه )
( يا ساحر اللحظ قد
والله برح بي ** شوقي إليك وأعيا ما ألاقه )
( قال أبو علي )
وأنشدني لإبن أذينة
( قالت وأبثثتها شجوى
فبحت به ** قد كنت عندي تحب الستر فاستتر )
( ألست تبصر من حولي
فقلت لها ** غطى هواك وما ألقى على بصري )
وأنشدنا أبو بكر قال
أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي
( إلى الله أشكو ثم
أثني فأشتكي ** غريما لواني الدين منذ زمان )
( لطيف الحشاعبل الشوى
طيب اللمى ** له علل لا تنقضي وأماني )
وحدثنا أبو بكر قال
أخبرنا العكلى عن أبيه قال سأل عبد الملك الحجاج عن عيبه
فتلكأ عليه فأبى إلا
أن يخبره فقال أنا حديد حسود حقود لجوج ذو قسوة فبلغ هذا الكلام خالد بن صفوان فقال
لقد انتحل الشر بحذافيره والمروق من جميع الخير بزوبره ولقد تأنق في ذم نفسه وتجود
في الدلالة على لؤم طبعة وفي إقامة البرهان على إفراط كفره والخروج من كنف ربه
وشدة المشاكلة لشيطانه الذي أغواه ( قال الأصمعي ) الخشي والحشي اليابس وأنشد
للعجاج
( والهدب الناعم والخشي ** )
الناعم الرطب اللين
وأنشد
( وإن عندي لو ركبت
مسحلي ** سم ذرا ريح رطاب وخشي )
( قال ) ويقال حجج وخبج
إذا خرجت منه ريح ( قال ) وسمعت أعرابيا يقول خجج بها ورب الكعبة ( قال ) ويقال
فاحت منه ريح طيبة وفاخت ( وقال أبو زيد ) يقال خمص الجرح يخمص خموصا وحمص يحمص حموصا وانحمص إنحماصا وانخمص
انخماصا إذا ذهب ورمه ( وقال أبو عبيدة ) المخسول والمحسول المرذول وقد حسلته وخسلته
( قال أبو عمرو الشيباني ) الحجادي والجخادي الضخم ( قال ) ويقال طخرور وطحرور
للسحابة ( وقال الأصمعي ) الطخار ير قطع من السحاب مستدقة رقاق والواحدة طخرورة
والرجل طخرور إذا لم يكن جلدا ولا كثيفا ولم يعرفه بالحاء ( قال اللحياني ) يقال
شرب حتى اطمحر واطمخر أي حتى امتلأ وروي ويقال دربح ودربخ إذا حنى ظهره ويقال هو
يتحوف مالي ويتخوفه أي ينقصه ويأخذ من أطرافه قال الله عز وجل { أو يأخذهم على تخوف
} أي تنقص وقال الشاعر
( تخوف السير منها
تامكا قردا ** كما تخوف عود النبعة السفن )
( قال أبو علي ) التامك
المرتفع من السنام والقرد المتلبد بعضه على بعض والسفن المبرد
وأخبرني أبو بكر بن
الأنباري عن أبيه قال أتى أعرابي إلى ابن عباس فقال
( تخوفني مالي أخ لي
ظالم ** فلا تخذلني اليوم يا خير من بقي )
فقال تخوفك أي تنقصك
قال نعم قال الله أكبر أو يأخذهم على تخوف أي على تنقص من خيارهم وقد قرئ أن لك في
النهار سبحا طويلا وسبخا قرأها يحيى بن يعمر ( قال الفراء ) معناهما واحد أي فراغا
( وقال غيره ) سبحا فراغا وسبخا نوما ويقال قد سبخ الحر إذا خار وانكسر ويقال
اللهم سبخ عنه الحمى أي خففها وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رحمها الله
حين دعت على سارق سرقها لا تسجني عنه بدعائك أي لا تخففي عنه إثمه ويقال لما سقط
من ريش الطائر سبيخ ( قال الأصمعي ) هو السدى والستى والأسدي والأستي لسدى الثوب قال
الحطيئة
( مستهلك الورد كالأسدي
قد جعلت ** أيدي المطي به عادية ركبا )
ويروى رغبا ركب جمع
ركوب وهو الطريق الذي فيه آثار والرغب الواسعة ( قال ) وأما السدى من الندى فبالدال لا غير يقال سديت الأرض إذا نديت من
السماء كان الندى أو من الأرض ( قال أبو علي ) حكى بعض شيوخنا عن أبي عبيدة قال السدى
ما كان في أول الليل والندى ما كان في آخره ويقال للبلح إذا وقع وقد استرخت
ثفاريقه وندي بلح سد وقد أسدى النخل ويقال أعتده وأعده قال الشاعر
( إثما وغرما وعذابا
معتدا ** )
ويقال الدولج والتولج
للكناس ويقال مد في السير ومت ويقال السبنداة والسبنتاة للجريئة ويقال للنمر سبنتى
وسبندى ويقال هرت القصار الثوب وهرده إذا خرقه وكذلك هرد عرضه وهرته ( قال أبو علي
) وأنشدنا أبو بكر بن دريد لحميد بن ثور
( قرينة سبع ان تواترن
مرة ** ضربن فصفت أرؤس وجنوب )
تواترن أتبع بعضهن
بعضا يريد أنهن غير مصطفات فإذا أردن الطيران ضربن بأجنحتهن حتى ستوين ثم يصرن إلى
طيرانهن وهن مصطفات الأرؤس والجنوب
وقرأت على أبي بكر بن
دريد لنفسه في قصيدة له أولها هذه الأبيات
( ليس المقصر وانيا
كالمقصر ** حكم المعذر غير حكم المعذر )
( لو كنت أعلم أن لحظك
موبقى ** لحذرت من عينيك ما لم أحذر )
( لا تحسبي دمعي تحدر
إنما ** نفسي جرت في دمعي المتحدر )
( خبري خذيه عن الضنى
وعن البكا ** ليس اللسان وأن تلفت بمخبر )
( ولقد نظرت فرد طرفى
خاسئا ** حذر العدا وبهاء ذاك المنظر )
( يأسي يحسن لي التستر فاعلمي
** لو كنت أطمع فيك لم أتستر )
( قال أبو علي ) المعذر
في طلب الحاجة المبالغ فيها والمعذر المتواني والمقصر عن الشيء الذي ينزع عنه وهو
يقدر عليه والمقصر العاجز عنه ( قال الأصمعي ) جاءتنا زمزمة من بني فلان وصمصمة أي
جماعة وأنشد
( إذا تدانى زمزم لزمزم **
)
وأنشدنا أيضا
( وحال دوني من الأبناء
زمزمة ** كانوا الأنوف وكانوا الأكرمين أبا )
قال ويروى صمصمة
ويقال نشصت المرأة على زوجها ونشزت وهو النشوص والنشوز ومنه يقال نشصت ثنيته إذا
خرجت من موضعها قال الأعشى
( تقمرها شيخ عشاء
فأصبحت ** قضاعية تأتي الكواهن ناشصا )
أي ناشزا ( قال أبو
علي ) قال لي أبو العباس معنى تقمرها عقلها وأخرجها من قومها فأصبحت في قضاعة
غريبة تأتي الكواهن تسأل عن حالها هل يرين لها الرجوع إلى أهلها أم لا والنشاص
الغيم المرتفع ( قال أبو علي ) إنما سمى نشاصا لأنه ارتفع على غيره بمنزلة الثنية
ارتفعت على غيرها والشرز والشرص واحد وهو الغلظ ( قال الأصمعي )
وسمعت خلفا يقول سمعت
أعرابيا يقول ( لم يحرم من فزدله ) أي من قصد فخفف وأبدل من الصادر أيا يقول لم يحرم
من أصاب بعض حاجته وإن لم ينلها كلها
ويقال فص الجرح يفص
فصيصا وفز يفز فزيزا أي سأل ( وقال الأصمعي ) أتانا ملمس الظلام وملث الظلام أي
اختلاطه ويقال ساخت رجله في الأرض وثاخت إذا دخلت قال أبو ذؤيب
( قصر الصبوح لها فشرج
لحمها ** بالني فهي تثوخ فيها الإصبع )
شرج خلط وشريجان
خليطان والني الشحم والوطس والوطث الضرب الشديد بالخف ويقال فوه يجري سعابيب
وثعابيب وهو أن يجرى منه ماء صاف ويقال ناقة فاسج وفاثج وهي الفتية الحامل وأنشد
الأصمعي
( والبكرات اللقح
الفوائجا ** )
( وقال أبو علي ) حدثنا
أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة أن عمرو بن معد يكرب أتى مجاشع بن مسعود
بالبصرة يسأله الصلة فقال له أذكر حاجتك فقال حاجتي صلة مثلي فأعطاه عشرة آلاف
درهم وفرسا من بنات الغبراء وسيفا قلعيا وغلاما خبازا فلما خرج من عنده قال له أهل
المجلس كيف وجدت صاحبك فقال لله در بني سليم ما أشد في الهيجاء لقاءها وأكرم في
اللزبات عطاءها وأثبت في المكرمات بناءها والله لقد قاتلتها فما أجبنتها وسألتها
فما أبخلتها وهاجيتها فما أفحمتها ثم قال
( ولله مسؤلا نوالا
ونائلا ** وصاحب هيجا يوم هيجا مجاشع )
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال ذكر أعرابي رجلا فقال نعم حشو الدرع ومقبض السيف
ومدوة الرمح هو كان أحلى من العسل إذا لوين وأمر من الصبر إذا خوشن وحدثنا أبو بكر
رحمه الله قال حدثنا عبد الأول بن مزيد عن أبيه قال حدثني بعض موالي بني هاشم قال
قال المنصور لخالد بن عبد الله القسري إني لأعدك لأمر كبير قال يا أمير المؤمنين
قد أعد الله لك مني قلبا معقودا بنصيحتك ويدا مبسوطة بطاعتك وسيفا مشحوذا على
أعدائك فإذا شئت ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثني عمي عن
أبيه عن هشام بن محمد
قال حدثني رافع بن بكار ونوح بن دراج قالا دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عمه
الزبير بن عبدالمطلب وهو صبي فأقعده في حجره وقال
( محمد بن عبدم ** عشت
بعيش أنعم ** ودولة ومغنم )
( في فرع عز أسنم **
مكرم معظم ** دام سجيس الأزلم )
أي أبد الدهر ثم دخل
عليه العباس بن عبد المطلب وهو غلام فاقعده في حجره وقال
( إن أخي عباس عف ذو
كرم ** فيه عن العوراء إن قيلت صمم )
( يرتاح للمجد ويوفي
بالذمم ** وينحر الكوماء في اليوم الشبم )
( أكرم بأعراقك من خال
وعم )
ثم دخل عليه ضرار بن
عبد المطلب وهو أصغر من العباس فقال
( ظني بمياس ضرار خير
ظن ** أن يشتري الحمد ويغلي بالثمن )
( ينحر للاضياف ربات
السمن ** ويضرب الكبش إذا البأس ارجحن )
ثم دخلت عليه ابنته
أم الحكم فقال
( يا حبذا أم الحكم **
كأنها ريم أحم )
( يا بعلها ماذا يشم **
ساهم فيها فسهم )
ثم دخلت عليه جارية
له يقال لها أم مغيث فقالت مدحت ولدك وبني أخيك ولم تمدح ابني مغيثا فقال على به
عجليه فجاءت به فقال
( وإن ظني بمغيث إن كبر
** أن يسرق الحج إذا الحج كثر )
( ويوقر الأعيار من قرف
الشجر ** ويأمر العيد بليل يعتذر )
( ميراث شيخ عاش دهرا
غير حر ** )
( قال أبو علي ) سألت
أبا بكر عن يعتذر فقال يصنع عذيره وهي طعام من أطعمة الأعراب ( قال أبو علي ) وقد
جمع يعقوب هذا الباب في كتاب المنطق فأكثر ولم
يأت بهذه الكلمة فأما
يعتذر من العذر فكثير في أشعار الحرب في أمثال هذا الموضع
وحدثنا أبو بكر قال
حدثني عمي عن أبيه عن هشام قال قالت هند بنت عتبة وهي ترقص ابنها معاوية رحمه الله
( إن بني معرق كريم **
محبب في أهله حليم )
( ليس بفحاش ولا لئيم **
ولا بطخرور ولا سؤم )
( صخر بني فهر به زعيم
** لا يخلف الظن ولا يخيم )
( قال أبو علي ) يخيم
يجبن يقال خام عن قرنه ويمكن أن يكون يخيم في هذا الموضع يخيب أبدلت من الباء ميما
كما قالوا طين لازب ولازم
وحدثنا أبو بكر قال
حدثني عمي عن أبيه عن هشام قال قالت ضباعة بنت عامر بن قرط بن سلمة بن قشير وهي
ترقص ابنها المغيرة بن سلمة
( نمى به إلى الذرى
هشام ** قرم وآباء له كرام )
( حجاحج خضارم عظام **
من آل مخزوم هم الأعلام )
( ألهامة العلياء
والسنام ** )
( قال ) وأخبرني عمي عن
أبيه عن هشام قال قالت أم الفضل بنت الحرث الهلالية وهي ترقص ابنها عبد الله بن
العباس
( ثكلت نفسي وثكلت بكري
** إن لم يسد فهرا وغير فهر )
( بالحسب العدو بذل
الوفر ** حتى يوارى في ضريح القبر )
( قال أبو علي ) سمعت
ابن خير الوراق وقد سأل أبا بكر بن دريد فقال له مم اشتق العقل فقال من عقال الناقة
لأنه يعقل صاحبه عن الجهل أي يحبسه ولهذا قيل عقل الدواء بطنه أي أمسكه ولذلك سميت
خبراء بالدهناء معقلة لأنها تمسك الماء قال فمم اشتق اللحد قال من قولهم لحد إذا
عدل لأنه عدل إلى أحد شقي القبر قال فمم اشتق الضريح قال هو بمعنى
مضروح كأنه ضرحه
جانباه أي دفعاه فوقع في وسطه
وقرأت على أبي بكر بن
دريد من شعر الحطيئة
( وإن التي نكبتها عن
معاشر ** علي غضاب أن صددت كما صدوا )
( أتت آل شماس بن لأي
وإنما ** أتاهم بها الأحلام والحسب العد )
( فإن الشقي من تعادي
صدورهم ** وذو الجد من لانوا إليه ومن ودوا )
( قال أبو علي ) الحسب
الشرف والعد القديم ويقال بئر عد إذا كانت لها مادة من الأرض
( يسوسون أحلاما بعيدا
أناتها ** وان غضبوا جاء الحفيظة والجد )
( أقلوا عليهم لا أبا
لأبيكم ** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا )
( أولئك قوم ان بنوا
أحسنوا البنى ** وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا )
( قال أبو علي ) البنى
واحدها بنية مثل رشوة ورشى
( فإن كانت النعمى
عليهم جز وابها ** وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا )
( وإن قال مولاهم على
جل حادث ** من الدهر ردوا فضل أحلامكم ردوا )
( مطاعين في الهيجا
مكاشيف للدجى ** بنى لهم آباؤهم وبنى الجد )
( فمن مبلغ أبناء سعد
فقد سعى ** إلى السورة العليا لهم حازم جلد )
( رأى مجد أقوام أضيع
فحثهم ** على مجدهم لما رأى أنه الجهد )
وروى الأصمعي لما رأى
أنه المجد ويروى لما رأى أنه الجد فمن روى أنه الجهد أراد به أنه الجهد منه لأنه
تضييعهم أحسابهم قد جهده ومن روى أنه الجد أراد أنه الجد من هؤلاء المضيعين في
تضييعهم أحسابهم
( وتعذلنى أفناء سعد
عليهم ** وما قلت إلا بالذي علمت سعد )
وأنشدنا أبو بكر بن
الأنباري قال أنشدني أبي
( إذا المرء لم يترك
طعاما يحبه ** ولم ينه قلبا غاويا حيث يمما )
( فلابد أن تلفى له
الدهر سبة ** إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما )
وقرأت على أبي بكر بن
دريد الأشجع
( مضى ابن سعيد حين لم
يبق مشرق ** ولا مغرب إلا له فيه مادح )
( وما كنت أدري ما
فواضل كفه ** على ا الناس حتى غيبته الصفائح )
( فأصبح من لحد من
الأرض ميتا ** وكانت له حيا تضيق الصحاصح )
( وما أنا من رزء وإن
جل جازع ** ولا بسرور بعد موتك فارح )
( كأن لم يمت حي سواك
ولم تقم ** على أحد إلا عليك النوائح )
( لئن حسنت فيك المراثي
وذكرها ** لقد حسنت من قبل فيك المدائح )
وأنشدنا أبو بكر قال
أنشدنا أبو حاتم
( ألا في سبيل الله
ماذا تضمنت ** بطون الثرى واستودع البلد القفر )
( بدور إذا الدنيا دجت
أشرقت بهم ** وإن أجدبت يوما فأيديهم القطر )
( فيا شامتا بالموت لا
تسمتن بهم ** حياتهم فخر وموتهم ذكر )
( حياتهم
( كانت لأعدائهم عمى **
وموتهم للفاخرين بهم فخر )
( أقاموا نطهر الأرض
فاخضر عودها ** وصار واببطن الأرض فاستوحش الظهر )
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا عبد الرحمن عنه عمه قال سمعت عمي يقول سمعت أعرابيا ينشد
( كلاب الناس إن فكرت
فيهم ** أضر عليك من كلب الكلاب )
( لأن الكلب لا يؤذي
صديقا ** وإن صديق هذا في عذاب )
( ويأتي حين يأتي في
ثياب ** وقد حزمت علي رجل مصاب )
( فأخزى الله أثوابا
عليه ** وأخزى الله ما تحت الثياب )
وحدثنا أبو بكر قال
أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال خرج أعرابي إلى الشام فكتب إلى بني عمه كتبا فلم
يجيبوه عنها فكتب إليهم
( ألا أبلغ معاتبتي
وقولي ** بني عمي فقد حسن العتاب )
( وسل هل كان لي ذنب
إليهم ** هم منه فأعتبهم غضاب )
( كتبت إليهم كتبا
مرارا ** فلم يرجع إلي لهم جواب )
( فلا أدري أغيرهم
تناثي ** وطول العهد أم مال أصابوا )
( فمن يك لا يدوم له
وفاء ** وفيه حين يغترب أنقلاب )
( فعهدي دائم لهم وودي
** على حال إذا شهدوا وغابوا )
( قال أبو علي ) قال
الأصمعي يقال لتراب البئر النبيثة والنبيذة ( وقال ) يقال قرب حثحاث وحذحاذ إذا كان سريعا ويقال قثم له من ماله وقذم له من
ماله وغثم إذا دفع إليه دفعة فأكثر ويقال قرأ فما تلعثم وما تلعذم ويقال جثا يجثوا
وجذا يجذو وإذا قام على أطراف أصابعه وأنشد للنعمان بن نضلة
( إذا شئت غنتني دهاقين
قرية ** وصناجة تجذو على كل منسم )
( قال أبو علي ) جعل
للإنسان منسما على الإتساع وإنما المنسم للجمل كما قال الآخر
( سأمنعها أو سوف أجعل
أمرها ** إلى ملك أظلافه لم تشقق )
فجعل للإنسان ظلفا
وإنما الظلف للشاء والبقر ( وقال غير الأصمعي ) يقال جثوة وجثوة وجثوة وجذوة وجذوة
وجذوة ( وقال أبو عمرو الشيباني ) يلوث ويلوذ سواء ( وقال غيره ) يقال خرجت غثيثة
الجرح وغذيذته وهي مدته وما فيه وقد غث يغث وغذ يغذ وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه
الله
( فما كان ذنب بني عامر
** بأن سب منهم غلام فسب )
( بأبيض ذي شطب باتر **
يقط العظام ويبري العصب )
قال يريد معاقرة غالب
أبي الفرزدق وسحيم بن وثيل الرياحي لما تعاقرا يصوأر فعقر سحيم خمسا ثم بدا له
وعقر غالب مائة
وقوله سب أي شتم
وقوله سب أي قطع قال وأصل السب القطع
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال سأل رجل علي بن أبي طالب رضوان الله
عليه قال صف لنا الدنيا فقال وما أصف لك من دار أولها عناء وآخرها فناء ومن صح
فيها أمن ومن سقم فيها ندم ومن افتقر فيها حزن ومن استغنى فتن حلالها حساب وحرامها
عذاب
وحدثنا أبو بكر رحمه الله
قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال عزل بعض الأمراء عن عمله فقال له رجل أصبحت
والله فاضحا متعبا أما فاضحا فلكل وال قبلك بحسن سيرتك وأما متعبا فلكل وال بعدك
أن يلحقك
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا الرياشي عن أبي زيد قال قال المغيرة بن شعبة كان عمر رضي الله عنه أفضل من
أن يخدع وأعقل من أن يخدع ( قال ) وكان عمر إذا نظر إلى معاوية يقول هذا كسرى
العرب قال فكان معاوية يقول ما رأيت عمر مستخليا رجلا قط إلا رحمته
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا أبو حاتم قال قال بعض علماء الهند صحبة السلطان على ما فيها من
الغز والثروة عظيمة الخطار وإنما تشبه بالجبل الوعر فيه السباع العادية والثمار
الطيبة فالإرتقاء إليه شديد المقام فيه أشد وليس يتكافأ خير السلطان وشره لأن خير
السلطان لا يعدو مزيد الحال وشر السلطان يزيل الحال ويتلف النفس التي لها طلب
المزيد ولا خير في الشيء الذي سلامته مال وجاه وفي نكبته الجائحة والتلف وأنشدني
أبو بكر بن دريد
( وخلقته حتى إذا تم
واستوى ** كمخة ساق أو كمتن إمام )
خلقته ملسته يعني
سهما والإمام الخيط الذي يمد على البناء فيبنى عليه وهو بالفارسية التر ( قال أبو
علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا السكن بن سعيد
عن محمد بن عباد عن
ابن الكلبي قال أغار رجل من مراد له حريم على إبل عمرو بن براقة الهمداني وخيل له
فذهب بها فأتى عمرو سلمى وكانت بنت سيدهم وعن رأيها كانوا يصدرون فأخبرها أن حريما
المرادى أغار على إبله وخيله فقالت والخفو والوميض والشفق كالأحريض والقلة والحضيض
إن حريما لمنيع الحيز سيد مزيز ذو معقل حريز غير أني أرى الحمة ستظفر منه بعثرة بطيئة
الجبرة فأغر ولا تنكع فأغار عمرو فاستاق كل شيء له فأتى حريم بعد ذلك يطلب إلى
عمرو أن يرد عليه بعض ما أخذ منه فامتنع ورجع حريم وقال عمرو
( تقول سليمى لا تعرض
لتلفة ** وليلك عن ليل الصعاليك نائم )
( وكيف ينام الليل من
جل ماله ** حسام كلون الملح أبيض صارم )
( غموض إذا عض الكريهة
لم يدع ** له طمعا طوع اليمين ملازم )
( ألم تعلمي أن
الصعاليك نومهم ** قليل إذا نام الخلي المسالم )
( إذا الليل أدجى
واكفهر ظلامه ** وصاح من الأقراط بوم جوائم )
ويروى
( إذا الليل أدجى
واسجهرت نجومه ** ) والمسجهر الأبيض
( ومال بأصحاب الكرى
غالبانه ** فإني على أمر الغواية حازم )
( كذبتم وبيت الله لا
تأخذونها ** مراغمة ما دام للسيف قائم )
( تحالف أقوام علي
ليسلموا ** وجروا علي الحرب إذ أنا سالم )
( أفاليوم أدعى للهوادة
بعدما ** أجيل على الحي المذاكي الصلادم )
( فإن حريما إن رجا أن
أردها ** ويذهب مالي يا ابنة القيل حالم )
( متى تجمع القلب الذكي
وصارما ** وأنفا حميا يجتنبك المظالم )
( متى تطلب المال
الممنع بالقنا ** تعش ماجدا أو تخترمك المخارم )
( وكنت إذا قوم غزوني
غزوتهم ** فهل أنا في ذا يال همدان ظالم )
( فلا صلح حتى تقدع
الخيل بالقنا ** وتضرب بالبيض الخفاف الجماجم )
( ولا أمن حتى تغشم
الحرب جهرة ** عبيدة يوما والحروب غواشم )
( أمستبطي عمرو بن
نعمان غارتي ** وما يشبه اليقظان من هو نائم )
( إذا جر مولانا علينا
جريرة ** صبرنا لها أنا كرام دعائم )
( وننصر مولانا ونعلم
أنه ** كما الناس مجروم عليه وجارم )
( قال أبو علي ) الخفو
اللمعان الضعيف يقال خفا البرق يخفو خفوا وخفوا إذا برق برقا ضعيفا والوميض أشد من
الخفو والإحريض حجارة النورة والحيز الناحية ومزيز فاضل من قولهم هذا أمز من هذا
أي أفضل منه والحمة القدر وقال بعض اللغويين هي واحد الحمام وتنكع تردع يقال نكعته
إذا ردعته والمكفهر المتراكب الظلمة والأفراط الآكام وهي الجبال الصغار واحدها فرط
قال الشاعر
( أم هل سموت بجرار له
لجب ** يغشى المخارم بين السهل والفرط )
والهوادة الصلح
والسكون والصلادم واحدها صلدم وهو الشديد الصلب وتقدع تكف والغشم أشد الظلم وحدثنا
أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن أبيه وعن ابن الكلبي قال قتل سماك بن حريم أخو
مالك بن حريم قتلته مراد غيلة فلم يدر مالك من قتله حتى أخبر بعد ذلك أن بني قمير
قتلوا أخاه فأغار عليهم وقتل قاتل أخيه وأنشأ يقول
( يا راكبا بلغن ولا
تدعن ** بني قمير وإن هم جزعوا )
( كي يجدوا مثل ما وجدت
فقد ** أصبحت نضوا ومسني الوجع )
( لا أسمع اللهو في
الحديث ولا ** ينفعني في الفراش مضطجع )
( لا وجد ثكلى كما وجدت
ولا ** وجد عجول أضلها ربع )
( أو وجد شيخ أضل ناقته
** يوم رواح الحجيج إذ دفعوا )
( ينظر في أوجه الرجال
فلا ** يعرف شيأ فالوجه ملتمع )
( بني قمير قتلت سيدكم
** فاليوم لا فدية ولا جزع )
( جللته صارم الحديدة
كالملح وفيه سفاسق لمع ** )
( تركته باديا مضاحكه
** يدعو صداه والرأس منصدع )
( بني قمير تركت سيدكم
** أثوابه من دمائه ردع )
( فاليوم صرنا على
السواء فإن ** أبق فدهري ودهركم جذع )
( لم أك فيها لما بليت
بها ** نؤم ليل يغرني الطمع )
( قال أبو علي ) قال
أبو عبيدة عن بعض أصحابه سفاسق السيف طرائقه التي يقال لها الفرند وردع متلطخة
ولهذا قيل يدي من الزعفران ردعة
وحدثني أبو عمر أن
أبا العباس أنشدهم عن ابن الأعرابي لعمرو بن شأس
( إن بني سلمى شيوخ جلة
** بيض الوجوه خرق الأخله )
أخبر أن سيوفهم تأكل
أغمادها من حدتها
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال أخبرنا العكلي عن الحرمازي قال أنشدنا الهيثم بن عدي قال أنشدني مجالد بن
سعيد شعرا أعجبني فقلت له من أنشدك قال كنا يوما عند الشعبي فتناشدنا الشعر فلما فرغنا
قال الشعبي أيكم يحسن أن يقول مثل هذا وأنشدنا
( أعيني مهلا طالما لم
أقل مهلا ** وما سر فاملآن قلت ولا جهلا )
( وأن صبا ابن الأربعين
سفاهة ** فكيف مع اللائي مثلت بها مثلا )
( يقول لي المفتي وهن
عشية ** بمكة يسحبن المهدبة السحلا )
( تق الله لا تنظر إليهن
يا فتى ** وما خلتني في الحج ملتمسا وصلا )
( ووالله لا أنسى وإن
شطت النوى ** عرانينهن الشم والأعين النجلا )
( ولا المسك من أعرافهن
ولا البرا ** جواعل في أوساطها قصبا خذلا )
( خليلي لولا الله ما
قلت مرحبا ** لأول شيبات طلعن ولا أهلا )
( خليلي أن الشيب داء
كرهته ** فما أحسن المرعى وما أقبح المحلا )
قال الهيثم قال مجالد
فكتبنا الشعر ثم قلنا للشعبي من يقول هذا فسكت فخيل إلينا أنه قائله ( قال أبو علي
) أراد السحل فسكن الحاء وهي ثياب بيض واحدها سحيل ويقال السحل الثوب من القطن قال
الهذلي
( كالسحل البيض جلا
لونها ** سح نجاء الحمل الأسول )
والأسول المسترخي
الأسفل يقال سول يسول سولا ويقال اتقاه يتقيه وتقاه يتقيه أنشدني أبو بكر بن دريد
( جلاها الصيفلون
فأخلصوها ** خفافا كلها يتقي بأثر )
الأثر فرند السيف
الأثر خلاصة اللبن وجاء فلان على إثر فلان وعلى أثره والأثر أثر الجرح ( وقال
الأصمعي ) يقال جاحشته وجاحسته وجاحفته إذا زاحمته ( وقال ) بعض العرب يقول للجحاش في القتال الجحاس وأنشد لرجل من بني
فزارة
( والضرب في يوم الوغى
الجحاس ** )
وقال أبو زيد يقال
مضى جرس من الليل وجرش ( وقال أبو عمرو ) سئفت يده وشئفت وهو تشقق يكون في أصول الأظفار
( قال ) ويقال الشوذق والسوذق للسوار ( وقال اللحياني ) حمس الشر إذا اشتد وحمش
واحتمس الديكان واحتمشا إذا اقتتلا ويقال تنسمت منه علما وتنشمت ويقال الغبس
والغبش السواد يقال غبس الليل وأغبس وغبش وأغبش ويقال عطس فلان فشمته وسمته ( وقال
الفراء ) أتانا بسدفة وسدفة وشدفة وشدفة وهو السدف والشدف ( وقال أبو زيد ) السدفة
في لغة قيس الضوء وفي لغة تميم الظلمة وأنشد بعض اللغويين
( وأقطع الليل إذا ما
أسدفا ** ) أي أظلم وبعض اللغويين يجعل السدفة اختلاط الضوء بالظلام مثل ما بين
صلاة الصبح إلى الفجر ( وقال يعقوب ) قال الأصمعي يقال جعسوس وجعشوش وكل ذلك إلى
قمأة وصغر وقلة
ويقال هو من جعلسيس
الناس ولا يقال في هذا بالشين ( وقال أبو عبيدة ) عن الأصمعي الجعشوش الطويل
الدقيق والجعسوس اللئيم ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو محمد قال قرأت على علي بن
المهدي عن الزاحي عن الليث قال قال الخليل الجعسوس القبيح اللئيم الخلق وقرأت على
أبي عمر قال أنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
( لنا عز ومرمانا قريب
** ومولى لا يدب مع القراد )
قوله مرمانا قريب قال
هؤلاء عنزة يقول إن رأينا منكم ما نكره أو رابنا ريب انتمينا إلى بني أسد بن خزيمة
وقوله لا يدب مع القراد قال هذا رجل كان يأتي بشنة فيها قردان فيشدها في ذنب
البعير فإذا عضه منها قراد نفر فنفرت الإبل فإذا نفرت استل منها بعيرا فذهب به
وحدثنا أبو بكر بن
الأنباري رحمه الله قال حدثنا عبد الله بن خلف الدلال قال حدثني أبو علي الحسن بن صالح
قال قال مساور الوراق لمجنون كان عندنا وكان شاعرا وكان له بنت عم يحبها فذهب عقله
عليها أجز هذا البيت
( وما الحب إلا شعلة
قدحت بها ** عيون المها باللحظ بين الجوانح )
فقال على المكان ولم
يفكر
( ونار الهوى تخفى وفي
القلب فعلها ** كفعل الذي جادت به كف قادح )
( قال ) وحدثنا عبد
الله بن خلف الدلال قال حدثني محمد بن الفضل قال حدثني بعض أهل الأدب عن محمد بن
أبي نصر قال رأيت بالبصرة مجنونا قاعدا على ظهر الطريق بالمربد فكلما مر به ركب
قال
( ألا أيها الركب
اليمانون عرجوا ** علينا فقد أمسى هوانا يمانيا )
( نسائلكم هل سال نعمان
بعدكم ** وحب إلينا بطن نعمان واديا )
فسألت عنه فقيل هذا
رجل من البصرة كانت له ابنة عم يحبها فتزوجها رجل من أهل الطائف فنقلها فاستو له
عليها ( قال ) وأخبرني عبد الله بن خلف قال أخبرني أحمد بن
زهير قال أخبرني مصعب
بن عبد الله الزبيري عن بعض أهله عن أبي بكر الوالبي قال أخبرت أن أبا المجنون قال
له حين سار به إلى بيت الله الحرام وكان أخرجه ليستشفي له تعلق بأستار الكعبة وقل
اللهم أرحني من ليلى ومن حبها وتب إلى الله مما أنت عليه فتعلق بأستار الكعبة وقال
اللهم من علي بليلى وقربها فزجره أبوه وجعل يعنفه فأنشأ يقول
( يقر بعيني قربها
ويزيدني ** بها عجبا من كان عندي يعيبها )
( وكم قائل قد قال تب
فعصيته ** وتلك لعمري توبة لا أتوبها ) قال أبو بكر وزادنا غيره
( فيا نفس صبرا لست
والله فاعلمي ** بأول نفس غاب عنها حبيبها )
حدثنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله قال حدثنا عبد الأول قال سمعت الكتنجي يقول أملقت حتى لم يبق في
منزلي إلا بارية فدخلت إلى دار المتوكل فلم أزل مفكرا فحضرني بيتان فاخذت قصبة
وكتبت على الحائط الذي كنت إلى جنبه
( الرزق مقسوم فأجمل في
الطلب ** يأتي بأسباب ومن غير سبب )
( فاسترزق الله ففي
الله غنى ** الله خير لك من أب حدب )
قال فركب المتوكل في
ذلك اليوم حمارا وجعل يطوف في الحجر ومعه الفتح بن خاقان فوقف على البيتين وقال من
كتب هذين البيتين وقال للفتح اقرأ هذين البيتين فاستحسنهما وقال من كان في هذه الحجرة
فقيل الكتنجي فقال أغفلناه وأسأنا إليه وأمر لي ببدرتين
( قال أبو علي ) العوام
تقول بارية وهو خطأ والصواب باري وبوري قال الراجز
( كالخص إذ جلله الباري
** ) وهو بالفارسية ( بوريك ) فأعرب على ما أنبأتك به
وأنشدنا أبو بكر قال
أنشدنا عبد الأول قال أنشدني حماد قال أنشدني أبي لنفسه
( لما رأيت الدهر أنحت
صروفه ** علي وأودت بالذخائر والعقد )
( حذفت فضول العيش حتى
رددتها ** إلى القوت خوفا أن أجاء إلى أحد )
( وقلت لنفسي أبشري
وتوكلي ** على قاسم الأرزاق والواحد الصمد )
( فإن لا تكن عندي
دراهم جمة ** فعندي بحمد الله ما شئت من جلد )
وقرأت على أبي عمر
قال أنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
( هممت بأمر هم عبدي
بمثله ** وخالف زفاف هواي فأبعدا )
يقول رأيت رأي عبد
لأن العبد لا رأي له وخالف زفاف هواي أي كان رأيه صوابا ولم يرد عبد اله بعينه
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا عبد الأول عن أبيه قال حضرت مجلس الحسن ابن سهل وقد كتب لرجل كتاب شفاعة
فجعل الرجل يشكر ويدعو له فقال له الحسن يا هذا علام تشكرنا أنا نرى الشفاعات زكاة
مروءتنا
( قال ) وحضرته وهو يمل
كتاب شفاعة فكتب في آخره أنه بلغني أن الرجل يسأل عن فضل جاهه يوم القيامة كما
يسأل عن فضل ماله
وأنشدنا أبو عبد الله
قال أنشدنا أحمد بن يحيى
( فأقسم ما تركي عتابك
عن قلى ** ولكن لعلمي أنه غير نافع )
( وأني إذا لم ألزم
الصمت طائعا ** فلا بد منه مكرها غير طائع )
( ولو أن ما يرضيك عندي
ممثل ** لكنت لما يرضيك أول تابع )
( إذا أنت لم تنفعك إلا
شفاعة ** فلا خير في ود يكون بشافع )
وأنشدنا أيضا قال
أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي
( قال لي القائلون زرت
حسينا ** لا يزار الكريم في جرجان )
( خالد باللهى يجود
ويعطى ** وحسين يجود بالحرمان )
( ضاع مفتاح جوده جوف
بحر ** حيث ظل البحران يلتقيان )
( فسألنا الغواص عنه
فقالوا ** صيغ منه قلائد الحيتان )
وأنشدنا محمد بن
القاسم قال أنشدني أبي قال أنشدني عبد الله الرستمي لعبد الله بن كعب العميري
( أيا نخلتي مران هل لي
إليكما ** على غفلات الكاشحين سبيل )
( أمنيكما نفسي إذا كنت
خاليا ** ونفعكما إلا العناء قليل )
( ومالي شيء منكما غير
أنني ** أمني الصدى ظليكما فأطيل )
( قال ) وأنشدني أبي
( تبدل هذا السدر أهلا
وليتني ** أرى السدر بعدي كيف كان بدائله )
( وعهدي به عذب الجنى
ناعم الذرى ** تطيب وتندى بالعشي أصائله )
( فمالك من سدر ونحن
نحبه ** إذا ما وشى واش بنا لا تجادله )
( كما لو وشى بالسدر
واش رددته ** كئيبا ولم تملح لدينا شمائله )
( قال أبو علي ) قال
لنا أبو بكر هذا مثل قول كثير
( فيا عز إن واش وشى بي
عندكم ** فلا تكرميه أن تقولي له أهلا )
( كما لو وشى واش بعزة
عندنا ** لقلنا تزحزح لا قريبا ولا سهلا )
( قال أبو علي ) وقرأت
على أبي بكر بن دريد وأملى علينا أبو الحسن الأخفش قال مهلهل ابن ربيعة ومهلهل لقب
وإنما سمى مهلهلا بقوله
( لما توعر في الغبار
هجينهم ** هلهلت أثأر جابرا أو صنبلا )
هذا قول أبي الحسن
وأبي بكر إلا أن أبا بكر روى
( لما توقل في الكراع
هجينهم ** )
( قال أبو علي ) الكراع
أنف الحرة
وقرأت على أحمد عن
أبيه إنما سمي مهلهلا لأنه أول من أرق المراثي واسمه عدي وفي ذلك يقول
( رفعت رأسها إلي وقالت
** يا عديا لقد وقتك الأواقي )
وقال
( أليلتنا بذي حسم
أنيري ** إذا أنت انقضيت فلا تحوري )
( قال أبو علي ) ذي حسم
موضع وتحوري ترجعي يقال ماله لا حار إلى أهله أي لا رجع إليهم ويقال نعوذ بالله من
الحور بعد الكور أي من النقصان بعد الزيادة
( قال أبو علي ) الكور
مأخوذ من كور العمامة كأنه رجع عما كان أحكمه من الخير وشده ومثل من أمثالهم ( حور
في محارة ) يضرب مثلا للرجل ينقض بعد الزيادة
( قال أبو علي ) وقال
أبو عبيدة الحور الهلكة
( فإن يك بالذنائب طال
ليلى ** فقد أبكى من الليل القصير )
يقول إن كان طال ليلى
بهذا الموضع لقتل أخي فقد كنت أستقصر الليل وهو حي
( وأنقذني بياض الصبح
منها ** لقد أنقذت من شر كبير )
( كأن كواكب الجوزاء
عوذ ** معطفة على ربع كسير )
العوذ الحديثات
النتاج واحدتها عائذ وإنما قيل لها عوذلان أولادها تعوذ بها والربع ما نتج في
الربيع يقول كأن كواكب الجوزاء نوق حديثات النتاج عطفت على ربع مكسور فهي لا تتركه
وهو لا يقدر على النهوض
( كأن الجدي في مثناة
ربق ** أسير أو بمنزلة الأسير )
المثناة الحبل ( قال
أبو علي ) والمثناة ههنا عندي المثني والربق الحبل والربق الشد بالربق فيقول كأن
الجدى قد شد بحبل مثني فهو أحكم لشده وكان أبو الحسن يقول المثناة ههنا الحبل
والربق الشد ( قال أبو علي ) ولا أعرف الربق الشد إلا عنه )
( كأن النجم اذ ولى
سحيرا ** فصال جلن في يوم مطير )
النجم الثريا إنما
شبهها بالفصال في يوم مطير لبطئها وذلك أن الفصيل يخاف الزلق فلا يسرع
( كواكبها زواحف لاغبات
** كأن سماءها بيدى مدير )
الزواحف المعييات
التي لا تقدر على النهوض واللواغب مثلها كررة توكيدا لما اختلف اللفظ وكان أبو
الحسن يقول كان يجب أن يقول مزاحف لأنه جمع مزحف لأنه يقال أزحف فإما حذف الزائد
وإما جعله كالمنسوب كقولهم ليل غاض وما أشبهه أرادوا مغض أو أرادوا ذو غضو وأنكر
زحف ( قال أبو علي ) زحف صحيح يقال زحف المعيى وأزحف أي لم يقدر على النهوض مهزولا
كان أو سمينا وقوله كأن سماءها بيدي مدير يريد أن سماءها أثقل من أن يديرها مدير
فهو إذا تكلف إدارتها لم يقدر عليها
( كواكب ليلة طالت وغمت
** فهذا الصبح راغمة فغوري )
( وتسألني بديلة عن
أبيها ** ولم تعلم بديلة ما ضميري )
( فلو نبش المقابر عن
كليب ** فيخبر بالذنائب أي زير )
يقال هو زير نساء
وتبع نساء ز وطلب نساء وخلم نساء وخلب نساء إذا كان يتحدث إليهن ويطلبهن ويتبعهن
ويهواهن ويخالبهن والخبر محذوف كأنه قال أي زير أنا
( بيوم الشعثمين لقر
عينا ** وكيف لقاء من تحت القبور )
( وإني قد تركت بواردات
** بجيرا في دم مثل العبير )
الشعثمان موضع معروف
وبجير بن الحرث بن عباد قتله مهلهل فلما بلغ خبره أباه قال نعم القتيل قتيلا أصلح
بين بكر وتغلب فقيل له أن مهلهلا حين قتله قال بؤبشسع نعل كليب ( قال أبو علي )
قوله بؤبشسع نعل كليب أمر من قولهم باء الرجل بصاحبة بؤأ إذا قتل به وكان كفؤا له
أي مت بشسع نعل كليب فانت في القود كفء له أي كفء ويقال القوم بواء أي أمثال في
القود مستوون قالت ليلى إلا خيلية
( فإن تكن القتلى بواء
فإنكم ** فتى ما قتلتم آل عوف بن عامر )
فحينئذ قال الحرث
( قر بامربط النعامة
مني ** لقحت حرب وائل عن حيال )
( ينوء بصدره والرمح
فيه ** ويخلجه خدب كالبعير )
ينوء ينهض يقال نؤت
بالحمل أنوء به نوأ إذا نهضت به وناء بي الحمل ينوء بي نوأ إذا جعلني أنهض به
وكذلك قول الله عز وجل { ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة } أي تجعلهم ينوءون بها أي
ينهضون بها وليس القلب الذي ذكره أبو عبيدة بشيء وإنما يجوز ما ذكر في الشعر إذا
اضطر الشاعر في الموضع الذي يقع فيه لبس ولا يحتمل إلا القلب فأما في القرآن فلا
يجوز
ويخلجه يجذبه ومن هذا
قيل للحبل خليج وقيل للماء الذي انجذب إلى ناحية خليج ويروى ويأطره أي يثنيه
ويعطفه والخدب الضخم
( هتكت به بيوت بني
عباد ** وبعض القتل أشفى للصدور )
( وهمام بن مرة قد
تركنا ** عليه القشعمين من النسور )
ويروى عليه القشعمان
من النسور فمن رفع جعله حالا كأنه قال وعليه القشعمان من النسور وجاز حذف الواو
لأن الهاء التي في علية تربط الكلام بأوله والقشعم الهرم من النسور
( على أن ليس عدلا من
كليب ** إذا طرد اليتيم عن الجزور )
( على أن ليس عدلا من
كليب ** إذا رجف العضاه من الدبور )
رجف تحرك حركة شديدة
والعضاه كل شجر له شوك واحدها عضة
( على أن ليس عدلا من
كليب ** إذا ما ضيم جيران المجير )
( على أن ليس عدلا من
كليب ** إذا خيف المخوف من الثغور )
( على أن ليس عدلا من
كليب ** غداة بلابل الأمر الكبير )
( على أن ليس عدلا من
كليب ** إذا برزت مخبأة الخدور )
( على أن ليس عدلامن
كليب ** إذا علنت نجيات الأمور )
( فدا لبني الشقيقة يوم
جاؤا ** كأسد الغاب لجت في زئير )
البلابل الإضطراب
وروى بعضهم التلاتل وهو الإنزعاج والحركة والنجيات السرائر يقال زأر يزئر والزئير
الإسم ويجىء مثل هذا في الأصوات قالوا الفحيح والكشيش والهدير والقليخ يقال فحث
الأفعى وهو صوتها من فيها وكشت وكشيشها صوت جلدها وقلخ البعير إذا هدر وبهذا سمى
الشاعر قلاخا
( كأن رماحهم أشطان بئر
** بعيد بين جاليها جرور )
الأشطان الحبال
واحدها شطن والبئر ههنا الهواء الذي من الجال إلى الجال والبين الوصل وقرأ بعضهم (
لقد تقطع بينكم ) وقال أبو عبيدة البين الوصل والبين الإفتراق وهو من الأضداد وجال
البئر وجولها ناحيتها وما يحبس الماء منها ولهذا قيل للرجل الأحمق ماله جول أي شيء
يمسكه وكذلك يقال ماله زبر وزبر البئر طيها وماله صيور أي رأي يصير إليه وماله
معقول كل هذا في معنى واحد أي ماله عقل واللغويون يقولون معقول أي عقل وأبو علي يقول
إنما أراد بمعقول أي ماله شيء عقل أي شد أي ليس له هناك عقل أمسك عليه
( فلا وأبي جليلة ما
أفأنا ** من النعم المؤبل من بعير )
جليلة أخت كليب وكانت
تحت جساس قاتل كليب وأفأنا رجعنا والنعم الإبل خاصة فإن اختلط بها غنم جاز ان يقال
نعم ولا يجوز أن يقال للغنم وحدها نعم وجمع نعم
أنعام والمؤبل كان
أبو الحسن يقول المكمل يقال إبل مؤبلة كما يقال مائة ممآة وقال الأصمعي المؤبلة
التي للقنية وقال غيره المؤبلة الجماعة من الإبل
( ولكنا نهكنا القوم
ضربا ** على الأثباج منهم والنحور )
نهكنا القوم أجهدناهم
والأثباج الأوساط واحدها ثبج ( وقال أبو عمرو الشيباني ) الكتد ما بين الكاهل إلى
الظهر والثبج نحوه
( قتيل ما قتيل المرء
عمرو ** وجساس بن مرة ذو ضرير )
( تركنا الخيل عاكفة
عليهم ** كأن الخيل تدحض في غدير )
يقال إنه لذوا ضرير
أي ذو مشقة على العدو وعاكفه مقيمة تدحض تزلق يقال مكان دحض ومزلة ومدحضة فأما قول
علقمة
( رغا فوقهم سقب السماء
فداحص ** بشكته لم يستلب وسليب )
فبالصاد غير معجمة
يقال دحص برجله وفحص وكان بعض العلماء يرويه فداحض وهذا الحرف أحد ما نسب فيه إلى
التصحيف
( كأنا غدوة وبني أبينا
** بجنب عنيزة رحيا مدير )
( فلولا الريح أسمع أهل
حجر ** صليل البيض تقرع بالذكور )
حجر قصبة اليمامة
وحريمهم إنما كانت بالجزيرة ( قال أبو الحسن ) حدثني أبو العباس الأحول قال أول
كذب سمع في الشعر هذا والصليل الصوت قال الراعي
( فسقوا صوادي يسمعون
عشية ** للماء في أجوافهن صليلا )
أي تصل أجوافها من
العطش كما يصل الخزف إذا أصابه الماء والذكور السيوف التي عملت من حديد غير أنيث
ويروى نقاف البيض يقرع بالذكور ( قال الأصمعي ) قد غلث طعامه وعلثه وقد اغتلث طعامه واعتلث والعلاثة أقط وسمن يخلط أو
رب وأقط
ويقال فلان يأكل
الغليث إذا أكل خبزا من شعير وحنطة ( قال ) وفي لعل لغات بعض العرب يقول لعلي وبعضهم لعلني وبعضهم علي وبعضهم
علني وبعضهم لعني وبعضهم لغني وأنشدنا للفرزدق
( هل أنتم عائجون بنا
لعنا ** نرى العرصات أو أثر الخيام ) ( قال ) وقال عيسى بن عمر سمعت أبا النجم
يقول
( أغد لعلنا في الرهان
نرسله ** ) يريد لعلنا وبعض العرب يقول لأنني وبعضهم يقول لأني وبعضهم لوني ( قال
) وقال رجل بمنى من يدعو إلى المرأة الضالة فقال أعرابي لون عليها خمارا أسود يريد
لعل عليها خمارا أسود فقال سود الله وجهك ( وقال الفراء ) سمعت وعاهم ووغاهم وهي
الضجة ويقال ماله عن ذلك وعل وماله عن ذلك وغل في معنى لجأ ( وقال اللحياني ) يقال
ماله أرمعل دمعه وارمغل إذا قطر وتتابع ( وقال أبو عمرو الشيباني ) نشعت به ونشعت
أي أولعت به وإنه لمنشوع بأكل اللحم ونشعته ونشغته إذا سعطته والنشوع والنشوغ السعوط
وحدثنا أبو عمر عن
أبي العباس أن ابن الأعرابي قال في بيت الكميت
( وما استنزلت في غيرنا
قدر جارنا ** ولا ثفيت إلا بنا حين تنصب )
يقول إذا جاورنا أحد
لم نكلفه أن يطبخ من عنده بل يكون ما يطبخه من عندنا بما نعطيه من اللحم حين ينصب
قدره ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو معمر عبد الأول قال
حدثنا رجل من موالي بني هاشم قال أذنب رجل من بني هاشم ذنبا فعنفه المأمون فقال يا
أمير المؤمنين من كانت له مثل دالتي ولبس ثوب حرمتي ومت بمثل قرابتي غفر له فوق
زلتي فأعجب المأمون كلامه وصفح عنه
وحدثنا أبو بكر بن
الأنباري قال حدثنا موسى بن علي الختلي قال حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال حدثنا
الأصمعي قال حدثني بعض العتابيين قال كتب كلثوم بن عمرو إلى صديق له أما بعد أطال
الله بقاءك وجعله يمتد بك إلى رضوانه والجنة فإنك كنت عندنا روضة من
رياض الكرم تبتهج
النفوس بها وتستريح القلوب إليها وكنا نعفيها من النجعة استتماما لزهرتها وشفقة
على خضرتها وادخارا لثمرتها حتى أصابتنا سنة كانت عندي قطعة من سني يوسف واشتد
علينا كلبها وغابت قطتها وكذبتنا غيومها وأخلفتنا بروقها وفقدنا صالح الأخوان فيها
فانتجعتك وأنا بإنتجاعي إياك شديد الشفقة عليك مع علمي بإنك موضع الرائد وأنك تغطي
عين الحاسد والله يعلم أني ما أعدك إلا في حومة الأهل واعلم أن الكريم إذا استحيا
من إعطاء القليل ولم يمكنه الكثير لم يعرف جوده ولم تظهر همته وأنا أقول في ذلك
( ظل اليسار على العباس
ممدود ** وقلبه أبدا بالبخل معقود )
( إن الكريم ليخفي عنك
عسرته ** حتى تراه غنيا وهو مجهود )
( وللبخيل على أمواله
علل ** زرق العيون عليها أوجه سود )
( إذا تكرمت عن بذل
القليل ولم ** تقدر على سعة لم يظهر الجود )
( بث النوال ولا يمنعك
قلته ** فكل ما سد فقرا فهو محمود )
قال فشاطره ماله حتى
أعطاه إحدى نعليه ونصف قيمة خاتمه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابية
رجلا ينشد
( وكاس سلاف يحلف الديك
أنها ** لدى المزج من عينيه أصفى وأحسن )
فقالت بلغني أن الديك
من صالح طيركم وما كان ليحلف كاذبا وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال أنشدنا أحمد
بن يحيى النحوي لرجل من العرب كان أبوه يمنعه من الإضطراب في المعيشة شفقة عليه
فكتب إليه
( ألا خلني أذهب لشأني
ولا أكن ** على الناس كلا إن ذاك شديد )
( أرى الضرب في البلدان
يغني معاشرا ** ولم أر من يجدي عليه قعود )
( أتمنعني خوف المنايا
ولم أكن ** لأهرب مما ليس منه محيد )
( فدعني أجول في البلاد
لعلني ** أسر صديقا أو يساء حسود )
( فلو كنت ذا مال لقرب
مجلسي ** وقيل إذا أخطأت أنت سديد )
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا أبو عثمان الأشنانداني قال كان رجل من أهل الشام مع الحجاج يحضر
طعامه فكتب إلى امرأته يعلمها بذلك فكتبت إليه
( أيهدى لي القرطاس
والخبز حاجتي ** وأنت على باب الأمير بطين )
( إذا غبت لم تذكر
صديقا ولم تقم ** فأنت على ما في يديك ضنين )
( فأنت ككلب السوء جوع
أهله ** فيهزل أهل البيت وهو سمين )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد قال كان البختري بن أبي صفرة من
أكمل فتيان العرب جمالا وبيانا ونجدة وشعرا وكان بنو المهلب يحسدونه لفضله فدست
إليه أم ولد عمارة بن قيس اليحمدي فراودته عن نفسه فأبى فحملت عليه عمارة حتى شكاه
إلى المهلب وأكثر في ذلك بنوه القول فعرف ذلك في وجه المهلب فكتب إليه
( جفوت أمرأ لم ينب عما
تريده ** وكان إلى ما تشتهيه يسارع )
( تموت حفاظا دون ضيمك
نفسه ** وأنت إلى ما ساءه متطالع )
( كاني أخو ذنب وما كنت
مذنبا ** ولكن دهتني الساريات الشبادع )
( قال أبو علي ) الشبادع
النمائم والشبادع العقارب واحدها شبدعة
( دببن وقد نام الغفول
بعيبنا ** إليك إماء مومسات جوالع )
المومسة الفاجرة
والجالعة التي قد ألقت عنها الحياء
( فأوقدن نيران العداوة
بيننا ** جهارا ولم تسدد علي المطالع )
( بغين أمور الست ممن
أشاؤها ** ولو جعلت في ساعدي الجوامع )
( أأصبو بعرس الحار أن
كان غائبا ** وتلك التي تستك فيها المسامع )
( فلست ورب البيت أصبو
بمثلها ** وربي راء ما صنعت وسامع )
( فإن تك عرس اليحمدي
وأخته ** سرين فلا قاهن أليس خالع )
الأليس الجرئ من كل
شيء وخالع قد خلع الحياء
( يبيت يراعي المومسات
إذا دجا الظلام وجار البيت وسنان هاجع ** )
( فما أ نا ممن تطبيه
خريدة ** ولو أنها بدر من الأفق طالع )
تطبية تدعوه يقال
اظباه يطبيه وطباه يطبوه
( وإني لتنهاني خلائق
أربع ** عن الفحش فيها للكريم روادع )
( حياء واسلام وشيب
وعفة ** وما المرء إلا ما حبته الطبائع )
( وقد كنت في عصر
الشباب مجانبا ** صباي فأنى الآن والشيب شائع )
( فلا تقطعن مني وشائج
سهمة ** فلا يصل الابناء ما أنت قاطع )
( وكافح بأجرامي الهياج
إذا التظى ** شهاب من الموت المحرق لامع )
( تنبه وعهد الله منى
مشيعا ** صبورا على اللاواء والموت كانع )
الوشائج الأرحام
المشتبكة المتصلة ( قال أبو محمد ) وهي مأخوذة من وشائج الرماح وهي عروقها والسهمة
القرابة وقرأت على أبي بكر لتأبط شرا
( وإني لمهد من ثنائي
فقاصد ** به لإبن عم الصدق شمس بن مالك )
( أهز به في ندوة الحي
عطفه ** كما هز عطفي بالهجان الأوارك )
الندوة المجلس
والأوارك التي ترعى الأراك
( قليل التشكي للمهم
يصيبه ** كثير الهوى شتى النوى والمسالك )
( يظل بموماة ويمسي
يغيرها ** حجيشا ويعرورى ظهور المهالك )
الحجيش المنفرد
( ويسبق وفد الريح من
حيث ينتحي ** بمنخرق من شدة المتدارك )
( إذا خاط عينيه كرى
النوم لم يزل ** له كالئ من قلب شيحان فاتك )
بمنخرق يريد السريع
الواسع والشيحان الحاد في كل أمر
( إذا طلعت أولى العدي
فنفره ** إلى سلة من صارم الغرب باتك )
العدي الجماعة الذين
يعدون في الحرب
( إذا هزه في عظم قرن
تهللت ** نواجذ أفواه المنايا الضواحك )
( يرى الوحشة الأنس
الأنيس ويهتدي ** بحيث اهتدت أم النجوم الشوابك )
وأنشدنا أبو الحسن
الترمذي الوراق قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( إلبس أخاك على تصنعه
** فلرب مفتضح على النص )
( ما كدت أفحص عن أخي
ثقة ** إلا ذممت عواقب الفحص )
وأنشدنا أبو بكر بن
الأنباري رحمه الله قال أنشدني أبي
( تركت النبيذ لأهل
النبيذ ** وأصبحت أشرب ماء نقاخا )
( شراب النبيين
والمرسلين ** ومن لا يحاول منه إطباخا )
( رأيت النبيذ يذل
العزيز ** ويكسوا التقي النقي اتساخا )
( فهبني عذرت الفتى
جاهلا ** فما العذر فيه إذا المرء شاخا )
( قال أبو علي ) قال
الأصمعي يقال أناء قربان وكر بان إذا دنا أن يمتلئ ويقال عسق به وعسك به إذا لزمه
والأقهب والأكهب لون إلى الغبرة ( قال ) ويقال دقمه ودكمه إذا دفع في صدره ويقال للصبي والسخلة قد امتك ما في
ضرع أمه وقد امتق ما في ضرع أمه إذا شربه كله ويقال كاتعه الله وقاتعه الله في معنى
قاتله الله ( وقال أبو عمرو الشيباني ) عربي كح وعربية كحة ( وقال أبو زيد )
أعرابي قح وأعراب أقحاح أي محض خالص وكذلك عبد قح أي خالص ( وقال الأصمعي ) القح
الخالص من كل شيء ( وقال الفراء ) يقال للذي يتبخر به قسط وكسط ويقال كشطت عنه
جلدة وقشطت ( قال )
وقريش تقول كشطت وقيس
وتميم وأسد تقول قشطت في مصحف ابن مسعود قشطت ( قال ) ويقال قحط القطار وكحط ويقال
قهرت الرجل أقهره وكهرته أكهره ( قال ) وسمعت بعض غنم بن دودان تقول فلا تكهر
وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي أنشدهم
( قتلنا سبعة بأبي
لبينى ** وألحقنا الموالي بالصميم )
أي قتلنا سادتهم فصار
الموالي سادة ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم قال كان فتى من
أهل البصرة يختلف معنا إلى الأصمعي فافتقدته فلقيت أباه فسألته عنه فقال سألني عن
بيتين كان الأصمعي يرددهما
( سقى الله أياما لنا
لسن رجعا ** وسقيا لعصر العامرية ة من عصر )
( ليالي أعطيت البطالة
مقودى ** تمر الليالي والشهور وما أدري )
فقلت له يا بني أنك
لست بعاشق ولولا ذلك لعرفت ما يفعله الذكر بصاحبه قال فبعثته على أن عشق لجاجا
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لبعض بني عمرو بن كلدة
( إني أعيذك بالرحمن يا
سكني ** أن تدخلي ببعادي حسبك النارا )
( قالت بعادك من ربي
يقربني ** وفي دنوك أخشى النار والعارا )
( قلت اسمعي ودعينا من
تفقهكم ** فلست أفقه منا أم عمارا )
( إذا بذلت لنا ما منك
نطلبه ** فاستغفري منه ربا كان غفارا )
وأنشدنا أبو عبد الله
إبراهيم بن محمد بن عرفة
( تعاللت لما لم تكن بك
علة ** وقلت شهيدي ما بعيني من السقم )
( فلا تجعلي سقما
بعينيك علة ** فقد كان هذا السقم في صحة الجسم )
وحدثنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله قال حدثنا العكلى عن ابن أبي خالد عن الهيثم قال بينا
أنا بالكناسة بالكوفة
إذ أتى رجل مكفوف نخاسا فقال له اطلب لي حمارا ليس بالصغير المحتقر ولا بالكبير
المشتهر ان خلا الطريق تدفق وإن كثر الزحام ترفق لا يصادم السواري ولا يدخلني تحت
البواري أن أقللت علفه صبر وإن أكثرته شكر وإن ركبته هام و إن ركبه غيري قام فقال
له اصبر فإن مسخ الله القاضي حمارا قضيت حاجتك
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال حدثنا أبو عمرو بن العلاء قال سمعت جندل
بن الراعي ينشد بلال بن أبي بردة قصيدة أبيه
( نعوس إذا درت جروز
إذا غدت ** بويزل عام أو سديس كبازل )
قال فكاد صدري ينفرج
لحسن إنشاده وجودة الشعر ( قال أبو علي ) إنما سمي راعيا لقوله
( لها أمرها حتى إذا ما
تبوأت ** لأخفافها مرعى تبوا مضجعا )
فقيل رعى الرجل
وحدثنا أبو بكر بن
الأنباري رحمه الله قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن عبيد عن الحرمازي قال مر جرير
بذي الرمة فقال يا غيلان أنشدني ما قلت في المرئي فأنشده
( نبت عيناك عن طلل
بحزوى ** عفته الريح وأمتنح القطارا )
فقال ألا أعينك قال
بلى بأبي وأمي فقال
( يعد الناسبون إلى
تميم ** بيوت المجد أربعة كبارا )
( يعدون الرباب وآل سعد
** وعمرا ثم حنظلة الخيارا )
( ويهلك وسطها المرئي
لغوا ** كما ألغيت في الدية الحوارا )
قال قمر ذو الرمة
بالفرزدق فقال أنشدني ما قلت في المرئي فأنشده القصيدة فلما انتهى إلى هذه الأبيات
قال الفرزدق حس أعد علي فأعاد فقال تالله لقد علكهن أشد لحيين منك
( قال أبو علي ) وقرأت
على أبي بكر بن دريد رحمه الله للصلتان العبدي
( انا الصلتاني الذي قد
علمتم ** متى ما يحكم فهو بالحق صادع )
( أتتني تميم حين هابت
قضاتها ** فإني لبالفصل المبين قاطع )
( كما أنفذ الأعشى قضية
عامر ** وما لتميم في قضائي رواجع )
( ولم يرجع الأعشى قضية
جعفر ** وليس لحكمي آخر الدهر راجع )
( سأقضي قضاء بينهم غير
جائر ** فهل أنت للحكم المبين سامع )
( قضاء أمرئ لا يتقي
الشتم منهم ** وليس له في المدح منهم منافع )
( قضاء امرئ لا يرتشي
حكومة ** إذا مال بالقاضي الرشا والمطامع )
( فإن كنتما حكمتماني
فأنصتا ** ولا تجزعا وليرض بالحكم قانع )
( فإن تجزعا أو ترضيا
لا أقلكما ** وللحق بين الناس راض وجازع )
( فأقسم لا آلو عن الحق
بينهم ** فإن أنا لم أعدل فقل أنت ظالع )
( فإن يك بحر الحنظليين
واحدا ** فما يستوي حيتانه والضفادع )
( وما يستوي صدر القناة
وزجها ** وما يستوي شم الذرى والأجارع )
( وليس الذنابى
كالقدامى وريشه ** وما تستوي في الكف منك الأصابع )
( ألا إنما تحظى كليب
بشعرها ** وبالمجد تحظى دارم والأقارع )
( ومنهم رؤس يهتدى
بصدورها ** وإلا ذناب قدما للرؤس توابع )
( أرى الخطفى بذ الفرزدق
شعره ** ولكن خيرا من كليب مجاشع )
( فيا شاعرا ولا شاعر
اليوم مثله ** جرير ولكن في كليب تواضع )
( جرير أشد الشاعرين
شكيمة ** ولكن علته الباذخات الفوارع )
( ويرفع من شعر الفرزدق
أنه ** له باذخ لذي الخسيسة رافع )
( وقد يحمد السيف
الددان بجفنه ** وتلقاه رنا غمده وهو قاطع )
( يناشدني النصر
الفرزدق بعدما ** ألحت عليه من جرير صواقع )
( فقلت له أنى ونصرك
كالذي ** يثبت أنفا كشمته الجوادع )
وقالت كليب قد شرفنا
عليهم ** فقلت لها سدت عليك المطالع )
( قال أبو علي ) كشم
أنفه إذا قطعه والأكشم أيضا الناقص الخلق قال حسان
( له جانب واف وآخر
أكشم ** )
وقرأت على أبي عمر عن
أبي العباس عن ابن الأعرابي قال أهجى بيت قالته العرب
( وقد علمت عرساك أنك
آئب ** تخبرهم عن جيشهم كل مربع )
أخبر أن من عادته أن
ينهزم فيتحدث بخبر جيشه ( قال أبو علي ) أخبرنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال
حدثني أبي قال حدثنا عبد الصمد بن المعذل بن غيلان قال ركب أبي إلى عيسى بن جعفر
ليسلم عليه فأخبر أنه متأهب للركوب فانتظره فلما أبطأ خروجه دخل إلى المسجد ليصلي
وكان المعذل إذا دخل في الصلاة لم يقطعها فخرج عيسى وصاح يا معذل يا أبا عمرو فلم
يجبه فغضب ومضى فأتم المعذل صلاته ثم لحقه فانشده
( قد قلت إذ هتف الأمير
** يا أيها القمر المنير )
( حرم الكلام فلم أجب
** وأجاب دعوتك الضمير )
( لو أن نفسي طاوعتني
إذ دعوت ولا أحير )
( لباك كل جوارحي **
بأناملي ولها السرور )
( شوقا إليك وحق لي **
ولكدت من فرح أطير )
وحدثنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله قال جلس كامل الموصلي في المسجد الجامع يقرئ الشعر فصعد مخلد
الموصلي المنارة وصاح
( تأهبوا للحدث النازل
** قد قرئ الشعر على كامل )
( وكامل الناقص في عقله
** لا يعرف العام من القابل )
( يهيهة يخلط الفاظه **
كأنه بعض بني وائل )
( وإنما المرء ابن عم
لنا ** ونحن من كوثى ومن بابل )
( أذنابنا ترفع قمصاننا
** من خلفنا كالخشب الشائل )
( قال أبو علي )
وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد النحوي لأعرابي مات ابنه وهو غائب
( يا ليتني كنت فيمن
كان حاضره ** إذ ألبسوه ثياب الفرقة الجددا )
( قالوا وهم عصب
يستغفرون له ** نرجو لك الله والوعد الذي وعدا )
( قل الغناء إذ لاقى
الفتى تلفا ** قول الأحبة لا يبعد وقد بعدا )
( قال أبو علي ) بعد
هلك وبعد نأي
وحدثنا أبو بكر بن
دريد قال حدثني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبي مسكين وعن الشرقي بن قطامي قالا
لما مات عمرو بن حممة الدوسي وكان أحد من تتحاكم إليه العرب مر بقبره ثلاثة نفر من
أهل يثرب قادمين من الشام الهدم بن امرئ القيس بن الحرث بن زيد أبو كلثوم بن الهدم
الذي نزل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعتيك بن قيس بن هيشة بن أمية بن معاوية
وحاطب بن قيس بن هيشة الذي كانت بسببه حرب حاطب فعقروا رواحلهم على قبره وقام
الهدم فقال
( لقد ضمت الأثراء منك
مرزأ ** عظيم رماد النار مشترك القدر )
( حليما إذا ما الحلم
كان حزامة ** وقورا إذا كان الوقوف على الجمر )
( إذا قلت لم تترك
مقالا لقائل ** وإن صلت كنت الليث يحمي حمى الأجر )
( ليبكك من كانت حياتك
عزه ** فأصبح لما بنت يغضي على الصغر )
( سقى الأرض ذات الطول
والعرض مثجم ** أحم الرحا واهي العرى دائم القطر )
( وما بي سقيا الأرض
لكن تربة ** أضلك في أحشائها ملحد القبر )
( قال أبو علي ) الرحى
وسط الغيم ومعظمه ووسط الحرب ومعظمها وقام عتيك بن قيس فقال
( برغم العلى والجود
والمجد والندى ** طواك الردى يا خير حاف وناعل )
( لقد غال صرف الدهر
منك مرزأ ** نهوضا بأعباء الأمور الأثاقل )
( يضم العفاة الطارقين
فناؤه ** كما ضم أم الرأس شعب القبائل )
( ويسرو دجى الهيجا
مضاء عزيمة ** كما كشف الصبح اطراق الغياطل )
( ويستهزم الجيش
العرمرم باسمه ** وإن كان جرارا كثير الصواهل )
( وينقاد ذو البأو لأبي
لحكمه ** فيرتد قسرا وهو جم الدغاول )
( ويمضي إذا ما الحرب
مدر واقه ** على الروع وارفضت صدور العوامل )
( فاما تصبنا الحادثات
بنكبة ** رمتك بها إحدى الدواهي الضآبل )
( فلا تبعدن إن الحتوف
موارد ** وكل فتى من صرفها غير وائل )
( قال أبو علي ) الضآبل
الدواهي واحدها ضئبل وقام حاطب بن قيس فقال
( سلام على القبر الذي
ضم أعظما ** تحوم المعالي حولة فتسلم )
( سلام عليه كلما ذر
شارق ** وما امتد قطع من دجى الليل مظلم )
( فيا قبر عمرو جاد
أرضا تعطفت ** عليك ملث دائم القطر مرزم )
( تضمنت جسما طاب حيا
وميتا ** فأنت بما ضمنت في الأرض معلم )
( فلو نطقت أرض لقال
ترابها ** إلى قبر عمرو الأزد حل التكرم )
( إلى مرمس قد حل بين
ترابه ** وأحجاره بدر وأضبط ضيغم )
( فلو وألت من سطوة
الموت مهجة ** لكنت ولكن الردى لا يثمثم )
( فلا يبعدنك الله حيا
وميتا ** فقد كنت نور الخطب والخطب مظلم )
( وقد كنت تمضي الحكم
غير مهلل ** إذا غال في القول الأبل الغشمشم )
( لعمر الذي حطت إليه
على الونا ** حدابير عوج نيها متهمم )
( لقد هدم العلياء موتك
جانبا ** وكان قديما ركنها لا يهدم )
( قال أبو علي ) وألت
نجت ويثمثم يبطئ ويثمثم يحرك ويدفع والمهلل المتوقف يقال حمل عليه فما هلل
والغيطلة الظلمة والغيطلة اختلاط الاصوات قال أبو النجم
( مستأسدا ذبانه في
غيطل ** ) وهو جمع غيطلة والغيطلة البقرة الوحشية قال زهير
( كما استغاث بسي
فزغيطلة ** خاف العيون فلم ينظر به الحشك )
والغيطلة الشجر
الملتف وقال ابن الأعرابي الغيطلة التفاف الناس وإجتماعهم والغيطلة غلبة النعاس
والدغاول الدواهي ( قال أبو علي ) ولم أسمع له بواحد قال الهذلي
( فقلصى لكم ما عشتم ذو
دغاول ** )
والأبل الظلوم والغشمشم
الذي يركب رأسه لا يثنيه شيء عما يحب ويهوى والحدا جمع حدبار وهي المنحنية الظهر
والني الشحم والمتهمم الذائب وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي
أنشدهم في صفة قدر
( ألقت قوائمها خسا
وترنمت ** طربا كما يترنم السكران )
قوائمها الأثافي وخسا
فرد ( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال لثدت القصعة بالثريد إذا جمع بعضه إلى بعض
وسوي وقد رثدت وقد رثد المتاع إذا نضد وسوي والرثيد المنضود ومنه سمى مرثد ويقال
تركت فلانا مرتثدا أي قد ضم متاعه بعضه إلى بعض ونضده قال الشاعر
( فتذكرا ثقلا رثيدا
بعدما ** ألقت ذكاء يمينها في كافر )
تذكر الظليم والنعامة
رثيدا يعني بيضهما منضودا بعضه فوق بعض ( قال أبو علي )
وذكاء الشمس وابن
ذكاء الصبح والكافر الليل وإنما سمى كافرا لأنه يغطي بظلمته كل شيء ولهذا قيل تكفر
الرجل بالسلاح إذا لبسه وكفر الغمام النجوم أي غطاها ومنه سمى الكافر كافرا لأنه
يغطي نعمة الله وسمى أيضا الزراع كافرا لأنه يغطى الحبة وعنى بقوله بعدما ألقت
ذكاء يمينها في كافر أي ابتدأت في المغيب ويقال هدم ملدم ومردم أي مرقع وقد ردم
ثوبه أي رقعه قال عنترة
( هل غادر الشعراء من
متردم ** أم هل عرفت الدار بعد توهم )
يقول هل ترك الشعراء
شيأ يرقع وهذا مثل وإنما يريد هل تركوا مقالا لقائل ويقال اعلنكس واعرنكس الشيء
إذا تراكم وكثر أصله قال العجاج
( بفاحم دووي حتى اعلنكسا ** )
بفاحم يعني شعرا أسود
دووي عولج وأصلح وقال أيضا
( واعرنكست أهواله
واعرنكسا ** ) أي ركب بعضه بعضا وهدل الحمام يهدل هديلا وهدر الحمام يهدر هديرا
وطلمساء وطرمساء للظلمة ويقال للدرع نثلة ونثرة إذا كانت واسعة ويقال امرأة جلبانة
وجربانة وهي الصخابة السيئة الخلق قال حميد بن ثور
( جربانة ورهاء تخصي
حمارها ** بغى من بغى خيرا إليها الجلامد )
ويروى جلبانة ويقال
عود متقطل ومتقطر ومنقطل ومنقطر أي مقطوع ( وقال أبو عبيدة ) يقال سهم أملط وأمرط
إذا لم يكن عليه ريش وقد تملط ريشه وتمرط ويقال جلمه وجرمه إذا قطعه ( قال أبو علي
) ومنه سمي الجلم الذي يؤخذ به الشعر ( قال
أبو علي ) يقال لكل
واحد من الحديدتين جلم فإذا اجتمعا فهما جلمان وكذلك مقراضان الواحد منهما مقراض
والتلاتل والتراتر الهزاهز ( قال الأصمعي ) يقال مر يرتك ويرتج إذا ترجرج ويقال أصابه سك وسج إذا
لان عليه بطنه ويقال الزمكى والزمجي لزمكي الطائر ويقال ريح سيهك وسيهج وسيهوك وسيهوج
وهي الشديدة قال رجل من بني سعد
( يا دار سلمى بين
دارات العوج ** جرت عليها كل ريح سيهوج )
والسهج والسهك والسحق
يقال سحقه وسهكه وسهجه ( وقال أبو عمرو الشيباني ) السهك والسهج ممر الريح ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال
حدثني العكلي عن الحرمازي عن رجل من همدان قال قال معاوية لضرار الصدائي يا ضرار
صف لي عليا رضي الله عنه قال أعفني يا أمير المؤمنين قال لتصفنه قال أما إذا لا بد
من وصفه فكان والله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من
جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل ووحشته
وكان والله غزير العبره طويل الفكره يقلب كفه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما قصر
ومن الطعام ما خشن كان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه وينبئنا إذا استنبأناه ونحن
مع تقريبه إيانا وقربه منا لا نكاد نكلمه لهيبته ولا نبتدئه لعظمته يعظم أهل الدين
ويحب المساكين لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله وأشهد لقدر رأيته
في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته
يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول يا دنيا غري غيري ألى تعرضت أم إلي
تشوقت هيهات هيهات قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها فعمرك قصير وخطرك حقير آه من قلة
الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق فبكى معاوية رحمه الله وقال رحم الله أبا الحسن
فلقد كان كذلك فكيف حزنك عليه
يا ضرار قال حزن من
ذبح واحدها في حجرها ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر محمد بن الحسن بن دريد هذه
القصيدة في شعر كعب الغنوي وأملاها علينا أبو الحسن علي ابن سليمان الأخفش وقال
قرئ لنا على أبي العباس محمد بن الحسن الأحول ومحمد بن يزيد وأحمد بن يحيى ( قال )
وبعض الناس يروي هذه القصيدة لكعب بن سعد الغنوي وبعضهم يرويها بأسرها لسهم الغنوي
وهو من فومه وليس بأخيه وبعضهم يروي شيأ منها لسهم والمرثي بهذه القصيدة يكنى أبا
المغوار واسمه هرم وبعضهم يقول اسمه شبيب ويحتج ببيت روى في هذه القصيدة
( أقام فخلى الظاعنين
شبيب ** ) وهذا البيت مصنوع والأول كأنه أصح لأنه رواه ثقة ( قال ) وزادنا
أحمد بن يحيى عن أبي العالية في أولها بيتين ( قال ) وهؤلاء كانوا يختلفون في
تقديم الأبيات وتأخيرها وزيادة الأبيات ونقصانها وفي تغيير الحروف في متن البيت
وعجزه وصدره ( قال أبو علي ) وأنا ذاكر ما يحضرني من ذلك والبيتان اللذان رواهما
أبو العالية
( ألا من لقبر لا يزال
تهجه ** شمال ومسياف العشي جنوب )
تهجه تهدمه يقال هج
البيت وهجمه إذا هدمه ( قال أبو عبيدة ) ولما قتل بسطام بن قيس لم يبق في بكر بن
وائل بيت إلا هجم أي هدم إكبار القتلة
ومسياف مفعال من سافه
يسيفه سيفا إذا ضربه بالسيف يريد أنها في حدتها في الصيف والشتاء كالسيف
( به هرم يا ويح نفسي
من لنا ** إذا طرقت للنائبات خطوب )
وأولها في رواية
الجميع
( تقول سليمى ما لجسمك
شاحبا ** كأنك يحميك الطعام طبيب )
( فقلت ولم أعي الجواب
لقولها ** وللدهر في صم السلام نصيب )
ويروى
( فقلت ولم أعي الجواب
ولم ألح ** )
( تتابع أحداث تخرمن
أخوتي ** وشيبن رأسي والخطوب تشيب )
( لعمري لئن كانت أصابت
منية ** أخي والمنايا للرجال شعوب )
( لقد عجمت مني الحوادث
ما جدا ** عروفا الريب الدهر حين يريب )
( وقد كان أما حلمه
فمروح ** علينا وأما جهله فعزيب )
( فتى الحرب أن حاربت
كان سمامها ** وفي السلم مفضال اليدين وهوب )
( هوت أمه ماذا تضمن
قبره ** من الجود والمعروف حين ينوب )
ويروى حين يؤب
( جموع خلال الخير من
كل جانب ** إذا جاء جياء بهن ذهوب )
( مفيد مفيت الفائدات
معود ** لفعل الندى والمكرمات كسوب )
( فتى لا يبالي أن يكون
بجسمه ** إذا نال خلات الكرام شحوب )
( قال أبو علي )
( وقرأت على أبي بكر **
فتى لا يبالي أن يكون بوجهه )
( غنينا بخير حقبة ثم
جلحت ** علينا التي كل الأنام تصيب )
( فأبقت قليلا ذاهبا
وتجهزت ** لآخر والراجي الخلود كذوب )
وأكثرهم ينشدون
والراجي الخلود لأنه أغرب وأظرف والخلود أجود في العربية
( وأعلم أن الباقي الحي
منهما ** إلى أجل أقصى مداه قريب )
( فلو كان حي يفتدى
لفديته ** بما لم تكن عنه النفوس تطيب )
الفداء يمد ويقصر (
قال أبو علي ) كذا حدثني محمد بن الأنباري وقال الأخفش الفداء لا يقصر إلا عند
ضرورة الشعر فإذا فتحت الفاء قصر
( بعيني أو يمنى يدي
وإنني ** ببذل فداه جاهدا لمصيب )
( فإن تكن الأيام أحسن
مرة ** إلي فقد عادت لهن ذنوب )
( عظيم رماد النار رحب
فناؤه ** إلى سند تحتجنه غيوب )
( قريب ثراه ما ينال
عدوه ** له نبطا آبى الهوان قطوب )
( لقد أفسد الموت
الحياة وقد أتى ** على يومه علق إلي حبيب )
( حليم إذا ما الحلم
زين أهله ** مع الحلم في عين العدو مهيب )
( إذا ما تراآه الرجال
تحفظوا ** فلم تنطق العوراء وهو قريب )
( قال أبو علي ) قرأت
على أبي بكر فلم ينطقوا العوراء
( أخي ما أخي لا فاحش
عند بيته ** ولا ورع عند اللقاء هيوب )
( على خير ما كان
الرجال نباته ** وما الحظ إلا طعمة ونصيب )
( قال أبو علي ) وقرأت
على أبي بكر
( على خير ما كان
الرجال خلاله ** وما الخير إلا قسمة ونصيب )
( حليف الندى يدعو
الندى فيجيبه ** قريبا ويدعوه الندى فيجيب )
( هو العسل الماذي لينا
وشيمة ** وليث إذا يلقى العدو غضوب )
( حليم إذا ما سورة
الجهل أطلقت ** حبى الشيب للنفس اللجوج غلوب )
( هوت أمه ما يبعث
الصبح غاديا ** وماذا يرد الليل حين يؤوب )
( كعالية الرمح الرديني
لم يكن ** إذا ابتدر الخير الرجال يخيب )
وروى أبو بكر لم يكن
إذا ابتدر القوم النهاب
( أخو شتوات يعلم الحي
أنه ** سيكثر ما في قدره ويطيب )
ويروى أخو شتوات يعلم
الضيف أنه
( ليبكك عان لم يجد من
يعينه ** وطاوى الحشانانى المزار غريب )
( يروح تزهاه صبا مستطيفة
** بكل ذرى والمستراد جديب )
( كأن أبا المغوار لم
يوف مرقبا ** إذا ربأ القوم الغزاة رقيب )
===================================
ج4. كتاب :الأمالي في
لغة العرب أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي
( ولم يدع فتيانا كراما
لميسر ** إذا هب من ريح الشتاء هبوب )
( حبيب إلى الزوار
غشيان بيته ** جميل المحياشب وهو أريب )
( إذا حل لم يقصر مقامة
بيته ** ولكنه الأدنى بحيث يجيب )
( يبيت الندى يا أم
عمرو ضجيعه ** إذا لم يكن في المنقيات حلوب )
وحدثنا أبو الحسن قال
حدثنا أحمد بن يحيى قال أخبرنا سلمة عن الفراء أنه روى يبيت الندى يا أم عمرو
ضجيعه ( قال أبو علي ) وزادني أبو بكر بن دريد رحمه الله من حفظه ههنا بيتا وهو
( كأن بيوت الحي ما لم
يكن بها ** بسابس لا يلقى بهن عريب )
( إذا شهد الأيسار أو
غاب بعضهم ** كفى ذاك وضاح الجبين نجيب )
( قال أبو علي ) وقرأت على
أبي بكر
( وإن شهدوا أو غاب بعض
حماتهم ** كفى القوم وضاح الجبين أريب )
( وداع دعا يا من يجيب
إلى الندى ** فلم يستجبه عند ذاك مجيب )
( فقلت ادع أخرى وارفع
الصوت دعوة ** لعل أبا المغوار منك قريب )
( يجبك كما قد كان يفعل
إنه ** مجيب لأبواب العلاء طلوب )
( فإني لباكيه وإني
لصادق ** عليه وبعض القائلين كذوب )
( فتى أريحي كان يهتز
للندى ** كما اهتز ما مضى الشقرتين قضيب )
( وخيرتماني أنما الموت
بالقرى ** فكيف وهاتا روضة وكثيب )
( قال أبو علي ) يقال
حميت المريض حمية وأحميت الحديد في النار إحماء وحميت
الشيء إذا منعت عنه
وأحميت المكان إذا جعلته حمى لا يقرب
ويقال عييت بالكلام
فأنا أعيا عيا ولا يقال أعييت ويقال أعييت من المشي فأنا أعيي إعياء وألح أشفق
يقال ألاح من الشيء أن أشفق قال جبيهاء الأشجعي
( تنجو إذا نجدت وعارض
أوبها ** سلق ألحن من السياط خضوع )
والسلام الصخور
واحدتها سلمة والسلم شجر واحدتها سلمة والسلام أيضا شجر واحدتها سلامة ويقال خرمته
المنية وتخرمته إذا ذهبت به وشعوب معرفة لا تنصرف اسم من أسماء المنية وإنما سميت
شعوب لأنها تشعب أي تفرق وشعوب صفة في الأصل ثم سمى به
ويقال عجمت العود
أعجمه عجما إذا عضضته لتسبر صلابته من رخاوته بضم الجيم في المضارع والعجم النوى
ومنه قول الأعشى ( كلقيط العجم )
وكان أبو بكر بن دريد
يروى عن أصحابه كلفيظ العجم وهو أجود لأن ما لفظ من النوى أصلب من غيره وعروفا
صبورا ويقال رابني يريبني وأرابني يريبني بمعنى واحد وبعضهم يقول رابني تبينت منه
الريبة وأرابني إذا ظننت به الريبة ومروح ومراح واحد
وعازب وعزيب بعيد
ومنه سمى العزب لأنه بعد عن النساء والسمام جمع سم وهذا مما اتفق في جمعه فعول
وفعال لأنهم يقولون سمام وسموم والسلم والسلم الصلح والسلم الإستسلام
وهوت أمه اي هلكت
كأنها انحدرت إلى الهاوية وجياء فعال من جاء يجيء وفعول وفعال يكونان للمبالغة (
قال أبو علي ) حدثنا أبو الحسن قال حدثنا محمد بن يزيد عن أبي المحكم قال أنشدت يونس
أبياتا من رجز فكتبها على ذراعه ثم قال لي إنك لجياء بالخير
وفي قوله مفيد مفيت
قولان أحدهما يريد أنه يحرب قوما ويجبر آخرين والآخر أنه يستفيد ويتلف والشحوب
التغير يقال شحب لونه يشحب شحوبا وغنينا أقمنا ولهذا قيل للمنزل مغنى ومنه قول
الله عز وجل كأن لم يغنوا فيها وحقبة دهرا وجلحت ذهبت
بنا وأكلتنا فأفرطت
واصل الجلح الكشف والمجالحة المكاشفة ويقال جلحت الأرض إذا أكل ما فيها من النبات
ويقال جلح الشجر فهو مجلح إذا ذهب الشتاء بغصونه وورقه كالرأس الأجلح قال ابن مقبل
( ألم تعلمي أن لا يذم
فجاءتي ** دخيلي إذا اغبر العضاه المجلح )
ويقال ناقة مجلاح
ومجلح ومجالح إذا أكلت أغصان الشجر وهي أصلب الإبل وأبقاها لبنا ( وقال الأصمعي )
المجالح بغير هاء التي تدر على الجوع والقر يقال جالحت الناقة تجالح مجالحة شديدة
قال الشاعر
( لها شعر داج وجيد
مقلص ** وجسم خداري وضرع مجالح )
وقال الفرزدق
( مجاليح الشتاء
خبعثنات ** إذا النكباء ناوحت الشمالا )
والخبعثن والخبعثنة
الغليظ الجسم من الإبل وغيرها وقوله عظيم رماد النار أي جواد بذول للقرى ( قال أبو
علي ) إنما تصف العرب الرجل بعظم الرماد لأنه لا يعظم إلا رماد من كان مطعاما
للأضياف
والفناء ممدود فناء
الدار والفناء بالفتح ممدود من فني الشي والفنا عنب الثعلب مقصور والفنا جمع فناة أيضا
مقصورة وهي البقرة الوحشية وتحتجنه تغيبه ومنه احتجن فلان المال إذا غيبه وتحتجبه
من الحجاب والثرى التراب الندي وهذا مثل وإنما يريد أنه قريب المعروف والخير إذا
طلب ما عنده وقوله لا ينال عدوه له نبطا أي لا يدرك غوره ولا يستخرج ما في بيته
لدهائه ويقال أنه أراد لا ينال لينه لأن ناحتيه خشنة على عدوه وإن كانت لينة لوليه
والنبط أول ما يخرج
من البئر إذا حفرت وقطوب معبس يقال قطب يقطب فهو قاطب وقطب فهو مقطب وقطوب
للمبالغة
والعلق النفيس من كل
شيء والعوراء الكلمة القبيحة من الفحش قال الشاعر
( وما الكلم العوران لي
بقتول ** ) والورع
الجبان الضعيف
والماذي العسل الأبيض
وهو أجود العسل ( وقال بعض اللغويين ) ومنه قيل للدرع ماذية لصفاء لونها
وقوله كعالية الرمح
أراد كالرمح في طوله وتمامه والعالية من الرمح النصف الذي يلي السنان فأما الذي
يلي الزج فسافلته
وط اوى البطن يريد
ضامر البطن من الجوع وتزهاه تستخفه ( وقال بعض اللغويين ) ذرى الحائط وذرى الشجر أصلهما والجيد أن يكون الذرى الناحية ( قال أبو
علي ) هكذا سمعت من أبي بكر ومن أثق بعلمه ولهذا قيل أنا في ذرى فلان وفلان في ذرى
فلان ويوفي يشرف
وربأ صار لهم ربيئة
والربيئة م الطليعة وهو الرقيب أيضا والميسر الجزور التي تنحر والأيسار الذين
يقسمون الجزور وأحدهم يسر والمحيا الوجه
وحدثنا أبو الحسن قال
حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد أن نفرا من بني هاشم دخلوا على المنصور يتظلم بعضهم
من بعض فقال له قائل منهم أعلمك يا أمير المؤمنين أن هذا شد علي بخزالوفة فضرب بها
وجهي فأقبل المنصور على الربيع فقال له ويلك ما خزالوفة فقال يريد يد خزفة يا أمير
المؤمنين فقال المنصور قاتلكم الله صغارا وكبارا لستم كما قال كعب بن سعد الغنوي
( حبيب إلى الفتيان
غشيان رحله ** جميل المحيا شب وهو أديب )
والمنقيات ذوات النقي
المخ ( وقال ) البسابس والسباسب الصحارى ويقال ما بالدار عريب أي ما بها أحد
والأيسار واحدهم يسر وهو الذي يدخل مع القوم في الميسر وهو مدح والبرم الذي لا
يدخل وهو ذم وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي أنشدهم
( فلما رأيت جد النوى
ضافت النوى ** بنظرة ثكلى أكذبت كل كاشح )
أي لما علمت بالفراق
بكت فعلم أن الكاشح الساعي لم ينجع قوله يعني عندها ( قال أبو علي ) وحدثنا الرياشي قال حدثني ابن سلام قال دخلت ديباجة
المدنية على امرأة
فقيل لها كيف رأيتها
فقالت لعنها الله كأن بطنها قربة وكأن ثديها دبة وكأن استها رقعة وكأن وجهها وجه
ديك قد نفش عفريته يقاتل ديكا
وحدثنا أبو عبد الله
إبراهيم رحمه الله قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال كان المجشر في
الشرف من العطاء وكان دميما فقال له عبيد الله ذات يوم كم عيالك فقال ثمان بنات
فقال وأين هن منك فقال أنا أحسن منهن وهن أكمل مني فضحك عبيد الله وقال جاد ما
سألت لهن وأمر له بأربعة آلاف فقال
( إذا كنت مرتاد الرجال
لنفعهم ** فناد زيادا أو أخا لزياد )
( يجبك امرؤ يعطي على
الحمد ماله ** إذا ضن بالمعروف كل جواد )
( ومالي لا أثني عليه
وإنما ** طريفي من أمواله وتلادي )
( هم أدركوا أمر البرية
بعدما ** تفانوا وكادوا يصبحون كعاد )
وأنشدنا رحمه الله
قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن الزبير لإمرأة من أهل الحجاز
( يا خليلي آبنى سهدي
** لم تنم عيني ولم تكد )
( كيف تلحوني على رجل
** آنس تلتذه كبدي )
( مثل ضوء البدر طلعته
** ليس بالزميلة النكد )
قال وأنشدنا أيضا
( للناس بيت يديمون
الطواف به ** ولي بمكة لو يدرون بيتان )
( فواحد لجلال الله
أعظمه ** وآخر لي به شغل بإنسان )
( قال أبو علي ) قال
الأصمعي يقال للناقة إذا ألقت ولدها ولم يشعر أي لم ينبت شعره قد أملصت وأملطت وهي
ناقة مملص ومملط وإبل مماليص ومماليط فإذا كان ذلك من عادتها قيل مملاص ومملاط وقد
ألقته مليصا
ويقال اعتاطت رحمها
واعتاصت وهما واحد وذلك إذا لم تكن تحمل أعواما ( قال الأصمعي ) يقال اطرهم واطرخم
إذا
كان مشرفا طويلا
وأنشد لإبن أحمر
( أرجي شبابا مطرهما
وصحة ** وكيف رجاء الشيخ ما ليس لاقيا )
وروى أبو عبيد عن أبي
زياد الكلابي المطرهم الشباب المعتدل التام وروى في البيت وكيف رجاء المرء ما ليس
لاقيا
ويقال بخ بخ وبه به
إذا تعجب من الشيء ويقال صخدته الشمس وصهدته إذا اشتد وقعها عليه ويقال هاجرة
صيخود أي صلبة وصخرة صيخود قال الراجز
( كأنهن الصخر الصيخود
** يرفت عقر الحوض والعضود )
( وقال الأصمعي ) يقال
مط الحرف ومده بمعنى واحد ويقال قد بطغ الرجل وبدغ إذا تلطخ بعذرته وقال رؤبة
( لولا دبوقاء استه لم
يبطغ ** ) ويروى لم يبدغ
والدبوقاء العذرة
ويقال ماله إلا هذا فقد وإلا هذا فقط والإبعاد والإبعاط واحد ( قال الأصمعي )
الأقطار والأقتار النواحي يقال وقع على أحد قطريه وعلى أحد قتريه أي أحدى ناحيتيه
ويقال طعنه فقطره وقتره إذا ألقاه على أحد قطريه
ويقال رجل طبن وتبن
أي فطن حاذق ويقال ما أستطيع وما أستتيع وقال يعقوب بن السكيت المعكول والمعكود
المحبوس ويقال معله ومعده إذا اختلسه وأنشد
( إني إذا ما الأمر كان
معلا ** وأوخفت أيدي الرجال الغسلا )
قوله معلا أي أختلاسا
وقوله وأوخفت أيدي الرجال يربد قلبوا أيديهم في الخصومة وقال الآخر
( أخشى عليها طيئا
وأسدا ** وخار بين خربا ومعدا )
أي آختلسا
والخارب سارق الإبل
خاصة ثم يستعار فيقال لكل من سرق بعيرا كان أو غيره ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه
قال أخبرنا شيخ من بني العنبر قال كان يقال النساء ثلاث فهينة لينة عفيفة مسلمة تعين
أهلها على العيش ولا تعين العيش على أهلها وأخرى وعاء للولد وأخرى غل قمل يضعه
الله في عنق من يشاء
والرجال ثلاثة فهين
لين عفيف مسلم يصدر الأمور مصادرها ويوردها مواردها وآخر ينتهي إلى رأي ذي اللب
والمقدرة فيأخذ بقوله وينتهي إلى أمره وآخر حائر بائر لا يأتمر لرشد ولا يطيع
المرشد وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال رجل أحب أن أرزق ضرسا طحونا
ومعدة هضوما وسرما منباقا
( قال ) وأخبرنا عبد
الرحمن عن عمه قال قيل لعرابة الأوسي بم سدت قومك قال بأربع أنخدع لهم عن مالي
وأذل لهم في عرضي ولا أحقر صغيرهم ولا أحسد رفيعهم
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة قال قيل لقيس بن عاصم بم سدت قومك قال ببذل
القرى وترك المرا ونصر المولى وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم سهل بن محمد
السجستاني قال قال عامر بن الظرب العدواني يا معشر عدوان الخير ألوف عروف وأنه لن
يفارق صاحبه حتى يفارقه وإني لم أكن حكيما حتى صاحبت الحكماء ولم أكن سيدكم حتى
تعبدت لكم ( قال أبو علي ) قرأت على أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة
عن أبيه قال نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر رضي الله عنه فقال من هذا الذي
نزل عن الناس في سنه وعلاهم في قوله
وقرأت عليه أيضا عن
أبيه قال نظر رجل إلى معاوية وهو غلام صغير فقال إني أظن هذا الغلام سيسود قومه
فقالت هند ثكلته إن كان لا يسود إلا قومه
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال قال عبد الملك بن مروان لأمية ابن عبد الله بن خالد
بن أسيد مالك ولحرثان بن عمرو حيث يقول فيك
( إذا هتف العصفور طار
فؤاده ** وليث حديد الناب عند الثرائد )
فقال يا أمير
المؤمنين وجب عليه حد فأقمته فقال هلا درأت عنه بالشبهات فقال كان الحد أبين وكان
رغمه علي أهون فقال عبد الملك يا بني أمية أحسابكم أنسابكم لا تعرضوها للهجاء
وإياكم وما سار به الشعر فإنه باق ما بقي الدهر والله ما يسرني أني هجيت بهذا
البيت وإن لي ما طلعت عليه الشمس
( يبيتون في المشتى
ملاء بطونهم ** وجاراتهم غرثى يبتن خمائصا )
وما يبالي من مدح
بهذين البيتين أن لا يمدح بغيرهما
( هنالك إن يستخبلوا
المال يخبلوا ** وإن يسالوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا )
( على مكثريهم رزق من
يعتريهم ** وعند المقلين السماحة والبذل )
وأملى علينا أبو بكر
قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي عبيدة لخرنق بنت هفان ترثى زوجها عمرو ابن مرثد وابنها
علقمة بن عمرو وأخويه حسان وشرحبيل )
( لا يبعدن قومي الذين
هم ** سم العداة وآفة الجزر )
( النازلون بكل معترك
** والطيبون معاقد الأزر )
ويروى النازلين
والطيبين معاقد الأزر ويروى النازلون والطيبين
( إن يشربوا يهبوا وإن
يذروا ** يتواعظوا عن منطق الهجر )
( قوم إذا ركبوا سمعت
لهم ** لغطا من التأييه والزجر )
( والخالطين نحيتهم
بنضارهم ** وذوي الغنى منهم بذي الفقر )
( هذا ثنائي ما بقيت
عليهم ** فإذا هلكت أجنني قبري )
( قال أبو علي ) الهجر
القحش واللغط الجلبة التأييه الصوت يقال أيهت به تأييها إذا صحت به والنحيت
المنحوت والنضار الذهب
وحدثني أبو عمرو عن
أبي العباس عن ابن الأعرابي أن غليما من بني دبير أنشده
( يا ابن الكرام حسبا
ونائلا ** حقا ولا أقول ذاك باطلا )
( إليك أشكوا الدهر
والزلازلا ** وكل عام نقح الحمائلا )
التنقيح القشر ( قال
) قشروا حمائل السيوف فباعوها لشدة زمانهم
وأملى أبو العهد صاحب
الزجاج قال أنشدنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال أنشدنا أبو عثمان المازني
للفرزدق
( لا خير في حب من ترجى
نوافله ** فاستمطروا من قريش كل منخدع )
( تخال فيه إذا ما جئته
بلها ** في ماله وهو وافي العقل والورع )
وقرأت هذين البيتين
في عيون الأخبار على أحمد بن عبد الله بن مسلم مكان نوافله فضائله وفي البيت
الثاني مكان تخال فيه إذا ما جئته بلها في ماله كأن فيه إذا حاولته بلها عن ماله
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا الرياشي قال أنشدنا أبو العالية الرياحي
( إذا أنا لم أشكر على
الخير أهله ** ولم أذمم الجبس اللئيم المذمما )
( ففيم عرفت الخير
والشر باسمه ** وشق لي الله المسامع والفما )
وأنشدنا أبو بكر قال
أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لأعرابي سأل رجلا حاجة فتشاغل عنه
( كدحت بأظفاري وأعملت
معولي ** فصادفت جلمود من الصخر أملسا )
( تشاغل لما جئت في وجه
حاجتي ** وأطرق حتى قلت قدمات أو عسى )
( وأقبلت أن أنعاه حتى
رأيته ** يفوق فواق الموت ثم تنفسا )
( فقلت له لا بأس لست
بعائد ** فأفرخ تعلوه السمادير مبلسا )
السمادير ما يتراءى
للإنسان عند السكر ( قال أبو علي ) أنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر مستملى أبي
العباس محمد بن يزيد قال أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي قال أنشدنا الزبير لعبيد الله
بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
( غراب وظبي أعضب القرن
ناديا ** بصرم وصردان العشي تصيح )
( لعمري لئن شطت بعثمة
دارها ** لقد كنت من وشك الفراق أليح )
( أروح بهم ثم أغدوا
بمثله ** ويحسب أني في الثياب صحيح )
( فإن كنت أغدو في
الثياب تجملا ** فقلبي من تحت الثياب جريح )
( قال ) وأنشدنا أبو
عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة لنفسه
( أتراني صبرت عنك
اختيارا ** أم تطلبت إذ ظلمت انتصارا )
( لا وغنج بمقلتيك وورد
** فوق خديك يخجل الأنوارا )
( ما تجافيت عن مرادك
إلا ** خوف واش أشعرت منه الحذارا )
( ورقيب موكل بي طرفا
** وحسود ينمق الأخبارا )
( قال أبو علي ) يقال
رمح يزني وأزني ويزأني وأزأني منسوب إلى ذي يزن ويقال رجل يلمعي وألمعي إذا كان
ظريفا ويلملم وألملم اسم موضع أو جبل
( وقال غيره ) يقال
لافة تصيب الزرع اليرقان والأرقان وهذا زرع ميروق وقد يرق وزرع مأروق وقد أرق
ويقال للرجل الشديد الخصومة والجدل رجل ألدو يلندد وألندد ويقال طير يناديد
وأناديد أي متفرقة ويقال للجلود السود يرندج وأرندج ويقال للعود الذي يتبخر به
يلنجوج وألنجوج ويبرين وأبرين موضع وسهم يثربي وأثربي بفتح الراء وكسرها فيهما
منسوب إلى يثرب وهذه يذرعات وأذرعات ويقال في أسنانه يلل وألل إذا كان فيها إقبال
على باطن الفم ويقال قطع الله يديه وحكى اللحياني عن الكسائي أنه سمع بعضهم يقول
قطع الله أديه ويقال للرفيق اليدين إنه ليدي وأدي ويقال ولدته أمه يتنا وأتنا وتنا
وهو أن تخرج رجلاه قبل رأسه ويقال ما في سيرة يتم ولا أتم أي إبطاء ويقال أعصر
ويعصر ويقال لدودة تنسلخ فتصير فراشة يسروع وأسروع ويقال هي الدودة التي تكون في البقل
ويقال
هي بنات النقى وبنات
النفى دود أبيض يكون في الرمل تشبه به الأصابع وقال ذو الرمة
( خراعيب أملود كأن
بنانها ** بنات النقى تخفى مرارا وتظهر )
وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال خرجت تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد
فهنأت ذودا الهاجر بي ثم نضت عنها ثيابها واغتسلت ودريد يراها ولا تراه فقال دريد
( حيوا تماضر واربعوا
صحبي ** وقفوا فإن وقوفكم حسبى )
( ما ان رأيت ولا سمعت
به ** كاليوم طالي أينق جرب )
( متبذلا تبدو محاسنه
** يضع الهناء مواضع النقب )
( متحسرا نضخ الهناء به
** نضخ العبير بريطة العصب )
( أخناس قد هام الفؤاد
بكم ** واعتاده داء من الحب )
( فسليهم عني خناس إذا
** غض الجميع هناك ما خطبي )
( قال أبو علي ) النقب
القطع المتفرقة من الجرب في جلد البعير ويقال النقب أيضا بفتح القاف والواحدة نقبة
وغض من الغضاضة واللين وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال خطب
دريد بن الصمة خنساء بنت عمرو بن الحرث بن الشريد فأراد أخوها معاوية أن يزوجها
منه وكان أخوها صخر غائبا في غزاة له فأبت وقالت لا حاجة لي به فأراد معاوية أن
يكرهها فقالت
( تباكرني حميدة كل يوم
** بما يولى معاوية بن عمرو )
( فإلا أعط من نفسي
نصيبا ** فقد أودى الزمان إذا بصخر )
ويروى
( لئن لم أوف من نفسي
نصيبا ** لقد أودى ** )
( أتكرهني هبلت على
دريد ** وقد أحرمت سيد آل بدر )
( معاذ الله يرصعني
حبركى ** قصير الشبر من جشم بن بكر )
ويروى ينكحني
ومعناهما واحد
( يرى مجدا ومكرمة
أتاها ** إذا عشى الصديق جريم تمر )
ويروى إذا غدى الجليس
( قال أبو علي ) الحبركى القصير الرجلين الطويل الظهر والشبر الخير والعطاء وقال
دريد
( لمن طلل بذات الخمس
أمسى ** عفا بين العقيق فبطن ضرس )
( أشبهها غمامة يوم دجن
** تلالأ برقها أو ضوء شمس )
( فأقسم ما سمعت كوجد
عمرو ** بذات الخال من جن وإنس )
( وقاك الله يا ابنة آل
عمرو ** من الفتيان أمثالي ونفسي )
( فلا تلدي ولا ينكحك
مثلي ** إذا ما ليلة طرقت بنحس )
( وقالت أنه شيخ كبير
** وهل خبرتها أني ابن أمس )
( تريد أفيحيج الرجلين
شثنا ** يقلع بالجديرة كل كرس )
ويروى
( تريد شرنبث الكفين
شثنا ** يقلع بالجدائر ) والشرنبث الغليظ
( إذا عقب القدور عددن
مالا ** تحب حلائل الأبرام عرسى )
( وقد علم المراضع في
جمادى ** إذا استعجلن عن حز بنهس )
( بأني لا أبيت بغير
لحم ** وأبدأ بالأرامل حين أمسي )
( وأني لا يهر الضيف
كلبي ** ولا جاري يبيت خبيث نفس )
( وأصفر من قداح النبع
فرع ** به علمان من عقب وضرس )
( دفعت إلى المفيض إذا
استقلوا ** على الركبات مطلع كل شمس )
ويروى
( دفعت إلى النجي وقد
تجانوا ** على الركبات )
قال أبو علي )
الجديرة الحظيرة والكرس ما تكرس أي صار بعضه فوق بعض ومنه أخذت الكراسة والأبرام
جمع برم وهو الذي لا يدخل مع القوم في الميسر ( قال أبو علي ) قال لنا
أبو بكر قال أبو حاتم
عن الأصمعي هذا غلط إنما هو مغرب كل شمس لأن الأيسار إنما يتياسرون بالعشيات ألم
تسمع إلى قول النمر بن تولب
( ولقد شهدت إذا القداح
توجدت ** وشهدت عند الليل موقد نارها )
فلما مات صخر قالت
الخنساء تعارض دريد في كلمته
( يؤرقني التذكر حين
أمسي ** ويردعني مع الأحزان نكسي )
( على صخر وأي فتى كصخر
** ليوم كريهة وطعان خلس )
( وعان طارق أو مستضيف
** يروع قلبه من كل جرس )
( ولم أر مثله رزأ لجن
** ولم أر مثله رزأ لانس )
( أشد على صروف الدهر
منه ** وأفضل في الخطوب لكل لبس )
ويروى أشد على صروف
الدهر إدا
( ألا يا صخر لا أنساك
حتى ** أفارق مهجتي ويشق رمسى )
( ولولا كثرة الباكين
حولي ** على أخوانهم لقتلت نفسي )
( ولكن لا أزال أرى عجولا
** يساعد نائحا في يوم نحس )
( تفجع والها تبكي
أخاها ** صبيحة رزئه أو غب أمس )
( يذكرني طلوع الشمس
صخرا ** وأبكيه لكل غروب شمس )
( وما يبكون مثل أخي
ولكن ** أعزي النفس عنه بالتأسي )
( قال أبو علي ) قال
أبو بكر طلوع الشمس للغارة وغروب الشمس للضيفان وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو
العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال يقال عل في المرض يعل اي اعتل وعل في
الشراب يعل ويعل علا ( قال ) يقال رجل هزر وقنذعل وطيخة وضاجع إذا كان أحمق وأنشد
( ما للكواعب يا عيساء
قد جعلت ** تزور عني وتطوى دوني الحجر )
( قد كنت فتاح أبواب
مغلقة ** ذب الرياد إذا ما خولس النظر )
( فقد جعلت أرى الشخصين
أربعة ** والواحد اثنين مما بورك البصر )
( وكنت أمشي على رجلين
معتدلا ** فصرت أمشي على أخرى من الشجر )
( قال ) هو لعبد من
عبيد بجيلة أسود ( قال أبو علي ) يقال فلان ذب الرياد إذا كان لا يستقر في موضع
ومنه قيل للثور الوحشي ذب الرياد قال ابن مقبل
( أتى دونها ذب الرياد
كأنه ** فتى فارسي في سراويل رامح )
وحدثني أبو عمر عن
أبي العباس أن ابن الأعرابي أنشدهم
( فتى مثل ضوء الماء
ليس بباخل ** بخير ولا مهد ملاما الباخل )
( ولا قائل عوراء تؤذي
جليسه ** ولا رافع رأسا بعوراء قائل )
( قال أبو علي ) هذا
عندي من المقلوب أراد بقائل عوراء
( ولا مظهر أحدوثة
السوء معجبا ** باعلانها في المجلس المتقابل )
( وليس إذا الحرب
المهمة شمرت ** عن الساق بالواني ولا المتضائل )
( ترى أهله في نعمة وهو
شاحب ** طوى البطن مخماص الضحى والأصائل )
وحدثنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال بعض الحكماء لا غنى كالعقل
ولا فقر كالجهل ولا ظهير كالمشاورة ولا ميراث كالأدب وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو
حاتم عن الأصمعي قال قال جعفر بن سليمان ما سمعت بأشعر من الذي يقول
( إذا رمت عنها سلوة
قال شافع ** من الحب ميعاد السلو المقابر )
فقال له رجل أشعر منه
الذي يقول
( سيبقى في مضمر القلب
والحشا ** سريرة ود يوم تبلى السرائر )
وحدثنا أبو بكر قال
أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول اللهم إني أعوذ
بك أن أقول زورا أو
أغشى فجورا أو أكون بك مغرورا ( قال ) وسمعت عمي يقول كان يقال الخط يعرب عن اللفظ
( قال ) وسمعته يقول
البلاغة أن تظهر المعنى صحيحا واللفظ فصيحا وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن
أبي عبيدة قال بلغني أنه قيل لمعن بن زائدة ما أحسن ما مدحت به قال قول سلم الخاسر
( أبلغ الفتيان مألكة
** أن خير الود ما نفعا )
( إن قرما من بني مطر
** أتلفت كفاه ما جمعا )
( كلما عدنا لنائله **
عاد في معروفه جذعا )
( قال أبو علي )
المألكة والمألكة والألوك الرسالة ومنه اشتقاق الملائكة ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم للمثقب ( قال ) ويروى
لعنترة
( وللموت خير للفتى من
حياته ** إذا لم يثب للأمر إلا بقائد )
ويروى
( إذا لم يطق علياء إلا
بقائد ** )
( فعالج جسيمات الأمور
ولا تكن ** هبيت الفؤاد همه للوسائد )
( ويروى ولا تكن **
نكيث القوى ذا نهمة بالوسائد )
( إذا الريح جاءت
بالجهام تشله ** هذا ليله سل القلاص الطرائد )
( وأعقب نوء المرزمين
بغبرة ** وقطر قليل الماء بالليل بارد )
( كفى حاجة الأضياف حتى
يريحها ** عن الحي منا كل أروع ما جد )
( تراه بتفريج الأمور
ولفها ** لما نال من معروفها غير زاهد )
( وليس أخونا عند شر
يخافه ** ولا عند خير أن رجاه بواحد )
( إذا قيل من للمعضلات
أجابه ** عظام اللهى منا طوال السواعد )
( قال أبو علي ) الهبيب
الفؤاد الضعيف يقال فيه هبته أي ضعف والهذاليل واحدها هذلول وهو ما طال من الرمل
وامتد وهذاليل الريح ما امتد منها ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي الحسن علي بن
سليمان الأخفش للعطوى
( إذا أنت لم ترسل وجئت
فلم أصل ** ملأت بعذر منك سمع لبيب )
( أتيتك مشتاقا فلم أر
حابسا ** ولا ناظر إلا بعين غضوب )
( كأني غريم مقتض أو
كأنني ** طلوع رقيب أو نهوض حبيب )
( فعدت وما فل الحجاب
عزيمتي ** إلى شكر سبط الراحتين أريب )
( علي له الإخلاص ما
ردع الهوى ** أصالة رأي أو وقار مشيب )
( قال أبو علي ) يقال
أنه لأصيل الرأي بين الأصالة بفتح الهمزة ( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال حدثنا
جعفر بن سليمان عن العباس ابن محمد قال قلنا لأبي المخش الغطفاني أما كان لك ولد فقال
بلى والله مخش وما كان مخش كان خرطمانيا أشدق إذا تكلم سال لعابه كأنما ينظر بمثل
الفلسين يعني أن عينيه كانتا خضراوين كأن مشاشة منكبيه كركرة جمل وكأن ترقوته بوان
أو خالفة فقأ الله عيني هاتين إن كنت رأيت مثله قبله ولا بعده ( قال أبو علي )
الكركرة والكلكل واليركة والبركضة والجوش والجوشن والجؤشوش والحيزم والحيزوم
والحزيم الصدر قال رؤبة
( حتى تركن أعظم
الجؤشوش ** حدبا على أحدب كالعريش )
والجؤجؤ ما نتأ من
الصدر والبوان عمود من أعمدة البيت دون الصقوب والصقوب عمد البيت وجمعه بوهن مثل
خوان وخون ويقال بوان وخوان أيضا بضم أوليهما
والخالفة عمود يكون
في مؤخر البيت ( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال أرخت الكتاب وورخته وآكفت الدابة
وأوكفتها وإكاف ووكاف وكان رؤبة بن العجاج ينشد
( كالكودن المشدود
بالوكاف ** ) بالواو وأكدت العهد ووكدته ووسادة وإسادة ووشاح وإشاح وولدة وإلدة
وآخيته واخيته ( وقال الأصمعي ) ذأى البقل يذأى ذأوا بلغة أهل الحجاز وأهل نجد
يقولون ذوى يذوي
ذويا وذوي خطأ ( قال
أبو علي ) وقد حكى أهل الكوفة ذوي أيضا وليست بالفصيحة
( وقال أبو عبيدة )
آصدت الباب وأوصدته إذا أطبقته ( وقال غيره ) ما أبهت له وما وبهت له والتخمة
أصلها من الوخامة وتجاه أصله من الوجه وتترى أصله من المواترة وتقوى أصله من وقيت
وتكلان أصله من وكلت والمال التليد والتالد أيضا أصله من الواو وهو ما ولد عندهم
والتراث أصله من الواو وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال
بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول مروءة الرجل عقله وشرفه حاله وحدثنا
أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال الأحنف بن قيس العقل خير
قرين والأدب خير ميراث والتوفيق خير قائد وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو
حاتم عن العتبي عن أبيه قال العقل عقلان فعقل تفرد الله بصنعه وعقل يستفيده المرء
بأدبه وتجربته ولا سبيل إلى العقل المستفاد إلا بصحة العقل المركب فإذا اجتمعا في
الجسد قوي كل واحد منهما صاحبه تقوية النار في الظلمة نور البصر وحدثنا أبو بكر
رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول فوت الحاجة خير من
طلبها من غير أهلها ( قال ) وسمعت آخر يقول عز النزاهة أشرف من سرور الفائدة ( قال
) وسمعت آخر يقول حمل المنن أثقل من الصبر على العدم وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا
أبو حاتم عن العتبى أنه قال أن الطالب والمطلوب إليه في الحاجة إذا قضيت اجتمعا في
العز وإذا لم تقض اجتمعا في الذل فارغب في قضاء الحاجة لعزك بها وخروجك من الذل فيها
وقرأت على أبي عمر
المطرز قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال كان رجل من بني أبي بكر بن
كلاب يعلم بني أخيه العلم فيقول افعلوا كذا وافععلوا كذا فثقل عليهم فقال له بعضهم
جزاك الله خيرا يا عم فقد علمتنا كل شيء ما بقي علينا إلا الخراءة فقال والله يا
بني أخي ما تركت ذلك من هوان بكم علي اعلوا الضراء وابتغوا الخلاء واستدبروا الريح
وخووا تخوية الظليم
وامتشوا بأشملكم (
قال أبو علي ) قال ابن الأعرابي الضراء ما انخفض من الأرض وسائر اللغويين يقول
الضراء ما واراك من الشجر خاصة والخمر ما واراك من الشجر وغيره ويقال خوى الظليم
إذا جافى بين رجليه قال الراجز
( خوى على مستويات خمس
** كركرة وثفنات ملس )
والثفنات ما أصاب
الأرض من البعير من صدره وركبتيه ورجليه إذا برك وامتشوا امسحوا يقال مششت يدي
بالمنديل أمشها مشا قال امرؤ القيس
( نمش بأعراف الجياد
أكفنا ** إذا نحن قمنا عن شواء مضهب )
والمنديل يسمى المشوش
وقرأت على أبي عمر المطرز قال أنشدنا أحمد بن يحى عن ابن الأعرابي
( علقت بمن يشبه قرن
شمس ** وعيناه استعارهما غزالا )
( وهن أحب من حضن
اللواتي ** حواضنهن يفتن الرجالا )
أي هن أحب من حضن
العيدان وضرب بها إلي وقرأت عليه قال أنشدني أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي
( ولم أر شيأ بعد ليلى
ألذه ** ولا مشربا أروى به فأعيج )
( كوسطى ليالي الشهر لا
مقسئنة ** ولا وثبى عجلى القيام خروج )
أعيج أنتفع يقال شربت
دواء فما عجت به أي ما انتفعت به والمقسئنة الكبيرة العاسية يقال قد اقسأن العود
إذا صلب
وقرأت عليه أيضا قال
حدثنا أحمد بن يحيى أن ابن الأعرابي أنشدهم
( ولو كنت تعطي حين
تسأل سامحت ** لك النفس واحلولاك كل خليل )
( أجل لا ولكن أنت ألأم
من مشى ** وأسأل من صماء ذات صليل )
يعني الأرض وصليلها
صوت دخول الماء فيها وقرأت عليه قال أنشدنا أحمد بن يحيى لإبن الأعرابي
( ترى فصلانهم في الورد
هزلا ** وتسمن في المقاري والحبال )
( قال ) لأنهم يسقون
ألبان أمهاتها على الماء فإذا لم يفعلوا ذلك كان عليهم عارا فإذا ذبحو لم يذبحوا
إلا سمينا وإذا وهبوا فكذلك ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم والرياشي عن أبي زيد
قال المرامق الجهول العاجز الذي يتقى سوء خله وصحبته في السفر والحضر قال الراجز
( وصاحب مرامق داجيته
** زجيته بالقول وازدهيته )
( إذا أخاف عجزه فديته
** على بلال نفسه طويته )
( حتى أتى الحي وما
بلوته ** )
( قال ) وقرأت على أبي
بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم قال أنشدنا أبو زيد عن المفضل لحاتم طيء
( إن كنت كارهة لعيشتنا
** هاتا فحلي في بني بدر )
( جاورتهم زمن الفساد
فنعم الحي في العوصاء واليسر ** )
( فسقيت بالماء النمير
ولم ** أترك ألاطم حمأة الجفر )
وروى أبو حاتم ألاطس
ومعناه كمعنى ألاطم
( ودعيت في أولى الندي ولم
** ينظر إلي بأعين خزر )
( الضار بين لدى أعنتهم
** والطاعنين وخيلهم تجري )
( والخالطين نحيتهم
بنضارهم ** وذوي الغني منهم بذي الفقر )
( قال أبو علي ) أنشدنا
أبو عبيدة هذا البيت الأخير لخرنق وقد أمليناه فيما مضى من الكتاب وزمن الفساد حرب
كانت لهم والعوصاء الشدة والماء النمير الناجع في الأبدان والجفر البئر ليست
بمطوية والنحيت الخامل الذكر والنضار الرفيع كذا قال أبو زيد ( قال أبو علي ) إن
الإشتقاق
يوجب أن يكون النحيت
الذي ينال ماله وعرضه كل أحد لأنه لا دفاع عنده فكأنه منحوت ( قال ) وأنشدنا
أبو الحسن بن جحظلة للحسن بن الضحاك
( وما زلت أشربها
والليل معتكر ** حتى تضاحك في أعجازه القمر )
( ثم انثنيت على كفي
وقد أخذت ** مني مآخذ ما في دونها وطر )
( قال أبو علي ) وقرأت
على أبي عمر قال أخبرنا أحمد بن يحيى أن ابن الأعرابي أنشدهم لسلمى بن غوية بن
سلمى
( لا يبعدن عصر الشباب
ولا ** لذاته ونباته النضر )
( والمرشقات من الخدود
كايمان ** الغمام صواحب القطر )
( وطراد خيل مثلها
التقتا ** لحفيظة ومقاعد الخمر )
( ولولا أولئك ما حفلت
متى ** غولبت في حرج إلى قبر )
( هزئت زنيبة أن رأت
ثرمي ** وأن انحنى لتقادم ظهري )
( من بعدما عهدت
فأدلفني ** يوم يجيء وليلة تسري )
( حتى كأني خاتل قنصا
** والمرء بعد تمامه يحري )
( لا تهزئي مني زنيب
فما ** في ذاك من عجب ولا سخر )
( أولم ترى لقمان أهلكه
** ما اقتات من سنة ومن شهر )
( وبقاء نسر كلما
انقرضت ** أيامه عادت إلى نسر )
( ما طال من أمد على
لبد ** رجعت محورته إلى قصر )
( ولقد حلبت الدهر
أشطره ** وعلمت ما آتي من الأمر )
( قال أبو علي ) يحرى
ينقص ومنه يقال رماه الله بأفعى حارية وهي التي قد نقص جسمها من الكبر ( وقال أبو
علي ) قال أبو عبيدة العرب تقلب حروف المضاعف إلى الياء فيقولون تظنيت وإنما هو
تظننت قال العجاج
( تقضى البازي إذا
البازي كسر ** )
وإنما هو تقضض من
الإنقضاض ( وقال الأصمعي ) هو تفعل من الإنقضاض فقلب إلى الياء كما قالوا سرية من
تسررت ( وقال أبو عبيدة ) رجل ملب وإنما هو من ألببت قال المضرب بن كعب
( فقلت لها فيئي إليك
فإنني ** حرام وإني بعد ذاك لبيب )
بعد ذاك أي مع ذاك
ولبيب مقيم وقوله عز وجل { وقد خاب من دساها } إنما هو من دسست ( وقال يعقوب )
سمعت أبا عمرو يقول لم يتسن لم يتغير وهو من قوله { من حمإ مسنون } فقلت لم يتسن من ذوات الياء ومسنون من ذوات التضعيف
فقال هو مثل تظنيت ( وقال أبو عبيدة ) التصدية التصفيق وفعلت منه صددت قال الله عز
وجل { إذا قومك منه يصدون } أي يعجون وقال أيضا إلا مكاء وتصدية ( وقال العتابي )
قصيت أظفاري بمعنى قصصتها وقال ابن الأعرابي تلعيت من اللعاعة ( وقال أبو
علي ) واللعاعة نبت وقال الشاعر
( رعى غير مذعور بهن
وراقه ** لعاع تهاداه الدكادك واعد )
الدكادك ما علا من
الأرض وأنشد ابن الأعرابي
( نزور امرأ أما الإله
فيتقي ** وأما بفعل الصالحين فيأتمي )
أراد يأتم فقلب إلى
الياء ( وقال الفراء ) ادرعفت الإبل واذرعفت إذا أسرعت
( وقال أبو عمرو ) ما
ذقت عدوفا ولا عذوفا والدحداح والذحذاح بالدال والذال وهو القصير
وقال الأصمعي في قلبه
عليه حسيفة وحسيكة اي غدروا عداوة وقال ابن الأعرابي الحسا كد والحسافد الصغار (
وقال الأصمعي ) ذرق الطائر وزرق ( وقال أبو عبيدة )
زبرت الكتاب وذبرته
إذا كتبته ( وقال الأصمعي ) زبرته كتبته وذبرته قرأته قراءة خفيفة ( وقال ) قال
أعرابي حميري أنا أعرف تزبرتي أي كتابتي ( وقال الأصمعي ) تريع السراب وتريه إذا
جاء وذهب
( قال ) وحدثنا
أبو بكر رحمه الله تعالى قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال بلغني أن ابن السماك
قال للفضل بن يحيى وقد سأله رجل حاجة إن هذا لم يصن وجهه عن مسئلته إياك فأكرم
وجهك عن ردك إياه فقضى حاجته ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن
العتبي قال سأل أعرابي عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى فقال رجل من أهل البادية
ساقته الحاجة وانتهت به الفاقة والله سائلك عن مقامي هذا فقال والله ماسمعت كلمة
أبلغ من قائل ولا أوعظ لمقول منها ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم قال أخبرنا الأصمعي عن
العلاء بن الفضل بن عبد الملك قال قال خالد بن صفوان لفتى بين يديه رحم الله أباك
إن كان ليملأ العين جمالا والأذن بيانا
وحدثنا أبو بكر قال
أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال أكثم بن صيفي خير السخاء ما وافق الحاجة ومن
عرف قدره لم يهلك ومن صبر ظفر وأكرم أخلاق الرجال العفو ( قال ) وقرأت على أبي عمر
المطرز قال أخبرنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال زعم الثقفي عثمان بن حفص أن
خلفا الأحمر أخبره عن مروان بن أبي حفصة أن هذا الشعر لابن أذينة الثقفي
( ما بال من أسعى لأجبر
عظمه ** حفاظا وينوي من سفاهته كسرى )
( أعود على ذي الذنب
والجهل منهم ** بحلمي ولو عاقبت غرقهم بحري )
( أناة وحلما وانتظارا
بهم غدا ** وما أنا بالواني ولا الضرع الغمر )
( أظن صروف الدهر
والجهل منهم ** ستحملهم مني على مركب وعر )
( ألم تعلموا أني تخاف
عرامتي ** وأن قناتي لا تلين على الكسر )
( وإني وإياهم كمن نبه
القطا ** ولو لم ينبه باتت الطير
لا تسري )
( قال أبو علي ) ويروى
وأني وهو جيد ( قال ) وقرأت عليه أيضا قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي
( ومولى على ما رابني
قد طويته ** حفاظا وحاربت الذين يحارب )
( إذا أنت لم تغفر
لمولاك أن ترى ** به الجهل أو صارمته وهو عاتب )
( ولم توله المعروف
أوشك أن ترى ** موالي أقوام ومولاك غائب )
( قال ) وقرأت على أبي
عمر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال الغلة خرقة تشد على رأس الإبريق
وجمعها غلل والغلة ما تواريت فيه والغلة حرارة الجوف من العطش وغيره ( قال ) وقيل
لابنة الخس أي الطعام أثقل قالت بيض نعام وصرى عام إلى عام قيل فأي الطعام أخبث
قالت طريثيث مر أبدى عن رأسه القر ( قال ) والطرثوث نبت لا بقل ولا شجر ولا جنبة
كأنه من جنس الكماة ينبت مع العضاة والذآنين مع الرمث ( وقالت جارية راعية ) طرثوث
ولا عضاء له وذؤنون ولا رمثة له وذكر ولا رجل له ثم قعدت عليه ( وقال أبو العباس )
كان الضب قد دفن نفسه في التراب وأخرج ذكره فقالت هذا القول ثم قعدت عليه وحدثنا
أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعي قال مر أعرابي بأعرابية تبكي
زوجها فقال وما يبكيك لا جمع الله بينك وبينه في الجنة ثم مر بها بعد ذلك فقال يا
فلانة رفئيني فإني قد تزوجت فقالت نعم بالبيت المهدوم والطائر المشؤم والرحم
المعقوم ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كانت أم كثير
الضبية بذية وكان زوجها كذلك فاختصما عند بعض ولاة المياه فقالت له اسكت يا منتن الخصيتين
فقال يحق لهما أن يكونا كذلك وهما طبقا عجانك منذ ثلاثين عاما وحدثنا أبو بكر قال
أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لأم كثير كم تزوجت
قالت ثلاثة وكان أبو ابني
هذا آخرهم وكان والله مسترخيا ضعيفا فنظر إليها الغلام فقال أبي تذكرين أما والله
فلربما رز عجانك رز البيطار حجفلة الحمار ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال دعا بنان
الطفيلي لرجل فقال من الله عليك بصحة الجسم وكثرة الأكل ودوام الشهوة ونقاء المعدة
ورزقك ضرسا طحونا ومعدة هضوما وسرما نثورا ( قال ) وقرأت على أبي بكر لسعد بن ناشب
( تفندني فيما ترى من
شراستي ** وشدة نفسي أم سعد وماتدري )
( فقلت لها أن الكريم
وان حلا ** ليلفى على حال أمر من الصبر )
( وفي اللين ضعف
والشراسة هيبة ** ومن لا يهب يحمل على مركب وعر )
( وما بي على من لان لي
من فظاظة ** ولكنني فظ أبي على القسر )
( أقيم صغاذى الميل حتى
أرده ** وأخطمه حتى يعود إلى القدر )
( فإن تعذليني تعذلي بي
مرزأ ** كريم نثا الإعسار مشترك اليسر )
( إذا هم ألقى بين
عينيه عزمه ** وصمم تصميم السريجي ذي الأثر )
( قال أبو علي ) الأثر
فرند السيف وهو رونقه بفتح الهمزة وسكون الثاء ومثله في البناء خلاصة السمن وهو
اختيار ابن الأنباري ( قال أبو علي ) والذي أختاره كسر الهمزة كذا قاله الأصمعي وأبو نصر واللحياني وقد
اختلف عن أبي عبيد فيه فروى بعضهم الأثر وروى بعضهم الأثر وأنشدوا عنه والأثر والصرب
معا كالآصيه بالكسر والفتح والآصية على مثال فاعلة طعام يصنع مثل الحساء بالتمر
والصرب اللبن الحامض
ويقال جئت على إثره بكسر الهمزة وسكون الثاء وأثره بفتح الهمزة والثاء ( قال )
وقرأت على أبي بكر قال قرأت على أبي حاتم والرياشي عن أبي زيد قال راجز من قيس
( بئس الغذاء للغلام
الشاحب ** كبداء حطت من صفا الكواكب )
( أدارها النقاش كل
جانب ** حتى استوت مشرقة المناكب )
يعني رحى والكواكب
جبال طوال يقطع منها الأرحاء واحدها كوكب وكبداء عظيمة الوسط وشاحب متغير اللون (
قال ) وقرأت على أبي بكر لسعد بن ناشب
( أخي عزمات لا يزيد
على الذي ** يهم به مقطع الأمر صاحبا )
( إذا هم لم تردع عزيمة
همه ** ولم يأت ما يأتي من الأمر هائبا )
( فيالرزام وشحوا بي
مقدما ** إلى الموت خواضا إليه الكتائبا )
( إذا هم ألقى بين
عينيه عزمه ** ونكب عن ذكر الحوادث جانبا )
( ولم يستشر في رأيه
غير نفسه ** ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا )
( قال ) وقرأت على أبي
عمر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال السنة واللؤمة الحديدة التي تشق بها
الأرض والسخين المر
( وقال ) خلط يخلط خلطا
وأخلط إذا غضب وأنشد
( لكل امري شكل يقر
بعينه ** وقرة عين الفسل أن يصحب الفسلا )
( وتعرف في جود امرئ
جود خاله ** وينذل أن تلقى أخا أمه نذلا )
( قال ) وأنشدني أبو
عمر قال أنشدنا أبو العباس
( عليك الخال إن الخال
يسري ** إلى ابن الأخت بالشبه المبين )
( قال ) وأنشدنا أبو
بكر بن دريد رحمه الله في خبر طويل وصله لنابه
( جزى الله جوابا وعمرا
ونائلا ** جزاء الوصول المنعم المتفضل )
( هم خلطوني بالنفوس
وأكرموا الثواء وجادوا بالسوام المؤبل ** )
( ولم يسأموا مثواي
سبعا كواملا ** كأني فيهم بين أهلي ومحفلي )
( سأوليهم شكرا يكون
كفاءما ** بلوني به ما بل ريقي مقولى )
( رأيت بني الهصار سادت
جدودهم ** لهم شرف يرنوا إلى النجم من عل )
( هم خير من يمشى على
الأرض معشرا ** لجار جنيب أو لضيف محول )
( إذا طانبت أبياتهم
بيت جارهم ** فقد حل حيث العصم من فرع يذبل )
( معاقلهم في يوم كل
كريهة ** قواضب تقضي بالحمام المعجل )
( مغايير دون المحصنات
إذا بدت ** كواكب صبح تحت ظلماء قسطل )
( إذا البطل المرهوب
سطوة بأسه ** تقى الروع يوما بالنجاء الهمرجل )
( ألاذت بأحقيهم بنوا
لحرب في الوغى ** فكانوا لهم ملموت أمنع معقل )
( بمجدكم آليت أن أكفكم
** على الناس أجرى من رواجس هطل )
( وإن لكم في ذروة
المجد سورة ** تقاصر عنها كل بدء مرفل )
( قال أبو علي ) القسطل
الغبار والهمرجل السريع وأحقيهم جمع حقو والبدء السيد قال أوس بن مغراء
( ترى ثنانا إذا ما جاء
بدأهم ** وبدؤهم إن أتانا كان ثنيانا )
( قال أبو علي ) الثني
والثنيات دون السيد وقد ذكرنا الإختلاف فيه واشتقاقه في كتابنا المقصور والممدود
والمرفل المعظم قال الشاعر
( إذا نحن رفلنا امرأ
ساد قومه ** وإن كان فيهم سوقة ليس يعرف )
( قال ) وأنشدنا أبو
بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي رحمه الله لقيس بن ذريح
( لو أن امرأ أخفى
الهوى من ضميره ** لمت ولم يعلم بذاك ضمير )
( ولكن سألقى الله
والنفس لم تبح ** بسرك والمستخبرون كثير )
( قال ) وقرأت على أبي
بكر بن دريد
( ومستخبر عن سر
ريارددته ** بعمياء من ريا بغير يقين )
( فقال ائتمني انني ذو
أمانة ** وما أنا أن خبرته بأمين )
( قال ) وقرأت عليه
لمسكين
( وفتيان صدق لست مطلع
بعضهم ** على سر بعض كان عندي جماعها
( لكل امرئ شعب من
القلب فارغ ** وموضع نجوى لا يرام اطلاعها )
( يظلون شتى في البلاد
وسرهم ** إلى صخرة أعيا الرجال انصداعها )
( قال ) وقرأت على أحمد
بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة عن أبيه قال قيل لأعرابي كيف كتمانك للسر قال أجحد
المخبر وأحلف للمستخبر ( قال ) وقرأت على أبي بكر في شعر قيس بن الخطيم
( أجود بمضنون التلاد
وإنني ** بسرك عمن سالني لضنين )
( إذا جاوز الإثنين سر
فإنه ** بنث وتكثير الحديث قمين )
( وإن ضيع الإخوان سرا
فإنني ** كتوم لأسرار العشير أمين )
( يكون له عندي إذا ما
ضمنته ** مكان بسوداء الفؤاد كنين )
ويروى
( إذا ما ائتمنته **
مقر بسوداء الفؤاد كنين )
( سلى من جليسي في
الندي وما لقى ** ومن هو لي عند الصفاء خدين )
( وأي أخي حرب إذا هي
شمرت ** ومدره خصم يا نوار أكون )
ويروى عند ذاك أكون
( وهل يحذر الجار
الغريب فجيعتي ** وخوني وبعض المقرفين خؤون )
( وما لمعت عيني لغرة
جارة ** ولا ودعت بالذم حين تبين )
( أبى الذم آباء نمتني
جدودهم ** وفعلى بفعل الصالحين معين )
( فهذا كما قد تعلمين
وإنني ** لجلد على ريب الخطوب متين )
( وإني لأعتام الرجال
بخلتي ** أولي الرأي في الأحداث حين تحين )
( فأبري بهم صدري وأصفي
مودتي ** وسرك عندي بعد ذاك مصون )
( أمر على الباغي ويغلظ
جانبي ** وذو الود أحلولي له وألين )
( قال أبو علي ) قال
الأصمعي يقال طاروا عباديد وأباديد أي متفرقين ويقال هاث فيه وعاث إذا أفسد وأخذ
الشيء بغير رفق ويقال بط فلان جرحه وبجه وأنشد
( لجاءت كأن القسور
الجون بجها ** عسا ليجه والثامر المتناوح )
القسور نبت والجون
الذي يضرب إلى السواد من شدة خضرته والعساليج جمع عسلوج وهي هنات تنبسط على الأرض
مثل العروق ( قال أبو علي ) والعساليج أيضا أغصان الشجر واحدها عسلوج والثامر الذي
نضج ثمره والمثمر أول ما يطلع قبل أن ينضج والمتناوح المتقابل ويقال نبض العرق
ينبض ونبد ينبد إذا ضرب
ويقال مرث خبزه في
الماء ومرده ومرثت الشيء ومردته إذا لينته بيدك وكل شيء مرث فقد مرد قال النابغة
الجعدي
( فلما أبى أن ينقص
القود لحمه ** رفعت المريذ والمريد ليضمرا )
ويقال ارمد وارقد إذا
مضى على وجهه ( قال أبو علي ) يريد أنه أسرع قال ذو الرمة يصف ظليما
( يرقد في ظل عراص
ويتبعه ** حفيف نافجة عثنونها حصب )
العراص والعرات
المضطرب والنافجة أول كل ريح تبدو بشدة والفودج والهودج والزحاليف والزحاليق أثر
تزلج الصبيان من فوق إلى أسفل فأهل العالية يقولون زحلوفة وزحاليف وتميم ومن يليهم
من هوازن يقولون زحلوقة وزحاليق والمحتد والمحفد أصل كل شيء وعكرة اللسان وعكدته
أصله ومعظمه والهزف والهجف الجافي
ويقال استوثق من
المال واستوثج إذا استكثر والمأص والمعص من الإبل البيض التي قد قارفت الكرم
واحدتها مأصة ومعصة هذا قول أبي بكر بن دريد رحمه الله فأما يعقوب واللحياني فقالا
المغص بالغين المعجمة ويقال شاكله وشاكهه وتفكه وتفكن إذا تندم ويقال عليه أمشاج
من غزل وأوشاج من غزل أي داخلة بعضها في بعض ويقال ملقة بالسوط وولقه إذا ضربه (
قال أبو عبيدة ) يقال هو قادر رمح وقاب رمح أي قدر رمح ( قال ) وحدثنا أبو بكر
رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
ما أقرن شيء إلى شيء أفضل من علم إلى حلم ومن عفو إلى مقدرة ( قال ( وحدثنا أبو
بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال بلغني أن لقمان الحكيم كان يقول ثلاثة لا يعرفون
إلا في ثلاثة مواطن الحليم عند الغضب والشجاع عند الحرب وأخوك عند حاجتك إليه (
قال ) وحدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال بعض الحكاء أحزم الملوك من ملك جده هزله
ورأيه هواه وأعرب عن ضميره فعله ولم يخدعه رضاه عن حظه ولا غضبه عن كيده ( قال )
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا العكلى عن أبي خالد عن الهيثم قال قدم حكيم من حكماء أهل
فارس على المهلب فقال أصلح الله الأمير ما أشخصتني الحاجة وما قنعت بالمقام ولا
أرضى منك بالنصف إذ قمت هذا المقام قال ولم ذلك قال لأن الناس ثلاثة غني وفقير
ومستزيد فالغني من أعطي ما يستحقه والفقير من منع حقه والمستزيد الذي يطلب الفضل
بعد الغنى وإني نظرت في أمرك فرأيت أنك قد أديت إلي حقي فتاقت نفسي إلى استزادتك
فإن منعتني فقد أنصفتني وإن زدتني زادت نعمتك علي فاعجب المهلب كلامه وقضى حوائجه
( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم قال حدثني عمارة بن عقيل قال حدثني أبي
يعني عقيل ابن بلال قال سمعت أبي يعني بلال بن جرير يقول سمعت جريرا يقول دخلت على
بعض خلفاء بني أمية فقال ألا تحدثني عن الشعراء فقلت بلى قال فمن أشعر الناس قلت
ابن
العشرين يعني طرفة
قال فما تقول في ابن أبي سلمى والنابغة قلت كانا ينيران الشعر ويسديانه قال فما تقول
في امرئ القيس بن حجر قلت اتخذ الخبيث الشعر نعلين يطؤهما كيف شاء قال فما تقول في
ذي الرمة قلت قدر من الشعر على ما لم يقدر عليه أحد قال فما تقول في الأخطل قلت ما
باح بما في صدره من الشعر حتى مات قال فما تقول في الفرزدق قلت بيده نبعة الشعر
قابضا عليها قال فما أبقيت لنفسك شيأ قلت بلى والله يا أمير المؤمنين أنا مدينة
الشعر التي يخرج منها ويعود إليها ولأنا سبحت الشعر تسبيحا ما سبحه أحد قبلي قال
وما التسبيح قلت نسبت فأطرفت وهجون فأرذيت ومدحت فأسنيت ورملت فأغزرت ورجزت فأبحرت
فأنا قلت ضروبا من الشعر لم يقلها أحد قبلي ( قال أبو علي ) كذا أملي علينا أرذيت
وهو صحيح ومعناه أسقطت لأنه هاجي في زمانه عدة من الشعراء فأسقطهم غير الفرزدق
والرذية الساقطة من الإبل من الهزال أو من الإعياء ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري
رحمه الله قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال حدثنا عبد الله بن شبيب
قال أنشدنا إبراهيم بن المنذر الحزامي
( فإنك لن ترى طردا لحر
** كإلصاق به طرف الهوان )
( ولم تجلب مودة ذي
وفاء ** بمثل البرأ ولطف اللسان )
( قال ) وأنشدنا أيضا
أبو العباس
( وجاءت للقتال بنو
هليك ** فسحي يا سماء بغير قطر )
( قال أبو العباس )
هؤلاء قوم استعظم الشاعر مجيئهم للقتال وصغر شأنهم عنده فقال فسحى يا سماء بغير
قطر يعني بدم لا بقطر ( قال ) وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو العباس عن ابن
الأعرابي قال يقال وشع في الجبل يشع وشوعا ووقل يقل وقولا وسند يسند سنودا وتوقل وتوشع
إذا صعد في الجبل وأنشد لشيخ من بني منقذ
( ويلمها لقحة شيخ قد
نحل ** أبي جوار دردق مثل الحجل )
( حوساء في السهل وشوع
في الجبل ** في الصيف حسي وهي في المشتى وشل )
( قال أبو علي ) الدردق
الصغار والحوساء الشديدة الأكل وقوله في الصيف حسى أي هي غزيرة لا ينقطع لبنها وفي
المشتى وشل أي إذا انقطعت ألبان الإبل فلبنها يسيل كما يسيل الماء من أعلى الجبل
والوشل ما يخرج بين الحجارة قليلا قليلا فشبه لبنها به ( قال ) وقرأت عليه قال
حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال يقال دبح ودبخ ودربح ودربخ إذا ذل
( قال ) والجد والجدة
والجد شاطئ النهر ( وقال ) سيف باتر وبتور وباضك وبضوك أي قاطع
( وقال ) لا يبضك الله
يده ( قال ) وحدثني أبو يعقوب وراق أبي بكر بن دريد وكان من أهل العلم قال أخبرني
مسبح بن حاتم قال أخبرنا سليمان بن أبي شيخ قال حدثنا يحيى بن سعيد الأموي قال
تزوج رجل من أهل تهامة امرأة من أهل نجد فأخرجها إلى تهامة فلما أصابها حرها قالت
ما فعلت ريح كانت تأتينا ونحن بنجد يقال لها الصبا قال يحبسها عنك هذان الجبلان
فأنشدت
( أيا جبلى نعمان بالله
خليا ** نسيم الصبا يخلص إلي نسيمها )
( أجد بردها أو تشف مني
حرارة ** على كبد لم يبق إلا صميمها )
( فإن الصباريح إما ما
تنسمت ** على نفس مهموم تجلت همومها )
( قال ) وقرأت على أبي
عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى لعلي بن
الغدير الغنوي
( فذو الرأي منا مستقاد
لأمره ** وشاهدنا قاض على من تغيبا )
( إذا غضب المولى لهم
غضب الحصى ** فلم تر أثرى من حصاهم وأصلبا )
( أبى لي أني لن أعير
والدا ** دنيا ولم يذمم فعالي فأقصبا )
( ولم أنتسب يوما سوى
الأصل أبتغي ** به مأكلا يدني لذل ومشربا )
( ولم تضرب الأرض
العريضة فرجها ** على بأسباب إذا رمت مذهبا )
( وهلك الفتى أن لا
يراح إلى الندى ** وأن لا يرى شيا عجيبا فيعجبا )
( قال أبو علي ) أقصب
أشتم واصل القصب القطع ومنه قيل للجزار قصاب ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي
( يا قلب إنك من أسماء
مغرور ** فاذكر وهل ينفعنك اليوم تذكير )
( تأتي أمور فما تدري
أعاجلها ** خير لنفسك أم ما فيه تأخير )
( فاستقدر الله خيرا
وارضين به ** فبينما العسر إذا دارت مياسير )
( وبينما المرء في
الأحياء مغتبطا ** إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير )
( يبكي الغريب عليه ليس
يعرفه ** وذو قرابته في الحي مسرور )
( حتى كأن لم يكن إلا
تذكره ** والدهر أيتما حال دهارير )
( قال أبو علي )
الأعاصير جمع إعصار والإعصار الريح تثير الغبرة ( قال ) وقرأت على أبي عمر قال أملى علينا أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن
الأعرابي لرافع بن هريم اليربوعي
( وصاحب السوء كالداء
الغميض إذا ** يرفض في الجوف يجري ههنا وهنا )
( يبدي ويظهر عن عورات
صاحبه ** وما رأي من فعال صالح دفنا )
( كمهر سوء إذا سكنت
سيرته ** رام الجماح وإن رفعته سكنا )
( إن عاش ذاك فأبعد عنك
منزلة ** أو مات ذاك فلا تقرب له جننا )
( قال أبو علي ) يقال
غمض وغمض فمن قال غمض قال في الفاعل غميض ومن قال غمض قال في الفاعل غامض والجنن
والريم والرمس والجدث والجدف القبر ( قال ) وقرأت عليه قال أنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
( وإذا صاحبت فاصحب ما
جدا ** ذا عفاف وحياء وكرم )
( قوله للشيء لا إن قلت
لا ** وإذا قلت نعم قال نعم )
( قال ) وقرأت عليه قال
حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال قيل لأعرابي أيما أحب إليك الخبز أو التمر
فقال التمر حلو وما عن الخبز مصبر
قال ومضى هذا
الأعرابي الذي قال التمر
حلو ثم عاد فقيل له
مالك عدت فقال إن الذئب لا يدع غيطا شبع فيه ( قال ) وحدثنا أبو بكر ابن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال نزل رجل من
العرب في قوم عدى فأساؤا عشرته فقيل له كيف وجدت جيرتك فقال يغتابنا أقصاهم ويكذب
علينا أدناهم ويكثرون لدنيا نجواهم ويكشفون علينا خصاهم ( قال ) وحدثني
أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قرأ امام والذين لا يدعون مع الله إلها
آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ثم أرتج عليه فقال أعرابي
من خلفه إنك يا امام ما علمت لفعول لما تحيرت فيه ( قال ) وأنشدنا ابو بكر
( وكنا كغصني بانة ليس
واحد ** يزول على الحالات عن رأي واحد )
( تبدل بي خلا فخاللت
غيره ** وخليته لما أراد تباعدي )
( ولو أن كفي لم تردني
أبنتها ** ولم يصطحبها بعد ذلك ساعدي )
( ألا قبح الرحمن كل
مماذق ** يكون أخا في الخفض لا في الشدائد )
( قال ) وحدثنا أبو بكر
بن الأنباري قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال أنشدنا عبد الله بن شبيب
( طرقتك بين مسبح ومكبر
** بحطيم مكة حيث كان الأبطح )
( فحسبت مكة والمشاعر
كلها ** ورحالنا باتت بمسك تنفح )
( قال ) وقرأت على أبي
عمر قال أنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
( خبروها بأنني قد
تزوجت فظلت تكاتم الغيظ سرا )
( ثم قالت لأختها ولأخرى
** جزعا ليته تزوج عشرا )
( وأشارت إلى نساء
لديها ** لا ترى دونهن للسر سترا )
( ما لقلبي كأنه ليس
مني ** وعظامي إخال فيهن فترا )
( من حديث نمي إلي فظيع
** خلت في القلب من تلظية جمرا )
( قال ) وأنشدنا أبو
بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو عثمان الأشنانداني
( بئس قرينا يفن هالك
** أم عبيد وأبو مالك )
( قال ) أم عبيد
المفازة وأبو مالك الكبر وأنشد
( أبا مالك أن الغواني
هجرنني ** أبا مالك إني أظنك دائبا )
( قال أبو علي ) قال
الأصمعي يقال قرطاط وقرطان وحجر أصر وحجر أير إذا كان صلادا صلبا ويقال اغبن من
ثوبك واخبن واكبن ويقال للناس والدواب إذا مروا يمشون مشيا ضعيفا مروا يدبون دبيبا
ويدجون دجيجا ويقال أقبل الحاج والداج فالحاج الذين يحجون والداج الذين يدجون في
أثر الحاج ويقال للرجل والدانة إذا تعود الأمر قد جرن عليه يجرن جرونا ومرن عليه
يمرن مرونا ومرانة ( وقال أبو عبيدة ) ريح ساكرة وساكنة والزور والزون كل شيء يتخذ
ربا ويعبد وأنشد
( جاؤا بزوريهم وجئنا
بالأصم ** ) وكانوا جاؤا ببعيرين فعقلوهما وقالوا لا نفر حتى يفر هذان فعابهم بذلك
وجعلهما ربين لهم ( قال أبو علي ) قال أبو عمرو الشيباني المغطغطة والمغطمطة القدر
الشديدة الغليان ( وحكى الفراء ) عن امرأة من بني أسد أنها قالت جاءنا سكران ملتكا في معنى جاء ملتخا
وهو اليابس من السكر ( وقال ابن الأعرابي ) شيخ تاك وفاك وقحر وقحم ( قال أبو علي
) قال الأصمعي من أمثال العرب ( أشبه شرج شرجا لو أن أسيمرا ) يضرب مثلا للأمرين
يشتبهان ويفترقان في شيء
وذكر أهل البادية أن
لقمان بن عاد قال للقيم بن لقمان أقم ههنا حتى أنطلق إلى الإبل فنحر لقيم جزورا فأكلها
ولم يخبأ للقمان فخاف لائمته فحرق ما حوله من السمر الذي بشرج ( وشرج واد
) ليخفى المكان فلما جاء لقمان جعلت الإبل تثير باخفافها الجمر فعرف لقمان المكان
وأنكر ذهاب السمر فقال أشبه شرج شرجا لو أن أسيمرا
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو حاتم عن العتبى قال كتب عمر بن عبد العزيز الوراق رحمه الله إلى أبي
بكر بن حزم إن
الطالبين الذين أنجحوا والتجار الذي ربحوا هم الذين اشتروا الباقي الذي يدوم
بالفاني المذموم فاغتبطوا ببيعهم وأحمدوا عاقبة أمرهم فالله الله وبدنك صحيح وقلبك
مريح قبل أن تنقضي أيامك وينزل بك حمامك فإن العيش الذي أنت فيه يتقلص ظله ويفارقه
أهله فالسعيد الموفق من أكل في عاجله قصدا وقدم ليوم فقره ذخرا وخرج من الدنيا
محمودا قد انقطع عنه علاج أمورها وصار إلى الجنة وسرورها ( قال ) وأنشدنا أبو عبد
الله عن أحمد بن يحيى النحوي لأبي حية النميري ( قال أبو علي ) وقرأت البيتين
الأولين على أبي محمد عبد الله بن جعفر عن أبي العباس محمد بن يزيد النحوي
( ألا حي من أجل الحبيب
المغانيا ** لبسن البلى لما لبسن اللياليا )
( إذا ما تقاضى المرء
يوم وليلة ** تقاضاه شيء لا يمل التقاضيا )
( حنتك الليالي بعدما
كنت مرة ** سوي العصا لو كن يبقين باقيا )
( قال ) وقرأت على أبي
بكر بن دريد قال قرأت على أبي حاتم والرياشي عن أبي زيد عن المفضل الضبي للربيع بن
ضبع الفزاري
( أقفر من مية الجريب
إلى الزجين إلا الظباء والبقرا )
( كأنها درة منعمة **
من نسوة كن قبلها دررا )
( أصبح مني الشباب
مبتكرا ** إن ينأ عني فقد ثوى عصرا )
( فارقنا قبل أن نفارقه
** لما قضى من جماعنا وطرا )
( أصبحت لا أحمل السلاح
ولا ** أملك رأس البعير إن نفرا )
( والذئب أخشاه ان مررت
به ** وحدي وأخشى الرياح والمطرا )
( من بعدما قوة أسر بها
** أصبحت شيخا أعالج الكبرا )
( ها أنا ذا آمل الخلود
وقد ** أدرك عمري ومولدي حجرا )
( أبا امرئ القيس قد
سمعت به ** هيهات هيهات طال ذا عمرا )
( وقال الأصمعي ) تسلع
جلده وتزلع إذا تشقق قال الراعي
( وغملى نصي بالمتان
كأنها ** ثعالب موتى جلدها قد تسلعا )
ويروى قد تزلعا ويقال
ضربه فسلع رأسه أي شقه ويقال خسق السهم وخزق إذا قرطس وسهم خازق وخاسق ويقال مكان
شأز وشأس وهو الغليظ ويقال نزغه ونسغه وندغه إذا طعنه بيدأ ورمح
( وقال غيره ) الشازب
والشاسب الضامر
( وقال الأصمعي )
الشازب الضامر وإن لم يكن مهزولا والشاسب والشاسف الذي يبس ( قال )
وسمعت أعرابيا يقول ما قال الحطيئة أينقا شزنا إنما قال اعنزا شسبا ( قال ) ويروى
بيت أبي ذؤيب
( أكل الجميم وطاوعته
سمحج ** مثل القناة وأزعلته الأمرع )
ويروى وأسعلته أي
أنشطته والزعل النشاط ( وقال أبو عبيدة ) يقال معجس القوس وعجس وعجس ومعجز وعجز
وعجز للمقبض ( قال أبو علي ) اللغويون يذهبون إلى أن جميع ما أمليناه إبدال وليس
هو كذلك عند علماء أهل النحو وإنما حروف الإبدال عندهم إثنا عشر حرفا تسعة من حروف
الزوائد وثلاثة من غيرها فأما حروف الزوائد فيجمعها قولنا ( اليوم تنساه ) وهذا
عمله أبو عثمان المازني وأما حروف البدل فيجمعها قولنا طال يوم أنجدته وهذا أنا
عملته فالطاء تبدل من التاء في افتعل إذا كانت بعد الضاد نحو قولك اضطهد وكذلك إذا
كانت بعد الصاد في مثل اصطبر وبعد الظاء أيضا في افتعل والألف تبدل من الياء
والواو إذا كانتا لامين في مثل رمى وغزا وإذا كانتا عينين في مثل نام وقام وألعاب والماء
وإذا كانت الواو فاء
في ياجل وأشباهه وتكون بدلا من التنوين في الوقف في حال النصب مثل رأيت زيدا وبدلا
من النون الخفيفة في الوقف إذا كان ما قبلها مفتوحا نحو قولك اضربا وقد أبدلوا
اللام من النون فقالوا أصيلال وإنما هو
أصيلان والياء تبدل
من الواو فاء وعينا نحو ميزان وقيل وتبدل من الألف والواو في النصب والجر في
مسلمين ومسلمين
ومن الواو والألف في
بهاليل وقراطيس وما أشبههما إذا حقرت أو جعت وتبدل من الواو إذا كانت عينا نحولية
وتبدل من الألف في الوقف في لغة من يقول أفعى وحبلى وقد أبدلوا من الهمزة فقالوا
في قرأت قريت وتبدل من الحرف المدغم نحو قيراط ألا تراهم قالوا قريريط ودينار ألا
تراهم قالوا دنينير وتبدل من الواو اذا كانت لا ما في مثل قصبا ودنيا وتبدل من
الواو في مثل غاز ونحوه وتبدل من الواو في شقيت وعنيت وأشباههما والواو تبدل من
الياء في موقن وموسر ونحوهما
وتبدل من الياء في
غموي ورحوي إذا نسبت إلى عمى ورحى وتبدل من الياء إذا كانت عينا في كوسى وطوبى
ونحوهما وتبدل من الياء إذا كانت لاما في شروى وتقوى ونحوهما وتبدل مكان الألف في
الوقف في لغة من يقول أفعو وحبلو كما أبدل مكانها الياء من كانت لغته أفعى وحبلى
وبعض العرب يجعل الواو والياء ثابتتين في الوقف والوصل
وتبدل من الألف في
ضورب وتضورب ونحوهما وضويرب ودوينق في ضارب ودانق وضوارب ودوانق إذا جمعت ضاربا ودانقا
وتبدل من ألف التأنيث الممدودة إذا أضيفت أو ثنيت فقلت حمراوان وحمراوي وتبدل من
الياء في فتق وفتوة يريد جمع الفتيان وذلك قليل كما أبدلوا الياء مكان الواو في
عتي وعصي وتكون بدلا من الهمزة المبدلة من الياء والواو في التثنية والإضافة نحو
كساوان وغطاوي والميم تبدل من النون في العنبر وشنباء ونحوهما إذا سكنت وبعدها باء
وقد أبدلت من الواو في فم وذلك قليل كما أن إبدال الهمزة من الهاء بعد الألف في
ماء ونحوه قليل والهمزة تبدل من الواو والياء إذا كانتا لامين في قضاء وشقاء
ونحوهما وإذا كانت الواو عينا في أدؤر وأنؤر والسؤر ونحو ذلك
وإذا كانت فاء نحو
أجوه وإسادة وأوعد والنون تكون بدلا من الهمزة
في فعلان فعلى كما أن
الهمزة بدل من ألف حمراء والجيم تكون بدلا من الياء المشددة في الوقف نحو علج
وعوفج يراد علي وعوفي والدال تكون بدلا من التاء في افتعل إذا كانت بعد الزاي في
مثل ازدجر ونحوها والتاء تكون بدلا من الواو إذا كانت فاء نحو اتعد واتهم واتلج
وتراث وتجاه ونحو ذلك ومن الياء في افتعلت من يئست ونحوها
وقد أبدلت من الدال
والسين في ست وهذا قليل وأبدلت من الياء إذا كانت لاما في أسنتوا وهو قليل أيضا
والهاء تبدل من التاء التي يؤنث بها الإسم في الوقف نحو طلحة وما أشبهها وتبدل من
الهمزة في هرقت وهمرت وقد أبدلت من الياء في هذه وذلك في كلامهم قليل كما أن تبيين
الحركة بالألف قليل إنما جاء في أنا وحيهلا ( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال
حدثنا العكلي عن ابن أبي خالد عن الهيثم قال أخبرنا ابن عياش قال قال مروان بن
زنباع العبسي وهو مروان القرط يا بني عبس احفظوا عني ثلاثا اعلموا أنه لم ينقل أحد
إليكم حديثا إلا نقل عنكم مثله وإياكم والتزويج في بيوتات السوء فإن له يوما ناجثا
واستكثروا من الصديق ما قدرتم واستقلوا من العدو فإن استكثاره ممكن ( قال أبو علي
) الناجث الحافر والنجيثة ما يخرج من تراب البئر ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا
أبو حاتم عن الأصمعي وعن العتبي أيضا قالا قال مسلم بن قتيبة لا تطلبن حاجتك إلى
واحد من ثلاثة لا تطلبها إلى الكذاب فإنه يقربها وهي بعيدة ويبعدها وهي قريبة ولا
تطلبها إلى الأحمق فإنه يريد أن ينفعك وهو يضرك ولا تطلبها إلى رجل له عند قوم
مأكلة فإنه يجعل حاجتك وقاء لحاجته ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن
عمه قال سمعت رجلا في حلقة أبي عمرو بن العلاء يقول قال الحسن لإبنه يا بني إذا
جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول وتعلم حسن الإستماع كما تتعلم
حسن الصمت ولا تقطع على أحد حديثا وان طال حتى يمسك ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال رجل لإبنه
يا بني لا تلاحين حكيما ولا تجاورن
لجوجا ولا تعاشرن
ظلوما ولا تواخين متهما ( قال ) وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن
يحيى عن ابن الأعرابي لرجل كانت تنحي امرأته ابنه عنه
( أزحنة عني تطردين
تبددت ** بلحمك طير طرن كل مطير )
( قفي لا تزلي زلة ليس
بعدها ** جبور وزلات النساء كثير )
( فإني وإياه كرجلي
نعامة ** على كل حال من غني وفقير )
( قال ) كرجلي نعامة في
اتفاقنا وأنا لا نختلف قال وليس شيء من البهائم إلا وهو إن انكسرت إحدى رجليه
انتفع بالأخرى إلا النعامة وقال غير ابن الأعرابي لأنه لا مخ لها ( قال ) وحدثنا
أبو بكر بن الأنباري ( قال ) حدثني أبي عن الطوسي قال كانت لعمرو بن شاس امرأة من
رهطه يقال لها أم حسان بنت الحرث وكان له ابن يقال له عرار من أمة له سوداء فكانت
تعيره به وتؤذي عرارا ويؤذيها وتشتمه ويشتمها فلما أعيت عمرا بالأذى والمكروه في
ابنه قال الكلمة التي فيها هذه الأبيات ( قال ) وقال ابن الأعرابي قالها في
الإسلام وهو شيخ كبير
( ألم يأتها أني صحوت
وأنني ** تحلمت حتى ما أعارم من عرم )
( وأطرقت اطراق الشجاع
ولو رأى ** مساغا لنابيه الشجاع لقد أزم )
( فإن عرارا إن يكن غير
واضح ** فإني أحب الجون ذا منكب العمم )
( وإن عرارا إن يكن ذا
شكيمة ** تقاسينها منه فما أملك الشيم )
( أردت عرارا بالهوان
ومن يرد ** عرارا لعمري بالهوان فقد ظلم )
( فإن كنت مني أو
تريدين صحبتي ** فكوني له كالسمن رب له الأدم )
( وإلا فسيري مثل ما
سار راكب ** تيمم خمسا ليس في سيره يتم )
ويروى خمسا يريد خمسة
أيام وإنما أسقط الهاء من خمسة لأنه لم يذكر الأيام كما تقول صمنا من الشهر خمساتر
يد خمسة أيام ( قال أبو علي ) يقال عرم الغلام يعرم عرما وغلام عارم
وغلمان عرام وعرمة
وقال ابن الأعرابي العرم وضر القدر ووسخها
( وقال غيره ) العرام
العراق من اللحم والعمم الطول والعميم الطويل فوصفه بالعمم وهو المصدر كما قالوا
رجل عدل أي عادل واليتم والأتم الإبطاء وقال الطوسي اليتم الغفلة ومنه أخذ اليتيم
( قال أبو علي ) كأنه يذهب إلى أنه أغفل فضاع وأما غيره فيقول اليتيم الفرد ويتم
إذا انفرد ومنه الدرة اليتيمة ( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد
( أنزلني الدهر على
حكمه ** من شاهق عال إلى خفض )
( وغالني الدهر بوفر
الغنى ** فليس لي مال سوى عرضي )
( لولا بنيات كزغب
القطا ** أجمعن من بعض إلى بعض )
( لكان لي مضطرب واسع
** في الأرض ذات الطول والعرض )
( وإنما أولادنا بيننا
** أكبادنا تمشي على الأرض )
( قال ) وقرأت عليه
لمعن بن أوس
( رأيت رجالا يكرهون
بناتهم ** وفيهن لا نكذب نساء صوالح )
( وفيهن والأيام يعثرن
بالفتى ** عوائد لا يمللنه ونوائح )
قال وحدثنا أبو بكر
بن الأنباري قال حدثني أبي عن أشياخه قال كل ما في العرب عدس بفتح الدال الأعدس بن
زيد فإنه بضمها وكل ما في العرب سدوس بفتح السين إلا سدوس بن أصمع في طي وكل ما في
العرب فرافصة بضم الفاء إلا فرافصة أبا نائلة امرأة عثمان بن عفان رضي الله عنه
وكل ما في العرب ملكان بكسر الميم إلا ملكان ابن حزم بن زبان فإنه بفتحها وكل ما
في العرب أسلم بفتح الهمزة واللام إلا أسلم بن الحكم من قضاعة ( قال ) وأنشدنا أبو
الحسن الأخفش قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( بكل بلاد أم بكل مظنة
** أخو أمل منا يحاول مطمعا )
( كأنا خلقنا للنوى
وكأنما ** حرام على الأيام أن نتجمعا )
( قال ) وقرأت على أبي
بكر بن دريد رحمه الله لقطري بن الفجاءة
( لا يركنن أحد إلى
الإحجام ** يوم الوغى متخوفا لحمام )
( فلقد أراني للرماح
دريئة ** من عن يميني مرة وأمامي )
( حتى خضبت بما تحدر من
دمي ** أكناف سرجي أو عنان لجامي )
( ثم انصرفت وقد أصبت
ولم أصب ** جذع البصيرة قارح الإقدام )
( قال أبو علي )
الدريئة مهموزة الحلقة التي يتعلم عليها الطعن وهي فعيلة بمعنى مفعولة من درأت أي
دفعت والدرية غير مهموزة دابة أو جمل يستتر به الصائد فيرمى الصيد وهو من دريت أي
ختلت وقال الشاعر
( فإن كنت لا أدري
الظباء فأنني ** أدس لها تحت التراب الدواهيا )
وبنوه على مثال خديعة
إذ كان في معناها وقوله أكناف سرجي أو عنان لجامي أرادو عنان لجامى وقوله جذع
البصيرة أي فتي الإستبصار أي وأنا على بصيرتي الأولى وقوله قارح الإقدام أي متناه
في الإقدام ( قال ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة
( لئن درست أسباب ما
كان بيننا ** من الود شوقي إليك بدارس )
( وما أنا من أن يجمع
الله بيننا ** على خير ما كنا عليه بيائس )
( قال ) وحدثنا أبو بكر
بن الأنباري قال حدثنا عبد الله بن خلف قال حدثنا أبو جابر محرز بن جابر قال حدثنا
أبي قال أرسلت أم جعفر زبيدة إلى أبي العتاهية أن يقول على لسانها أبياتا يستعطف
بها المأمون فتأبى ثم أرسل إليها هذه الأبيات
( ألا إن صرف الدهر
يدنى ويبعد ** ويمتع بالألاف طورا ويفقد )
( أصابت بريب الدهر مني
يدي يدي ** فسلمت للأقدار والله أحمد )
( وقلت لريب الدهران
هلكت يد ** فقد بقيت والحمد الله لي يد )
( إذا بقي المأمون لي
فالرشيد لي ** ولي جعفر لم يفقدا ومحمد )
فلما قرأها المأمون
استحسنها وسأل عن قائلها فقيل أبو العتاهية فأمر له بعشرة آلاف درهم وعطف على
زبيدة وزاد في تكرمتها وأثرتها ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو
عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال قال موسى شهوات يهجو عمر بن موسى بن عبيد الله
بن معمر ويمدح عمر بن موسى بن طلحة بن عبيد الله
( تباري ابن موسى يا
ابن موسى ولم تكن ** يداك جميعا تعدلان له يدا )
( تباري امرأ يسرى يديه
مفيدة ** ويمناهما تبني بناء مشيدا )
( فإنك لم تشبه يداك
ابن معمر ** ولكنما أشبهت عمك معبدا )
( وفيك وإن قيل ابن
موسى بن معمر ** عروق يدعن المرء ذا المجد قعددا )
( ثلاثة أعراق فعرق
مهذب ** وعرقان شاناما أصابا فأفسدا )
( قال أبو بكر ) وكان
معبد مولى وكان أخا أبيه لأمه وله حديث قد ذكره أبو عبيدة في المثالب ( قال أبو
علي ) القعدد والقعدد لغتان اللئيم الأصل والإقعاد قلة الأجداد والإطراف كثرة
الأجداد كلاهما مدح ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه
( لعمرك ما حق امرئ لا
يعد لي ** على نفسه حقا علي بواجب )
( وما أنا للنائي علي
بوده ** بودي وصافي خلتي بمقارب )
( ولكنه إن مال يوما
بجانب ** من الصد والهجران ملت بجانب )
( قال ) وأملى علينا
أبو الحسن الأخفش قال كتب محمد بن مكرم إلى أبي العيناء أما بعد
فإني لا أعرف للمعروف
طريقا أوعر ولا أحزن من طريقه إليك ولا مستودعا أقل زكاة وأبعد غنما من خير يحل
عندك لأنه يصير منك إلى دين ردي ولسان بذي وجهل قد ملك عليك طباعك فالمعروف لديك
ضائع والصنيعة عندك غير مشكورة وإنما غرضك من المعروف أن تحرزه وفي مواليه أن
تكفره ( قال ) وقرأت على أبي بكر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال من
أمثال العرب ( لا أخاف إلا من سيل تلعتي ) أي إلا من بني عمي وقرابتي ( قال )
والتلعة مسيل الماء إلى الوادي لأن من نزل التلعة فهو على خطر أن جاء سيل جرف بهم
وقال هذا وهو نازل بالتلعة أي لا أخاف إلا من مأمني ( قال أبو علي ) وسألت أبا بكر
بن دريد عن المثل الذي تضربه العرب لمن جازى صاحبه بمثل فعله وهو قولهم ( يوم بيوم
الحفض المجور ) فقال أصل هذا المثل أن أخوين كان لأحدهما بنون ولم يكن للآخر ولد
فوثبوا على عمهم فجور وابيته أي ألقوه بالأرض ثم نشأ للآخر بنون فوثبوا على عمهم
فجوروا بيته فشكا ذلك إلى أخيه فقال بيوم الحفض المجور ( قال أبو علي ) والحفض متاع البيت والحفض أيضا البعير الذي يحمل عليه
متاع البيت وإنما سمى حفضا لأنه منه بسبب والعرب تسمى الشيء باسم الشيء إذا كان منه
بسبب ولذلك قيل للجلد الذي يحمل فيه الماء راوية وإنما الراوية البعير الذي يستقي
عليه وينشد بيت عمرو بن كلثوم على وجهين
( ونحن إذا عماد البيت
خرت ** على الأحفاض نمنع من يلينا )
( ويروى عن الأحفاض فمن
روى على أراد متاع البيت ومن روى عن أراد الجمل الذي يحمل عليه متاع البيت ( قال
أبو علي ) قال أبو نصر هجرت فلانا أهجره هجرانا وهجرا إذا تركت كلامه وهجر الرجل
في منامه يهجر هجر إذا هذى وتكلم في منامه
وأهجر يهجر إهجارا
وهجرا إذا قال هجرا أي فحشا وكلا ما قبيحا وهجرت البعير أهجره هجورا
وهو أن تشد حبلا من
حقوه إلى خف يده ( قال أبو علي ) وذلك الحبل يسمى الهجار
وروى أبو عبيد عن
الأصمعي هجرت البعير أهجره هجرا وهو أن تشد حبلا في رسغ رجله ثم تشده إلى حقوه ان
كان عريا وإن كان مرحولا شددته إلى حقيبته وذكر الأصمعي في كتاب الصفات نحو قول
أبي عبيد ( قال ) وهو أن تشد حبلا من وظيف رجله إلى حقوه وأنشد
( فكعكعوهن في ضيق وفي
دهش ** ينزون من بين مأبوض ومهجور )
( وقال أبو نصر ) وهاجر
الرجل يهاجر مهاجرة إذا خرج من البدو إلى المدن ( قال أبو علي ) ويقال هاجر أيضا
إذا خرج من بلد إلى بلد
وقال أبو نصر ويقال
لكل ما أفرط في طول أو غيره مهجر والأنثى مهجرة ونخلة مهجرة إذا أفرطت في الطول
قال الراجز
( تعلو بأعلى السحق
المهاجر ** منها عشاش الهدهد القراقر )
( وقال غيره ) الهاجري
الحاذق بالإستقاء ويقال هذا أهجر من هذا أي أفضل منه ويقال لكل شيء فضل شيأ هو
أهجر منه ولهذا قيل للبن الجيد هجير
ويقال أن معاوية رحمه
الله خرج متنزها فمر بحواء ضخم فقصد قصد بيت منه فإذا بفنائه امرأة برزة فقال لها
هل من غداء قالت نعم حاضر قال وما غداؤك قالت خبز خمير وماء نمير وحيس فطير ولبن
هجير فثنى وركه ونزل فلما تغدى قال هل لك من حاجة فذكرت حاجة أهل الحواء قال هاتي
حاجتك في خاصة نفسك قالت يا أمير المؤمنين إني أكره أن تنزل واديا فيرف أوله ويقف
آخره ( وقال أبو عبيدة ) هذا أهجر من هذا أي أعظم منه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو
عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أخبرنا ابو العباس عن ابن الأعرابي قال يقال
هذا الطريق أهجر من هذا أي أبعد منه والهجرة البعد وأصل هذه العبارات كلها واحد (
وقال غيره ) والهاجري البناء وقال بعضهم والهاجري منسوب إلى هجر فأدخل فيه الألف
واللام ( قال أبو علي ) وليس هذا القول بمرضي وقال أبو نصر والهاجرة والهجير
والهجر وقت زوال الشمس قال الشاعر
( كأن العيس حين أنخن
هجرا ** معفأة نواظرها سوامي )
ويقال ما زال ذلك
هجيراه أي دأبه الذي يهجر به ويقال إهجيراه أيضا لغتان ويقال أتانا على هجر أي بعد
سنة فصاعدا ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي
عبيدة عن يونس قال وقف أعرابي في المسجد الجامع في البصرة فقال
( قل النيل ونقص الكيل
وعجفت الخيل ** )
والله ما أصبحنا ننفخ
في وضح وما لنا في الديوان من وشمة وأنا لعيال جربة فهل من معين أعانه الله يعين
ابن سبيل ونضو طريق وفل سنة فلا قليل من الأجر ولا غنى عن الله ولا عمل بعد الموت
( قال أبو علي ) الوضح اللبن وإنما سمى وضحا لبياضه وقال الهذلي
( عقوا بسهم فلم يشعر
به أحد ** ثم استفاؤا وقالوا حبذا الوضح )
عقوا رموه إلى السماء
واستفاؤا رجعوا والوشمة مثل الوشم في الذراع يريد الخط والجربة الجماعة ويقال
الجربة المتساوون ويقال عيال جربة أي كبار كلهم لا صغير فيهم قال الراجز
( جربه كحمر الأبك **
لا ضرع فيهم ولا مذكى )
والفل القوم المنهزمون
يعني أنه انهزم من الجدب والفل الأرض التي لم يصبها مطر وجمعها أفلال ( قال )
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم قال قال الأصمعي عاب رجل السويق
بحضرة أعرابي فقال لا تعبه فإنه عدة المسافر وطعام العجلان وغذاء المبكر وبلغة
المريض ويسر وفؤاد الحزين ويرد من نفس المحدود وجيد في التسمين ومنعوت في الطب
وقفاره يجلو البلغم وملتوته يصفي الدم وإن شئت كان شرابا وإن شئت كان طعاما وإن
شئت فثريدا وإن شئت فخبيصا ( قال أبو علي ) يسر ويكشف ما عليه يقال سرا عنه ثوبه
إذا نزعه والمحدود الذي قد حد أي قد ضرب الحد والقفار الذي لم يلت بشيء من أدم لا زيت
ولا سمن ولا لبن يقال طعام قفار
وعفار وعفير وسختيت
وحث حدثني أبو عمرو قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال العرب تقول ماء قراح
وخبز قفار لا أدم معه
وسويق حث وهو الذي لم
يلت بسمن ولا زيت وحنظل مبسل وهو أن يؤكل وحده قال الراجز
( بئس الطعام الحنظل
المبسل ** ييجع منه كبدي وأكسل )
ويروى ياجع ( قال )
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال أعرابي اعتذار من منع أجمل
من وعد ممطول ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال أخبرنا أبو العباس
أحمد بن يحيى قال كان مالك بن أسماء بن خارجة واجدا على أخيه عيينة بن أسماء وطال
ذلك حتى تفاقم الأمر بينهما فأخذ الحجاج عيينة فحبسه لجبايات كانت له وكتب إلى
مالك يعلمه بذلك وهو يظن أنه يسره فلما قرأ الكتاب أنشأ يقول
( ذهب الرقاد فما يحس
رقاد ** مما شجاك وملت العواد )
( خبر أتاني عن عيينة
مفظع ** كادت تقطع عنده الأكباد )
ويروى عن عيينة موجع
( بلغ النفوس بلاؤه
فكأننا ** موتى وفينا الروح والأجساد )
( يرجون غرة جدنا ولو
أنهم ** لا يدفعون بنا المكاره بادوا )
( لما أتاني عن عيينة
أنه ** أمسى عليه تظاهر الأقياد )
( نخلت له نفسي النصيحة
أنه ** عند الشدائد تذهب الأحقاد )
( وعلمت أني إن فقدت
مكانه ** ذهب البعاد فكان فيه بعاد )
( ورأيت في وجه العدو
شكاسة ** وتغيرت لي أوجه وبلاد )
( وذكرت أي فتى يسد
مكانه ** بالرفد حين تقاصر الإرفاد )
( أمن يهين لنا كرائم
ماله ** ولنا إذا عدنا إليه معاد )
( قال أبو علي )
الشكاسة سوء الخلق والشكس السيىء الخلق وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا
أبو بكر السمسار قال أنشدنا أبو بكر الأموي عن الحسين بن عبد الرحمن للخليل بن
أحمد
( إن كنت لست معي
فالذكر منك هنا ** يرعاك قلبي وإن غيبت عن بصري )
( العين تفقد من تهوى
وتبصره ** وناظر القلب لا يخلو من النظر )
( قال ) وأنشدنا أبو
بكر أيضا قال أنشدنا أبو علي العمري قال أنشدنا مسعود بن بشر
( أما والذي لو شاء لم
يخلق النوى ** لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي )
( يوهمنيك الشوق حتى
كأنما ** أناجيك من قرب وإن لم تكن قربى )
( قال ) وحدثنا أبو عبد
الله إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه قال سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى يقول قال
جرير وددت أني سبقت ابن السوداء يعني نصيبا إلى هذه الأبيات
( بزينب ألمم قبل أن
يرحل الركب ** وقل إن تملينا فما ملك القلب )
( وقل إن نثل بالود منك
محبة ** فلا مثل ما لاقيت من حبكم حب )
( وقل في تجنيها لك
الذنب أنما ** عتابك من عاتبت فيما له عتب )
( فمن شاء رام الصرم أو
قال ظالما ** لذي وده ذنب وليس له ذنب )
( خليلي من كعب ألما
هديتما ** بزينب لا تفقدكما أبدا كعب )
( من اليوم زوراها فإن
ركابنا ** غداة غد عنها وعن أهلها نكب )
( قال أبو علي ) النكب
الموائل
( وقولا لها يا أم
عثمان خلتي ** أسلم لنا في حبنا أنت أم حرب )
( وقال رجال حسبه من
طلابها ** فقلت كذبتم ليس لي دونها حسب )
( قال ) وأنشدنا أبو
بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لأسماء المرية
صاحبة عامر بن الطفيل
( أيا جبلى وادي عريعرة
التي ** نأت عن ثوى قومي وحق قدومها )
( ألا خليا مجرى الجنوب
لعله ** يداوي فؤادي من جواه نسيمها )
( وكيف تداوي الريح
شوقا مماطلا ** وعينا طويلا بالدموع سجومها )
( وقولا لركبان تميمة
غدت ** إلى البيت ترجو أن تحط جرومها )
( بأن بأكناف الرغام
غربية ** مولهة ثكلى طويلا نئيمها )
( مقطعة أحشاؤها من جوى
الهوى ** وتبريح شوق عاكف ما يريمها )
( قال أبو علي ) النئيم
الصوت ( قال ) وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال الطاية
والتاية والغاية والراية والآية فالطاية السطح الذي ينام عليه والتاية أن تجمع بين
رؤس ثلاث شجرات أو شجرتين فتلقى عليها ثوبا فتستظل به والغاية ن أقصى الشيء وتكون
من الطير التي تغيي على رأسك أي ترفرف والآية العلامة ( وبهذا الإسناد قال ) قال
خالد بن صفوان والله ما يأتي علينا يوم إلا ونحن نؤثر الدنيا على ما سواها وما
تزداد لنا إلا تخليا وعنا إلا توليا ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا الرياشي
لأعرابي يهجو بنيه
( إن بني كلهم كالكلب
** أبرهم أولاهم بسبي )
( لم يغن عنهم أدبي
وضربي ** ولا إتساعي لهم وروحبي )
( فليتني مت بغير عقب
** أو ليتني كنت عقيم الصلب )
( قال ) وقرأت على أبي
عمر قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي الحضين بن المنذر يهجو ابنه غياظ
( نسي لما أوليت من
صالح مضى ** وأنت لتأنيب علي حفيظ )
( تلين لأهل الغل
والغمر منهم ** وأنت على أهل الصفاء غليظ )
( عدوك مسرور وذوا الود
بالذي ** أتى منك من غيظ علي كظيظ )
( وسميت غياظا ولست
بغائظ ** عدوا ولكن الصديق تغيظ )
( فلا حفظ الرحمن روحك
حية ** ولا هي في الأرواح حين تفيظ )
( قال ) وقرأت على أبي
بكر بن دريد رحمه الله
( أن يحسدوني فإني غير
لائمهم ** قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا )
( فدام لي ولهم ما بي
وما بهم ** ومات أكثرنا غيظا بما يجد )
( أنا الذي يجدوني في
صدورهم ** لا أرتقي صدرا منها ولا أرد
( قال ) وأنشدنا أبو
بكر رحمه الله
( أخ لي كأيام الحياة
إخاؤه ** تلون ألوانا علي خطوبها )
( إذا عبت منه خلة
فهجرته ** دعتني إليه خلة لا أعيبها )
( قال ) وأنشدني أبو
بكر بن الأزهر مستملي أبي العباس قال أنشدنا الزبير بن بكار لسويد بن الصامت
( ألا ربما تدعو صديقا
ولو ترى ** مقالته بالغيب ساءك ما يفري )
( لسان له كالشهد ما
دمت حاضرا ** وبالغيب مطرور على ثغرة النحر )
( قال أبو علي ) مطرور
محدد من طررت السكين حددتها ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن
أبي عبيدة قال مات المهلب بمر والروذ بخراسان وكانت ولايته أربع سنين فقال نهار بن
توسعة
( ألا ذهب الغزو المقرب
للغنى ** ومات الندى والحزم بعد المهلب )
( أقاما بمر والروذ رهن
ضريحه ** وقد غيبا عن كل شرق ومغرب )
ثم ولى بعده قتيبة بن
مسلم فدخل عليه نهار فيمن دخل وهو يعطى الناس العطاء فقال من
أنت قال نهار بن
توسعة قال أنت القائل في المهلب ما قلت قال نعم وأنا القائل
( وما كان مذ كنا ولا
كان قبلنا ** ولا كائن من بعد مثل ابن مسلم )
( أعم لأهل الشرك قتلا
بسيفه ** وأكثر فينا مغنما بعد مغنم )
قال إن شئت فأقلل وإن
شئت فأكثر وإن شئت فاحمد وإن شئت فذم لا تصيب مني خيرا أبدا يا غلام اقرض اسمه من
الدفتر فلزم منزله حتى قتل قتيبة وولى يزيد فأتاه فدخل عليه وهو يقول
( إن كان ذنبي يا قتيبة
أنني ** مدحت أمرأ قد كان في المجد أو حدا )
( أبا كل مظلوم ومن لا
أباله ** وغيث مغيثات أطلن التلددا )
( فشأنك إن الله إن سؤت
محسن ** إلي إذا أبقى يزيد ومخلدا
قال احتكم قال مائة
ألف درهم فأعطاه إياها ( قال ) وقال أبو عبيدة مرة أخرى بل كان الممدوح مخلد بن
يزيد وكان خليفة أبيه على خراسان فكان نهار يقول بعد موته رحم الله مخلدا فما ترك
لي بعده من قول ( قال أبو علي ) قال اللحياني دجن بالمكان يدجن دجونا فهو داجن إذا
ثبت وأقام ومثله رجن يرجن رجونا فهو راجن ( وقال غيره ) ومنه قيل شاة راجنة إذا
أقامت في البيوت على علفها ( وقال اللحياني ) وتن يتن وتونا ( وقال الأصمعي )
الواتن الثابت الدائم ( وقال اللحياني ) تنأ يتنأ تنوأ فهو تانئ وتنخ يتنخ تنوخا
فهو تانخ ( قال أبو بكر بن دريد ) ومنه سميت تنوخ لأنها أقامت في موضعها ( وقال اللحياني
) وركد يركد ركودا فهو راكد وألحم يلحم إلحاما ( وقال يعقوب بن السكيت ) وقطن يقطن
قطونا فهو قاطن قال العجاج
( قواطنا مكة من ورق
الحمى ** )
ومكد يمكد مكودا فهو
ماكد ومنه قيل ناقة ماكد ومكود إذا ثبت غزرها فلم يذهب ( قال أبو علي ) وأخبرنا
الغالبي عن أبي الحسين بن كيسان عن أبي العباس أحمد بن يحيى قال زعم الأصمعي أن
الغزر لغة أهل البحرين وأن الغزر بالفتح اللغة العالية ( وقال
يعقوب ) ورمك يرمك
رموكا فهو رامك وثكم يثكم ثكوما فهو ثاكم وأرك يأرك أروكا فهو آرك وابل أركة في
الحمض أي مقيمة فأما الأوارك فالتي تأكل الأراك وعدن بعدن عدنا وزاد اللحياني
وعدونا ومنه قيل جنة عدن أي جنة إقامة وإبل عوادن إذا أقامت في موضع ( قال يعقوب ) ومنه
المعدن لأن الناس يقيمون فيه في الشتاء والصيف ( قال أبو علي ) إنما قيل له معدن
لثبات ذلك الجوهر فيه قال العجاج
( من معدن الصيران
عدملي ** ) يعني كناسا فيه وثبات البقر ( وقال يعقوب ) وتلد يتلد تلودا وبلد يبلد
بلودا ( قال أبو علي ) ومنه اشتقاق البليد كأنه ثبت فلم يتخط لجواب ولا تصرف ( قال
يعقوب ) وأبد يأبد أبودا وألبد يلبد إلبادا فهو ملبد واللبد من الرجال الذي لا
يبرح منزله قال الراعي
( من أمر ذي بدوات لا
تزال له ** بزلاء يعيا بها الجثامة اللبد )
وألث يلث فهو ملت
وألثت السماء إذا دام مطرها وأرب يرب إربابا فهو مرب وألب يلب إلبابا فهو ملب ولب
أيضا وهي بالألف أكثر قال ابن أحمر
( لب بأرض ما تخطاها
النعم ** )
قال الخليل ومنه
قولهم لبيك وسعديك كأنه قال إجابة لك بعد إجابة ولزوما لك بعد لزوم أي كلما دعوتني
أجبتك ولزمت طاعتك ورمأ يرمأ ورموأ وخيم يخيم تخييما ورويم يريم ترييما وفنك يفنك
فنوكا وفنك في الشيء إ ذا لج فيه وأنشد الفراء
( لما رأيت أمرها في
حطي ** وفنكت في كذب ولط )
( أخذت منها بقرون شمط
** حتى علا الرأس دم يغطي )
وأبن يبن إبنانا فهو
مبن قال النابغة
( غشيت منازلا بعريتنات
** فأعلى الجزع للحي المبن )
وبجد بالمكان يبجد
بجودا فهو باجد ومنه قيل أنا ابن بجدتها أي أنا عالم بها
وحكي يعقوب عن الفراء
هو عالم ببجدة أمرك وبجدة أمرك كقولك بداخلة أمرك وقال ابن الأعرابي
أوصب الشيء ووصب إذا
ثبت ودام وأنشد العجاج
( تعلو أعاصيم وتعلو
أحدبا ** إذا رجت منه الذهاب أو صبا )
( قال أبو علي ) ومن
وصب قوله عز وجل بعذاب واصب أي دائم ( وقال الأصمعي ) ثبيت على الشيء دمت عليه
وأنشد
( يثبي ثناء من كريم
وقوله ** ألا أنعم على حسن التحية واشرب )
( وقال أبو عمرو
الشيباني ) التثبيه مدح الرجل حيا وأنشد البيت الذي ذكرناه عن الأصمعي ( وقال غيره
) الطادي الثابت قال القطامي
( وما تقضى بواقي دينها
الطادي ** ) والموطود المثبت وموطود من وطد يطد واللغويون يقولون أن هذا من
المقلوب ( وقال أبو عبيد ) والأقعس الثابت وأنشد للحرث
( وعزة قعساء ** ) وقال
اللحايني أتم يأتم أتوما ووتم يوتم وتوما إذا ثبت في المكان ( قال أبو علي ) وهذان
الحرفان على غير قياس لأنه قد كان يجب أن يكون مصدرهما أتما ووتما ويقال أرى بالمكان
وتأرى إذا احتبس قال
( لا يتأرى لما في
القدر يرقبه ** ولا يعض على شرسوفه الصفر )
وقال آخر
( لا يتأرون في المضيق
وإن ** نادى مناد كي ينزلوا نزلوا )
( وقال ابن الأعرابي )
وزحك بالمكان إذا أقام فيه قال وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا السكن بن سعيد
عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي عن أبيه قال لما حضرت عبد الله ابن شداد بن الهاد
الوفاة دعا ابنا له يقال له محمد فقال يا بني إني أرى داعي الموت لا يقلع وأرى من
مضى لا يرجع ومن بقى فإليه ينزع وأني موصيك بوصية فاحفظها عليك بتقوى الله العظيم
وليكن أولى الأمور بك شكر الله وحسن النية في السر والعلانية فإن الشكور يزداد
والتقوى خير زاد وكن كما قال الحطيئة
( ولست أرى السعادة جمع
مال ** ولكن التقي هو السعيد )
( وتقوى الله خير الزاد
ذخرا ** وعند الله للأتقى مزيد )
( وما لا بد أن يأتي
قريب ** ولكن الذي يمضي بعيد )
ثم قال أي لا تزهدن
في معروف فإن الدهر وصروف والأيام ذات نوائب على الشاهد والغائب فكم من راغب قد
كان مرغوبا إليه وطالب أصبح مطلوبا ما لديه واعلم أن الزمان ذو ألوان ومن يصحب
الزمان يرى الهوان وكن أي بني كما قال أبو الأسود الدؤلي
( وعد من الرحمن فضلا
ونعمة ** عليك إذا ما جاء للعرف طالب )
( وأن أمرأ لا يرتجي
الخير عنده ** يكن هينا ثقلا على من يصاحب )
( فلا تمنعن ذا حاجة
جاء طالبا ** فإنك لا تدري متى أنت راغب )
( رأيت التوا هذا
الزمان بأهله ** وبينهم فيه تكون النوائب )
ثم قال أي بني كن
جوادا بالمال في موضع الحق بخيلا بالأسرار عن جميع الخلق فإن أحمد جود المرء
الإنفاق في وجه البر وأن أحمد بخل الحر الضن بمكتوم السر وكن كما قال قيس بن
الخطيم الأنصاري
( أجود بمكنون التلاد
وأنني ** بسرك عمن سالني لضنين )
( إذا جاوز الإثنين سر
فإنه ** بنث وتكثير الحديث قمين )
( وعندي له يوما إذا ما
ائتمنتني ** مكان بسوداء الفؤاد مكين )
ثم قال أي بني وإن
غلبت يوما على المال فلا تدع الحيلة على حال فإن الكريم يحتال والدني عيال وكن
أحسن ما تكون في الظاهر حالا أقل ما تكون في الباطن مالا فإن الكريم من كرمت
طبيعته وظهرت عند الإنفاد نعمته وكن كما قال ابن خذاق العبدي
( وجدت أبي قد أورثه
أبوه ** خلولا قد تعد من المعالي )
( فأكرم ما تكون علي
نفسي ** إذا ما قل في الأزمات مالي )
( فتحسن سيرتي وأصون
عرضي ** ويجمل عند أهل الرأي حالي )
( وإن نلت الغنى لم أغل
فيه ** ولم أخصص بجفوتي الموالي )
ثم قال أي بني وإن
سمعت كلمة من حاسد فكن كأنك لست بالشاهد فإنك أن أمضيتها حيالها رجع العيب على من
قالها وكان يقال الأريب العاقل هو الفطن المتغافل وكن كما قال حاتم الطائي
( وما من شميمي شتم ابن
عمي ** وما أنا مخلف من يرتجيني )
( وكلمه حاسد في غير
جرم ** سمعت فقلت مري فانفذيني )
( فعابوها علي ولم
تسؤني ** ولم يعرق لها يوما جبيني )
( وذوا اللونين يلقاني
طليقا ** وليس إذا تغيب يأتليني )
( قال أبو علي )
( ما ألوت ما قصرت **
وما الوت ما استطعت )
( سمعت بعيبه فصفحت عنه
** محافظة على حسبي وديني )
قال أبو عليويروى
سمعت بغيبه ثم قال أي بني لا تواخ امرأ حتى تعاشره وتتفقد موارده ومصادره فإذا
استطعت العشرة ورضيت الخبره الخبره فواخه على إقالة العثرة والمواساة في العسرة
وكن كما قال المقنع الكندي
( أبل الرجال إذا أردت
إخاءهم ** وتوسمن فعالهم وتفقد )
( فإذا ظفرت بذي
اللبابة والتقى ** فبه اليدين قرير عين فاشدد )
( وإذا رأيت ولا محالة
زلة ** فعلى أخيك بفضل حلمك فاردد )
ثم قال أي بني إذا
أحببت فلا تفرط وإذا أبغضت فلا تشطط فإنه قد كان يقال أحبب حبيبك هونا ما عسى أن
يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هو ناما عسى أن يكون حبيبك يوماما وكن كما قال
هدبة بن الخشرم العذري
( وكن معقلا للحلم
واصفح عن الخنا ** فإنك راء ما حييت وسامع )
( وأحبب إذا أحببت حبا
مقاربا ** فإنك لا تدري متى أنت نازع )
( وأبغض إذا أبغضت بغضا
مقاربا ** فإنك لا تدري متى أنت راجع )
وعليك بصحبة الأخيار
وصدق الحديث وإياك وصحبة الأشرار فإنه عار وكن كما قال الشاعر
( أصحب الأخيار وارغب
فيهم ** رب من صاحبته مثل الجرب )
( ودع الناس فلا تشتمهم
** وإذا شاتمت فاشتم ذا حسب )
( إن من شاتم وغدا
كالذي ** يشتري الصفر بأعيان الذهب )
( واصدق الناس إذا
حدثتهم ** ودع الناس فمن شاء كذب )
( قال ) وأنشدنا أبو
بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لكعب
( وذي ندب دامي الأظل
قسمته ** محافظة بيني وبين زميلي )
( وزاد رفعت الكف عنه
تجملا ** لأوثر في زادي على أكيلي )
( وما أنا للشي الذي
ليس نافعي ** ويغضب منه صاحبي بقؤول )
( قال أبو علي ) الندب
الأثر وجمعه ندوب وأنداب والأظل باطن خف البعير ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو عثمان عن
التوزي عن أبي عبيدة لعروة بن الورد
( لا تشتمني يا ابن ورد
فإنني ** تعود على ما لي الحقوق العوائد )
( ومن يؤثر الحق الندوب
تكن به ** خصاصة جسم وهو طيان ماجد )
( وإني امرؤ عافي إناني
شركة ** وأنت امرؤ عافى إنائك واحد )
( أقسم جسمي في جسوم
كثيرة ** وأحسو قراح الماء والماء بارد )
( قال ) وأنشدنا أبو
عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة
( أخط مع الدهر إذا ما
خطا ** واجر مع الدهر كما يجري )
( من سابق الدهر كبا
كبوة ** لم يستقلها من خطا الدهر )
وأنشدنا أبو عبد الله
إبراهيم بن محمد بن عرفة وأبو بكر بن دريد وأبو الحسين الأعرابي في وصف نار
( رأيت بحزن عزة ضوء
نار ** تلالأ وهي واضحة المكان )
( فشبه صاحباي بها
سهيلا ** فقلت تبينا ما تبصران )
( أنار أوقدت لتنوراها
** بدت لكما أم البرق اليمان )
( كأن النار يقطع من
سناها ** بنائق جبة من أرجوان )
وقرأت على أبي بكر
لكثير
( رأيت وأصحابي بأيلة
موهنا ** وقد غاب نجم الفرقد المتصوب )
( لعزة نارا ما تبوخ
كأنها ** إذا مارمقناها من البعد كوكب )
( قال أبو علي ) تبوخ
تخمد ( قال ) وقرأت على أبي بكر للشماخ ويقال أنها لرجل من بني فزارة
( رأيت وقد أتى نجران
دوني ** ليالي دون أرحلنا السدير )
( لليلى بالعنيزة ضوء
نار ** تلوح كأنها الشعرى العبور )
( إذا ما قلت أخمدها
زهاها ** سواد الليل والريح الدبور )
( وما كادت ولو رفعت
سناها ** ليبصر ضوءها إلا البصير )
( فبت كأنني باكرت صرفا
** معتقة حمياها تدور )
( أقول لصاحبي هل
يبلغني ** إلى ليلى التهجر والبكور )
وقرأت عليه لجميل
( أكذبت طرفي أم رأيت
بذي الغضا ** لبثنة نارا فاحبسوا أيها الركب )
( إلى ضوء نار في
القتام كأنها ** من البعد والأهوال حبيب بها نقب )
( وما خفيت مني لدن شب
ضوءها ** وما هم حتى أصبحت ضوءها يخبو )
( وقال صحابي ما ترى
ضوء نارها ** ولكن عجلت واستناع بك الخطب )
( فكيف مع المحراج
أبصرت نارها ** وكيف مع الرمل المنطقة الهضب )
( قال أبو علي )
الإستناعة التقدم والمحراج موضع وأنشد بعض أصحابنا
( كأن نيراننا في رأس
قلعتهم ** مصقلات على أرسان قصار )
وأنشدنا أبو بكر عن
بعض أشياخه عن الأصمعي
( وإني بنار أوقدت عند
ذي الحمى ** على ما بعيني من قذى لبصير )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن الزبير عن
شيخ قال حدثني رجل من الخضر بالسغد وهو موضع قال جاءنا نصيب إلى مسجدنا فاستنشدته
فأنشدنا
( ألا يا عقاب الوكر
وكر ضرية ** سقتك الغوادي من عقاب ومن وكر )
( تمر الليالي والشهور
ولا أرى ** مرور الليالي منسياتي ابنة العمر )
( تقول صلينا واهجرينا
وقد ترى ** إذا هجرت أن لا وصال مع الهجر )
( فلم أرض ما قالت ولم
أبد سخطة ** وضاق بما جمجمت من حبها صدري )
( ظللت بذي دوران أنشد
بكرتي ** ومالي عليها من قلوص ولا بكر )
( وما أنشد الرعيان إلا
تعلة ** بواضحة الأنياب طيبة النشر )
( فقال لي الرعيان لم
تلتبس بنا ** فقلت بلى قد كنت منها على ذكر )
( وقد ذكرت لي بالكثيف
مؤالفا ** قلاص سليم أو قنلاص بني وبر )
( فقال فريق القوم لا
وفريقهم ** نعم وفريق قال ويلك ما ندري )
( قال أبو علي ) أنشدنا
أبو بكر بن دريد بعض هذه الأبيات
( فقال فريق القول لا
وفريقهم ** نعم وفريق أيمن الله ما ندري )
( أما والذي حج الملبون
بيته ** وعظم أيام الذبائح والنحر )
( لقد زادني للجفر حبا
وأهله ** ليال أقامتهن ليلى على الجفر )
( فهل يأثمني الله في أن
ذكرتها ** وعللت أصحابي بها ليلة النفر )
( وسكنت ما بي من سآم
ومن كرى ** وما بالمطايا من جنوح ولا فتر )
قال وقرأت على أبي
عمر المطرز قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال قال أبو زياد الكلابي إذا
احتبس المطر اشتد البرد فإذا مطر الناس كان للبرد بعد ذلك فرسخ أي سكون وسمى
الفرسخ فرسخا لأن صاحبه إذا مشى فيه استراح عنه وسكن ( قال ) وقرأت عليه قال حدثنا
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال العرب تقول هذا أنتن من مرقات الغنم والواحدة مرقة
ة والمرقة صوف العجاف والمرضى تمرق أي تنتف ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا
أبو حاتم عن أبي زيد للنظار الفقعسي
( فإن ترفى بدني خفة **
فسوف تصادف حلمي رزينا )
( وتعجم مني عند الحفاظ
** حصاة تفل شبا العاجمينا )
( فإياك والبغي لا
تستثر ** حديد النيوب أطال الكمونا )
( ثوى تحمل السم أنيابه
** وحالف لصبا منيعا كنينا )
( رأته الحواة الأولى
جربوا ** فلا يبسطون إليه اليمينا )
( قال ) وقرأت على أبي
بكر رحمه الله من كتابه قال قرأت على الرياشي للأعور الشني
( قال أبو علي ) ويقال
أنها الإبن خذاق
( لقد علمت عميرة أن
جاري ** إذا ضن المنمي من عيالي )
( قال أبو علي ) قال
أبو بكر أنكر الرياشي المثمي وقال لعله حرف آخر ويروى المثمر من عيالي ( قال أبو
علي ) المثمر والمنمي واحد في المعنى لأنه يقال نمى المال ينمى ونميته أنا وأنميته
( فإني لا أظن على ابن
عمي ** بنصري في الخطوب ولا نوالي )
( ولست بقائل قولا
لأحظى ** بقول لا يصدقه فعالي )
( وما التقصير قد علمت
معد ** وأخلاق الدنية من خلالي )
( وجدت أبي قد أورثه
أبوه ** حلالا قد تعد من المعالي )
( فأكرم ما تكون علي
نفسي ** إذا ما قل في الأزمات مالي )
( فتحسن سيرتي وأصون
عرضي ** وتجمل عند أهل الرأي حالي )
( وإن نلت الغنى لم أغل
فيه ** ولم أخصص بجفوتي الموالي )
( ولم أقطع أخا لأخ
طريف ** ولم يذمم لطرفته وصالي )
( وقد أصحت لا أحتاج
فيما ** بلوت من الأمور إلى سؤال )
( وذلك أنني أدبت نفسي
** وما حلت الرجال ذوي المحال )
( إذا ما المرء قصر ثم
مرت ** عليه الأربعون من الرجال )
( قال أبو علي ) قال أبو
بكر قال الرياشي الخوالي أشبه
( فلم يلحق بصالحهم
فدعه ** فليس بلاحق أخرى الليالي )
( وليس بزائل ما عاش
يوما ** من الدنيا يحول على سفال )
( قال أبو علي )
الإتباع على ضربين فضرب يكون فيه الثاني بمعنى الأول فيؤتى به تأكيدا لأن لفظه
مخالف للفظ الأول وضرب فيه معنى الثاني غير معنى الأول فمن الإتباع قولهم ( أسوان
أتوان ) في الحزن فأسوان من قولهم أسى الرجل يأسى أسى إذا حزن ورجل أسيان وأسوان
أي حزين وأتوان من قولهم أتوته آتوه بمعنى أتيته
آتيه وهي لغة لهذيل
قال قال خالد بن زهير
( يا قوم ما بال أبي
ذؤيب ** كنت إذا أتوته من غيب )
( يشم عطفي ويمس ثوبي
** كأنني أربته بريب )
ويقولون ما أحسن أتو
يدي الناقة وأتي يديها يعنون رجع يديها فمعنى قولهم أسوان أتوان حزين متردد يذهب
ويجيء من شدة الحزن ويقولون عطشان نطشان فنطشان مأخوذ من قولهم ما به نطيش أي ما
به حركة فعناه عطشان قلق ويقولون خزيان سوآن فسوآن مأخوذ من قولهم سوأة سوآء أي
أمر قبيح ورجل أسوأ وامرأة سوآء إذا كانا قبيحين وفي الحديث ( سوآء ولود خير من
حسناء عقيم ) ويقولون شيطان ليطان فليطان ماخوذ من قولهم لاط حبه بقلبي يلوط ويليط
أي لصق ويقال للولد في القلب لوطة أي حب لازق ويقولون هو الوط بقلبي منك وأليط أي
ألزق ويقال ما يليط هذا بقلبي وما يلتاط أي ما يلصق ويقال ألاط القاضي فلانا بفلان
أي ألحقه به فمعنى قولهم شيطان ليطان شيطان لصوق ويقولون هنىء مريء وهو من قولهم
هنأني الطعام ومرأني فإذا أفردوا لم يقولوا إلا امرأني ولم يقولوا مرأني ويقولون
عيي شوي فالشوي مأخوذ من الشوى وهو رذال المال ورديئه وقال الشاعر
( أكلنا الشوى حتى إذا
لم ندع شوى ** أشرنا إلى خيراتها بالأصابع )
فمعناه عيي رذل ويمكن
أن يكون مأخوذا من الشوية وهي بقية قوم هلكوا وجمعها شوايا حدثني بهذا أبو بكر بن
دريد وأنشدني
( فهم شر الشوايا من
ثمود ** وعوف شر منتعل وحافي )
ويقولون عيى شيي وشيي
أصله شوي ولكنه أجرى على لفظ الأول ليكون مثله في البناء ويقولون عريض أريض
فالأريض الخليق للخير الجيد النبات ويقال أرض أريضة قال الشاعر
( بلاد عريضة وأرض
أريضة ** مدافع غيث في فضاء عريض )
ويقولون غني ملي وهو
بمعنى غني ويقولون نبيث خبيث نبيث فالنبيث يمكن أن يكون الذي ينبث شره أي يظهره أو
يكون الذي ينبث أمور الناس أي يستخرجها وهو مأخوذ من قولهم نبثت البئر أنبثها إذا
أخرجت نبيثتها وهو ترابها وكان قياسه أن يقول خبيث نابث فقيل نبيث لمجاورته لخبيث
ويقولون خبيث مجيث كذا حكاه ابن الأعرابي بالميم وأحسبه لغة في نجيث أبدل من النون
ميما وفعل به ما فعل بنبيث لما كان في معناها
ويقولون خفيف ذفيف
والذفيف السريع ومنه سمي الرجل ذفافة ويقال ذفف على الجريح إذا أجهز عليه ويقولون
قسيم وسيم فالقسيم الجميل الحسن يقال رجل قسيم وامرأة قسيمة والقسام الحسن والجمال
وأنشد يعقوب
( يسن على مراغمها
القسام ** ) وقال العجاج
( ورب هذا البلد المقسم
** ) أي المحسن وقال الشاعر
( ويوما توافينا بوجه
مقسم ** كأن ظبيعة تعطوا لي وارق السلم )
أي محسن والوسيم
الحسن الجميل يقال رجل وسيم وامرأة وسيمة والميسم الحسن والجمال قال الشاعر
( لو قلت ما في قومها
لم تيثم ** يفضلها في حسب وميسم )
ويقولون قبيح شقيح
فالشقيح مأخوذ من قولهم شقح البسر إذا تغيرت خضرته بحمرة أو صفرة وهو حينئذ أقبح
ما يكون وتلك البسرة تسمى شقحة وحينئذ يقال أشقح النخل فمعنى قولهم قبيح شقيح
متناهي القبح ويمكن أن يكون بمعنى مشقوح من قول العرب لأشقحنك شقح الجوز بالجندل
أي لأكسرنك فيكون معناه قبيحا مكسورا ( وقال اللحياني ) شقيح لقيح فالشقيح ههنا
المكسور على ما ذكرنا واللقيح مأخوذ من قولهم لقحت الناقة ولقح الشجر ولقحت الحرب
فمعناه مكسور حامل للشر ( قال ) وحكى عن يونس شقيح نبيح فالنبيح مأخوذ من النباح
ومعناه مكسور كثير الكلام ويقولون كثير
بثير فالبثير هو
الكثير مأخوذ من قولهم ماء بثر أي كثير فقالوا بثير لموضع كثير كما قالوا مهرة
مأمورة وسكة مأبورة وإني لآتيه بالغدايا والعشايا
ويقولون كثير بذير
فالبذير المبذور وهو المفرق ويقولن كثير بجير فالبجير لغة في البجيل وهو العظيم
كما قالوا وجلت منه ووجرت منه
ويقولون بذير عفير
والبذير المبذور والعفير المفرق في العفر وهو التراب أو المجعول في العفر ويقولون
ضئيل بئيل فالبئيل هو الضئيل
( قال أبو زيد ) بؤل
الرجل يبؤل مآله له إذا ضؤل ويقولون جديد قشيب فالقشيبي الجديد ويقولون شحيح نحيح
فالنحيح الذي إذا سئل عن الشيء تنحنح من لؤمه ويقولون سليخ مليخ للذي لا طعم له
قال الشاعر
( سليخ مليخ كلحم
الحوار ** فلا أنت حلو ولا أنت مر )
فالسليخ المسلوخ
الطعم والمليخ المملوخ وهو المنزوع الطعم مأخوذ من قولهم ملخت اللحم من فم الدابة
وملخت اليربوع من الحجر وملخت قضيبا من الشجرة إذا نزعته نزعا سهلا والملخ في
السير السهل منه
ويقولون فقير وقير
فالوقير الموقور من قولهم وقرت العظم أقره والوقرة الهزمة في العظم أنشدنا أبو بكر
بن دريد
( رأوا وقرة في العظم
مني فبادروا ** بها وعيها لما رأوني أخيمها )
الوعي أن ينجبر العظم
على غير استواء والوعى أيضا القيح والمدة يقال وعى الجرح يعي وعيا إذا سال منه
القيح والمدة والقول الثاني لأبي زيد وأنشد
( كأنما كسرت سواعده **
ثم وعى جبرها فما ألتأما )
وأخيمها أجبن عنها
يقال خام إذا جبن ويقولون مليح قزيح وأصل هذين الحرفين في الطعام فالقزيح المقزوح
والمقزوح الذي فيه الأقزاح والأقزاح الأبزار واحدها قزح ومليح بمعنى مملوح من
قولهم ملحت القدر أملحها إذا جعلت فيها الملح بقدر فمعنى قولهم مليح قزيح كامل
الحسن لأن كمال طيب القدر أن تكون مقزوحة
مملوحة
ويقولون مضيع مسيع
والإساعة الإضاعة وناقة مسياع إذا كانت تصبر على الإضاعة والجفاء ومعنى أساع ألقى
في السياع وهو الطين قال القطامي
( كما بطنت بالفدن
السياعا ** ) والأصل فيه ما أنبأتك ثم كثر حتى قيل لكل مضياع مسياع ولكل مضيع مسيع
ويقولون وحيد قحيد وواحد قاحد وهو من قولهم قحدت الناقة إذا عظم سنامها والقحدة
السنام ويقال أقحدت أيضا فمعناه أنه واحد عظيم القدر والشأن في شيء واحد خاصة
ويقولون أشر أفر فالأشر البطر المرح وكذلك الأفر عند ابن الأعرابي فأما الأفر والأفور
فالعدو يقال أفر يأفر أفرا ويقولون هذر مذر فالهذر الكثير الكلام والمذر الفاسد
مأخوذ من قولهم مذرت البيضة تمذر مذرا إذا فسدت ومذرت معدته ايضا
ويقولون لحز لصب
فاللحز البخيل واللصب الذي لزم ما عنده مأخوذ من قولهم لصب الجلد باللحم يلصب لصبا
إذا لصق به من ا لهزال وقال أبو بكر بن دريد لصب السيف يلصب لصبا إذا نشب في جفنه
فلم يخرج ويقولون حقر نقر وحقير نقير وحقر نقر واصل هذا في الغنم والبقر فالنقر
الذي به النقرة وهو داء يأخذ الشاة في شاكلتها ومؤخر فخذيها فيثقب عرقوبها ويدخل
فيه خيط من عهن ويترك معلقا وإذا كانت الشاة كذلك كانت هينة على أهلها قال المرار
العدوي
( وحشوت الغيظ في
أضلاعه ** فهو يمشي حظلانا كالنقر )
الحظلان أن يمشي
رويدا ويظلع يقال قد حظلت تحظل حظلا إذا ظلعت ( وقال ) ابن الأعرابي شاة حظول إذا ورم ضرعها من علة فمشت رويدا وظلعت وأصل
الحظل المنع وأنشد يعقوب
( تعيرني الحظلان أم
محلم ** فقلت لها لم تقذفيني بدائيا )
( فإني رايت الصامرين
متاعهم ** يذم ويفنى فارضخى من وعائيا )
( فلن تجديني في
المعيشة عاجزا ** ولا حصرما خبا خبا شديدا وكائيا )
الصامرين المانعين
الباخلين يقال صمر يصمر صمورا إذا بخل والحصرم البخيل أيضا وأصل الحصرمة شدة الفتل
يقال حصرم حبله وحصرم قوسه إذا شد وترها
ويقال حظلت عليه
وحجرت عليه وحصرت عليه وقال يعقوب الحظلان مشي الغضبان
( وقال ) يعقوب قال
الغنوي عنز نقرة وتيس نقر ولم أر كبشا نقرا وهو ظلع يأخذ الغنم ثم قيل لكل حقير
متهاون به حقر نقر وحقير نقير وحقر نقر ويجوز أن يراد به النقير الذي في النواة
فيكون معناه حقيرا متناهيا في الحقارة والمذهب الأول أجود ويقولون ذهب دمه خضرا
حضرا وخضرا مضرا اي باطلا فالخضر الأخضر ويقال مكان خضر ويمكن أن يكون مضر لغة في
نضر ويكون معنى الكلام أن دمه بطل كما يبطل الكلأ الذي يحصده كل من قدر عليه ويمكن
أن يكون خضر من قولهم عشب أخضر إذا كان رطبا ومضر أبيض لأن المضر إنما سمي مضر
البياضه ومنه مضيرة الطبيخ فيكون معناه أن دمه بطل طريا فكأنه لم يثأر به فيراق لأجله
الدم بقى أبيض وقال بعض اللغويين الخضرة بقيلة وجمعها خضر وأنشد فيه بيتا لإبن
مقبل
( تقتادها فرج ملبونة
خنف ** ينفخن في برعم الحوذان والخضر )
ويقولون شكس لكس
فالشكس السيء الخلق واللكس العسير ويقولون رطب صقر مقر فالصقر الكثير الصقر وصقره
عسله والمقر المنقوع في العسل ليبقى وكل شيء أنقعته في شيء فقد مقرته وهو ممقور
ومقير ومنه السمك الممقور وهو الذي قد أنقع في الخل ويقولون سغل وغل قال السغل
المضطرب الأعضاء السيء الخلق كذا قال الأصمعي وقال غيره السغل السيء الغذاء فأما
الوغل فالسيء الغذاء لا أعرف فيه اختلافا والوغل في قول أبي زيد المقصر وفي قول
الأصمعي الداخل في قول ليس منهم ويقولون سمج لمج فاللج الكثير
الاكل الذي يلمج كل
ما وجده أي يأكله قال لبيد
( يلمج البارض لمجا في
الندى ** من مرابيع رياض ورجل )
ويقولون ثقف لقف وثقف
لقف واللقف الجيد الإلتقاف ويقولون وتح شقن ووتح شقن ووتيح شقين فالوتح القليل
والشقن مثله ويقال وتحت عطيته وشقنت وأشقنتها أنا ويقولون عابس كابس فالعابس من
عبوس الوجه وكابس يكبس ويقولون حائر بائر فالحائر المتحير والبائر الهالك والبوار
الهلاك وقال أبو عبيدة رجل بائر وبور بضم الباء أي هالك قال ابن الزبعرى
( يا رسول المليك إن
لساني ** راتق ما فتقت إذ أنا بور )
ويكون البائر الكاسد
من قولهم بارت السوق إذا كسدت ويقولون حاذق باذق فباذق يمكن أن يكون لغة في باثق
كما قالوا قرب حثحاث وحذحاذ ونبيثة ونبيذة لتراب البئر فكأن الأصل والله أعلم أن
رجلا سقى فأجاد وأكثر فقيل حاذق باذق أي حاذق بالسقى باثق للماء ويقولون حار يار
وحران يران وحار جار فالجار الذي يجر الشيء الذي يصيبه من شدة حرارته كأنه ينزعه
ويسلخه مثل اللحم إذا أصابه أو ما أشبهه ويمكن أن يكون جار لغة في يار كما قالوا
الصهاريج والصهاري وصهريج وصهري وصهري لغة تميم وكما قالوا شيرة للشجرة وحقروه فقالوا
شييرة قال الرياشي قال أبو زيد كنا يوما عند المفضل وعنده الأعراب فقلت أيهم يقول
شيرة فقالوها فقلت له قل لهم يتحفرونها فقالوا شييرة وحدثني أبو بكر بن دريد قال
حدثني أبو حاتم قال سمعت أم الهيثم تقول شيرة وأنشدت
( إذا لم يكن فيكن ظل
ولا جنى ** فأبعدكن الله من شيرات )
فقلت يا أم الهيثم
صغريها فقالت شيرة ويمكن أن يكونوا أبدلوا في الحاء هاء كما قالوا مدحته ومدهته
والمدح والمده ثم أبدلوا من الهاء ياء كما أبدلوا في هذه وهذي وهذا
الإبدال قليل في
كلامهم فقد حكى الرؤاسي عن العرب أنهم يقولون بإقلاء هار ويقولون خاسر دابر وخاسر
دامر وخسر دمر وخسر دبر فالدابر يمكن أن يكون لغة في الدامر وهو الهالك ويمكن أن
يكون الدابر الذي يدبر الأمر أي يتبعه ويطلبه بعدما فات وأدبر ومنه قيل لهذا
الكوكب الذي بعد الثريا الدبران لأنه يدبر الثريا ومنه الراي الدبري وهو الذي لا
يأتي إلا عن دبر يقال فلان لا يأتي الصلاة إلا دبريا أي في آخرها ويمكن أن يكون الدابر
الماضي الذاهب كما قال الشاعر
( وأبي الذي ترك الملوك
وجمعهم ** بصهاب هامدة كأمس الدابر )
أي الذاهب الماضي
ويقولون ضال تال فالتال الذي يتل صاحبه أي يصرعه كأنه يغويه فيلقيه في هلكة لا
ينجو منها ومنه قوله عز وجل وتله للجبين وقال أبو بكر بن دريد كل شيء ألقيته على
الأرض مما له جثة فقد تللته ومنه سمى التل من التراب وقال بعض أهل العلم رمح متل
إنما هو مفعل من التل وأنشد
( فرابن قهوس الشجاع **
بكفه رمح متل ** يعدو به خاظي البضيع كأنه سمع أزل ) الخاظي الكثير اللحم والبضيع اللحم ويقولون جائع نائع فالنائع فيه
وجهان يكون المتمايل أنشد أبو بكر بن دريد
( مثاله مثل القضيب
النائع ** ) ويكون العطشان وقرأت على أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة عن أبيه
( لعمر بني شهاب ما
أقاموا ** صدور الخيل والأسل النياعا )
يعني الرماح العطاش
ويقولون سادم نادم فالسادم المهموم ويقال الحزين ويقال السدم الغضب مع هم ويقال
غيظ من حزن ويقولون تافه نافه فالتافه القليل والنافه الذي يعيى صاحبه أنشد أبو
زيد
( ولن أعود بعدها كريا
** أمارس الكهلة والصبيا ** والعزب المنفه الاميا )
وقال الأمي العيي
القليل الكلام والمنفه الذي قد نفهه السير أي أعياه ويكون النافه المعيى
في نفسه ويقولو ن
أحمق تاك وفاك فتاك من قولهم تك الشيء يتكه تكا إذا وطئه حتى يشدخه ولا يكون ذلك الشيء
ألا لينا مثل الرطب والبطيخ وما أشبههما والأحمق مولع بوطء أمثالهما وفاك من الفكة
وهو الضعف قال الشاعر
( الحزم والقوة خير من
الإدهان والفكة والهاع ** )
وقال ابن الأعرابي
شيخ تاك وفاك فمعناه أن الشيخ لضعفه إذا وطىء لم يقدر أن يشدخ غير الشيء اللين
وفاك هرم وقد فك يفك فكا وفكوكا فهو فاك ويقال عنز فاكة ونعجة فاكة ويقولون سائغ
لائغ وسيغ ليغ فاللائغ الذي لا يتبين نزوله في الحلق من سهولته ( وقال ) أبو عمرو
الأليغ الذي لا يبين الكلام وامرأة ليغاء فأصلها من لاغ يليغ وإن كان لم يصل إلى
الآخر لاغ ويليغ ويقولون مائق دائق فالدائق الهالك حمقا كذا قال أبو زيد فأما
الدانق بالنون فالساقط المهزول من الرجال كذا قال أبو عمرو وأنشد
( أن ذوات الدل
والبخانق ** قتلن كل وامق وعاشق ** حتى تراه كالسليم الدانق )
( قال أبو علي )
البخايف البراقع الصغار واحدها بخنق ويقولون عك أك فالعك والعكة والعكيك شدة الحر
والأك والأكة الحر المحتدم يقال يوم ذوأك والأك أيضا الضيق قال رؤبة
( تفرجت أكاته وعممه **
عن مستثير لا يرد قسمه )
ويقال أكه يؤكه أكا
إذا زحمه والزحام تضييق ويقولون كزلز فاللز اللاصق بالشيء من قولهم لززت الشيء
بالشيء إذا الصقته به وقرنته إليه والعرب تقول هو لزاز شر ولزيز شر ولز شر ويقولون
فدم لدم فالفدم العيي البليد ويقال الجبان واللدم الملدوم وهو الملطوم كما قالوا
ماء سكب أي مسكوب ودرهم ضرب أي مضروب أبدلت الطاء دالا لتشاكل الكلام
ويقولون رغما دغما
شنغما فالدغم والدغمة أن يكون وجه الدابة وحجافلها تضرب إلى السواد ويكون وجهها مما
يلي حجافلها أشد سوادا من سائر
جسدها فكأنه قال
أرغمه الله وسود وجهه ويمكن أن يكون الدغم الدخول في الأرض فيكون من قولهم أدغمت
الحرف في الحرف وأدغمت اللجام في فم الفرس فأما شنغم فلا أعرف له اشتقاقا وسألت عنه
جميع شيوخنا فلم أجد أحدا يعرفه وقد ذكره سيبويه في الابنية وكان مشايخنا يزعمون
أن كثيرا من أهل النحو صحف في هذا الحرف في كتاب سيبويه فقال شنعم بالعين غير
المعجمة والذي روى ذلك له وجه من الإشتقاق وهو أن تجعل الميم زائدة كما أنها في
زرقم وستهم وجلهمة ويكون اشتقاقه من الشناعة كأنه قال أرغمه الله وأدغمه الله وشنع
به
ويقولون فعلت ذلك على
رغمه وشنعه ويقولون رطب ثعد معد فالثعد اللين والمعد الكثير اللحم الغليظ وكان أبو
بكر بن دريد يقول اشتقاق المعدة من هذا ويمكن أن يكون المعد الممعود وهو المنزوع
المأخوذ فأقيم المصدر مقام المفعول كما قا لوا هذا درهم ضرب الأمير أي مضروب
الأمير ويكون من قولهم معدت الشيء إذا نزعته وأقتلعته ويقولون مررت بالرمح وهو
مركوز فامتعدته فيكون معناه على هذا رطب لين منزوع من الشجرة لوقته
ويقولون أحمق بلغ ملغ
قال أبو زيد البلغ الذي يسقط في كلامه كثيرا وقال ابن الاعرابي يقال بلغ وبلغ وقال
ابو عبيدة البلغ البليغ بفتح الباء وقال غيره البلغ والبلغ الذي يبلغ ما يريد من
قول أو فعل والملغ الذي لا يبالي ما قال وما قيل له هكذا قال أبو زيد وقال أبو
عبيدة الملغ الشاطر وأبو مهدي الأعرابي هو الذي سمى عطاء ملغا ويقولون حسن بسن ( قال أبو
علي ) يجوز أن تكون النون في بسن زائدة كما زادوا في قولهم امرأة خلبن وهو الخلابة
وناقة علجن من التعلج وهو الغلظ وامرأة سمعنة نظرنة وسمعنة نظرنة إذا كانت كثيرة
النظر والإستماع فكان الأصل في بسن بسا وبس مصدر بسست السويق أبسه بسا فهو مبسوس
إذا لتته بسمن أو زيت ليكمل طيبه فوضع البس موضع المبسوس وهو المصدر كما قلت هذا
درهم ضرب الأمير تريد مضروبه ثم حذفت إحدى
السينين وزيد فيه
النون وبني على مثال حسن فمعناه حسن كامل الحسن وأحسن من هذا المذهب الذي ذكرناه
أن تكون النون بدلا من حرف التضعيف لأن حروف التضعيف تبدل منها الياء مثل تظنيت
وتقضيت وأشبهاههما مما قد مضى فلما كانت النون من حروف الزيادة كما أن الياء من
حروف الزيادة وكانت من حروف البدل كما أنها من حروف البدل أبدلت من السين إذ
مذهبهم في الإتباع أن تكون أواخر الكلم على لفظ واحد مثل القوافي والسجع ولتكون
مثل حسن ويقولون حسن قسن فعمل بقسن ما عمل ببسن على ما ذكرنا والقس تتبع الشيء وطلبه
فكأنه حسن مقسوس أي متبوع مطلوب
ومن الأتباع قولهم
لحمه خظا بظاو بظا بمعنى خظا وهو كثرة اللحم ويقولون بظا يبظو إذا كثر لحمه فأما
قول الرجل لأبي الأسود خظيت وبظيت فيمكن أن يكون من هذا أي زادت عنده ( وسئل ) ابن
الأعرابي عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الصدوق يعطى ثلاث خصال الهيبة والملحة
والمحبة ) فقال يمكن أن تكون الملحة من قولهم تملحت الإبل إذا سمنت فكأنه يعطي
الزيادة والفضل
ويقولون أجمعون
أكتعون فأكتعون بمعنى أجمعين وقال أبو بكر بن دريد كتع الرجل إذا تقبض وانضم ( قال
) ويقال كتع كتعا إذا شمر في أمره فيجوز أن يكون جاؤا أجمعين منضمين بعضهم إلى بعض
ويقولون أجمعون أبصعون فابصعون من قولهم تبصع العرق إذا سال ورشح وقد روى بيت أبي
ذؤيب
( إلا الحميم فإنه
يتبصع ** )
أي يسيل سيلانا لا ينقطع
فكأنه قال أجمعون متتابعون لا ينقطع بعضهم عن بعض كالشيء السائل ويقولون ضيق ليق
فالضيق اللأصق لما تضمنه من ضيق والليق مأخوذ من قولهم لاقت الدواة إذا التصقت
ولاقت المرأة عند زوجها أي لصقت بقلبه
قال الأصمعي ولا أعرف
ضيق عيق ( قال أبو علي ) فإن قيل ضيق عيق فهو صواب لأنهم يقولون ما لاقت المرأة
عند زوجها ولا عاقت أي لم تلصق بقلبه ويقال عفريت نفريت وعفرية نقرية فعفريت فعليت
من العفر يريدون به
شدة العفارة ويمكن أن
يكون عفريت فعليتا من العفر وهو التراب كأنه شديد التعفير لغيره أي التمريغ له
ونفريت فعليت من النفور يمكن أن يكونوا أرادوا شديد النفور ويمكن أن يكونوا أرادوا
شدة التنفير لغيره ويقال أنه لمعفت ملفت فالمعفت الذي يعفت الشي أي يدقه ويكسره
يقال عفت عظمه إذا كسره والملفت مثله في المعنى يقال ألفت عظمه إذا كسره ويجوز أن
يكون الملفت الذي يلفت الشيء أي يلويه يقال لفت ردائي على عنقي وأنشد أبو بكر بن
دريد
( أسرع من لفت رداء
المرتدي ** )
يقال لفت الشيء إذا
عصدته وكل معصود ملفوت ومنه اللفيته وهي العصيدة والعصد اللى ويقولون سبحل ربحل
فالسجل الضخم يقال سقاء سبحل وسحبل وسبحلل
قال الأصمعي ونعتت
امرأة من العرب ابنتها فقالت سبحلة ربحله تنمي نبات النخله وقال أبو زيد الربحلة
العظيمة الجيدة الخلق في طول
وقيل لأبنة الخس أي
الإبل خير فقالت السبحل الربحل الراحلة الفحل والربحل مثل السبحل في المعنى ومنه
قول عبد المطلب لسيف وملكا ربحلا يعطي عطاء جزلا يريد ملكا عظيما
ويقولون في صفة الذئب
سملع هملع والهملع السريع وكذلك السملع أنشدني أبو بكر ابن دريد لبعض الرجاز
( مثلي لا يحسن قول فع
فع ** والشاة لا تمشي على الهملع )
تمشي تنمى ( قال )
والفعفعة زجر من زجر الغنم ويقولون هو لك أبدا سمدا سمرمدا ومعناها كلها واحد (
قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال سمعت أعرابيا
يذم مدينة دخلها وهو يقول نزلت بذلك الوادي فإذا ثياب أحرار على أجساد عبيد إقبال
حظهم إدبار حظ الكرام ( قال ) وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا أبو العباس عن
ابن الأعرابي قال أغار قوم على قوم من العرب فقتل منهم عدة نفر وأفلت منهم رجل فتعجل
إلى الحي فلقيه ثلاث نسوة يسألن عن آبائهن
فقال لتصف كل واحدة
منكن أباها على ما كان فقالت إحداهن كان ابي على شقاء مقاء طويلة الأنقاء تمطق
أنثياها بالعرق تمطق الشيخ بالمرق فقال نجا أبوك فقالت الأخرى كان أبي على طويل
ظهرها شديد أسرها هاديها شطرها فقال نجا أبوك فقالت الأخرى كان أبي على كزة أنوح
يرويها لبن اللقوح قال قتل أبوك فلما انصرف الغل أصابوا الآمر كما ذكر قال أبو علي
الشقاء الطويلة وكذلك المقاء والمقق الطول ورجل أشق وأمق إذا كان طويلا والنقي كل
عظم فيه مخ وجمعه أنقاء والتمطق التذوق وهو أن يطبق احدى الشفتين على الاخرى مع
صوت يكون بينهما والأسر الخلق قال الله عز وجل وشددنا أسرهم والهادى العنق والأنوح
الكثير الزحير في جريه يقال منه أنح يأنح أنوحا وهو ذم في الخيل أنشد يعقوب
( جرى ابن ليلى جرية
السبوح ** جرية لأوان ولا أنوح )
( قال ) وأنشدنا أبو
بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس لقيس بن ذريح )
( وفي عروة العذري إن
مت أسوة ** وعمرو بن عجلان الذي قتلت هند )
( وبي مثل ماما تابه
غير أنني ** إلى أجل لم يأتني وقته بعد )
( هل الحب إلا عبرة بعد
عبرة ** وحر علي الأحشاء ليس له برد )
( وفيض دموع العين يا
ليل كلما ** بدا علم من أرضكم لم يكن يبدو )
( قال ) وأنشدنا أبو
بكر محمد بن السري السراج قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر
الثمالي ليزيد المهلبي
( لا تخافي إن غبت أن
نتناساك ** ولا إن وصلتنا أن نملا )
( إن تغيبي عنا فسقيا
ورعيا ** أو تحلي فينا فأهلا وسهلا )
( قال أبو علي ) قال
أبو زيد من أمثال العرب لأفشنك فش الوطب يقوله الرجل للآخر إذا رآه منتفخا من
الغضب لأي لأذهبن انتفاخك يقال فششت الوطب أفشه فشا )
إذا حللت وكاءه وهو
منفوخ فيخرج منه ما فيه من الريح ( وقال الأصمعي ) من أمثالهم هما كعكمى عير يقال
للشيئين المستويين ويقال هما كركبتي البعير وهو مثله ويقال سواسية كأسنان الحمار
مثله وسواسية مستوون ولم يعرف الأصمعي لسواسية واحدا
ويقال هم كأسنان المشط
( قال اللحياني ) يقال انتقع لونه واستفع لونه من السفعة وهي السواد واهتقع لونه والتمع
لونه والتمي لونه واستقع لونه والتقع واستنقع وابتسر والتهم وانتسف وانتشف وقال
اللحياني ويقال في الدعاء على الانسان ماله عبر وسهر وحرب وجرب ورجل ( قال )
ورجل من الرجلة ( قال أبو علي ) وعبر من العبرة وحرب من الحرب والحرب السلب وكان
أبو بكر بن دريد يقول اشتقاق الحرب من الحرب ( وقال اللحياني ) يقال آم وعام فآم
ماتت امرأته ( قال أبو علي ) وعام اشتهى اللبن يراد بذلك ذهبت ابله وغنمه فعام إلى
اللبن ( قال ) ويقال ماله مال وعال فمال جار وعال افتقر ويقال ماله شرب بلزن ضاح
أي في ضيق مع حر الشمس ( قال أبو علي ) اللزن الضيق والضاحي البارز للشمس الذي لا
يستره شيء ( قال ) ويقال ماله أحر الله صداه أي أعطش الله هامته ( قال أبو علي ) ومعنى
هذا الكلام أي قتل فلم يثأر به لأن العرب تزعم أن القتيل يخرج من هامته طائر يسمى
الهامة فلا يزال يصبح على قبره اسقوني حتى يقتل قاتله ومنه قول ذي الإصبع العدواني
( يا عمرو ان لا تدع
شتمي ومنقصتي ** أضربك حتى تقول الهامة اسقوني )
يعني رأسه ويقولون
ماله أبلاه الله بالحرة تحت القرة أي العطش والبرد ( قال أبو علي ) الحرة حرارة
الجوف من العطش قال الشاعر
( ما كان من سوقة أسقى
على ظمإ ** ماء بخمر إذا ناجودها بردا )
( من ابن مامة كعب ثم
عيى به ** زو المنية إلا حرة وقدى )
( قال أبو علي ) يريد
عيي به والزو الهلاك ( قال ) ويقولون ماله وراه الله والوري سعال
يقيء منه دما وقيحا
والعرب تقول للبغيض إذا سعل وريا قحابا فالقحاب السعال وللحبيب إذا عطس عمرا
وشبابا ( قال أبو علي ) الوري مصدر والوري الإسم ( قال اللحياني ) وحكى عن أبي جعفر قال العرب تقول بفيه البرى وهو
التراب وحمى خيبرا أي خيبر فإنه خيسرا أي ذو خسر
قال وحدثنا أبو عبد
الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال قيل لامرأة
من العرب أي الإبل أكرم قالت السريعة الدرة الصبور تحت القرة التي يكرمها أهلها
إكرام الفتاة الحرة قالت الأخرى نعمت الناقة هذه وغيرها أكرم منها قيل وما هي قالت
الهموم الرموم القطوع للديموم التي ترعى وتسوم أي لا يمنعها مرها وسرعتها أن تأخذ
والرموم التي لا تبقي شيأ والهموم الغزيرة
قال وحدثنا أبو عبد
الله قال حدثنا أحمد بن يحيى قال قال سعيد بن العاص ما شتمت رجلا مذ كنت رجلا ولا
زاحمته بركبتي ولا كلفت ذا مسئلتي أن يبذل ماء وجهه فيرشح جبينه رشح السقاء ( قال
) وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا محمد بن عيسى الأنصاري عن ابن عائشة قال سأل عبد
الرحمن بن حسان رجلا حاجة فقصر فيها فسألها غيره فقضاها فكتب عبد الرحمن إلى الأول
( ذممت ولم تحمد وأدركت
حاجتي ** تولى سواكم شكرها واصطناعها )
( أبى لك فعل الخير رأى
مقصر ** ونفس أضاق الله بالخير باعها )
( إذا هي حثته على
الخير مرة ** عصاها وإن همت بسوء أطاعها )
وقرأت على أبي عمر
المطرز قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال أسرت طيء رجلا شابا من العرب
فقدم أبوه وعمه ليفدياه فاشتطوا عليهما في الفداء فأعطيا لهم عطية لم يرضوها فقال
أبوه لا والذي جعل الفرقدين يمسيان ويصبحان على جبلء جبلى طيء لا أزيدكم على ما
أعطيتكم ثم انصرفا فقال الأب للعم لقد ألقيت إلى ابن كليمة لئن كان فيه خير لينجون
فما لبث أن نجا وأطرد قطعة من إبلهم فكأن أباه قال له الزم الفرقدين على جبلى طيء
فإنهما
طالعان عليهما وهما
لا يغيبان عنه ( وبهذا الإسناد ) قال ابن الأعرابي الورث في الميراث والإرث في
الحسب وقال إذا نمت من أول الليل نومة ثم قمت فتلك الناشئة ( قال ) ويقال رجل معم
ملم أي يعم القوم ويجمعهم قال وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى
( ثلاثة أبيات فبيت
أحبه ** وبيتان ليسا من هواي ولا شكلي )
( فيا أيها البيت الذي
حيل دونه ** بنا أنت من بيت وأهلك من أهل )
( بنا أنت من بيت دخولك
لذة ** وظلك لو يسطاع بالبارد السهل )
قال وأنشدنا أبو عبد
الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى
( أتيت بني عمي ورهطي
فلم أجد ** عليهم إذا اشتد الزمان معولا )
( ومن يفتقر في قومه
يحمد الغنى ** وإن كان فيهم ماجد العم مخولا )
( يمنون أن أعطوا ويبخل
بعضهم ** ويحسب عجزا سمته إن تجملا )
( ويزري بعقل المرء قلة
ماله ** وإن كان أقوى من رجال وأحولا )
( فإن الفتى ذا الحزم
رام بنفسه ** حواشي هذا الليل كي يتمولا )
قال وأنشدنا أبو بكر
رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه
( الحمد لله حمدا دائما
أبدا ** في كل حال هو المسترزق الوزر )
( فليس ما يجمع المثري
بحيلته ** وليس بالعجز من لم يثر يفتقر )
( أن المقاسم أرزاق
مقدرة ** بين العباد فمحروم ومدخر )
( فما رزقت فإن الله
جالبه ** وما حرمت فما يجري به القدر )
( فاصبر على حدثان
الدهر منقبضا ** عن الدناءة أن الحر يصطبر )
( ولا تبيتن ذاهم
تعالجه ** كأنه النار في الأحشاء تستعر )
( على الفراش لنور
الصبح مرتقبا ** كأن جنبك مغرور به الإبر )
( فالهم فضل وطول العيش
منقطع ** والرزق آت وروح الله منتظر )
( قال أبو علي ) الروح
السرور والفرح قال الله عز وجل فروح وريحان والريحان الرزق
قال وحدثنا أبو عبد
الله قال حدثنا محمد بن يزيد الأزدي يعني المبرد قال قال سعيد بن سلم مدحني أعرابي
ببيتين لم أسمع أحسن منهما
( أيا ساريا بالليل لا
تخش ضلة ** سعيد بن سلم ضوء كل بلاد )
( لنا مقرم أربى على كل
مقرم ** جواد حثا في وجه كل جواد )
فأغفلت صلته فهجاني
ببيتين لم أسمع أهجى منهما وهما قوله
( لكل أخي مدح ثواب
علمته ** وليس لمدخ الباهلي ثواب )
( مدحت ابن سلم والمديح
مهزة ** فكان كصفوان عليه تراب )
قال وأنشدنا أحمد بن
يحيى
( قد مررنا بمالك
فوجدناه ** سخيا إلى المكارم ينمي )
( ورحلنا إلى سعيد بن
سلم ** فإذا ضيفه من الجوع يرمي )
يرمى بنفسه أي يموت
( وإذا خبزه عليه
سيكفيكهم الله ما بدا ضوء نجم )
( وإذا خاتم النبي
سليمان ** بن داود قد علاه بختم )
( فارتحلنا من عنند هذا
بحمد ** وارتحلنا من عند هذا بذم )
قال وأنشدنا أبو عبد
الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى ( قال أبو علي ) وقرأت هذه الأبيات على أبي بكر بن
دريد والألفاظ في الروايتين مختلفة ولم يسم قائلها أبو عبد الله وقال أبو بكر هي
لسالم بن وابصة
( أحب الفتى ينفي
الفواحش سمعه ** كأن عن كل فاحشة وقرا )
( سليم دواعي الصدر لا
باسطا أذى ** ولا مانعا خيرا ولا ناطقا هجرا )
( إذا ما أتت من صاحب
لك زلة ** فكن أنت محتالا لزلته عذرا )
( غنى النفس ما يكفيه
من سد خلة ** وإن زاد شيأ عاد ذاك الغنى فقرأ )
وأنشدنا أبو بكر بن
الأنباري رحمه الله أنشدنا أبو علي العنزي للأفوه الأودي ( قال أبو علي ) وقرأتها
على أبي بكر بن دريد في شعر الأفوه واسمه صلاءة بن عمرو
( فينا معاشر لم يبنوا
لقومهم ** وإن بنى قومهم ما أفسدوا وعادوا )
وروى أبو بكر بن
الأنباري منا معاشر لن يبنوا
( لا يرشدون ولن يرعوا
لمرشدهم ** فالجهل منهم معا والغي ميعاد )
( أضحوا كقيل بن عمرو
في عشيرته ** إذ أهلكت بالذي سدى لها عاد )
وروى أبو بكر بن
الأنباري
( كانوا كمثل لقيم في
عشيرته ** إذا أهلكت بالذي قد قدمت عاد )
( أو بعده كقدار حين
نابعه ** على الغواية أقوام فقد بادوا )
وروى أبو بكر بن
الأنباري حين طاوعه
( والبيت لا يبتنى إلا
له عمد ** ولا عماد إذا لم ترس أوتاد )
وروى أبو بكر ولا
عمود
( فإن تجمع أوتاد
وأعمدة ** وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا )
( قال أبو علي ) وزادنا
أبو بكر بن الأنباري بعد هذا بيتا وهو
( وإن تجمع أقوام ذو
وحسب ** اصطاد أمرهم بالرشد مصطاد )
( لا يصلح الناس فوضى
لا سراة لهم ** ولا سراة إذا جهالهم سادوا )
( تبقى الأمور بأهل
الرأي ما صلحت ** فإن تولت فبالاشرار تنقاد )
وروى أبو بكر بن
الأنباري تهدى الأمور
( إذا تولى سراة القوم
أمرهم ** نما على ذاك أمر القوم فازدادوا )
( أمارة الغي أن يلقي
الجميع لذي الأبرام للأمر والأذناب أكتاد ** )
( حان الرحيل إلى قوم
وإن بعدوا ** فيهم صلاح لمرتاد وإرشاد )
وروى أبو بكر بن
الأنباري آن الرحيل ( قال ) أبو علي وقرأت على أبي بكر بن دريد حان الرحيل ويروى
لأرحلن إلى قوم
( فسوف أجعل بعد الأرض
دونكم ** وإن دنت رحم منكم وميلاد )
( إن النجاء إذا ما كنت
ذا نفر ** من أجة الغي إبعاد فإبعاد )
( قال أبو علي ) وزادنا
أبو بكر بن الأنباري بعد هذا بيتا وهو
( فالخير تزداد منه ما
لقيت به ** والشر يكفيك منه قلما زاد )
وحدثنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال نازع القتال
الكلابي وهو عبيد بن المضرحي رجلا من قومه فقال له الرجل أنت كل على قومك والله
أنك لخامل الذكر والحسب ذليل النفر خفيف على كاهل خصمك كل على ابن عمك فقال القتال
( أنا ابن أسماء أعمامي
لها وأبي ** إذا ترامى بنو الإموان بالعار )
( لا أرضع الدهر إلا
ثدي واضحة ** لواضح الجد يحمي حوزة الجار )
( من آل سفيان أو ورقاء
يمنعها ** تحت العجاجة ضرب غير عوار )
( يا ليتني والمنى ليست
بنافعة ** لمالك أو لحصن أو لسيار )
( طوال أنضية الأعناق
لم يجدوا ** ريح الإماء إذا راحت بأزفار )
( لا يتركون أخاهم في
مودأة ** يسفي عليه دليل الذل والعار )
( ولا يفرون والمخزاة
تقرعهم ** حتى يصيبوا بأيد ذات أظفار )
( قال أبو علي ) النضي
عظم العنق والأزفار الأحمال واحدها زفر والمودأة المضيقة من قولهم تودأت عليه
الأرض إذا استوت عليه فوارته ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري
قال أنشدني أبي
( أي شيء يكون أعجب
أمرا ** إن تفكرت من صروف الزمان )
( عارضات السرور توزن
فيه ** والبلايا تكال بالقفزان )
قال وقرأت على أبي
بكر بن دريد رحمه الله لكبشة أخت عمرو بن معد يكرب
( وأرسل عبد الله إذ
حان حينه ** إلى قومه لا تعقلوا لهم دمي )
( ولا تأخذوا منهم
إفالا وأبكرا ** وأترك في بيت بصعدة مظلم )
( ودع عنك عمرا أن عمرا
مسالم ** وهل بطن عمر وغير شبر لمطعم )
( فإن أنتم لم تقبلوا
واتديتم ** فمشوا بآذان النعام المصلم )
( ولا تردوا إلا فضول
نسائكم ** إذا ارتملت أعقابهن من الدم )
( قال أبو علي ) إلا
فال جمع أفيل وهي صغار أولاد الإبل وارتملت التطخت يعني إذا حضن قال وحدثنا أبو
بكر رحمه الله قال حدثنا العكلي عن الحرمازي قال حدثنا الهيثم عن مجالد عن الشعبي
قال دخل صعصعة بن صوحان على معاوية رضي الله عنه أول ما دخل عليه وقد كان يبلغ
معاوية عنه فقال معاوية رحمه الله ممن الرجل فقال رجل من نزار قال وما نزار قال
كان إذا غزا انحوش وإذا انصرف انكمش وإذا لقي افترش قال فمن أي ولده أنت قال من
ربيعة قال وما ربيعة قال كان يغزو بالخيل ويغير بالليل ويجود بالنيل قال فمن أي
ولده أنت قال من أمهر قال وما أمهر قال كان إذا طلب أفضى وإذا أدرك أرضى وإذا آب أنضى
قال فمن أي ولده أنت قال من جديلة قال وما جديلة قال كان يطيل النجاد ويعد الجياد
ويجيد الجلاد قال فمن أي ولده أنت قال من دعمي قال ومادعمي قال كان نارا ساطعا
وشرا قاطعا وخيرا نافعا قال فمن أي ولده أنت قال من أفصى قال وما أفصى قال كان
ينزل القارات ويكثر الغارات ويحمي الجارات قال فمن أي ولده أنت قال من عبد القيس
قال وما عبد القيس قال
أبطال ذاده حجاحجة
ساده صناديد قاده قال فمن أي ولده أنت قال من أفصى قال وما أفصى قال كانت رماحهم
مشرعه وقدورهم مترعه وجفانهم مفرغه قال فمن أي ولده أنت قال من لكيز قال ومان لكيز
قال كان يباشر القتال ويعانق الأبطال ويبدد الأموال قال فمن أي ولده أنت قال من
عجل قال وما عجل قال الليوث الضراغمه الملوك القماقمه القروم القشاعمه قال فمن أي
ولده أنت قال من كعب قال وما كعب قال كان يسعر الحرب ويجيد الضرب ويكشف الكرب قال
فمن أي ولده أنت قال من مالك قال وما مالك قال هو الهمام للهمام والقمقام للقمقام
فقال معاوية رحمه الله ما تركت لهذا الحي من قريش شيأ قال بل تركت أكثره وأحبه قال
وما هو قال تركت لهم الوبر والمدر والأبيض والأصفر والصفا والمشعر والقبة والمفخر والسرير
والمنبر والملك إلى المحشر قال أما والله لقد كان يسوءني أن أراك أسيرا قال وأنا
والله لقد كان يسوءني أن أراك أميرا ثم خرج فبعث إليه فرد ووصله وأكرمه ( قال أبو
علي ) القارات جمع قارة وهي الجبيل الصغير ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه
الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال قال معاوية رحمه الله لعقال بم سادكم
الأحنف وهو خارجي فقال إن شئت حدثتك عنه بخصلة وإن شئت بإثنتين وإن شئت بثلاث وإن
شئت حدثتك إلى الليل قال حدثني عنه بثلاث خصال قال لم أر أحدا من خلق الله كان
أغلب لنفسه من الأحنف فقال نعم والله الخصلة قال ولم أر أحدا من خلق الله أكرم
لجليس من الأحنف قال نعم والله الخصلة قال ولم أر أحدا من خلق الله كان أحظى من
الأحنف قال كان يفعل الرجل الشيء فتصير حظوته للأحنف قال وأنشدني أبو بكر رحمه
الله
( بطون الضأن رمحك حين
تغدو ** تشد به وليس له سنان )
( سلاح لم يكن إلا لغدر
** به قتل الأشداء الجبان )
وأتيتك على عدواء
الشغل أي على اختلاف الأمر بالشغل وصرف الشغل وروى أبو عبيد عن الأصمعي العداوء
الشغل ويقال عداه عن كذا وكذا يعدوه إذا صرفه وعده عن ذلك أي اصرفه والعوادي
الصوارف واحدتها عادية قال ساعدة
( هجرت غضوب وحب من
يتجنب ** وعدت عواد دون وليك تشعب )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو عبد الله عن أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال يقال أعداه المرض وأنشدنا هو
ولم يعزه إلى ابن الأعرابي
( فوالله ما أدري أطائف
جنة ** تأوبني أم لم يجد أحدا وجدي )
( عشية لا أعدي بدائي
صاحبي ** ولم أر داء مثل دائي لا يعدي )
( وكان الصبا خدن
الشباب فأصبحا ** وقد تركاني في مغانيهما وحدي )
( قال الأصمعي ) يقال
ما عدا ذاك بني فلان أي ما جاوزهم قال وأنشدني أبو عمرو لبشر بن أبي حازم
( فأصبحت كالشقراء لم
يعد شرها ** سنابك رجليها وعرضك أوفر )
ويقال الزم أعداء
الوادي أي نواحيه وقال أبو نصر العدوة والعدوة الساحة والفناء وقال غيره العدوة
والعدوة جانب الوادي
وقال الأصمعي يقال
نزلت في قوم عدى وعدى أي أعداء والعدى أيضا الغرباء وقال أبو حاتم العدى الأعداء
والعدى الغرباء فأما عدى فليس من كلام العرب إلا أن تدخل الهاء فتقول عداة والعادي
العدو
قال الأصمعي خاصمت
بنت حلوى امرأة فقالت ألا تقومين أقام الله ناعيك وأشمت الله رب العرش عاديك ( قال أبو
علي ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة للمغيرة بن
حبناء
( خذ من أخيك العفو
واغفر ذنوبه ** ولا تك في كل الأمور تعاتبه )
( فإنك لن تلقى أخاك
مهذبا ** وأي امرئ ينجو من العيب صاحبه )
( أخوك الذي لا ينقض
النأي عهده ** ولا عند صرف الدهر يزور جانبه )
( وليس الذي يلقاك
بالبشر والرضا ** وإن غبت عنه لسعتك عقاربه )
قال وقرأت على أبي
بكر رحمه الله للمغيرة
( إذا أنت عاديت امرأ
فاظفر له ** على عثرة إن أمكنتك عواثره )
( قال أبو علي ) اظفر
افتعل من الظفر وهو الوثب
( وقارب إذا مالم تجد
لك حيلة ** وصمم إذا أيقنت أنك عاقره )
( فإن أنت لم تقدر على
أن تهينه ** فذره إلى اليوم الذي أنت قادره )
وفي هذه القصيدة يقول
( وقد ألبس المولى على
ضغن صدره ** وأدرك بالوغم الذي لا أحاضره )
( وقد يعلم المولى على
ذاك أنني ** إذا ما دعا عند الشدائد ناصره )
( وإني لأجزي بالمودة
أهلها ** وبالشر حتى يسأم الشر حافره )
( وأغضب للمولى فأمنع
ضيمه ** وإن كان غشا ما تجن ضمائره )
( وأحلم ما لم ألق في
الحلم ذلة ** وللجاهل العريض عندي زاجره )
( قال أبو علي ) ويروى
عندي مزاجره
( وإني لخراج من الكرب
بعدما ** تضيق على بعض الرجال حظائره )
( حمول لبعض الأمر حتى
أناله ** صموت عن الشيء الذي أنا ذاخره )
قال وحدثني أبو عبد
الله رحمه الله قال حدثني محمد بن عبد الله القحطبي قال إنما سمي الأخطل لأن ابني
جعيل تحاكما أيهما أشعر فقال
( لعمرك أنني وابني
جعيل ** وأمهما الإستار لئيم )
فقيل له أن هذا لخطل
من قولك فسمى الأخطل
قال أبو عبيدة يقال
منطق خطل إذا كان فيه اضطراب ورمح خطل وأذن خطلاء قال والإستار أربعة من كل عدد
قال جرير
( أن الفرزدق والبعيث
وأمه ** وأبا البعيث لشر ما إستار )
قال والنواة خمسة
والأوقية أربعون والنش عشرون والفرق ستة عشر ( قال ) وأنشدنا أبو بكر محمد بن السري السراج قال أنشدني او انشدنا وكيع الشك
من أبي علي قال أنشدنا أحمد بن سليمان الراوية
( أستر بصبر خللك **
وألبس عليه سملك )
( وكل هزيليك على
الراحة واشرب وشلك ** )
( إذا اعترتك فاقة **
فارحل برفق جملك )
( وارغب إلى الله ونط
** بما لديه أملك )
( وآخ في الله وصل **
في دينه من وصلك )
( رزقك يأتيك إلى **
حين تلاقى أجلك )
( مالك ما قدمته **
وليس ما بعدك لك )
( وللزمان أكلة ** إذا
اشتهاها أكلك )
( وللردى قوس فإن **
رماك عنها قتلك )
( يا رب إني راغب **
أدعو وأرجو نفلك )
( أنت حفي لم تخب **
دعوة راج أملك )
( فأعطني من سعة ** يا
من تعالى فملك )
( سبحانك اللهم ما **
أجل عندي مثلك )
( قال أبو علي ) المثل
ههنا المقدار ( قال ) وأنشدنا علي بن سليمان بن الفضل الكاتب للعطوي
( جل رب الأعراض
والأجسام ** عن صفات الأعراض والأجسام )
( جل ربي عن كل ما
اكتنفته ** لحظات الأبصار والأوهام )
( برئ الله من هشام وممن
** قال في الله مثل قول هشام )
( أي زاد تزودته يداه
** عامدا من كبائر الآثام )
( سوف تلقاه حين يلقاه
نار ** تتلظى لأهلها بضرام )
( كم شديد العناد
للإسلام ** بين أبناء ملة الإسلام )
( كهشام فإنه خلع
الربقة من كل حرمة وذمام ** )
( قل لمن قال قوله ورآه
** خير مسترشد وخير إمام )
( لم أنكرت أن يكون
مصيبا ** في مساعيه عابد الأصنام )
( لم أنكرت قول من عبد
الشمس وصلى للأنجم الأعلام ** )
( إن ترم بينها إنفصالا
فهيهات ** لقد رمت منه صعب المرام )
( مال الدليل المبين عن
حدث العالم ** أفصح به لدى الأقوام )
( لا دليل فلا ترمه وقد
قلت كبعض الأنام رب الأنام ** )
( لم ترد غير قدمة
الخلق فاقصد ** قصده دع مناقضات الكلام )
قال وقرأت على أبي
بكر رحمه الله
( لا أدفع ابن العم
يمشي على شفا ** وأن بلغتني من أذاه الجنادع )
( ولكن أواسيه وأنسى
ذنوبه ** لترجعه يوما إلي الرواجع )
( وحسبك من ذل وسوء
صنيعة ** مناواة القربى وإن قيل قاطع )
( قال أبو علي ) جنادع
الشر أوائله واحدها جندعة وأصل الجنادع دواب تكون في حجرة الضباب فإذا جاء المضبب
فرآها قال هذه جنادعه ( قال ) وحدثني أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن
الأصمعي عن يونس قال لما أنشد أبو النجم
( بين رماحي مالك ونهشل
** ) قال رؤبة أو ليس نهشل من مالك فقال له يا ابن أخي أن الكمر أشباه يريد مالك
بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي
للمخبل السعدي
( إذا أنت عاديت الرجال
فلاقهم ** وعرضك عن غب الأمور سليم )
( وإن مقادير الحمام
إلى الفتى ** لسواقة مالا يخاف هموم )
( وقد يسبق الجهل النهى
ثم أنها ** تريع لأصحاب العقول حلوم )
( وقد تزدري النفس
الفتى وهو عاقل ** ويؤفن بعد القوم وهو حزيم )
أي حازم ( قال أبو
علي ) وقرأت هذا البيت على أبي عمر في نوادر ابن الأعرابي ( قال ) وأنشدنا أبو
العباس عن ابن الأعرابي
( ويؤفن بعض القوم وهو
جريم ** ) أي عظيم الجرم
( قال أبو علي ) الجرم
الجسد ( قال ) وأنشدنا أبو بكر للمغيرة بن حبناء )
( إني امرؤ حنظلي حين
تنسبني ** ملقيتك ولا أخوالي العوق )
( لا تحسبن بياضا في
منقصة ** أن اللهاميم في أقرابها البلق )
( قال أبو علي )
اللهاميم واحدها لهموم وهو الكثير الجري والعرب تقول أضعف الخيل البلق وأشد البهم
وأنشدنا أبو بكر لعروة بن الورد
( قلت لركب في الكنيف
تروحوا ** عشية بتنا عند ما وان رزح )
( تنالوا الغنى أو
تبلغوا بنفوسكم ** إلى مستراح من عناء مبرح )
( ومن يك مثلي ذا عيال
ومقترا ** يغرر يطرح نفسه كل مطرح )
( ليبلغ عذرا أو يصيب
رغيبة ** ومبلغ نفس عذرها مثل منحج )
( قال أبو علي ) ما وان
ماء لبني فزارة والرازح الذي قد سقط من ا لهزال والأعياء والجميع رزح ( قال )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة لمعن 4 بن أوس
( لعمرك ما أهويت كفي
لريبة ** ولا حملتني نحو فاحشة رجلي )
( ولا قادني سمعي ولا
بصري لها ** ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي )
( وأعلم أني لم تصبني
مصيبة ** من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي )
( ولست بماش ما حييت
بمنكر ** من الأمر ما يمشي إلى مثله مثلي )
( ولا مؤثرا نفسي على
ذي قرابتي ** وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي )
قال حدثنا أبو بكر
رحمه الله قال حدثنا أبو معاذ قال حدثنا محمد بن شبيب أبو جعفر النحوي عن ابن أبي
خالد عن سفيان بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان قال وقع ميراث بين بني هاشم وبين بني
أمية تشأ حوافيه وتضايقوا فلما تفرقوا أقبل علينا أبونا عمرو فقال يا بني أن لقريش
درجا تزل عنها أقدام الرجال وأفعالا تخشع لها رقاب الأموال وغايات تقصر عنها
الجياد المسومة وألسنا تكل عنها الشفار المشحوذة ثم إنه ليخيل إلي أن منهم ناسا
تخلقوا بأخلاق العوام فصار لهم رفق في اللؤم وتخرق في الحرص أن خافوا مكروها
تعجلوا له الفقر وإن عجلت لهم نعمة أخروا عليها الشكر أولئك أنضاء الفكر وعجزة
حملة الشكر ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو معاذ عن محمد بن شبيب النحوي قال
وفد عبيد الله بن زياد بن ظبيان على عتاب بن ورقاء فأعطاه عشرين ألفا فلما ودعه قال
يا هذا ما أحسنت فأمدحك ولا أسأت فأذمك وإنك لأقرب البعداء وأحب البغضاء
( قال يعقوب ) يقال وقع
ذلك الأمر في روعي وفي خلدي وفي ضميري وفي نفسي وحكى التوزي وقع في صفري وفي جخيفي
ومنه قيل لا يلتاط بصفري أي لا يلزق بقلبي وكذلك يقال لا يليق بصفري ( قال أبو علي
) وأخبرنا بعض أصحابنا عن أحمد بن يحيى أنه قال حكى لنا عن الأصمعي أنه قيل له أن
أبا عبيدة يحكي وقع في روعي وفي جخيفي قال أما الروع فنعم وأما الجخيف فلا قال وحدثنا
أبو عبد الله قال أخبرني محمد بن يونس عن الأصمعي قال أتي أبو مهدية بإناء فيه ماء
فتوضأ فأساء الوضوء فقيل له
يا أبا مهدية أسأت الوضوء
وكان الإناء يسع أقل من رطل فقال القر شديد والرب كريم والجواد يعفو ( قال )
وقرأت على أبي عمر المطرز قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال قيل لإبنة
الخس ما أحسن شيء رأيت قالت غادية في إثر سارية في نبخاء قاوية ( قال ) النبخاء
الأرض المرتفعة المشرفة لأن النبات في الموضع المرتفع أحسن ( قال ) وحدثنا أبو بكر
قال أخبرنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال خرج جرير والفرزدق مرتدفين على
ناقة إلى هشام بن عبد الملك فنزل جرير يبول فجعلت الناقة تتلفت فضربها الفرزدق
وقال ( إلام تلفتين وأنت تحتي ** وخير الناس كلهم أمامي )
( متى تردي الرصافة
تستريحي ** من التهجير والدبر الدوامي )
ثم قال الآن يجيء
جرير فأنشده هذين البيتين فيرد علي
( تلفت أنها تحت ابن
قين ** إلى الكيرين والفأس الكهام )
( متى ترد الرصافة
تخزفيها ** كخزيك في المواسم كل عام )
فجاء جرير والفرزدق
يضحك فقال ما يضحكك يا أبا فراس فأنشده البيتين فقال جرير
( تلفت أنها تحت ابن
قين ** ) كما قال الفرزدق سواء فقال الفرزدق والله لقد قلت هذين البيتين فقال جرير
أما علمت أن شيطاننا واحد ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي
عن أبي عمرو بن العلاء قال قيل للفرزدق أن ههنا أعرابيا قريبا منك ينشد شعرا فقال
إن هذا لقائف أو لخائن فأتاه فقال ممن الرجل رجل فقال من فقعس قال كيف تركت القنان
قال تركته يساير لصاف فقلت ما أراد الفقعسي والفرزدق قال أراد الفرزدق قول الشاعر
( ضمن القنان لفقعس
سوآتها ** إن القنان بفقعس لمعمر )
قلت فما أراد الفقعسي
بقوله يساير لصاف قال أراد قول الشاعر
( وإذا يسرك من تميم
خصلة ** فلما يسوءك من تميم أكثر )
( قد كنت أحسبهم أسود
خفية ** فإذا لصاف تبيض فيه الحمر )
( أكلت أسيد والهجيم
ودارم ** أير الحمار وخصيتيه العنبر )
( ذهبت فشيشة بالأباعر
حولنا ** سرقا فصب على فشيشة أبجر )
قال ويروى هربا ( قال
) وأملى علينا أبو بكر محمد بن السري السراج
( إذا شئت آداني صروم
مشيع ** معي وعقام تتقي الفحل مقلت )
( يطوف بها من جانبيها
ويتقي ** بها الشمس حي في الأكارع ميت )
آداني أعانني وقواني
وصروم صارم يعني قلبه ومشيع شجاع كأن معه شيئا يشيعه وعقام عقيم مثل صحاح وصحيح
وشجاع وشحيح والمقلت التي لا يبقى لها ولد كأنها تفلتهم أي تهلكهم والقلت الهلاك
وحكى الأصمعي إن
المسافر وماله لعلى قلت إلا ما وقى الله وقوله حي في الأكارع ميت يعني الظل كأنه
مات مما سواه من الأكارع وذلك حين يقوم قائم النهار ومثله
( وانتعل الظل فصار
جوربا ** )
ومن أمثال العرب إذا
اشتريت فاذكر السوق يعنون إذا اشتريت فاطلب الصحة وتجنب العيوب فإنك ستحتاج إلى أن
تقيم السلعة التي اشتريتها في السوق يوما لا بد منه ومن أمثالهم رب شد في الكرز
يضرب مثلا للرجل يحتقر عندك وله خبر قد علمت به أنت
وأصل هذا المثل أن
رجلا خرج يركض فرسا فرمت بمهرها فألقاه في كرز بين يديه والكرز الجوالق فقال له
رجل لم تحمله ما تصنع به فقال رب شد في الكرز يقول هو شديد الشد كأمه ( قال )
وقرأت على أبي عمر في نوادر ابن الأعرابي قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي
لأبي صفوان الأسدي
( نأت دار ليلى وشط
المزار ** فعيناك ما تطعمان الكرى )
( ومر بفرقتها بارح **
فصدق ذاك غراب النوى )
( فأضحت ببغدان في منزل
** له شرفات دوين السما )
( وجيش ورابطة حوله **
غلاظ الرقاب كأسد الشرى )
( بأيديهم محدثات
الصقال ** سر يجية يختلين الطلى )
( ومن دونها بلد نازح
** يجيب به البوم رجع الصدى )
( ومن منهل آجن ماؤه **
سدى لا يعاذبه قد طمى )
( ومن حنش لا يجيب
الرقاة ** أسمر ذي حمة كالرشا )
( أصم صموت طويل السبات
** منهرت الشدق حاري القرا )
( له في اليبيس نفاث
يطير ** على جانبيه كجمر الغضى )
( وعينان حمر مآقيهما
** تبصان في هامة كالرحا )
( إذا ما تثاءب أبدى له
** مذربة عصلا كالمدى )
( كأن حفيف الرحا جرسه
** إذا اصطك أثناؤه وانطوى )
( ولو عض حرفي صفاة إذا
** لأنشب أنيابه في الصفا )
( كأن مزاحفه أنسع **
حززن فرادى ومنها ثنى )
( وقد شاقني نوح قمرية
** طروب العشاء هتوف الضحى )
( من الورق نواحة باكرت
** عسيب أشاء بذات الغضى )
( فغنت عليه بلحن لها
** يهيج للصب ما قد مضى )
( مطوقة كسيت زينة **
بدعوة نوح لها إذا دعا )
( فلم أر باكية مثلها
** تبكي ودمعتها لا ترى )
( أضلت فريخا فطافت له
** وقد علقته حبال الردى )
( فلما بدا اليأس منه
بكت ** عليه وماذا يرد البكا )
( وقد صاده ضرم ملحم **
خفوق الجناح حثيث النجا )
( حديد المخالب عارى
الوظيف ** ضار من الورق فيه قنا )
( ترى الطير والوحش من
خوفه ** جواحر منه إذا ما اغتدى )
( فبات عذوبا على مرقب
** بشاهقة صعبة المرتقى )
( فلما أضاء له صبحه **
ونكب عن منكبيه الندى )
( وحت بمخلبه قارتا **
على خطمه من دماء القطا )
( فصعد في الجو ثم
استدا ** رطار حثيثا ادا ما انصمى )
( فآنس سرب قطا قارب **
جبى منهل لم تمحه الدلى )
( غدون بأسقية يرتوين
** لزغب مطرحة بالفلا )
( يبادرن وردا ولم
يرعوين ** على ما تلخف أو ماونى )
( تذكرن ذاعر مض طاميا
** يجول على حافتيه الغثا )
( به رفقة من قطا وارد
** وأخرى صوادر عنه روا )
( فملأت أسقيه لم تشد
** بخرز وقد شد منها العرا )
( فأقعص منهن وغادر
أشلاءها ** تطير الجنوب بها والصبا )
( يخلن حفيف جناحيه اذ
** تدلى من الجو برقا بدا )
( قولين مجتهدات النجا
** جوافل في طامسات الصوى )
( فابن عطاشا فسقينهن
** مجاجاتهن كماء السلى )
( وبتن يراطن رقش الظهو
** رحمر الحواصل حمر اللها )
( فذاك وقد أغتدى في
الصباح ** بأجرد كالسيد عبل الشوى )
( له كفل أيد مشرف **
وأعمدة لا تشكى الوجى )
( وأذن مؤللة حشرة **
وشدق رحاب وجوف هوا )
( ولحيان مدا إلى منخر
** رحيب وعوج طوال الخطا )
( له تسعة طلن من بعد
أن ** قصرن له تسعة في الشوى )
( وسبع عرين وسبع كسين
** وخمس رواء وخمس ظما )
( وسبع قربن وسبع بعدن
** منه فما فيه عيب يرى )
( وتسع غلاظ وسبع رقاق
** وصهوة عير ومتن خظا )
( حديد الثمان عريض
الثمان ** شديد الصفاق شديد المطا )
( وفيه من الطير خمس
فمن ** رأى فرسا مثله يقتنى )
( غرابان فوق قطاة له
** ونسر ويعسوبه قديدا )
( جعلنا له من خيار
اللقاح ** خمسا مجاليح شم الذرى )
( يغادى بعض له دائبا
** ونقفيه من حلب ما اشتهى )
( فقاط صنيعا فلما شتا
** أخذناه بالقود حتى انطوى )
( فهجنا به عانة في
الغطاط ** خماص البطون صحاح العجى )
( فولين كالبرق في
نفرهن ** جوافل يكسرن صم الصفا )
( فصوبه العبد في إثرها
** فطورا يغيب وطورا يرى )
( كأن بمنكبه إذ جرى **
جناحا يقلبه في الهوا )
( فجدل خمسا فمن مقعص
** وشاص كراعاه دامى الكلى )
( وثنتان خضخض قصبيها
** وثالثة رويت بالدما )
( فرحنا بصيد إلى أهلنا
وقد جلل الأرض ثوب الدجى )
( ورحنا به مثل وقف
العروس ** أهيف لا يتشكى الحفا )
( وبات النساء يعوذنه
** ويأكلن من صيده المشتوى )
( وقد قيدوه وغلوا له
** تمائم ينفث فيها الرقى )
( قال أبو علي ) نأت
بعدت يقال نأى ينأى نأيا والنأي البعد والنائي بالبعيد وأما ناء فنهض وشط بعد يقال
شط وشطن ونزح ونضب وشسع إ ذا بعد
والكرى النوم يقال
كري يكرى كرى إذا نام وأما كرا يكرو فلعب بالكرة ومر بفرقتها بارح ( قال أبو عبيدة
) سأل يونس رؤبة وأنا شاهد على السانح والبارح فقال السانح ما ولاك ميامنه والبارح
ما ولاك مياسره ( وقال غيره ) السانح ما مر على يمينك والبارح ما مر على يسارك وأكثر العرب تتبركط بالشانح
وتتشاءم بالبارح وفيهم قوم يتبركون بالبارح ويتشاءموهن بالسانح
والنوى البعد والنوى
النمة للمكان الذي ينوونه وبغدان فيها أربع لغات يقال بغداد وبغدان ومغدان وبغداذ
وهي أقلها وأردؤها
وشرفات جمع شرفة وهي
معروفة والرابطة القوم الذين قد ربطوا خيولهم والشرى موضع كثير الأسد وسريجية
منسوبة م إلى سريج يعني السيوف وكان أبو بكر بن دريد رحمه الله يفسر بيت العجاج
( وفاحما ومرسنا مسرجا ** )
قال يعني أنه أنفه
كالسيف السريجي في استوائه ودقته وشممه ويختلين يقطعن وأصله من الخلى وهو الرطب
يقال خليت الخلى واختليته ومنه سميت المخلاة والطلى جمع طلية كذا قال الأصمعي وهي
صفحة العنق وأنشد لذي الرمة
( أضله راعيا كلبية
صدرا ** عن مطلب وطلى الأعناق تضطرب )
والمطلب البعيد الذي
يحوجك إلى طلبه وقال أبو عمرو الشيباني واحد الطلى طلاة وأنشد
( متى تسق من أنيابها
بعد هجعة ** من الليل شربا حين مالت طلاتها )
والصدى ههنا الصوت
الذي يجيبك من الجبل والصدى أيضا ذكر البوم وقد استقصينا هذا في كتابنا المقصور
والممدود
والآحن المتغير يقال
أجن الماء يأجن ويأجن أجونان أسن يأسن ويأسن أسونا وقد أجن وأسن وليس بالفصيحين
فأما أسن
الرجل إذا دير به من
خبث رائحة البئر فعلى فعل لا غير وسدى مهمل لا يرده أنيس ويعاذ ويلاذ واحد يقال
عذت بالشي ولذت به
وطما ارتفع يقال طما
الماء يطمو والحنش الحية والحمة سمه وضره والرشاء الحبل ممدود فقصره للضرورة
ومنهرت واسع مشق الشدق ويقال هرت ثوبه وهرده وهرطه ثلاث لغاث والقرا الظهر وإنما
جعله حاري القرا لأنه قد حرى جسمه أن نقص وإذا كان كذلك كان أخبث له ومنه قولهم
رماه الله بأفعى حارية
والنفاث جمع نفاثة
وهو ما نفثه من فيه وإنما شبهه بجمر الغضى لأن جمرها أشد حرارة وأكثر بقاء وأحسن
منظرا ولذلك أكثرت الشعراء ذكرها في أشعارهم
والمآقي جمع مأق وفي
مأق العين لغات يقال مأق مهموز وماق غير مهموز فمن همز جمع آماقا مثل أمعاق ومن لم
يهمز قال أمواق ومؤق مهموز وموق غير مهموز وجمعهما مثل جمع الأول ومأق وماق فمن
همز جمع مآقيا ومن لم يهمز قال مواق ومؤق وموق وجمعهما كجمع اللذين يليانهما من
قبلهما وموقي مثل موقع وجمعه مواقئ مثل مواقع وأمق وجمعه آماق مثل أعناق وموق
العين الجانب الذي يلي الأنف من العين واللحاظ الذي يلي الصدغ وتبصان تبرقان يقال
بص يبص بصيصا ووبص يبص وبيصا ورف يرف ولصف يلصف لصيفا وأل يؤل ألا إذا برق والهفاف
البراق وكذلك المؤتلق والدليص وتثأب تفعل من الثوباء ومذربة محددة وعصل معوجة يقال
ناب أعصل والمدى السكاكين واحدتها مدية قالت الخنساء
( فكأنما أم الزمان **
نحورنا بمدى الذبائح )
والحفيف الصوت وكذلك
الهفيف والعجيج والجرس الصوت وفيه ثلاث لغات يقال جرس وجرس وجرس وكان أبو بكر رحمه
الله يختار جرسا بفتح الجيم إذا لم يتقدمه حس فإن تقدمه حس اختار الكسر وقال هذا
كلام فصحاء العرب والصك
الضرب وأصطك افتعل من
الصك وأثناؤه جمع ثنى يريد أعطافه وأثناء الوادي ما انعرج منه وكذلك محانيه
وأصواحه والصفاة الصخرة وجمعها صفا وكذلك الصفواء والصفوانة والأنسع جمع نسع وهو
حبل مضفور من أدم وفرادى أفراد وثناء ممدود اثنان اثنان وقصره للقافية ضرورة
وشاقني شوقني لا فرق
بينهما على المبالغة والتكثير والورق جمع أورق والورقة لون الرماد والعسيب السعف
وجمعه عسب والأشاء الصغار من النخل واحدتها أشاءة والضرم الجائع والملحم الذي يرزق
اللحم كثيرا والملحم الذي يطعم أفراخه اللحم والنجاء الذهاب والسرعة ممدود فقصره
للضرورة والمخالب جمع مخلب وهي أظفار السباع وما صاد من الطير فأما الفأر واليربوع
والغراب وما أشبهها فيقال لظفره برثن كذلك قال الأصمعي ( قال أبو زيد ) البرثن مثل الإصبع والمخلب ظفر البرثن قال النابغة
( فقلت يا قوم أن الليث
منقبض ** على براثنه للوثبة الضاري )
وقال ابن الأعرابي
البرثن الكف بكمالها مع الأصابع والوظيف في كل ذي أربع في رجليه فوق الرسغ ودون
العرقوب وفي يديه فوق الرسغ ودون الركبة ففي الرجل الرسغ ثم الوظيف ثم العرقوب ثم
الساق ثم الفخذ ثم الورك وفي اليد الرسغ ثم الوظيف ثم الركبة ثم الذراع ثم العضد
ثم الكتف والقنا احديداب في المنقار وكل صائد من الطير فيه قنا والعرب تستحب القنا
في أنف الناس
وجواحر جمع جاحرة وهي
التي قد لجأت إلى حجرتها والعذوب القائم الساكت الذي لا يطعم والمرقب المكان
المرتفع وإنما سمى مرقبا لإنه يرقب منه أي يحفظ منه ويحرس والمرتقى المصعد ونكب
أصله ميل يريد ألقى وحت وحك واحد والقارت الدم اليابس يقال قرت الدم يقرت قروتا
وانصمى اندرأ واندرأ اندفع يقال اندرأ علينا واندره اندفع ودرأته ودرهته وآنس أبصر
قال الله عز وجل فإن آنستم منهم رشدا السرب القطيع
من الطير والظباء
والنساء والبقر ويقال فلان واسع السرب أي رخي البال وعلى لفظه هو آمن في سربه بكسر
السين أي في نفسه وهو آمن في سربه بفتح السين أي في جماعته والسرب بفتح السين أيضا
الوجه قال ذو الرمة
( خلى لها سرب أولاها
وهيجها ** من خلفها لاحق الصقلين همهيم )
وعلى لفظه السرب
الإبل وما رعى من المال يقال جاء سرب بني فلان أي إبلهم ومنه قولهم اذهب فلا أنده
سربك أي لا أرد إبلك لتذهب حيت شاءت
وكانت العرب تطلق
بقولهم اذهبي فلا أنده سربك وبقولهم حبلك على غاربك ويقال سرب الفحل يسرب سروبا
إذا ذهب في الأرض قال أخنس بن شهاب
( وكل أناس قاربوا قيد
فحلهم ** ونحن خلعنا قيده فهو سارب )
والسرب سرب الثعلب
بفتح الراء يقال انسرب الثعلب إذا دخل في سربه وعلى لفظه السرب الماء الذي يخرج من
عيون خزز القربة الجديدة قال جرير
( بلى فانهل دمعك غير
نزر ** كما عينت بالسرب الطبابا )
والطباب واحدها طبة
وهي رقعة تكون في أسفل المزادة ويقال سرب قربتك أي اجعل فيها الماء حتى تنسد عيون
الخرز وقال ذو الرمة
( ما بال عينك منها
الماء ينسكب ** كأنه من كلى مفرية سرب )
يريد كأنه سرب من كلى
مفرية وروى أبو عمرو الشيباني سرب بكسر الراء أي سائل والأول رواية الأصمعي وهو
أجود وقال الأموي السرب الخرز وهو شاذ لم يقله أحد غيره والسربة الجماعة من الخيل
والحمير والإبل ويقال سرب على الإبل أي أرسلها قطعة قطعة والمسربة الشعر المستدق
من الصدر إلى السرة قال الشاعر
( الآن لما ابيض مسربتي
** وعضضت من نابي على جذم )
والقارب الطالب للماء
يقال قربت الإبل تقرب وأقربها أهلها قال الأصمعي فهم قاربون ولا يقال مقربون وهذا
الحرف شاذ ( قال أبو علي ) إنما قالوا قاربون لأنهم أرادوا ذوو قرب ولم يبنوه على
أقرب وليلة القرب ليلة طلب الماء أنشدني أبو بكر بن دريد
( يقاسون جيش الهرمزان
كأنهم ** قوارب أحواض الكلاب تلوب )
وتلوب تحوم حول الماء
من العطش يقال لابت تلوب لوبا واللواب العطش الذي يحوم صاحبه حول الماء من شدته
والجبا بفتح الجيم مقصور ما حول الماء والجبا بكسر الجيم مقصور ما جمعت في الحوض
من الماء
ويقال له جبوة وجباوة
وقال الكسائي جبيت الماء في الحوض حبا مقصور كذا روى أبو عبيدة عنه وحكى اللحياني
جبيت وجبوت والمنهل الفرضة والمنهل الماء أيضا وإنما سمى منهلا لأنه ينهل منه
العطشان أي يروى وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي
( ومنهل فيه الغراب ميت
** كأنه من الأجون زيت )
( سقيت منه القوم
واستقيت ** وليلة ذات ندى سريت )
( ولم يلتني عن سراها
ليت ** ولم تصرني كنة وبيت )
( وجمة تسألني أعطيت **
وسائل عن خبري لويت )
( فقلت لا أدري وقد
دريت ** )
( قال أبو علي ) تصرني
تعطفني وتميلني والبيت ههنا المرأة يقال هي بيته أن امرأته والجمة القوم يسألون في
الدية
( ومسائل عن خبرى لويت
** ) هكذا أنشده ابن الأعرابي عن خبري وأنشدنيه أبو بكر بن دريد عن خبر وهو أجود
( وتمحه تغترفه ** )
والمائح الذي ينزل في البئر إذا قل الماء فيملأ الدلو أنشدني أبو بكر
( يا أيها المائح دلوي
دونكا ** إني رأيت الناس يحمدونكا ** يثنون خيرا ويمجدونكا )
ومن هذا قولهم فلان
يستميح فلانا وفلان يميح فلانا فأما الماتح فالذي يقوم على رأس البئر فيجذب الدلو
قال ذو الرمة
( كأنها دلو بئر جد
ماتحها ** حتى إذا ما رآها خانه الكرب )
والدلا جمع دلاة وهي
الدلو قال الراجز
( إن دلاتي أيما دلاتي
** قاتلتي وملؤها حياتي )
ويرتوين يستقين قال
الأصمعي يقال رويت على أهلي أروي ريا فانار أو إذا أتيتهم بالماء وقوم رواء والزغب
جمع أزغب وزغباء وهي ذوات الزغب والزغب الريش الضعيف أول ما يبدو ويقال للطائر أول
ما يظهر ريشه قد بثرر ثم حمم ثم وتد ثم زغب والفلا جمع فلاة قال الشاعر
( إليك أبا حفص تعسفت
الفلا ** برحلي فتلاء الذراعين جلعد )
وجمع الفلافلي والورد
الورود والورد الإبل التي ترد الماء كذا حكى الطوسى عن ابن الأعرابي ويرعوين يعطفن
ويرجعن وونى فتر والعرمض والطحلب والغلفق الخضرة التي تعلو الماء وقال الأصمعي إذا
قدم الماء علته ثلاثة أشياء الطحلب والعرمض والغلفق فالعرمض خضرة رقيقة والطحلب
مثل الرجرجة تغطي الماء والغلفق مثل صغار الورق ينبت نباتا من أسفل الماء إلى
أعلاه ( وقال ) يعقوب بن السكيت العرمض أغلظ من الطحلب وأنشد الطوسي لعمرو
( وماء بموماة قليل
أنيسه ** كأن به من لون عرمضه غسلا )
والغسل كل ما غسل به
الرأس والغسل ههنا الخطمي وطاميا مرتفعا يقال طمى الماء يطمي طميا وطما يطمو طموا
والغثاء ممدود احتاج إليه فقصره وهو ما على الماء من كسار العيدان وحطام النبت
وأقعص قتل والإقعاص أن تضرب الشيء أو ترميه فيموت مكانه يقال منه أقعصته إقعاصا
ومثله أصميته إصماء وزعفته وأزعفنه وهو
مأخوذ من الموت
الزعاف والكدرية العظيمة من القطا نسبها إلى الكدر وهو معظم القطا وهي كدر الألوان
والحيزوم الصدر وغادر ترك قال عنترة
( هل غادر الشعراء من
متردم ** ) والأشلاء جمع شلو وهو بقية الجسد والجوافل المنكشفة الذاهبة واحدتها
جافلة ومنه قيل جفلت الريح التراب إذا كشفته وأذهبته والطامسات الدارسات يقال طمس
وطسم إذا درس وطامسات وطاسمات
والصوى الأعلام
المنصوبة في الطريق ليهتدى بها واحدتها صوة ومنه الحديث ( أن للإسلام صوى ومنارا
كمنار الطريق ) ويقال قد أصوى القوم إذا وقعوا في الصوى وقد استقصينا هذا الحرف في
كتابنا المقصور والممدود وأبن رجعن والآئب الراجع والإياب الرجوع والمجاجات جمع
مجاجة وهي مامجته بأفواهها والسلى الجلد الرقيق الذي يخرج على الولد ويراطن يعجمن والتراطن
ما لا يفهم من كلام العجم قال علقمة بن عبدة
( يوحي إليها بإنقاض
ونقنقة س ** كما تراطن في أفدانها الروم )
حدثني أبو بكر بن
دريد رحمه الله قال قال أعرابي والله ما أحسن الرطانة وإني لأرسب من رصاصة وما
قرقمني إلا الكرم والمقرقم البطيء الشباب أنشد أبو عبيد
( أشكو إلى الله عيالا
دردقا ** مقرقمين وعجوزا شملقا )
بالشين معجمة وهو أحد
ما أخذ عليه وروى ابن الأعرابي سملقا بالسين غير المعجمة وهو الصحيح والدردق
الصغار والرقش جمع أرقش ورقشاء وهي المنقطة ويقال رقشت الكتاب رقشا ورقشته إذا
كتبته ونقطته قال طرفة
( كسطور الرق رقشه **
بالضحى مرقش بشمه )
قال مرقش الأكبر
واسمه ربيعة
( الدار قفر والرسوم
كما ** رقش في ظهر الأديم قلم )
وبهذا البيت سمى
مرقشا واللها جمع لهاة مثل قطاة وقطا وقد مده الشاعر للضرورة وهو ردئ جدا ليس كقصر
الممدود أنشدنا الفراء
( يا لك من تمر ومن
شيشاء ** ينشب في المسعل واللهاء )
والشيشاء الشيص
والأجرد القصير الشعر وهو مدح في الخيل قال الشاعر
( وأجرد من فحول الخيل
طرف ** كأن على شواكله دهانا )
والسيد الذئب والعرب
تشبه به الفرس قال امرؤ القيس
( عليه كسيد الردهة
المتأوب ** )
والردهة النقرة في
الجبل يستنقع فيها الماء وجمعها رداه والوقيع ة مثله وكذلك الوقط والوجذ والقلت
والعبل الغليظ يقال فرس عبل القوائم وعبل المحزم أي غليظ المحزم وهو مدح في الخيل
قال امرؤ القيس
( سليم الشظى عبل الشوى
شنج النسا ** له ححبات مشرفات على الفال )
أراد الفائل والفائل
عرق في الخربة يستبطن الفخذ ويجري إلى الرجلين والخربة النقرة التي في الورك ليس
بينها وبين الجوف عظم إنما هو جلد ولحم قال الأعشى
( قد نطعن العير في
مكنون فائله ** وقد يشيط على أرماحنا البطل )
وذلك أن الفارس
الحاذق بالطعن إذا طعن الطريدة تعمد الخربة لأنه ليس دون الجوف عظم ولذلك فخربه
الأعشى أي أنا بصراء بمواضع الطعن ومكنون الفائل دمه والشوى الأطراف اليدان
والرجلان ومنه قيل رماه فأشواه إذا أخطأه كأنه السهم مر بين شواه ويكون أشواه أيضا
أصاب شواه وهو غير مقتل وأيد قوي والأيد والآد القوة قال الله عز وجل { والسماء
بنيناها بأيد } ويستحب من الفرس إشراف القطاة والحارك قال النابغة الجعدي
( على أن حاركه مشرف **
وظهر القطاة ولم يحدب )
والأعمدة ههنا
القوائم واحدها عمود والوجى أن يجد الفرس وجعا في باطن حافره
من غير أن يكون في
وهي ولا خرق يقال وجي الفرس يوجى وجى شديدا والمؤللة المحددة والعرب تستحب التأليل
في أذن الفرس وتمدح به قال الشاعر
( يخرجن من مستطير
النقع دامية ** كان آذانها أطراف أقلام )
وحشرة لطيفة رقيقة
قال الشاعر
( لها أذن حشرة مشرة **
كاعليط مرخ إذا ما صفر )
المشرة الورقة يقال
قد تمشر الشجر إذا أورق وتمشر الرجل إذا اكتسى والإعليط وعاء المرخ والعرب تشبه به
آذان الخيل وصفر خلا وكل لطيف دقيق رقيق حشر يقال حربة حشرة قال رؤبة
( ووافقت للرمى حشرات
الرشق ** ) قال ابن الأعرابي حشرت العود إذا بريته وأنشد
( وتلقى لئيم القوم
للناس محشرا ** ) أي يقشر أموالهم والرحاب والرحيب الواسع مثل طوال وطويل وجسام
وجسيم والهواء ممدود قصره للضرورة وهو الفرجة بين الشيئين يريد أنه واسع الجوف كما
قال امرؤ القيس
( وجوف هواء تحت صلب
كأنه ** من الهضبة الخلقاء زحلوق ملعب )
واللحيان تثنية لحي
وهما عظما اللهزمتين وإذا طالا طال خد الفرسء وطول الخد مدح في الخيل والعرب تستحب
سعة المنخر في الفرس لأنه إذا اتسع منخره لم يحبس الربو في جوفه قال امرؤ القيس
( لها منخر كوجار
الضباع ** فمنه تريح إذا تنبهر )
وفسر ابن الأعرابي في
هذه القصيدة ما نحن ذاكروه قال ابن الأعرابي التسعة الطوال عنقه وخداه وظيفار جليه
وبطنه وذراعاه وفخذاه وتفسيره غير موافق لقول الشاعر لأنه ذكر عشرة أشياء وقد ذكر
الشاعر تسعة ونازعت فيه أبا عمرو في وقت قراءتي عليه فقال قال لنا أبو العباس هذا
غلط من الشاعر ( قال أبو علي ) ونظرت فإذا لا تصح تسعة ولا سبعة فيقع الظن أن
الراوي أخطأ في النقل وذلك أنه
أراد كل شيء يستحب
طوله في القوائم فهي ثمانية
وظيفا الرجلين
والذراعان والثنن وهي الشعر الذي في مؤخر الرسغ واحدتها ثنة ويستحب طولها وسوادها
ولذلك قال الشاعر
( لها ثنن كخوافي
العقاب ** سود يفين إذا تز بئر )
ويفين يطلن يقال وفي
شعره يفي إذا طال وتزبئر تنتفش فإن كان الشاعر ذهب إلى هذا وأراد معها العنق جاز
وصح قوله لأنه قال تسعة في الشوى والشوى القوائم وقال ابن الأعرابي والتسعة القصار
أربعة أرساغه ووظيفا يديه وعسيبه وساقاه وهذا صحح على ما ذكرنا لأنه ذكر العسيب مع
القوائم فحمل كلامه على الأكثر كما ذكرنا في الأول ( وقال ابن الأعرابي ) والسبعة
العارية خداه وجبهته والوجه كله وأن يكون عاري القوائم من اللحم هذه كلها تستحب
وسبع مكسوة الفخذان وحاميتاه ووركاه وحصيرا جنبيه ونهدتاه وهما في الصدر قال أبو العباس
كذا قال ابن الأعرابي نهدتاه وغيره يقول فهدتاه ( قال أبو علي ) الصحيح
فهدتاه وهما اللحمتان اللتان في الزور كالفهدين وإن كان كلام ابن الأعرابي يحتمل
في الإشتقاق أن يسميا النهدتين ( وقال ابن الأعرابي ) السبع التي قربت يريد سبع
خصال صالحة قربن منه وسبع خصال رديئة بعدن منه فلسن فيه ( وقال ابن الأعرابي )
وتسع غلاظ أو ظفته الأربعة وأرساغه الأربعة غلاظ وعكوته غليظة والسبع الرقاق
منخراه وأذناه وجحفلتاه وشفرته وحديد الثمان عرقوباه وأذناه وقلبه ومنكباه وعريض
الثمان عريض الفخذين والوركين والأوظفة وفيه من الطير خمس النسر في باطن الحافر
والغرابان ما أشرف من وركيه والصرد عرق تحت لسانه وعصفوره عظم في وسط هامته هذا
جميع ما فسره ابن الأعرابي في هذه القصيدة ( قال أبو علي ) يستحب من الفرس طول
العنق ولذلك قال امرؤ القيس
( وسالفة كسحوق الليان
** أضرم فيها الغوي السعر )
والليان النخل وقد
روى في هذا البيت اللبان وكان أبو بكر بن دريد رحمه الله يرد هذه الرواية ويقول
كيف يشبه طول عنقه بشجرة اللبان وهي مقدار قعدة الرجل في الإرتفاع ويستحب هرت
الشدقين وطول الخدين ولذلك قال الشاعر
( هريت قصير عذار
اللجام ** أسيل طويل عذار الرسن )
يريد أن مشق شدقيه من
الجانبين مستطيل فقد قصر عذار لجامه لأنه يدخل في فيه وأنه أسيل الخد والإسالة
الطول فغذار رسنه طويل خده لأن الرسن لا يدخل في فيه منه شيء ويستحب طول وظيفي
الرجلين ولذلك شبهت بالنعام في طول الوظيف لأن ما يشبه من خلق الفرس بخلق النعام
طول الوظيفين وقصر الساقين ولذلك قال أبو دؤاد
( لها ساقا ظليم خاضب
** فوجئ بالرعب )
ويستحب قصر الظهر مع
طول البطن ويستحب طول الذراعين ولذلك شبهته العرب بالظبي ومما يشبه من خلق الفرس
بخلق الظبي طول وظيفي رجليه وتأنيف عرقوبيه والتأنيف التحديد ولذلك قال أبو داؤد
( طويل طامح الطرف **
إلى مفزعة الكلب )
( حديد الطرف والمنكب
والعرقوب والقلب ** )
لأن حدة العرقوب
تستحب من الفرس وهو من الظبي كذلك وتستحب حدة القلب والطرف والمنكب ويستحب سمو
الطرف ومما يشبه أيضا من خلق الفرس بخلق الظبي عظم فخذيه وكثرة لحمهما وعرض وركيه
وشدة متنيه وإجفار جنبيه أي انتفاخهما ولذلك قال أبو النجم
( منتفخ الجوف عريض
كلكله ** ) وقصر عضديه ونجل مقلتيه ولحوق أياطله ولذلك قال امرؤ القيس
( له أيطلا ظبي وساقا
نعامة ** وإرخاء سرحان وتقريب تتفل )
والسرحان الذئب ويقال
أنه أحسن الدواب تقريبا والتقريب أن يرفع يديه معا ويضعهما معا
ومما يشبه من خلق
الفرس بخلق حمار الوحش غلظ اللحم وتعييره والتعيير أن يجتمع اللحم على رؤس العظام
فيصير كالعير الذي في وسط نصل السهم وهو الناشز في وسطه وكذلك عير الكتف الناشز في
وسطه وظماء فصوصه وسراته وهو أعلى ظهره ولذلك قال الشاعر
( له متن عير وساقا
ظليم ** ) وتمكن أرساغه وتمحيصها والتمحيص أن لا يكون على قوائمه لحم ولذلك قال
الشاعر
( وأحمر كالديباج أما
سماؤه ** فربى وأما أرضه فمحول )
سماؤه أعاليه وأرضه
قوائمه وعرض صهوته والصهوة موضع اللبد من الفرس حيث الراكب وصهوة كل شيء أعلاه
ولذلك قال امرؤ القيس
( له أيطلا ظبي وساقا
نعامة ** وصهوة عير قائم فوق مرقب )
ويستحب من الفرس طول
الذنب في كثرة شعر ولذلك قال طفيل الغنوي
( وأذنابها وحف كان
ذيولها ** مجرأ شاء من سميحة مرطب )
ويستحب غلظ الأرساغ
ولذلك قال الجعدي
( كأن تماثيل أرساغه **
رقاب وعول على مشرب )
ويستحب عرض الصدر مع
دقة الزور وهو الجؤجؤ ولذلك قال امرؤ القيس
( له جؤجؤ حشر كان
لجامه ** يعالي به في رأس جذع مشذب )
فوصفه بدقة الزور
وطول العنق ويستحب من الفرس أن يكون إذا استدبرته كالمنكب وإذا استقبلته كالمقعي
وإذا استعرضته مستويا ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال أخبرني
عصام بن خليف السلى قال قال ابن أقيصر خير الخيل الذي إذا استدبرته جنأ وإذا استقبلته
أقعى وإذا استعرضته استوى وإذا مشى ردى وإذا عدا دحا فالرديان أن يرجم الأرض رجما
بين المشي الشديد والعدو وإذا
رمى بيديه رميا لا
يرفع سنبكه عن الأرض قيل مريدحو دحوا
وبهذا الإسناد قال
حدثني بعض أهل العلم أن عبد الرحمن الثقفي بن أم الحكم ابنة أبي سفيان وكان على
الكوفة أرسل ألف فرس في حلبة فعرضها على ابن أقيصر أحد بني أسد بن خزيمة فقال تجيء
هذه سابقة فسألوه ما الذي رأيت فيها قال رأيتها مشت فكتفت وخبت فوجفت وعدت فنسفت
قال فجاءت سابقة ( قال أبو علي ) قوله مشت فكثفت أي حركت كتفيها والكتف المشي الرويد قال الشاعر
( قريح سلاح يكتف المشى
فاتر ) والوجيف ضرب من السير فيه بعض السرعة وهو دون الشد يقال وجف يجف وجيفا
ومثله الوضع يقال وضع يضع وضعا ( قال الأصمعي ) قيل لرجل أسرع كيف كنت في سيرك قال
كنت آكل الوجبة وأنجو الوقعة وأعرس إذا أفجرت وأرتحل إذا أسفرت وأسير الوضع وأجتنب
الملع فجئتكم لمسي سبع أي لمساء سبع ليال فالملع أرفع من ا لوضع ونسفت أدنت سنبكها
من الأرض في عدوها يقال للفرس أنه لنسوف السنبك وحدثني أبو بكر بالإسناد الذي تقدم
قال حدثني رجل من أهل الشام قال سئل بعض بصراء أهل الشام متى يبلغ ضمر الفرس فقال
إذا ذبل فريره وتفلقت غروره وبدا حصيره واسترخت شاكلته ( قال الأصمعي ) القرير موضع
المجسة في عرف الفرس والغرور الغضون التي في جلده واحدها غر والحصير العصبة التي
في الجنب في أعلى الأضلاع مما يلي الصلب والشاكلة الطفطفة ( قال أبو
علي ) وذكر هذا الشاعر خمسة من الطير في الفرس وفي كل فرس من أسماء الطير عدة أكثر
من هذه
فمنها الهامة وهو
العظم الذي في أعلى رأسه وفيه الدماغ وقال ويقال لها أم الدماغ أيضا
والفرخ أيضا وهو
الدماغ وجمعه فروخ والنعامة الجلدة التي تغطي الدماغ والعصفور العظم الذي تنبت
عليه الناصية قال حميد
( ونكل الناس عنا في
مواطننا ** ضرب الرؤس التي فيها العصافير )
والذبابة النكيتة
الصغيرة التي في إنسان العين فيها البصر والصردان عرقان تحت لسانه والسمامة
الدائرة التي في صفحة العنق
والقطاة مقعد الرديف
والغرابان رأسا الوركين فوق الذنب حيث يلتقي رأس الورك الأيمن والأيسر ( وقال
الأصمعي ) وفي الورك ثلاثة أسماء
فحرفاها المشرفان على
الفخذين الجاعرتان وهما موضع الرقمتين من است الحمار وحرفاها المشرفان على الذنب
حيث يلتقي رأس الورك الأيمن والأيسر الغرابان وحرفاها اللذان يشرفان على الخاصرتين
الحجبتان والخرب الهزمة التي بين الحجبة والقصرى والناهض العظم الذي على أعلى
العضد والجمع نواهض وأنهض وأنشد أبو عبيد
( وقربوا كل جمالي عضه
** أبقى السناف أثرا بأنهضه )
والحمامة القص النسر
كالنوى والحصى الصغار يكون في الحافر مما يلي الأرض قال الشاعر
( مفج الحوامي عن نسور
كأنها ** نوى القسب ترت عن جريم ملجلج )
( قال أبو علي ) مفج
واسع والحوامي نواحي الحافر واحدتها حامية وإنما سميت حامية لأنها تحمي النسور
وترت ندرت ونزت والجريم التمر المجروم وهو المصروم وملجلج من قولهم لجلج اللقمة في
فيه إذا حركها فالملجلج المحرك المدار في الفم والفراش العظام الرقاق في أعلى
الخياشيم وهي تسمى الخشارم
والسحاة كل مارق وهش
من العظام التي تكون في الخياشيم وفي رؤس الكتفين والصقران الدائرتان اللتان في
مؤخر اللبددون الحجبتين وخظا ممتلئ والصفاق الجلبدة التي تحت الجلدة التي عليها
الشعر من السرة إلى القنب والقنب وعاء قضيبة واليعسوب الغرة تكون على قصبة الأنف
فوق الرثم ويقال اليعسوب كل بياض على قصبة الأنف عرض أو اعتدل لا يبلغ الخليقاء
والخليقاء حيث التقى عظم اعلى الأنف وعظم الحاجب والمجاليح التي تدر في الشتاء
واحدها مجالح ( وقال
الأصمعي ) إذا كانت الناقة تدر على الجوع والبرد فهي مجالح وقد جالحت مجالحة وأنشد
( لها شعر داج وجيد
مقلص ** وجسم خداري وضرع مجالح )
وقال الفرزدق
( مجاليح الشتاء
خبعثنات ** إذا النكباء ناوحت الشمالا )
والخبعثنات الغلاظ
الشداد واحدها خبعثنة ومنه قيل للاسد خبعثنة وشم مرتفعة والذرى الأسنمة واحدها
ذروة وأعلى كل شيء ذروته ويقال للسنام الذروة والشرف والقمعة والقحدة والهودة
والعريكة والكتر قال علقمة بن عبدة
( كتر كحافة كير القين
ملموم ** )
( قال الأصمعي ) ولم
أسمع بالكتر بالكتر إلا في هذا البيت والعض علف أهل الأمصار مثل القت والنوى قال
الأعشى
( من سراة الهجان صلبها
الع ورعي الحمى وطول الحيال ** )
الرعي مصدر رعى يرعى
رعيا والرعي الكلا ** ونقفيه نؤثره والقفية الأثرة والقفاوة )
ما يخص بن الرجل من
الطعام وقال الشاعر
( ونقفي وليد الحي إن
كان جائعا ** ونحسبه إن كان ليس بجائع )
وقاظ من القيظ وصنيع
مصنوع والعانة جماعة الحمر وجمعها عانات وعون قال أبو النجم يذكر امرأة
( تعد عانات اللوى من
مالها ** ) وقال حميد الأرقط
( أحقب شحاج مشل عون **
والغطاط الصبح ) بضم الغين قال الراجز
( وردت قبل سدفة الغطاط
** ) فأما الغطاط بالفتح فضرب من القطا قال الهذلي
( وماء قد وردت أميم
طام ** على أرجائه زجل الغطاط )
وخماص ضوامر والعجى
جمع عجاية ويقال عجاوة أيضا كذا قال الأصمعي وهي قدر مضغة ملصقة بقصبة تنحدر من
ركبة البعير إلى فرسنه قال امرؤ القيس
( تطاير ظران الحصى عن
مناسم ** صلاب العجى ملثومها غير أمعرا )
وقال أبو عمرو
الشيباني العجاية عصبة في باطن يد الناقة وهي من الفرس مضيفة وجدل ألقاها على
الجدالة والجدالة الأرض أنشد أبو زيد
( قد أركب الآلة بعد
الآله ** وأترك العاجز بالجداله )
وشاص مرتفع يقال شصا
يشصو إذا ارتفع قال الأخطل يصف زقاق الخمر )
( أناخوا فجروا شاصيات
كأنها ** رجال من السودان لم يتسربلوا )
والقصب المعي وجمعه
أقصاب والوقف الخلخال ما كان من شيء من فضة أو غيرها وأكثر ما يكون من القرون
والعاج والأهيف الضامر وغلوا له أغلوا في الثمن أي ارتفعوا فيها والغلو مجاوزة
القدر في الشيء والإرتفاع فيه ومنه سميت الغالية من الروافض والتمائم جمع تميمة
وهي العوذة قال أبو ذؤيب
( وإذا المنية أنشبت
أظفارها ** ألفيت كل تميمة لا تنفع )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر رحمه الله قال حدثنا العتبي عن أبيه عن جده قال ولى معاوية روح بن زنباع
فعتب عليه في جناية فكتب إليه بالقدوم فلما قدم أمر بضربه بالسياط فلما أقيم ليضرب
قال نشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تهدم مني ركنا أنت بنيته أو أن تضع مني خسيسة
أنت رفعتها أو تشمت بي عدوا وأنت وقمته وأسالك بالله إلا أتى حلمك وعفوك دون إفساد
صنائعك فقال معاوية إذا الله سنى عقد أمر تيسر خلوا سبيله ( وحدثنا أبو بكر ) قال أخبرنا
العكلي قال حدثني حاتم بن قبيصة عن شبيب بن شيبة قال بعث الحجاج خطباء من الأحماس
إلى عبد الملك فتكلموا فلما انتهى الكلام إلى خطيب الأزد قام فقال قد علمت العرب
أنا حي فعال
ولسنا بحي مقال وأنا
نجزي بفعلنا عند أحسن قولهم أن السيوف لتعرف أكفنا وأن الموت ليستعذب أرواحنا وقد
علمت الحرب الزبون أنا نقرع جماحها ونحلب
صراها ثم جلس وحدثنا
أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال مر رجل على قبر عامر بن الطفيل فقال عم
صباحا أبا علي فلقد كنت سر يعافي وعدك إذا وعدت المولى بطيئا في إيعادك إذا أوعدته
ولقد كانت هدايتك كهداية النجم وجرأنك كجرأة السيل وحدك كحد السيف ( وحدثنا أبو
بكر ) رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال بلغني أن ابن ملجم لعنه الله
حين ضرب عليا رضوان الله عليه قال أما أنا فقد أرهفت السيف وطردت الخوف وحثثت
الأمل وبقيت الرجل وضربته ضربة لو كانت بأهل عكاظ قتلتهم وفي ذلك يقول النجاشي
( إذا حية أعيا الرقاة
دواؤها ** بعثنا لها تحت الظلام ابن ملجم )
( وقال يعقوب ) قال
الفراء سمعت الكلابي يقول قال بعضهم لولده يا بني لا تتخذها حنانة ولا أنانة ولا
منانة ولا عشبة الدار ولا كبة القفا
والحنانة التي لها
ولد من سواه فهي تحن عليهم والأنانة التي مات عنها زوجها فهي إذا رأت الزوج الثاني
أنت وقالت رحم الله فلانا لزوجها الأول والمنانة التي لها مال فهي تمن على زوجها
كلما أهوى إلى شيء من مالها
وقوله عشبة الدار
يريد الهجينة وعشبة الدار التي تنبت في دمنة الدار وحولها عشب في بياض الأرض فهي
أفخم منه وأضخم لأنها غذتها الدمنة وذلك أطيب للأكل رطبا ويبسا لأنه نبت في أرض
طيبة وهذه نبتت في دمنة فهي متتنة رطبة وإذا يبست صارت حتاتا وذهب قفها في الدمنة
فلم يمكن جمعه وذلك يجمع قفه لأنه في أرض طيبة ( قال أبو العباس ) أحمد بن يحيى
القف ما يبس من البقل وسقط على الأرض في موضع نباته وقوله كبة القفاهي التي يأتي
زوجها أو ابنها القوم فإذا انصرف من عندهم قال رجل من جبناء القوم قد والله كان
بيني وبين امرأة هذا المولى أو أمه أمر ( وقال بهدل الزبيري ) أتى رجل ابنة الخس
يستشيرها في امرأة يتزوجها فقالت انظر رمكاء جسيمة أو بيضاء وسيمة في بيت جد أو
بيت حد أو بيت عز قال ما تركت من النساء شيئا قالت بلى شر النساء
تركت السويداء
الممراض والحميراء المحياض الكثيرة المظاظ ( قال أبو علي ) الرمكاء السمراء والرمكة لون الرماد ومنه قيل بعير أرمك وناقة رمكاء والمظاظ
المشارة والمشاقة قال رؤبة
( لأواءها والأزل
والمظاظا ** ) اللاواء الشدة والأزل الضيق ( قال ) وحدثني الكلابي قال قيل لأبنة
الخس أي النساء أسوء قالت التي تقعد بالفناء وتملأ الإناء وتمذق ما في السقاء قيل فأي
النساء أفضل قالت التي إذا مشت أغبرت وإذا نطقت صرصرت متوركة جارية في بطنها جارية
يتبعها جارية أي هي مئناث ( قال أبو علي ) أغبرت أثارت الغبار في مشيتها وصرصرت
أحدت صوتها أنشدني أبو بكر بن دريد رحمه الله لجزير
( لكن سوادة يجلو مقلتي
ضرم ** باز يصرصر فوق المرقب العالي )
ويروى ذاكم سوادة قيل
فاي الغلمان أفضل قالت الأسوق الأعنق الذي إن شب كأنه أحمق قيل فأي الغلمان أفسل
قالت الأويقص القصير العضد العظيم الحاوية الأغيبر الغشاء الذي يطيع أمه ويعصي عمه
( قال أبو علي ) الأسوق الطويل الساق والأعنق الطويل العنق والأويقص تصغير أوقص
والأوقص الذي يدنو رأسه من صدره قال رؤبة
( أدمه صياغة وأرذله **
أوقص يخزي الأقربين عيطله )
العيطل الطويل العنق
وجمعه وقص وقد وقص يوقص وقصا ومنه الأوقص قاضي المدينة والحاوية ما تحوى من البطن
أي استدار مثل الحوايا والحوايا جمع حوية وهو كساء يدار حول سنام البعير يركب عليه
الراكب
وأنشدنا أبو بكر رحمه
الله قال أنشدنا أبو حاتم لمضرس بن قرط بن الحارث المزنى
( أهاجتك آيات عفون
خلوق ** وطيف خيال للمحب يشوق )
( وما هاجه من رسم دار
ودمنة ** بها من مطافيل الظباء فروق )
( تلوح مغانيها بحجر
كأنها ** رداء يمان قد أمح عتيق )
( تعذبني بالود سعدى
فليتها ** تحمل منا مثله فتذوق )
( ولو تعلمين العلم
أيقنت أنني ** ورب الهدايا المشعرات صدوق )
( أذود سوام الطرف عنك
وماله ** إلى أحد إلا عليك طريق )
( أهم بصرم الحبل ثم
يردني ** عليك من النفس الشعاع فريق )
( تهيجني للوصل أيامنا
الألى ** مررن علينا والزمان وريق )
( ليالي لا تهوين أن
تشحط النوى ** وأنت خليل لا يلام صديق )
( ووعدك إيانا وقد قلت
عاجل ** بعيد كما قد تعلمين سحيق )
( فأصبحت لا تجزينني
بمودتي ** ولا أنا للهجران منك مطيق )
( وأصبحت عاقتك العوائق
إنها ** كذاك ووصل الغانيات يعوق )
( وكادت بلاد الله يا
أم معمر ** بما رحبت يوما علي تضيق )
( تتوق إليك النفس ثم
أردها ** حياء ومثلي بالحياء حقيق )
( وإني وإن حاولت صرمي
وهجرتي ** عليك من احداث الردى لشفيق )
( وإن كنت لما تخبريني
فسائلي ** فبعض الرجال للرجال رموق )
( سلي هل قلاني من عشير
صحبته ** وهل ذم رحلي في الرحال رفيق )
( وهل يجتوي القوم
الكرام صحابتي ** إذا اغبر مخشي الفجاج عميق )
( وأكتم أسرار الهوى
فأميتها ** إذا باح مزاح بهن بروق )
ويروى
( وأميتها إذا باح مزاح
بهن نزوق ** )
( شهدت برب البيت أنك
عذبة الثنايا وأن الوجه منك عتيق ** )
( وأنك قسمت الفؤاد
فبعضه ** رهين وبعض في الحبال وثيق )
( سقاك وإن أصبحت وانية
القوى ** شقائق مزن ماءهن فتيق )
( بأسحم من نوء الثريا
كأنما ** سفاه إذا جن الظلام حريق )
( صبوحي إذا ما ذرت
الشمس ذكركم ** وذكركم عند المساء غبوق )
( وتزعم لي يا قلب أنك
صابر ** على الهجر من سعدى فسوف تذوق )
( فمت كمدا أو عش سقيما
فإنما ** تكلفني مالا أراك تطيق )
( قال أبو علي ) الشعاع
المتفرق المنتشر قال قيس بن الخطيم
( طعنت ابن عبد القيس
طعنة ثائر ** لها نفذ لولا الشعاع أضاءها )
( قال الأصمعي ) يقال
جنب بنو فلان فهم مجنبون إذا لم يكن في إبلهم لبن وأهدوا إلى بني فلان من لبنكم
فإنهم مجنبون قال الجميح بن منقذ
( لما رأت إبلي قلت
حلوبتها ** وكل عام عليها عام تجنيب )
( ويقال أن عنده لخيرا
مجنبا وشرا مجنبا أي كثيرا والمجنب الترس قال الهذلي
( صب اللهيف لها السبوب
بطغية ** تنبي العقاب كما يلط المجنب )
اللهيف الملهوف وهو
المكروب والسبوب الجبال واحدها سب قال أبو ذؤيب
( تدلى عليها بين سب
وخيطة ** شديد الوصاة نابل وابن نابل )
والنابل الحاذق
والطفية ناحية من الجبل يزلق منها وقال غيره الطغية الشمراخ من شماريخ الجبل ويلط
يكب ويقال جنبت الريح تجنب جنوبا إذا هبت جنوبا وجنبنا منذ أيام أي أصابتنا الجنوب
وأجنبنا منذ أيام دخلنا في الجنوب وسحابة مجنوبة جاءت بها الجنوب وجنب فلان في بني
فلان إذا نزل فيهم غريبا
ومنه قيل جانب للغريب
وجمعه جناب أنشدني أبو إلياس للقطامي
( فسلمت والتسليم ليس
يضرها ** ولكنه حتم على كل جانب )
أي على كل غريب ورجل
جنب غريب وجمعه أجناب قال الله عز وجل { والجار الجنب } أي الجار الغريب وقال نعم القوم هم الجار الجنابة أي الغربة ويقال
جنبت فلانا الخير أي نحيته عنه وجنبته أيضا بالتثقيل قال أبو نصر والتخفيف أجود قال
الله عز وجل { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام } وجلس فلان جنبة أي ناحية قال الراعي
( أخليد إن أباك ضاف
وساده ** همان باتا جنبة ودخيلا )
وأصابنا مطر تنبت عنه
الجنبة وهو نبت ويقال أعطني جنبة فيعطيه جلد جنب بعير فيتخذ منه علبة والعلبة قدح
من جلود يحلب فيه ويقال فلان من أهل الجناب بكسر الجيم لموضع بنجد وفرس طوع الجناب
إذا كان سهل القياد ولج فلان في جناب قبيح إذا لج في مجانبة أهله فأما الجناب بفتح
الجيم فما حول الرجل وناحيته وفناء داره وجلس فلان بجنب فلان وجانبه ويقال مروا
يسيرون جنابيه وجنابتيه وجنبتيه إذا مروا يسيرون إلى جانبه وجنبت الدابة أجنبها
إذا قدتها والجنيبة الدابة تقاد فتسير إلى جنبك وقال يعقوب الجنيبة الناقة يعطيها الرجل
القوم إذا خرجوا يمتارون ويعطيهم دراهم يمتارون له عليها وأنشد
( رخو الحبال مائل
الحقائب ** ركابه في القوم كالجنائب )
أي هي ضائعة وقال أبو
عبيدة الجنيب التابع وأنشد لأرطاة بن سهية يهجو شبيب بن البرصاء
( أبي كان خيرا من أبيك
ولم تزل ** جنيبا لآبائي وأنت جنيب )
والجنب مفتوحة النون
أن تجنب الدابة قال امرؤ القيس
( لها جنب خلفها مسبطر
** ) أراد ذنبها كأنها تجنبه ومسبطر ممتد ويقال جنب
البعير يجنب جنبا إذا
ظلع من جنبه ويقال الجنب لصوق الرئة بالجنب من شدة العطش قال ذو الرمة
( وثب المسحج من عانات
معقلة ** كأنه مستبان الشك أو جنب )
والشك الظلع الخفيف
ويقال ضربه فجنبه إذا كسر جنبه وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثني
أبي قال حدثنا أحمد بن عبيد عن سهل بن محمد قال اجتمع الشعراء بباب الحجاج وفيهم
الحكم بن عبدل الأسدي فقالوا أصلح الله الأمير إنما شعر هذا في الفأر وما أشبهه
قال ما يقول هؤلاء يا ابن عبدل قال اسمع أيها الأمير قال هات فأنشده
( وإني لأستغني فما
أبطر الغنى ** وأعرض ميسوري لمن يبتغي عرضي )
( وأعسر أحيانا فتشتد
عسرتي ** فأدرك ميسور الغنى ومعي عرضي )
( وما نالني حتى تحلت
فأسفرت ** أخو ثقة فيها بقرض ولا فرض )
( ولكنه سيب الإله
وحرفتي ** وشدي حيازيم المطية بالغرض )
( لأكرم نفسي أن أرى
متخشعا ** لذي منة يعطي القليل على النحض )
( قد امضيت هذا في وصية
عبدل ** ومثل الذي أوصى به والدي أمضي )
( أكف الأذى عن أسرتي
وأذوده ** على أنني أجزي المقارض بالقرض )
( وأبذل معروفي وتصفو
خليقتي ** إذا كدرت أخلاق كل فتى محض )
( وأقضي على نفسي إذا
الحق نابني ** وفي الناس من يقضى عليه ولا يقضي )
( وأمضي همومي بالزماع
لوجهها ** إذا ما الهموم لم يكد بعضها يمضي )
( وأستنفذ المولى من
الأمر بعدما ** يزل كما زل البعير عن الدحض )
( وأمنحه مالي وودي ونصرتي
** وإن كان محني الضلوع على بغضي )
( ويغمره سيبي ولو شئت
ناله ** قوارع تبري العظم من كلم مض )
( ولست بذي وجهين فيمن
عرفته ** ولا البخل فاعلم من سمائي ولا أرضي )
قال فلما سمع الحجاج
هذا البيت
( ولست بذي وجهين فيمن
عرفته ** ) فضله على الشعراء بجائزة ألف درهم في كل مرة يعطيهم ( قال أبو علي )
الغرض والغرضة والسفيف والبطان والوضين حزام الرحل والنحض اللحم ونحضت اللحم عن
العظم نحضا إذا عرقته والدحض الزلق والمض مصدر مضه يمضه مضا فأقام المصدر مقام
الفاعل كما قالوا رجل عدل أي عادل ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال
في قوله عز وجل { إن الله كان على كل شيء حسيبا } أربعة أقوال يقال عالما ويقال
مقتدرا ويقال كافيا ويقال محاسبا فالذي يقول كافيا يحتج بقوله جل وعز { يا أيها
النبي حسبك الله } اي كافيك الله وبقوله عز وجل { عطاء حسابا } أي كافيا وبقول الشاعر
( إذا كانت الهيجاء
وانشقت العصا ** فحسبك والضحاك سيف مهند )
أي يكفيك ويكفي
الضحاك وبقول امرئ القيس
( فتملأ بيتنا أقطا
وسمنا ** وحسبك من غنى شبع وري )
أي يكفيك الشبع والري
وتقول العرب أحسبني الشيء يحسبني إحسابا وهو محسب قال الشاعر
( وإذا ما أرى في الناس
حسنا يفوقها ** وفيهن حسن لو تأملت محسب )
وبقول الآخر
( ونقفي وليدا الحي إن
كان جائعا ** ونحسبه إن كان ليس بجائع )
أي نعطيه حتى يقول
حسبي أي كفاني وقالت الخنساء
( يكبون العشار لمن
أتاهم ** إذا لم تحسب المائة الوليدا )
والذي يجعله بمعنى
محاسب يحتج بقول قيس المجنون
( دعا المحرمون الله
يستغفرونه ** بمكة يوما أن تمحى ذنوبها )
( وناديت يا رباه أول
سؤلتي ** لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها )
فمعناه أنت محاسبها
على ظلمها والذي يقول عالما يحتج بقول المخبل السعدي
( فلا تدخلن الدهر قبرك
حوبة ** يقوم بها يوما عليك حسيب )
أي محاسبك عليها عالم
بظلمك والذي قال مقتدرا لم يحتج بشيء ( قال أبو علي ) والقولان الأولان صحيحان في الإشتقاق مع الرواية والقولان الآخران لا يصحان
في الإشتقاق ألا تراه قال في تفسير بيت المخبل السعدي محاسبك عليها عالم بظلمك
فالحسيب في بيته المحاسب وهو بمنزلة قول العرب الشريب للمشارب وأنشد الفراء
( فلا أسقى ولا يسقى
شريبي ** ويرويه إذا أوردت مائي )
أي مشاربي وأنشد أبو
بكر بن دريد عن أبي حاتم عن أبي زيد والأصمعي
( رب شريب لك ذي حساس
** شرابه كالحز بالمواسي )
( ليس بمحمود ولا مواسي
** عجلان يمشي مشية النفاس )
ويروى النفاس فمعناه
رب مشارب لك والحساس الشر
قال وحدثنا أبو بكر
بن الأنباري قال حدثنا أحمد بن الهيثم بن خالد البزاز قال حدثنا عبيد الله بن عمرو
قال حدثنا يحيى بن سفيان قال سمعت عمرو بن مرة يقول حدثنا عبد الله بن الحرث عن
طليق بن قيس عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعاء له رب
تقبل توبتي وأجب دعوتي واغسل حوبتي وثبت حجتي واهد قلبي وسدد لساني واسلل سخ يمة
قلبي قال أبو بكر الحوبة الفعلة من الحوب وهو الإثم يقال حاب الرجل إذا أثم قال
الله عز وجل { إنه كان حوبا كبيرا } وقرأ الحسن أنه كان حوبا كبيرا فقال الفراء
الحوب المصدر والحوب الإسم وقال نابغة بني شيبان
( نماك أربعة كانوا
أئمتنا ** فكان ملكك حقا ليس بالحوب )
والسخيمة الحقد وفيه
لغات يقال في قلبي على فلان ضغن وحقد وضب ووتر ودعت وطائرة وترة وذحل وتبل ووغم
ووغر وغمر ومئرة وإحنة
ودمنة وسخيمة وحسيكة
وحسيفة وكتيفة وحشنة وحزازة وحزاز ويقال حزاز قال الشاعر
( فتى لا ينام على دمنة
** ولا يشرب الماء إلا بدم )
وقال لبيد
( بيني وبينهم الأحقاد
والدمن ** )
وقال الأعشى
( يقوم على الوغم في
قومه ** فيعفوا إذا شاء أو ينتقم )
وقال أيضا
( ومن كاشخ ظاهر غمره
** إذا ما انتسبت له أنكرن )
وقال ذو الرمة
( إذا ما أمرؤ حاولن أن
يقتتلنه ** بلا إحنة بين النفوس ولا ذحل )
وقال نصيب
( أمن ذكر ليلى قد
يعاودني التبل ** على حين شاب الرأس واستوسق العقل )
وقال القطامى
( أخوك الذي لا تملك
الحس نفسه ** وترفض عند المحفظات الكتائف )
أي الأحقاد واحدها
كتيفة والكتيفة أيضا الضبة من الحديد وأنشد أبو محمد الأموي في الحشنة
( ألا لا أرى ذا حشنة
في فؤاده ** يجمجمها إلا سيبدو دفينها )
وأنشدنا محمد بن
القاسم قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي
( إذا كان أولاد الرجال
حزازة ** فأنت الحلال الحلو والبارد العذب )
( قال ) وحدثنا أبو بكر
بن دريد قال حدثنا أبو حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعي قال نزلت بقوم من غني مجتورين
هم وقبائل من بني عامر بن صعصعة فحضرت ناديا لهم وفيهم شيخ لهم طويل الصمت عالم
بالشعر وأيام الناس يجتمع إليه فتيانهم ينشدونه أشعارهم فإذا سمع الشعر الجيد قرع
الارض قرعة بمحجن في يده فينفذ حكمه على من حضر بببكر للمنشد وإذا سمع مالا يعجبه
قرع رأسه بمجمجنه فينفذ حكمه عليه بشاة أن كان ذا غنم وابن مخاض إن كان ذا إبل
فإذا أخذ ذلك ذبح لأهل النادي فحضرتهم يوما والشيخ جالس بينهم فأنشده بعضهم يصف قطاة
( غدت في رعيل ذي أداوى
منوطة ** بلباتها مربوعة لم تمرخ )
( قال أبو علي ) تمرخ
تلين
( إذا سربخ عطت مجال
سراته ** تمطت فحطت بين أرجاء سربخ )
السربخ الأرض الواسعة
وعطت شقت فقرع الأرض عجمنه وهو لا يتكلم ثم أنشده آخر يصف ليلة
( كأن شميط الصبح في
أخرياتها ** ملاء ينقى من طيالسة خضر )
( تخال بقاياها التي
أسأر الدجى ** تمدوا شيعا فوق أردية الفجر )
فقام كالمجنون مصلتا
سيفه حتى خالط البرك فجعل يضرب يمينا وشمالا وهو يقول ن
( لا تفرغن في أذني
بعدها ** ما يستفز فأريك فقدها )
( إني إذا السيف تولى
ندها ** لا أستطيع بعد ذاك ردها )
( قال أبو علي ) قال
الأصمعي البرك إبل أهل الحواء بالغة ما بلغت وقال أبو عبيدة البرك الإبل البروك
وقال أبو عمرو البرك ألف بعير ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان
الأشنانداني قال كنا يوما في حلقة الأصمعي إذا أقبل أعرابي يرفل في الخزوز فقال
أين عميدكم فاشرنا إلى الأصمعي فقال ما معنى قول الشاعر
( لا مال إلا العطاف
توزره ** أم ثلاثين وابنة الجبل )
( لا يرتقي النز في
ذلاذله ** ولا يعدي نعليه عن بلل )
قال فضحك الأصمعي
وقال
( عصرته نطفة تضمنها **
لصب تلقى مواقع السبل )
( أو وجبة من جناة
أشكلة ** إن لم يرغها بالقوس لم تنل )
قال فأدبر الأعرابي
وهو يقول تالله ما رأيت كاليوم عضلة ثم أنشدنا الأصمعي القصيدة لرجل من بني عمرو
بن كلاب أو قال من بني كلاب ( قال أبو بكر ) هذا يصف رجلا خائفا لجأ إلى جبل وليس
معه إلا قوسه وسيفه والسيف هو العطاف وأنشدنا
( لا مال لي إلا عطاف
ومدرع ** لكم طرف منه حديد ولي طرف )
وقوله
( أم ثلاثين وابنة
الجبل ** ) يعني كنانة فيها ثلاثون سهما وابنة الجبل القوس لأنها من نبع والنبع لا
ينبت إلا في الجبال
وقوله لا يرتقى النز
أي ليس هناك نز والنز الندى لأنه في جبل والذلاذل ما أحاط بالقميص من أسفله واحدها
ذلذل وقال أبو زيد وذلذل وقوله لا يعدي نعليه عن بلل أي لا يصرفهما عن بلل أي ليس
هناك بلل والعصرة والعصر والمعتصر الملجأ والنطفة الماء يقع على القليل منه
والكثير وليس بضد واللصب كالشق يكون في الجبل وقوله تلقى مواقع السبل أي قبل وتضمن
والسبل المطر والوجبة الآكلة في اليوم ( وقال الأصمعي ) سمعت أعرابيا يقول فلان
يأكل الوجبة ويذهب الوقعة أي يأكل في اليوم مرة ويتبرز مرة والجناة والجنى واحد
وهو ما اجتنى من الثمر والأشكلة سدر جبلي لا يطول أنشدنا أبو بكر
( عوجا كما اعوجت قسي
الأشكل ** ) وأنشدنا مرة قياس الأشكل والأشكل جمع أشكلة وحدثنا أبو بكر قال حدثنا
السكن بن سعيد بن محمد بن عباد قال دخل أعشى بني ربيعة على عبد الملك بن مروان
وعنده ابناه الوليد وسليمان فقال له يا أبا المغيرة
ما بقي من شعرك فقال
والله لقد ذهب أكثره وأنا الذي أقول
( ما أنا في أمري ولا
في خصومتي ** بمهتضم حقي ولا سالم قرني )
( ولا مسلم مولاي عند
جناية ** ولا مظهر عيني وما سمعت أذني )
( وفضلني في الشعر
والعلم أنني ** أقول على علم وأعلم ما أعني )
( فأصبحت إذا فضلت
مروان وابنة ** على الناس قد فضلت خير أب وابن )
فقال عبد الملك من
يلومني على حب هذا وأمر له بجائزة وقطيعة بالعراق فقال يا أمير المؤمنين إن الحجاج
علي واجد فكتب إليه بالصفح عنه وبحسن صلته فأمر له الحجاج بذلك وأنشدنا أبو بكر بن
الأنباري قال أنشدنا ثعلب قال أنشدنا ابن الأعرابي
( ويأخذ عيب المرء من
عيب نفسه ** مراد لعمري ما أراد قريب )
قال وقال لنا بعض
المشايخ هذا البيت مبني على كلام الأحنف بن قيس وقال له رجل ادللني على رجل كثير العيوب
فقال اطلبه عيابا فإنما يعيب الناس بفضل ما فيه وحدثنا ابن دريد قال أخبرنا عبد
الرحمن عن عمه قال نزلت في واد من أودية بني العنبر وإذا هو معان بأهله وإذا فتية
يريدون البصرة فأحببت صحبتهم فأقمت ليلتي تلك عليهم وإني لوصب محموم أخاف لا
أستمسك على راحلتي فلما قاموا ليرحلوا أيقظوني فلما رأوا حالي رحلوا بي وحملوني
وركب أحدهم ورأئي يمسكني فلما أمعنوا في السير تنادو ألا فتى يحدو بنا أو ينشدنا
فإذا منشد في جوف الليل بصوت ند حزين يقول
( لعمرك أني يوم بانوا
فلم أمت ** خفاتا على آثارهم لصبور )
( غداة المنقى اذ رميت
بنظره ** ونحن على متن الطريق نسير )
( ففاضت دموع العين حتى
كأنها ** لناظرها غصن يراح مطير )
( فقلت لقلبي حين خف به
الهوى ** وكاد من الوجد المبر يطير
( فهذا ولما تمض للبين
ليلة ** فكيف إذا مرت عليك شهور )
( وأصبح أعلام الأحبة
دونها ** من الأرض غول نازح ومسير )
( وأصبحت نجدي الهوى
متهم النوى ** أزيد اشتياقا إذا يحن بعير )
( عسى الله بعد النأي
أن يصقب النوى ** ويجمع شمل بعدها وسرور )
قال فسكنت عني الحمى
حتى ما أحس بها وقلت لرديفي انزل إلى راحلتك فإني مفيق متماسك جزاك الله وحسن
الصحبة خيرا ( قال ) وحدثنا أبو بكر عن أبي حاتم عن ابن الأثرم عن أبي عبيدة قال
معنى قوله عز وجل { وهو شديد المحال } شديد المكر والعقوبة وأنشدنا ابن الأنباري لعبد المطلب بن هاشم
( لا هم أن المرء يمنع
رحله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم ** ومحالهم غدرا محالك )
وقال الأعشى
( فرع نبع يهتز في غصن
المجد غزير الندى عظيم المحال )
معناه عظيم المكر
وقال نابغة بني شيبان
( إن من يركب الفواحش
سرا ** حين يخلو بسره غير خال )
( كيف يخلو وعنده
كاتباه ** شاهداه وربه ذو المحال )
وقال الآخر
( أبر على الخصوم فليس
خصم ** ولا خصمان يغلبه جدالا )
( ولبس بين أقوام فكل
** أعد له الشغازب والمحالا )
( قال أبو علي )
الشغزبية ضرب من الصراع يقال اعتقله الشغزبية وهو أن يدخل المصارع رجله بين رجلي
الآخر فيصرعه ( قال أبو بكر ) سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى النحوي قال يقال
المحال مأخوذ من قول العرب محل فلان بفلان إذا سعى به إلى السلطان وعرضه لما يوبقه
ويهلكه ( قال أبو بكر ) ومن ذلك قولهم في الدعاء اللهم لا تجعل القرآن بنا ماحلا
أي لا تجعله شاهدا علينا بالتضييع والتقصير ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم
( القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن يوم
القيامة نجا ومن محل
به القرآن كبه الله على وجهه في النار ) وروى عن الأعرج أنه قرأ شديد المحال بفتح
الميم أي شديد الحول وتفسير ابن عباس يدل على فتح الميم لأنه قال وهو شديد الحول
والمحالة في كلام
العرب على أربعة معان المحالة الحيلة والمحالة البكرة التي تعلق على رأس البئر
والمحالة الفقرة من فقر الظهر وجمعها محال والمحالة مصدر قولهم حلت بين الشيئين (
قال أبو زيد ) ماله حيلة ولا محالة ولا محال ولا محيلة ولا محتال ولا احتيال ولا
حول ولا حويل وأنشد
( قد أركب الآلة بعد
الآله ** وأترك العاجز بالجداله ** منعفرا ليست له محاله )
أي حيلة والجدالة
الأرض يقال تركت فلانا مجدلا أي ساقطا على الجدالة وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري
( ما للرجال مع القضاء
محالة ** ذهب القضاء بحيلة الأقوام )
قال وحدثني أبي قال
بعث سليمان المهلبي إلى الخليل بن أحمد بمائة ألف درهم وطالبه لصحبته فرد عليه
المائة الألف وكتب إليه
( أبلغ سليمان أنى عنه
في سعة ** وفي غنى غير أني لست ذا مال )
( شحي بنفسي أني لا أرى
أحدا ** يموت هزلا ولا يبقى على حال )
( والرزق عن قدر لا
العجز ينقصه ** ولا يزيدك فيه حول محتال )
( والفقر في النفس لا
في المال تعرفه ** ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال )
( قال أبو علي ) والعرب
تقول حولق الرجل إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله أنشدنا محمد بن القاسم
( فداك من الأقوام كل
مبخل ** يحولق إما ساله العرف سائل )
أي يقول لا حول ولا
قوة إلا بالله ( وقال ) أحمد بن عبيد حولق الرجل وحوقل إذا قال لا حول ولا قوة إلا
بالله وبسمل الرجل إذا قال باسم الله وقد أخذنا في البسملة وأنشدنا ابن الأعرابي
( لقد بسملت ليلى غداة
لقيتها ** فيا بأبي ذاك الغزال المبسمل )
وقال أبو عكرمة الضبي
قد هيلل الرجل إذا قال لا إله إلا الله وقد أخذنا في الهيللة وقال الخليل بن أحمد
حيعل الرجل إذا قال حي على الصلاة قال الشاعر
( أقول لها ودمع العين
جار ** ألم يحزنك حيعلة المنادي )
وحدثنا محمد بن
القاسم قال حدثنا محمد بن يونس الكديمي قال حدثنا إبراهيم بن زكريا البزاز قال
حدثنا عمرو بن أزهر الواسطي عن أبان عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم (
أكل السفرجل يذهب بطخاء القلب ) قال أبو بكر الطخاء الثقل والظلمة يقال ليلة طخياء
وطاخية قال وأنشدنا أبو العباس ثعلب عن ابن الأعرابي
( ليت زماني عادلي
الأول ** وما يرد ليت أو لعل )
( وليلة طخياء يرمعل **
فيها على الساري ندى مخضل )
( قال أبو علي ) يقال
ارمعل وارمعن إذا سال وقال الطخاء الغيم الكثيف ( قال أبو علي ) لم أسمع الطخاء الغيم الكثيف إلا منه فأما الذي عليه
عامة اللغويين فالطخاء الغيم الذي ليس بكثيف ( وقال الأصمعي ) الطخاء والطهاء والطخاف
والعماء الغيم الرقيق كذلك روى عنه أبو حاتم وقال أبو عبيد عنه الطخاء السحاب
المرتفع وفسر أبو عبيد حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال الطخاء الغشي والثقل
وهذا شبيه بالقول الأول ( قال أبو علي ) وحقيقته عندي أنه ما جلل القلب حتى يسد
الشهوة ولذا قيل للسحاب طخاء لأنه يجلل السماء ولذلك قيل لليلة المظلمة طخياء
لأنها تجلل الأرض بظلمتها
وحدثنا أبو بكر بن
دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال خرج دريد بن الصمة في فوارس من بني جشم
حتى إذا كانوا في واد لبنى كنانة رفع لهم رجل في ناحية الوادي ومعه ظعينة فلما نظر
إليه قال لفارس من أصحابه صح به خل الظعينة وانج بنفسك وهم لا يعرفونه فانتهى إليه
الفارس فصاح به وألح عليه فلما أبى ألقى زمام الراحلة وقال للظعينة
( سيري على رسلك سيرالا
من ** سير رداح ذات جأش ساكن )
( أن انثنائي دون قرنى
شائني ** أبلى بلائي واخبري وعايني )
ثم حمل عليه فصرعه وأخذ
فرسه وأعطاه للظعينة فبعث دريد فارسا آخر لينظر ما فعل صاحبه فلما انتهى إليه ورآه
صريعا صاح به فتصام عنه فظن أنه لم يسمع فغشيه فألقى زمام الراحلة إلى الظعينة ثم
رجع وهو يقول
( خل سبيل الحرة
المنيعه ** إنك لاق دونها ربيعه ** في كفه خطية مطيعه )
( أولا فخذها طعنة
سريعه ** والطعن مني في الوغى شريعه )
ثم حمل عليه فصرعه
فلما أبطأ على دريد بعث فارسا ثالثا لينظر ما صنعا فلما انتهى إليها رآهما صريعين
ونظر إليه يقود ظعينته ويجر رمحه فقال له خل سبيل الظعينة فقال للظعينة اقصدي قصدا
البيوت ثم أقبل عليه فقال
( ماذا تريد من شتيم
عابس ** ألم تر الفارس بعد الفارس ** أرداهما عامل رمح يابس )
ثم حمل عليه فصرعه
وانكسر رمحه وارتاب دريد وظن أنهم قد أخذوا الظعينة وقتلوا الرجل فلحق ربيعة وقد
دنا من الحي ووجد أصحابه قد قتلوا فقال أيها الفارس أن مثلك لا يقتل ولا أرى معك
رمحا والخيل ثائرة بأصحابها فدونك هذا الرمح فإني منصرف إلى أصحابي فمثبطهم عنك
فانصرف دريد وقال لأصحابه أن فارس الظعينة قد حماها وقتل فرسانكم وانتزع دمي ولا
مطمع لكم فيه فانصرفوا فانصرف القوم فقال دريد
( ما إن رأيت ولا سمعت
بمثله ** حامي الظعينة فارسا لم يقتل )
( أردى فوارس لم يكونوا
نهزة ** ثم استمر كأنه لم يفعل )
( متهللا تبدو أسرة
وجهه ** مثل الحسام جلته كف الصيقل )
( يزجي ظعينته ويسحب
رمحه ** متوجها يمناه نحو المنزل )
( وترى الفوارس من
مخافة رمحه ** مثل البغاث خشين وقع الأجدل )
( يا ليت شعري من أبوه
وأمه ** يا صاح من يك مثله لا يجهل )
( قال أبو علي ) البغاث
والبغاث والبغاث أكثر وأشهر وقال ربيعة
( إن كان ينفعك اليقين
فسائلي ** عني الظعينة يوم وادي الأخرم )
( إذ هي لأول من أتاها
نهبة ** لولا طعان ربيعة بن مكدم )
( إذ قال لي أدنى
الفوارس ميتة ** خل الظعينة طائعا لا تندم )
( فصرفت راحلة الظعينة
نحوه ** عمدا ليعلم بعض ما لم يعلم )
( وهتكت بالرمح الطويل
إهابه ** فهوى صريعا لليدين وللفم )
( ومنحت آخر بعده جياشة
** نجلاء فاغرة كشدق الأضجم )
( ولقد شفعتهما بآخر
ثالث ** وأبى الفرار لي الغداة تكرمي )
ثم لم تلبث بنوا
كنانة أن أغارت علي بني جشم فقتلوا وأسروا دريد بن الصمة فأخفى نفسه فبينا هو
عندهم محبوس إذا جاءه نسوة يتهادين إليه فصرخت إحداهن فقالت هلكتم وأهلكتم ماذا جر
علينا قومنا هذا والله الذي أعطى ربيعة رمحه يوم الظعينة ثم ألقت عليه ثوبها وقالت
يال فراس أنا جارة له منكم هذا صاحبنا يوم الوادي فسألوه من هو فقال أنا دريد ابن
الصمة فمن صاحبي قالوا ربيعة بن مكدم قال فما فعل قالوا قتلته بنو سليم قال فما
فعلت الظعينة قالت المرأة أنا هيه وأنا امرأته فحبسه القوم وآمروا أنفسهم فقال
بعضهم لا ينبغي لدريد أن نكفر نعمته على صاحبنا وقال آخرون والله لا يخرج من
أيدينا إلا برضا المخارق الذي أسره فانبعثت المرأة في الليل وهي ريطة بنت جذل الطعان
تقول
( ستجزي دريدا عن ربيعة
نعمة ** وكل امرئ يجزى بما كان قدما )
( فإن كان خيرا كان
خيرا جزاؤه ** وإن كان شرا كان شرا مذمما )
( سنجزيه نعمى لم تكن
بصغيرة ** بإعطائه الرمح الطويل المقوما )
( فقد أدركت كفاه فينا
جزاءه ** وأهل بأن يجزى الذي كان أنعما )
( فلا تكفروه وحق نعماه
فيكم ** ولا تركبوا تلك التي تملأ الفما )
( فلو كان حيا لم يضق
بثوابه ** ذراعا غنيا كان أو كان معدما )
( ففكوا دريدا من إسار
مخارق ** ولا تجعلوا البؤسى إلى الشر سلما )
فلما أصبحوا أطلقوه
فكسته وجهزته ولحق بقومه فلم يزل كافا عن غزو بني فراس حتى هلك ( قال أبو علي )
وما استحسنته من شعر قيس بن الخطيم قال وقرأت شعر قيس بن الخطيم على أبي بكر بن
دريد رحمه الله
( أن تلق خيل العامري
مغيرة ** لا تلقهم متقنعي الأعراف )
( وإذا تكون عظيمة في
عامر ** فهو المدافع عنهم والكافي )
( الواترون المدركون
بتبلهم ** والحاشدون على قرى الأضياف )
قال ومما اختار الناس
لقيس بن الخطيم
( أنى سربت وكنت غير
سروب ** وتقرب الأحلام غير قريب )
( ما تمنعي يقظى فقد
تؤتينه ** في النوم غير مصرد محسوب )
( كان المنى بلقائها
فلقيتها ** فلهوت من لهو امرئ مكذوب )
( فرأيت مثل الشمس عند
طلوعها ** في الحسن أو كدنوها لغروب )
قال وحدثني أبو بكر
بن دريد قال قامت الأنصار إلى جرير في بعض قدماته المدينة فقالوا أنشدنا يا أبا
حرزة قال أنشد قوما منهم الذي يقول
( ما تمنعي يقظي فقد
تؤتينه ** في النوم غير مصرد محسوب )
( قال وأنشدنا أبو بكر
قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لرجل من بني جعدة
( لا خير في الحب وقفا
لا تحركه ** عوارض اليأس أو يرتاحه الطمع )
( لو كان لي صبرها أو
عندها جزعي ** لكنت أملك ما آتي وما أدع )
( إذا دعا بإسمها داع
ليحزنني ** كادت له شعبة من مهجتي تقع )
( لا أحمل اللوم فيها
والغرام بها ** ما حمل الله نفسا فوق ما تسع )
( قال ) وأنشدني بعض
أصحابنا
( أيا شجر الخابور مالك
مورقا ** كأنك لم تجزع على ابن طريف )
( فتى لا يحب الزاد إلا
من التقى ** ولا المال إلا من قنا وسيوف )
( ولا الذخر إلا كل
جرداء صلدم ** وكل رقيق الشفرتين حليف )
( عليك سلام الله حتما
فإنني ** أرى الموت وقاعا بكل شريف )
( قال أبو علي )
الجرداء القصيرة الشعر والصلدم الشديدة يعني فرسا والحليف الحديد حكى الأصمعي عن
العرب أن فلانا لحليف اللسان طويل الأمة أي طويل القامة ( قال ) وأنشدنا أبو بكر
قال أنشدنا أبو حاتم والرياشي عن أبي زيد للأقرع القشيري
( فأبلغ مالكا عني
رسولا ** وما يغني الرسول إليك مال )
( تخادعنا وتوعدنا
رويدا ** كدأب الذئب يأدو للغزال )
( فلا تفعل فإن أخاك
جلد ** على العزاء فيها ذو احتيال )
( وإنا سوف نجعل
موليينا ** مكان الكليتين من الطحال )
( ونغني في الحوادث عن
أخينا ** كما تغني اليمين عن الشمال )
( قال أبو علي ) يأدو
يختل أنشد أبو زيد
( أدوت له لآخذه **
فهيهات الفتى حذرا )
والعزاء الشدة ومنه
قيل تعزز لحم الفرس إذا اشتد ( قال أبو علي ) قرأت على أبي بكر ابن الأنباري في
قوله جل وعز { وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين } أقوال قال قوم يمحصهم
يجردهم من ذنوبهم واحتجوا بقول أبي دؤاد الإيادي يصف قوائم الفرس
( صم النسور صحاح غير
عاثرة ** ركبن في محصات ملتقى العصب )
النسور شبه النوى
التي تكون في باطن الحافر ومحصات أراد قوائم منجردات ليس فيها
إلا العصب والجلد
والعظم ومنه قولهم اللهم محص عنا ذنوبنا قال وقال الخليل معنى قوله جل وعز وليمحص
وليخلص وقال أبو عمرو اسحق بن نزار الشيباني وليمحص وليكشف واحتج بقول الشاعر
( حتى بدت قمراؤه
وتمحصت ** ظلماؤه ورأى الطريق المبصر )
( قال ) ومعنى قولهم
اللهم محص عنا ذنوبنا أي اكشفها وقال آخرون اطرحها عنا
( قال أبو علي ) هذه
الأقوال كلها في المعنى واحد ألا ترى أن التخليص تجريد والتجريد كشف والكشف طرح
لما عليه
وحدثنا أبو بكر قال
حدثنا اسماعيل ابن اسحق القاضي قال حدثنا أبو مصعب الزهري عن مالك عن ابن شهاب عن
أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري قال نهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن ( قال أبو علي ) قال
الأصمعي البغي الأمة وجمعه بغايا وفي الحديث قامت على رؤسهم البغايا وقال الأعشى
( والبغايا يركضن أكسية
الأضريج والشرعبي ذا الأذيال )
وقال الآخر
( فخر البغي بحدج ربتها
إذا ما الناس شلوا ** )
أي طردوا والبغي أيضا
الفاجرة يقال بغت تبغي إذا فجرت والبغاء الفجور في الإماء خاصة قال الله عز وجل {
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء } والبغية الربيئة قال الشاعر
( وكان وراء القوم منهم
بغية ** فأوفى يفاعا من بعيد فبشرا )
وجمعها بغايا وقال
طفيل الغنوي
( فألوت بغاياهم بنا
وتباشرت ** إلى عرض جيش غير أن لم يكتب )
يكتب يجمع ( وقال أبو
بكر ) في الحلوان أربعة أقوال أحدها أن الحلوان أجرة ما يأخذه الكاهن على كهانته
والقول الثاني أن الحلوان الرشوة التي يرشاها الكاهن على كهانته
وغيره الكاهن يقال
حلوت الرجل أحلوه حلوانا قال الشاعر
( كأني حلوت الشعر يوم
مدحته ** صفا صخرة صماء يبس بلالها )
والقول الثالث أن
الحلوان ما يأخذه الرجل من مهر ابنته ثم اتسع فيه حتى قيل في الرشوة والعطية قالت
امرأة من العرب تمدح زوجها
( لا يأخذ الحلوان من
بناتيا ** )
والقول الرابع إن
الحلوان هو ما يعطاه الرجل مما يستحليه ويستطيبه يقال منه حلوت الرجل إذا أعطيته
ما يستحليه طعاما كان أو غيره كما تقول عسلت الرجل إذا أطعمته العسل أو ما يستحليه
كما يستحلي العسل
وحدثنا أبو بكر بن
دريد رحمه الله قال كان أبو حاتم يضن بهذا الحديث ويقول ما حدثني به أبو عبيدة حتى
اختلفت إليه مدة وتحملت عليه بأصدقائه من الثقفيين وكان لهم مواخيا قال حدثنا أبو
حاتم قال حدثني أبو عبيدة قال حدثني غير واحد من هوازن من أولى العلم وبعضهم قد
أدرك أبوه الجاهلية أو جده قال اجتمع عامر بن الظرب العدواني وحممة بن رافع الدوسي
ويزعم النساب أن ليلى بنت الظرب ام دوس بن عدنان وزينب بنت الظرب أم ثقيف وهو قيسي
قال اجتمع عامر وحممة عند ملك من ملوك حمير فقال تساءلا حتى أسمع ما تقولان قال
قال عامر لحممة أين تحب أن تكون أياديك قال عند ذي الرثية العديم وذي الخلة الكريم
والمعسر الغريم والمستضعف الهضيم قال من أحق الناس بالمقت قال الفقير المختال والضعيف
الصوال والعيي القوال
قال فمن أحق الناس
بالمنع قال الحريص الكاند والمستميد الحاسد والملحف الواجد قال فمن أجدر الناس
بالصنيعة قال من إذا أعطى شكر وإذا منع عذر وإذا موطل صبر وإذا قدم العهد ذكر
قال من أكرم الناس
عشرة قال من إن قرب منح وإن بعد مدح وإن ظلم صفح وإن ضويق سمح قال من ألأم الناس
قال من إذا سأل خضع وإذا سئل منع وإذا ملك كنع ظاهره جشع وباطنه طبع قال فمن أحلم
الناس قال
من عفا إذا قدر وأجمل
إذا انتصر ولم تطغه عزة الظفر
قال فمن أحزم الناس
قال من أخذ رقاب الأمور بيديه وجعل العواقب نصب عينيه ونبذ التهيب دبر أذنيه
قال فمن أخرق الناس
قال من ركب الخطار واعتسف العثار وأسرع في البدار قبل الإقتدار
قال فمن أجود الناس
قال من بذل المجهود ولم يأس على المعهود قال فمن أبلغ الناس قال من جلى المعنى
المزيز باللفظ الوجيز وطبق المفصل قبل التحزيز
قال من أنعم الناس
عيشا قال من تحلى بالعفاف ورضي بالكفاف وتجاوز ما يخاف إلى مالا يخاف
قال فمن أشقى الناس
قال من حسد على النعم وتسخط على القسم واستشعر الندم على فوت ما لم يحتم قال من
أغنى الناس قال من استشعر الياس وأبدى التحمل للناس واستكثر قليل النعم ولم يسخط
على القسم
قال فمن أحكم الناس
قال من صمت فادكر ونظر فاعتبر ووعظ فازدجر قال من أجهل الناس قال من رأى الخرق
مغنما والتجاوز مغرما
( قال أبو علي ) الرثية
وجع المفاصل واليدين والرجلين قال أبو عبيدة أنشدت يونس النحوي
( وللكبير رثيات أربع
** الركبتان والنسا والأخدع )
فقال أي والله وعشرون
رثية
والخلة الحاجة والخلة
الصداقة يقال فلان خلتي وفلانة خلتي الذكر والأنثى فيه سواء وخلي وخليلي والخل
الطريق في الرمل والخل الرجل الخفيف الجسم ( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله
( فاسقنيها يا سواد بن
عمرو ** إن جسمي بعد خالي لخل )
والخليل أيضا المحتاج
قال زهير
( وإن أتاه خليل يوم
مسألة ** يقول لا غائب مالي ولا حرم )
وقد استقصينا هذا
الباب فيما مضى من الكتاب والكاند الذي يكفر النعمة
والكنود الكفور ومنه
قوله عز وجل { إن الإنسان لربه لكنود } وامرأة كنود كفور للمواصلة والمستميد مثل
المستمير وهو المستعطي ومنه اشتقاق المائدة لأنها تماد ولا تسمى مائدة حتى يكون
عليها طعام فإذا لم يكن عليها طعام فهي خوان وخوان وجمع خوان خون وكنع تقبض يقال
قد تكنع جلده إذا تقبض يريد أنه ممسك بخيل والجشع أسوأ الحرص والطبع الدنس
ويقال جعلت الشيء دبر
أذني إذا لم ألتفت إليه والإعتساف ركوب الطريق على غير هداية وركوب الأمر على غير
معرفة
والمزيز من قولهم هذا
أمر من هذا أي أفضل منه وأزيد ( قال ) وحدثني أبو بكر بن دريد قال سأل أعرابي رجلا
درهما فقالت لقد سألت مزيزا الدرهم عشر العشرة والعشرة عشر المائة والمائة عشر
الألف والألف عشر ديتك
والمطبق من السيوف
الذي يصيب المفاصل فيفصلها لا يجاوزها
قال وحدثنا أبو بكر
رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال دخلت على امرأة من العرب بأعلى الأرض
في خباء لها وبين يديها بني لها قد نزل به الموت فقامت إليه فأغمضته وعصبته وسجته
ثم قالت يا ابن أخي قلت ما تشائين قالت ما أحق من ألبس النعمة وأطيلت به النظرة أن
لا يدع التوثق من نفسه قبل حل عقدته والحلول بعقوته والمحالة بينه وبين نفسه قال
وما يقطر من عينها قطرة صبرا واحتسابا ثم نظرت إليه فقالت والله ما كان مالك لبطنك
ولا أمرك لعرسك ثم أنشدت تقول
( رحيب الذراع بالتي لا
تشينه ** وإن كانت الفحشاء ضاق بها ذرعا )
( قال ) وأنشدني أبو
محمد عبد الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد قال أنشدني
الخثعمي لنفسه
( أيها الناعيان من
تنعيان ** وعلى من أرا كما تبكيان )
( نعيا الثاقب الزناد
أبا اسحق رب المعروف والإحسان )
( اذهبا بي إن لم يكن
لكما عقر إلى ترب قبره فأعقراني )
( وانضحا من دمي عليه
فقد كان ** دمي من نداه لو تعلمان )
( قال ) وقرأت على أبي
بكر بن الأنباري في كتابه وقرئ عليه في المعاني الكبير ليعقوب بن السكيت وأنا أسمع
قال وقرأت بعض هذه الأبيات على أبي بكر بن دريد في كتاب النوادر لإبن دريد قال
ضمرة بن ضمرة
( بكرت تلومك بعد وهن
في الندى ** بسل عليك ملامتي وعتابي )
( ولقد علمت فلا تظني
غيره ** أن سوف تخلجني سبيل صحابي )
( أأصرها وبني عمي ساغب
** فكفاك من إبة على وعاب )
( أرأيت إن صرخت بليل
هامتي ** وخرجت منها باليا أثوابي )
( هل تخمشن إبلي علي
وجوهها ** أم تعصبن رؤسها بسلاب )
( قال أبو علي ) بكرت
عجلت ومنه باكورة الرطب والفاكهة وهو المتعجل منه ولم يرد الغدو ألا تراه قال
بعدوهن أي بعد نومة والعرب تقول أنا أبكر إليك العشية أي أعجل ذلك وأسرعه والبسل
الحرام ههنا قال زهير
( بلاد بها نادمتهم
وألفتهم ** فإن تقويا منهم فإنهما بسل )
أي حرام ( وقال أبو
حاتم ) يقال للواحد والإثنين والجماعة والمؤنث والمذكر بسل بلفظ الواحد كما يقال
رجل عدل وقوم عدل والبسل في غير هذا الحلال وهو من الأضداد
( قال ) أنشدني أبو بكر
بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي زيد
( زيادتنا نعمان لا
تحرمننا ** تق الله فينا والكتاب الذي نتلو )
( أيثبت ما زدتم وتلغى
زيادتي ** دمي أن أسيغت هذه لكم بسل )
أي حلال وتخلجني
تجذبني ومنه قيل للماء خليج لأنه انجذب إلى جهة من الجهات ومنه قيل للجام خليج
لأنه يجذب الدابة ويمكن أن يكون فعيلا في معنى مفعول لأنه يخلج أي يجذب والسغب
الجوع والمسغبة المجاعة والساغب الجائع والإبة الحياء يقال
أو أبته فأتاب مثل
اتعد ( وحكى ) يعقوب عن أبي عمرو الشيباني قال حضرني أعرابي فقدمت إليه طعاما فأكل
منه فقلت ازدد فقال يا أبا عمرو ما طعامك بطعام تؤبة ( وقال ) أبو زيد لأعرابية
بالعيون مالك لا تصيرين إلى الرفقة فقالت أخزى أن أمشي في الرفاق أي استحي
والخزاية الحياء
والعاب العيب ( قال
أبو زيد ) سمعت أعرابيا يقول أن الرجز لعاب أي عيب والرجز أن يرعد عجز البعير إذا
أراد النهوض وأنشد
( تجد القيام كأنما هو
نجدة ** حتى تقوم تكلف الرجزاء )
والذكر أرجز والسلاب
خرقة سوداء تتقنع بها المرأة في المأثم ( قال ) وقرأت على أبي محمد عبد الله بن
جعفر قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد قال وأنشدني أبو بكر بن الأنباري قال قرئ
على أبي العباس أحمد بن يحيى
( رمتني وستر الله بيني
وبينها ** عشية أحجار الكناس رميم )
( فلو كنت أسطيع الرماء
رميتها ** ولكن عهدي بالنضال قديم )
( رميم التي قالت
لجارات بيتها ** ضمنت لكم أن لا يزال يهيم )
قال أنشدني محمد بن
السري
( قل لحادي المطي خفض
قليلا ** تجعل العيس سيرهن ذميلا )
( لا تقفها على السبيل
ودعها ** يهدها شوق من عليها السبيلا )
( قال ) وأنشدنا أبو
بكر بن الأنباري قال قرئ على أبي العباس لأبي حية النميري وأنا أسمع
( وخبرك الواشون أن لن
أحبكم ** بلى وستور الله ذات المحارم )
( أصد وما الصد الذي
تعلمينه ** عزاء بكم إلا ابتلاع العلاقم )
( حياء وبقيا أن تشيع
نميمة ** بنا وبكم أف لأهل النمائم )
( وإن دما لو تعلمين
جنيته ** على الحي جاني مثله غير سالم )
( أما إنه لو كان غيرك
أرقلت ** إليه القنا بالراعفات اللهاذم )
( ولكنه والله ما طل
مسلما ** كغر الثنايا واضحات الملاغم )
( إذا هن ساقطن
الأحاديث للفتى ** سقاط حصى المرجان من سلك ناظم )
( رمين فأقصدن القلوب
ولن ترى ** دما مائرا إلا جوى في الحيازم )
( قال أبو علي ) يقال
سنان لهذم ولسان لهذم أي حاد والملاغم ما حول الفم ومنه قيل تلغمت بالطيب إذا
جعلته هناك والمائر السائل ( قال ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة
قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( فمالك إذ ترمين يا أم
مالك ** حشاشة قلبي شل منك الأصابع )
( لها أسهم لا قاصرات
عن الحشى ** ولا شاخصات عن فؤادي طوالع )
( فمنهن أيام الشباب
ثلاثة ** وسهم طرير بعد ما شبت رابع )
( قال ) وأنشدنا أبو
بكر محمد بن السري السراج قال أنشدني ابن الرومي لنفسه
( لما تؤذن الدنيا به
من صروفها ** يكون بكاء الطفل ساعة يوضع )
( علام بكى لما رآها
وأنها ** لا رحب مما كان فيه وأوسع )
( قال ) وأنشدنا أيضا
لنفسه
( يا أيها الرجل المسود
شيبه ** كيما يعد به من الشبان )
( أقصر فلو سودت كل
حمامة ** بيضاء ما عدت من الغربان )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر بن الأنباري في قوله جل وعز { ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين }
معناه متى هذا القضاء والحكم وأنشد
( ألا أبلغ بني عصم
رسولا ** فإني عن فتاحتكم غني )
معناه عن محاكمتكم
ومن ذلك قول الله جل وعز ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ) أي اقض بيننا
وقال الفراء وأهل
عمان يسمون القاضي الفتاح فأما قوله جل وعز { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } ففيه
قولان قال قوم معناه إن تستقضوا فقد جاءكم
القضاء وقال آخرون إن
تستنصروا فقد جاءكم النصر وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر اللهم انصر أفضل الدينين
عندك وأرضاه لديك فقال الله عز وجل { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } ويروى عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين ( قال ) أبو عبيدة
معناه يستنصر والصعلوك الفقير في كلام العرب قال حاتم بن عبد الله
( غنينا زمانا بالتصعلك
والغنى ** فكلا سقاناه بكأسيهما الدهر )
يعني بالفقر والغنى (
قال ) وحدثنا أبو بكر محمد بن القاسم قال حدثنا خلف بن عمرو العكبري قال حدثنا أبو
عبدالرحمن بن عائشة قال حدثنا عبد الرحمن بن حماد عن طلحة بن يحيى بن طلحة عن أبيه
عن طلحة بن عبيدالله قال رمى إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسفرجلة فقال
دونكها يا أبا محمد فإنها تجم الفؤاد ( قال ) أبو بكر قال خلف بن عمرو قال أبو عبد
الرحمن بن عائشة تجم الفؤاد معناه تريحه
قال أبو بكر وقال
غيره تجم الفؤاد تفتحه وتوسعه من جمام الماء وهو اتساعه وكثرته قال امرؤ القيس يصف
فرسا
( يجم على الساقين بعد
كلاله ** جموم عيون الحسي بعد المخيض )
يعني أنه إذا انقطع
جريه جاءه جري مستأنف كما ينقطع ماء الحسي ثم يثوب فيأتي منه ماء آخر ( قال أبو
علي ) الحسي صلابة تمسك الماء وعليها رمل فلا تنشفه الشمس لأن ذلك الرمل يستره ولا
تقبله الأرض لصلابتها فإذا حفر خرج قليلا قليلا فربما حفر منه بئر قدر قعدة الرجل
قال وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا العكلي عن الحرمازي قال بلغني
أن مسلمة دخل على عمر بن عبد العزيز رحمه الله وعليه ريطة من رياط مصر فقال بكم
أخذت هذه يا أبا سعيد فقال بكذا وكذا قال فلو نقصت من ثمنها سيأ أكان ناقصا من
شرفك قال لا قال فلو زدت في ثمنها شيأ أكان زائدا في شرفك قال لا قال فاعلم يا مسلمة
أن أفضل الإقتصاد ما كان بعد الجدة وأفضل العفو ما كان بعد القدرة وأفضل اللين ما
كان بعد الولاية قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الرياشي قال حدثنا
مسعود بن بشر عن رجل
من ولد عمرو بن مرة الجهني ولعمرو بن مرة صحبة قال قال رجل من بني ضبة أو قال وفد
رجل من بني ضبة وبنو ضبة من سعد هذيم وفي العرب ضبتان ضبة هذا وضبة بن عبد الله بن
نمير قال فوفد هذا الضبي إلى عبد الملك بن مروان فقال
( والله ما ندري إذا ما
فاتنا ** طلب إليك من الذي نتطلب )
( فلقد ضربنا في البلاد
فلم نجد ** أحدا سواك إلى المكارم ينسب )
( فاصبر لعادتنا التي
عودتنا ** أولا فأرشدنا إلى من نذهب )
فقال عبد الملك إلي
إلي وأمر له بألف دينار ثم أتاه في العام المقبل فقال
( يرب الذي يأتي من
الخير انه ** إذا فعل المعروف زاد وتمما )
( وليس كبان حين تم
بناؤه ** تتبعه بالنقض حتى تهدما )
فأعطاه ألفي دينار ثم
أتاه في العام الثالث فقال
( إذا استمطروا كانوا
مغازير في الندى ** يجودون بالمعروف عودا على بدء )
فأعطاه ثلاثة آلاف
دينار قال وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال أعرابي لابن عمه
اطلب لي امرأة بيضاء حديدة فرعاء جعدة تقوم فلا يصيب قميصها منها إلا مشاشة
منكبيها وحلمتي ثدييها ورانفتي أليتيها ورضاف ركبتيها إذا استقلت فرميت من تحتها
بالأترجة العظيمة نفذت من الجانب الآخر وأنى بمثل هذه إلا في الجنان ( قال أبو علي
) الرضاف واحدتها رضفة وهي العظم المطبق على ملتقى مفصل الساق والفخذ قال وحدثنا
إبراهيم بن محمد الأزدي قال حدثنا أحمد بن يحيى الشيباني عن ابن الأعرابي قال
بلغني أن جماعة من الأنصار وقفوا على دغفل النسابة بعدما كف فسلموا عليه فقال من القوم
قالوا سادة اليمن فقال أمن أهل مجدها القديم وشرفها العميم كندة قالوا لا قال
فأنتم الطوال قصبا الممحصون نسبا بنو عبد المدان قالوا لا قال فأنتم أقودها للزحوف
وأخرقها للصفوف وأضربها بالسيوف رهط عمرو بن معد يكرب قالوا
لا قال فأنتم أحضرها
قراء وأطيبها فناء وأشدها إلقاء رهط حاتم بن عبد الله قالوا لا قال فأنتم الغارسون
للنخل والمطعمون في المحل والقائلون بالعدل الأنصار قالوا نعم ( قال أبو علي )
القراء بفتح القاف ممدود القرى بكسر القاف مقصور
سمع القاسم بن معن من
العرب هو قراء الضيف ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا أبو حاتم عن
الأصمعي قال أنشدني خلف الأحمر لأعرابي
( تهزأ مني أخت آل
طيسله ** قالت أراه مبلطا لا شيء له )
( وهزئت من ذاك أم
موءلة ** قالت أراه دالفا قددنى له )
( مالك لا جنبت تبريح
الوله ** مردودة أو فاقدا أو مثكله )
( ألست أيام حضرنا
الأعزله ** وقبل إذ نحن على الضلضله )
( وقبلها عام ارتبعنا
الجعله ** مثل الأتان نصفا جنعدله )
( وأنا في ضراب قيلان
القله ** أبقى الزمان منك نابا نهبله )
( ورحما عند اللقاح
مقفله ** ومضغة باللؤم سحا مبهله )
( وما تريني في الوقار
والعله ** قاربت أمشي القعو لي والفنجله )
( قال أبو علي ) هكذا
أنشدناه أبو بكر وأنشدنا غيره الفنجلى والقعوله
( وتارة أنبث نبث
النقثله ** خزعله الضبعان راح الهنبله )
( وهل علمت فحشاء جهله
** ممغوثة أعراضهم ممرطله )
( في كل ماء آجن وسمله
** كما تماث في الإناء الثمله )
( عرضت من جفيلهم أن
أجفله ** وهل علمت يا قفى التتفله )
( ومرسن العجل وساق
الحجله ** وغضن الضب وليط الجعله )
( وكشة الأفعى ونفخ
الأصله ** أني أفات المائة المؤبله )
( ثم أفيء مثلها
مستقبله ** ولم أضع ما ينبغي أن أفعله )
( وأفعل العارف قبل
المسئله ** وهل أكب البائك المحفله )
( وأمنح المياحة
السبحلله ** وأطعن السحساحة المشلشله )
( على غشاش دهش وعجله
** إذا أطاش الطعن أيدي البعله )
( وصدق الفيل الجبان
وهله ** أقصدتها فلم أحرها أنمله )
( من حيث يممت سواء
المقتله ** وأضرب الخدباء ذات الرعله )
( ترد في نحر الطبيب
فتله ** وهل علمت بيتنا إلا وله )
شربة من غيرنا وأكله ** )
( قال أبو علي ) طيسلة
اسم والمبلط الفقير يقال أبلط الرجل فهو مبلط وقال الأصمعي أبلط فهو مبلط إذا لصق
بالبلاط وهي الأرض الملساء وموءلة اسم والدالف الذي يقارب الخطو في مشيه والشيخ يدلف
دليفا من الكبر ودنى له أي قوربت خطاه والأعزلة موضع
والضلضلة الأرض
الغليظة تركبها حجارة كذا روى البصريون عن الأصمعي في هذا الرجز وفي كتاب الصفات
للأصمعي على مثال فعلله وذكره أبو عبيدة في باب فعللة وحكى عن الأصمعي الضلضلة
الأرض الغليظة ثم ذكر في الباب الخنثر الشيء الخسيس من المتاع والجعلة أرض لبني
عامر بن صعصعة والجنعدلة الغليظة الجافية والقيلان جمع قال والقال والمقلى العود الذي
تضرب به القلة والقلة عود قدر شبر محدد الطرفين تلعب به الصبيان والنهبلة الهرمة
يقال قد خنشلت المرأة ونهبلت إذا أسنت قال ثابت
( مأوى الضياف ومأوى كل
أرملة ** تأوي إلى نهبل كالنسر علفوف )
والعلفوف الجافي
والمبهلة التي لا صرار عليها وهذا مثل والعله الجزع والقعولى أن يمشي مشية الأحنف
وهو أن يتباعد الكعبان ويقبل القدمان والفنجلة مقاربة الخطو والنقثلة أن ينبث
التراب في مشيته وهو مثل النعثلة والخزعلة الظلع يقال
ناقة بها خزعال وليس
في الكلام فعلال غيره إلا ما كان مضاعفا مثل القلقال والزلزال والقسقاس والهنبلة
أن ينسف التراب في مشيته وممغوثة مدلوكة وممرطلة مبلولة والآجن المتغير والسمل
القليل من الماء وتماث تمرس والثملة بقية الهناء في الإناء والجفيل الجمع والتتفلة
الأنثى من أولاد الثعالب والمرسن من الأنف موضع الرسن والغضن التكسر والغضون
الكسور في الجلد وليط كل شيء قشره والليط اللون أيضا والكشة والكشيش صوت جلد الحية
والأصلة حية عظيمة والمؤبلة المجتمعة ويقال التي حبست للقنية والبائك السمينة العظيمة
السنام والسبحللة العظيمة يقال سقاء سبحل وسحبل وسبحلل والسحساحة التي تسح أي تصب
والمشلشلة المتداركة القطر والغشاش السرعة والعجلة والبعل التحير والوهل الفزع
والأنملة والأنملة لغتان طرف الإصبع ( قال أبو بكر ) والأنملة أفصح والخدباء
الضربة التي تهجم على الجوف وأصل الخدب الهوج والرعلة القطعة تبقى من اللحم معلقة
( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( خليلي هذي زفرة اليوم
قد مضت ** فمن لغد من زفرة قد أطلت )
( ومن زفرات لو قصدن
قتلنني ** تقض التي تبقى التي قد تولت )
قال وحدثنا أبو بكر
بن دريد قال حدثني عبد الرحمن عن عمه قال أنشدتني عجوز بحمى ضرية
( ومستخفيات ليس يخفين
زرننا ** يسحبن أذيال الصبابة والشكل )
( جمعن الهوى حتى إذا
ما ملكنه ** نزعن وقد أكثرن فينا من القتل )
( مريضات رجع القول خرس
عن الخنا ** تألفن أهواء القلوب بلا بذل )
( موارق من حبل المحب
عواطف ** بحبل ذوي الألباب بالجد والهزل )
( يعنفني العذال فيهن
والهوى ** يحذرني من أن أطيع ذوي العذل )
( قال الأصمعي ) فما
رأيت امرأة أحلى لفظا منها ولا أفصح لسانا ( قال ) وأنشدنا علي بن سليمان لأبي علي
البصير
( لعمر ابيك ما نسب
المعلى ** إلى كرم وفي الدنيا كريم )
( ولكن البلاد إذا
اقشعرت ** وصوح نبتها رعي الهشيم ) ( قال أبو علي ) صوح يبس وتشقق قال وأنشدنا
إبراهيم بن محمد قال أنشدنا أبو العباس
( لعمرك ما يدري الفتى
أي أمره ** وإن كان محروصا على الرشد أرشد )
( أفي عاجلات الأمر أم
آجلاته ** أم اليوم أدنى للسعادة أم غد )
( قال ) وأنشدنا أيضا
عن أبي العباس
( إذا بلغ الرأي
المشورة فاستعن ** برأي نصيح أو مشورة حازم )
( ولا تحسب الشورى عليك
غضاضة ** مكان الخوافي نافع للقوادم )
( قال ) وأنشدنا محمد
بن السري للعباس بن الأحنف
( لعمري لئن كان المقرب
منكم ** هوى صادقا إني لمستوجب القرب )
( سأرعى وما استوجبت
مني رعاية ** وأحفظ ما ضيعت من حرمة الحب )
( متى تبصرينى يا ظلوم
تبيني ** شمائل بادي البث منصدع القلب )
( بريا تمنى الذنب لما
هجرته ** لكيما يقال الهجر من سبب الذنب )
( وقد كنت أشكو عتبها
وعتابها ** فقد فجعتني بالعتاب وبالعتب )
( قال ) وأنشدنا عبد
الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس عن محمد بن يزيد قال أنشدنا علي بن
قطرب لأبيه
( أشتاق بالنظرة الأولى
قرينتها ** كأنني لم أسلف قبلها نظرا )
( قال أبو علي ) وحدثنا
أبو بكر بن الأنباري قال في قوله عز وجل الصمد ثلاثة
أقوال قال جماعة من
اللغويين الصمد السيد الذي ليس فوقه أحد لأنه يصمد إليه الناس في أمورهم قال
وأنشدنا
( سيروا جميعا بنصف
الليل واعتمدوا ** ولا رهينة إلا سيد صمد )
وقال الآخر
( علوته بحسام ثم قلت
له ** خذها حذيف فأنت السيد الصمد )
يعني حذيفة بن بدر
وقال الآخر
( ألا بكر الناعي بخيرى
بني أسد ** بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد )
( قال أبو علي ) قول
يصمد أي يقصد قال طرفة
( وإن يلتق الحي الجميع
تلاقني ** إلى ذروة البيت الكريم المصمد )
( قال أبو علي ) وهذا
القول الذي يصح في الإشتقاق واللغة قال وحكى أبو بكر عن الأعمش أنه قال الصمد الذي
لا يطعم وحكى عن السدى أنه قال الصمد الذي لا جوف له قال وحدثنا أبو بكر محمد بن
القاسم قال حدثنا محمد بن يونس الكديمي قال حدثنا سعيد بن سفيان الجحدري قال حدثنا
شعبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من توضأ
يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل )
قال أبو بكر تفسير
فبها فبالرخصة أخذ ويقال بالسنة أخذ
ومعنى قوله ونعمت أي
نعمت الخصلة الوضوء ولا يجوز ونعمة بالهاء لأن مجرى التاء التي في نعمت مجرى التاء
التي في قامت وقعدت قال وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثني عمي الحسين عن
أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه عن الذيال بن نفر عن الطرماح بن حكيم قال خرج خمسة نفر
من طيء من ذوي الحجا والرأي منهم برج بن مسهر وهو أحد المعمرين وأنيف بن حارثة ابن
لام وعبد الله بن سعد بن الحشرج أبو حاتم طيء
وعارف الشاعر ومرة بن
عبد رضي يريدون سواد بن قارب الدوسي ليمتحنوا علمه فلما قربوا من السراة قالو
ليخبأ كل رجل منا خبيئا ولا يخبر به صاحبه ليسأله عنه فإن أصاب عرفنا علمه وأن أخطأ
ارتحلنا عنه فخبأ
كل رجل منهم خبيئا ثم
صاروا إليه فأهدوا له إبلا وطرفا من طرف الحيرة فضرب عليهم قبة ونحر لهم فلما مضت
ثلاث دعا بهم فدخلوا عليه فتكلم برج وكان أسنهم فقال جادك السحاب وأمرع لك الجناب
وضفت عليك النعم الرغاب
نحن أولو الآكال
والحدائق والأغيال والنعم الجفال ونحن أصهار الأملاك وفرسان العراك يوري عنهم أنهم
من بكر بن وائل
فقال سواد والسماء
والأرض والغمر والبرض والقرض والفرض أنكم لأهل الهضاب الشم والنخيل العم والصخور
الصم من أجأ العيطاء وسلمى ذات الرقبة السطعاء
قالوا إنا كذلك وقد
خبأ لك كل رجل منا خبيئا لتخبرنا بإسمه وخبيئه فقال لبرج أقسم بالضياء والحلك
والنجوم والفلك والشروق والدلك لقد خبأت برثن فرخ في إعليط مرخ تحت آسرة الشرخ
قال ما أخطأت شيأ فمن
أنا قال أنت برج بن مسهر عصرة الممعر وثمال المحجر ثم قام أنيف بن حارثة فقال ما
خبيئي وما اسمي فقال والسحاب والتراب
والأصباب والأحداب
والنعم الكثاب لقد خبأت قطامة فسيط وقذة مريط في مدرة من مدي مطيط قال ما أخطأت
شيأ فمن أنا قال أنت أنيف قاري الضيف ومعمل السيف وخالط الشتاء بالصيف
ثم قام عبد الله بن
سعد فقال ما خبيئي وما أسمي فقال سواد أقسم بالسوام العازب والوقير الكارب والمجد
الراكب والمشيح الحارب لقد خبأت نفاثة فنن في قطيع قد مرن أو أديم قد جرن
قال ما أخطأت حرفا
فمن أنا قال أنت بن سعد النوال عطاؤك سجال وشرك عضال وعمدك طوال وبيتك لا ينال ثم
قام عارف فقال ما خبيئي وما أسمى
فقال سواد أقسم بنفنف
اللوح والماء المسفوح والفضاء المندوح لقد خبأت رقعة طلا أعفر في زعنفة أديم أحمر
تحت حلس نضو أدبر
قال ما أخطأت شيأ فمن
أنا قال أنت عارف ذو اللسان العضب والقلب الندب والمضاء الغرب مناع السرب ومبيح
النهب
ثم قام مرة بن عبد
رضى فقال ما خبيئ وما اسمى
فقال سواد أقسم
بالأرض والسماء والبروج
والأنواء والظلمة
والضياء لقد خبأت دمة في رمة تحت مشيط لمه
قال ما أخطأت شيأ فمن
أنا قال أنت مره السريع الكره البطيء الفرة الشديد المره
قالوا فأخبرنا بما
رأينا في طريقنا إليك فقال والناظر من حيث لا يرى والسامع قبل أن يناجى والعالم
بما لا يدرى لقد عنت لكم عقاب عجزاء في شغانيب دوحة جرداء تحمل جدلا فتماريتم إما
يدا وإما رجلا
فقالوا كذلك ثم مه
قال شح لكم قبل طلوع الشرق سيد أمق على ماء طرق قالوا ماذا قال ثم تيس أفرق سند في
أبرق فرماه الغلام الأزرق فأصاب بين الوابلة والمرفق قالوا صدقت وأنت أعلم من تحمل
الأرض ثم ارتحلوا عنه فقال عارف
( ألا لله علم لا يجارى
** إلى الغايات في جنبى سواد )
( أتيناه نسائله
امتحانا ** ونحسب أن سيعمد بالعناد )
( فأبدى عن خفي مخبآت
** فأضحى سرها للناس باد )
( حسام لا يليق ولا
يثأثي ** عن القصد المميم والسداد )
( كأن خبيئنا لما
انتجينا ** بعينيه يصرح أو ينادي )
( فأقسم بالعتائر حيث
فلس ** ومن نسك الأقيصرم العباد )
( لقد حزت الكهانة عن
سطيح ** وشق والمرفل من إياد )
( قال أبو علي ) أمرع
أخصب والجناب ما حول الدار والضافي السابغ الكثير يقال خير فلان ضاف على قومه أي
سابغ عليهم والرغاب الواسعة الكثيرة ويقال فلان ذو أكل أي ذو حظ ورزق في الدنيا
والجمع آكال
والأغيال جمع غيل والغيل
الماء الجاري على وجه الأرض وفي الحديث ( ما سقي بالغيل ففيه العشر وما سقي بالدلو
فنصف العشر ) والغلل الماء الذي يجري بين الشجر
والجفال الكثيرة وهذا
الجمع قليل جدا لم يأت منه إلا أحرف مثل رباب وهو جمع ربى والربى الحديثة النتاج
وفرير لولد البقرة وجمعه فرار ونعم كثاب وهي الكثيرة وقد جمع برىء براء على فعال
والغمر الماء
الكثير ويقال رجل غمر
الخلق إذا كان واسع الخلق سخيا قال كثير
( غمر الرداء إذا تبسم
ضاحكا ** غلقت لضحكته رقاب المال )
يريد بالرداء ههنا
البدن والعرب تقول فدى لك ردائي وفدى لك ثوبي يريدون البدن والبرض الماء القليل
وجمعه براض ويقال فلان يتبرض حقه أي يأخذه قليلا قليلا وتبرضت الماء ومنه سمى
الرجل براضا والشم الطوال والعم الطوال أيضا وأجأ وسلمى جبلا طيء والعيطاء الطويلة
ويقال ظبية عيطاء إذا كانت طويلة العنق والسطعاء أيضا الطويلة والدلك اصفرار الشمس
عند المغيب يقال دلكت الشمس تدلك دلوكا والبرثن ظفر كل مالا يصيد من السباع والطير
مثل الحمام والضب والفأرة قال امرؤ القيس
( وترى الضب خفيفا ماهرا
** ثانيا برثنه ما ينعفر )
أي ما يصيبه العفر
وهو التراب وجمع البرثن براثن فإذا كان مما يصيد قيل لظفره مخلب والإعليط وعاء ثمر
المرخ والعرب تشبه به آذان الخيل
والمرخ شجر تقدح منه
النار والآسرة والإسار القد الذي يشد به خشب الرحل وشرخا الرحل جانباه والممعر
الذي ذهب ماله ويقال ما أمعر من أدمن الحج
والمحجر الملجأ
المضيق عليه والصبب ما انخفض من الأرض والحدب ما علا والقطامة ما قطمته بفيك
والقطم بأطراف الأسنان والفسيط قلامة الظفر والقذة الريش وجمعها قذذ والمريط من
السهام الذي قد تمرط ريشه أن نتف والمدي جديول يجري منه ما سال مما هرق من الحوض
كذا قال الأصمعي وأنشد
( وعن مطيطات المدي
المدعوق ** ) والمدعوق الذي قد أكثر فيه الوطء يقال دعقته الإبل إذا أكثرت فيه
الوطء تدعقه دعقا ودعق عليهم الغارة أن دفعها والسوام المال الراعي من الإبل
والعازب البعيد والوقير والقرة الغنم كذا قال أبو عبيدة وأنشد
( ما إن رأينا ملكا
أغارا ** أكثر منه قرة وقارا )
والقار الإبل وقال
الفراء الوقير الغنم التي بالسواد والكارب القريب وأنشد أبو بكر
( أجبيل إن أباك كارب
يومه ** فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل )
والمشيح الجاد في لغة
هذيل وفي غيرها الحاذر والنفاثة ما تنفثه من فيك والفنن واحد أفنان الأشجار وهي
أغصانها وجرن لان والنفنف واللوح واحد وهما الهواء وإنما أضاف لما اختلف اللفظان
فكأنه أضاف الشيء إلى غيره والمسفوح المصبوب يقال سفحت الشيء صببته والمندوح
الواسع
والزمعة الشعرات المتدليات
في رجل الأرنب يقال أرنب زموع إذا كانت تقارب الخطو كأنها تمشي على زمعتها وزعانف
الأديم أطرافه مثل اليدين والرجلين ومالا خير فيه واحدتها زعنفة ومنه قيل لرذال
الناس الزعانف
والحلس للبعير بمنزلة
القرطاط للحافر ( قال أبو علي ) يقال قرطان وقرطاط والقرطاط والقرطاط البرذعة
وإنما قيل له حلس للزومة الظهر والعرب تقول فلان حلس بيته إذا كان يلزم بيته
وأحلسته أنا بيته إحلاسا إذا ألزمته إياه
والندب الذكي والغرب
الحد والسرب جماعة الإبل يقال جاء سرب بني فلان بفتح السين والعرب كانت تطلق في
الجاهلية بقولهم اذهبي فلا أنده سربك أي لا أرد إبلك لتذهب حيث شاءت والسرب بكسر
السين القطيع من الظباء والبقر والنساء والقطا ويقال فلان آمن في سربه بكسر السين
أي في نفسه والدمة القملة والرمة العظام البالية والمرة القوة والعجزاء التي ابيض
ذنبها وفي غير هذا الموضع التي كبرت عجيزتها والشغانيب ما تداخل من الأغصان
والدوحة الشجرة العظيمة والجدل العضو وجمعه جدول والشرق الشمس والعرب تقول لا أفعل
ذلك ما طلع شرق وشرقت الشمس طلعت وأشرقت أضاءت والسيد الذئب والأمق الطويل والطرق
الماء الذي بولت فيه الإبل يقال ماء طرق ومطروق والأبرق والبرقاء والبرقة غلظ من
الأرض فيه حجارة ورمل وجبل
أبرق إذا كان فيه
لونان والوابلة رأس العضد الذي يلي المنكب
وقال الأصمعي للرشيد
ما ألاقتني أرض حتى خرجت إليك يا أمير المؤمنين أي ما أمسكتني ويثأثيء يحبس يقال
ثأثأت عنه غضبه أي أطفأته والعتائر جمع عتيرة وهو ذبح كان يذبح للأصنام في الجاهلية
وفلس صنم والأقيصر صنم ( قال ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لأعرابية
ترقص ابنها وهي تقول
( احبه حب شحيح ماله **
قد ذاق طعم الفقر ثم ناله ** إذا أراد بذله بدا له )
قال وأنشدنا إبراهيم
بن محمد بن عرفة قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( أرى كل امري إلى عاصم
** فما أنا لو كان لم يولد )
( فنفسي فداؤك مستيقظا
** ونفسي فداؤك في المرقد )
( ونفسي فداؤك رحب
اليمين بالخير مجتنب الأفند )
( فلو كنت شيأ من
الأشربات ** لكنت من الأسوغ الأبرد )
قال وحدثنا أبو بكر
رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كانت امرأة بحمى ضرية أحسبها من غني
ذات يسار فكثر خطابها ثم أنها علقت غلاما من بني هلال فضفتها ليلة وقد شاع في
الحاضر شأنها فأحسنت ضيافتي فلما تعشيت جلست إلي تحدثني فقلت لها يا أم العلاء إني
أريد أن أسائلك عن أمر وأنا أهابك لما أعلم من عفتك وفضل دينك وشرفك فتبسمت ثم
قالت أنا أحدثك قبل أن تسألني ثم قالت
( ألهف أبي لما أدمت لك
الهوى ** وأصفيت حتى الوجد بي لك ظاهر )
( وجاهرت فيك الناس حتى
أضر بي ** مجاهرتي يا ويح فيمن أجاهر )
( فكنت كفيء الغصن
بيننا يظلني ** ويعجبني اذزعزعته الأعاصر )
( فصار لغيري واستدارت
ظلاله ** سواي وخلاني ولفح الهواجر )
ثم غلب عليها البكاء
فقامت عني فلما أصبحت وأردت الرحيل قالت يا ابن عمي أنت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق